د.حماد عبدالله يكتب: نهر الحب في مصر !!
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
عجيبة جدًا بلادنا – مصر – عجيبة جدًا أن يجتمع أهلها – جميعهم حينما يصيبنا مصاب أو مصيبة! وتفرقنا جدًا الأفراح !!
ففي الأحداث التاريخية التي يصاب فيها الوطن بمصيبة طبيعية ( زلازل أو سيول أو حرائق أو وباء ) أو مصيبة وطنية ( حروب أو تحرش بالوطن ) نجد هبة المصريين جميعهم بكل مشاربهم للتصدي وللوقوف صفًا واحدًا – حتي هؤلاء الذين يعرف عنهم ( بخالف تعرف ) – نجدهم تخلواعن هذه الصفة لكي يلحقوا بكتيبة الوطن – للدفاع عنه !! وقد كان في التاريخ القديم حينما يهاجم فيضان النيل الأراضي والمسطحات العمرانية المصرية يهب المصريون جميعًا لكي يصدوا زحف الفيضان علي الزرع والمبني والمصنع – ويهب القادرون ويستضيفون المتضررون – ويتعاون الجميع في تحمل الأزمة والمصيبة – وحدث ذلك في أثناء الزلزال الشهير عام 1992 – وحدث أيضًا في حرب 1956، حينما إستضاف كل بيت في مصر – مهاجرون من المدن علي ضفة قناة السويس، ولعل ما سجله دفتر أحوال البلد عام1973 في حرب أكتوبر بأنه لم يسجل حادثة أو واقعة خلاف أو مشاجرة حتي بين المصريين أثناء مواجهة الجيش للعدو – وعبوره لقناة السويس !!
هكذا حال المصريين نهر من الحب جارف حينما تصاب بمصيبة !! وعلي العكس حينما نفرح – نجد ألف رأي وألف مدعي بأن الفرح زائف – وأن الفرح مشوب بالغش، وأن المستفيدين من أفراح الوطن كله أو المستفيدين من الفرح " وبقدر نيل حظ من الفرح – بقدر حظ من سوء الظن من الأخرين " !!
ولعل مايحدث في عمر مكرم والحامدية الشاذلية ومساجد الشرطة والجيش التي تستفبل العزاء – فلا تذكرة دعوة ولا سؤال عمن دعى أحد للحضور – فالمصيبة مجمعة للناس – والعزاء مفتوح ودون دعوات علي ورق مفضض أو ذهبي – وبالمقابل الأفراح – في الفنادق الخمس نجوم – والأندية والتجمعات – فهي أفراح محددة بالشخصيات المدعوة بل الأكثر من ذلك لا يسمح بالدخول لمن لا يحمل دعوة من صاحب الفرح " ففي أحزانهم مدعوون وفي أفراحهم مستبعدون- هكذا يقول المثل في الأدب الشعبي المصري.
ومع ذلك فنهر الحب في مصر لا ينتهي ولا ينضب أبدًا – نصبوا أن يزداد هذا النهر مياهًا جارية – وتدفقًا وجمالًا وروعة – كما غنى للنهر المرحوم "محمد عبد الوهاب " والمرحومة العظيمة "أم كلثوم" – وأسمر المصريين المرحوم "عبد الحليم حافظ " – فلا فرق كبير بين نهر الحب – ونهر النيل !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
Hammad [email protected]
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
أحمد نجم يكتب: الغيرة عند الأبناء «قنبلة موقوتة»
من المؤكد أن الغيرة عند الأبناء، خاصة الأطفال ظاهرة شائعة في معظم الأسر ، تستحق الدراسة لكونها شعور سلبي يصاب به الطفل عند فقدان جزء من الرعاية والاهتمام به خصوصا من والديه ، وبشكل خاص من الأم ، عند قدوم مولود جديد .
في المقالين السابقين تناولت الغيرة بشكل عام ثم الغيرة الزوجية وفي مقالي هذا أتناول الغيرة بين الأبناء بإعتبارها مرض إجتماعي وكارثة مدمرة للإستقرار الأسري..
أحيانا كثيرة يغار الطفل من أخيه المولود الجديد ، لأنه يشعر فعليا أنه فقد بعض الإهتمام من الوالدين في الوقت الذي يقوم فيه من حوله بمداعبة المولود الجديد وحمله واحتضانه وهو غير مدرك أن المولود الجديد لابد له من رعاية لصيقة بأمه . حينها يبدي الطفل بعض العدوانية تجاه المولود الجديد ، مثل محاولة الاعتداء عليه أو تقبيله و احتضانه بعنف ، يريد أن يعبر عما بداخله من غيره بتعويض مصطنع أنه يحب أخيه الآخر ، لشعوره بفقد جزء أو كل اهتمام والديه وهو خطأ يقع فيه الوالدان دون قصد .
يشير علماء النفس أن الغيرة شعور إنفعالي داخلي لدي الشخص يحاول إخفائه و يمكن أن يظهر في بعض السلوكيات مثل الثورة الغاضبة أو النقد و رفض الأوامر والتعليمات و الهياج
و الصراخ بدون داع ، أو يمكن أن يكون حالة من الإنطواء و الإمتناع عن مشاركة الأخرين والخجل وهو شعور بالنقص في الشخصية يبدو مبكرا .
أحياناً يحاول الطفل تخريب أغراض أخيه أو الإستيلاء علي ما يحبه أو الإعتداء عليه بالضرب أو السباب وعمل إزعاج لإقلاق راحته، و الأخطر عندما يكبر الطفل و تتحول الغيرة لديه للتجسس علي شقيقه لرصد أخطائه والإيقاع به في مشكلة ، حينها يشعر بلذة وسعادة بروح إنتقاميه لأنه قلل من هيبه وإحترام أخيه ومحاولة إتلاف كل ما يحبه
الغيرة تولد مع الطفل وتكبر معه وتظهر في أوقات مبكرة من طفولته تبدأ من بلوغه سبعه أشهر حين يحرص و يتشبث بما يملكه ويرفض أن يعطيه للأخر . وإذا نمت داخله الغيرة تحولت إلي عقده بلا علاج فهي لا تعترف بالحوار العقلاني و لا النصائح المنطقية ، و من الطبيعي أن كلا منا يشعر بالغيرة لكن بنسب متفاوته لأنها تختلف بإختلاف القدرة علي السيطرة علي النفس ومواجهتها وأحيانا تعمي الغيرة البصر و البصيرة بين الأشقاء الكبار فتحدث حالات قتل للأخ أو إعتداء جسدي و لفظي أو تدمير حياته الأسرية ، بسبب الغيرة من جراء تفضيل أحد الوالدين البعض علي الأخر .
أما أخطر تلك الحالات هي التي لايستطيع الإبن أن يبوح بغيرته لأحد فيتحول إلي شخصية ضعيفه يصاب بالإكتئاب و العزلة لذلك يجب رعايتهم بزرع الثقة فيهم ومحاولة إيجاد تصرف جيد للإشادة به لعمل توازن نفسي لشخصيتهم . لكون الغيرة جزء متمم للنفس الإنسانية ،تعيش معه منذ نشأته حتى مماته .
فيجب علي الوالدين التحلي بحكمة بالغة وتصرف رشيد في معاملة الأبناء . فعند قدوم مولود جديد ، يجب التمهيد للإبن بأن الله سيرزقه بأخ أو أخت يلعب معه ويؤنس وحدته ويحبه ولا يجب تفضيل البنين عن البنات في التعامل ، لأنها قنبلة موقوته بين الأشقاء .
عند التعامل مع المولود الجديد يجب عدم إغفال الإبن الأخر ومحاولة إعطاؤه قدر من الحنان والملاطفة و الإهتمام .
كذلك عدم تفضيل البعض عند شراء احتياجاتهم ، واعطاء كلا منهما الحق في الإختيار لما يحبه مع مراعاة النصح و التوجيه . كذلك عند توزيع المصروف أو الهدايا يراع الحكمة في التصرف فلا يجب أن يشعر إبن بأن شقيقه يحصل علي أكثر منه ، فإن قبل ذلك سيقبل علي مضض .
و لا يجب المقارنة بينهم لأنها تقلل من إحساسه بكيانه ، وتنشأ مقولة ( أنتم تحبوه أكثر مني ) وهي المقولة الشائعة بين الأبناء الذين يشعرون بالغيرة . أيضا لا يجب المقارنة بالسلوكيات أو التفوق الدراسي أو النظافة لأنها تولد الضغينة والغيرة بينهم ، لذلك ينبغى بث روح الثقة و التفوق فيه وتشجيعه على أن يكون متميزا لنيل محبة الآخرين و الإستماع له وإحترام ما يعانيه و نصحه بأن نقص عليه حكاية مماثلة لما يعانيه مع إعطاء الحل لتحفيزه بأن يفعل نفس التصرف الصحيح ، أيضا لا يجب إصطحاب أحدهم دون الآخر في الخروجات أو حضور المناسبات .
ضرورة المساواة بينهم في الحب و المداعبة و الحوار و الدعم بأن يشعر بأنه قدوه لأخيه الأصغر الذي يحتاج النصح والرعاية ويتعلم منه ، لكي يشعر أنه لا يزال محبوب من والديه برغم ولادة أو وجود مولود اصغر .
كذلك عدم الإشادة بتصرف أحد الأبناء وتجاهل الآخرين واحترام قدرات كل إبن والمساواة في الإشادة خاصة بين الذكور والإناث ..أو تقديم
إمتيازات كثيرة للطفل المريض حتى لا تجعله يتمارض أكثر فيشعر إخوته بالغيرة منه خاصة عندما يتأكدون أنه يتمارض .
أيضا يجب الحرص علي عدم الإفراط في التدليل لكي لا يشعر بأنّه أفضل من الأطفال الآخرين ، و يرفض تعامل أحدا غيره مع والديه فيجب إبراز مواهب و تُميّز الكل و تحويل سلوك الغيرة السلبي الي حافز إيجابي،
من الأخطاء الأسرية التي تسبب الغيرة التي تنذر بوقوع كارثة هي قيام بعض الأباء بتفضيل إبن علي آخر في توزيع الممتلكات سواء عينية أو مادية فيبدأ شيطان الغيرة في بث سمومه داخله تنذر بقنبلة موقوته تهدد حياة الأخر فكثيرا ما نسمع عن حوادث قتل بسبب ذلك ..
جرائم الغيرة بين الأبناء هي من صنع تصرفات بعض الآباء ، فيجب مراعاة العدل في المعاملة . أن كنت تريد أسرة مثالية نوعا ما يجب عليك أن تحكم و لا تتحكم فلو حكمت سيكون العدل ، و لو تحكمت ستكون غطرسة الديكتاتورية .