أبوظبي – الوطن:
أوصى المشاركون في قمة «تريندز» الأولى لمراكز الفكر في دول البريكس، التي عقدها مركز تريندز للبحوث والاستشارات في روسيا على هامش قمة قادة دول مجموعة البريكس 2024، في مدينة قازان الروسية، بضرورة توسيع أدوار مراكز الفكر ووسائل الإعلام لتعلب دوراً محورياً وحيوياً في دعم السياسات العامة، وصياغة استراتيجيات مبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الدولي بين دول مجموعة البريكس.


وأكدوا أن دور المؤسسات البحثية والإعلامية في دول البريكس أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث يقع على عاتقها تطوير المعرفة التي تقود الابتكار والتقدم والازدهار، حيث تمتلك القدرات والإمكانات في تحليل التحديات وتحويلها إلى فرص واعدة، مشددين على أهميتها في مجال تطوير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، التي من شأنها تعزيز التعاون ضمن دول مجموعة البريكس، وزيادة تأثيرها الجماعي على الصعيد العالمي.
وأشاروا إلى أن مراكز الفكر تضطلع بدور حيوي في رسم مسارات التنمية لدول البريكس، موضحين أن التكتل بحاجة إلى تفعيل الدبلوماسية الإعلامية، وتأهيل الباحثين الشباب للنهوض بالمعرفة الجماعية لدول التكتل، إلى جانب دمج مبادئ البيئة والمجتمع والحوكمة لتعزيز الابتكار الأخضر والتنمية المستدامة.

شركاء قمة «تريندز»
جاء ذلك ضمن أعمال قمة «تريندز» الأولى لمراكز الفكر في دول البريكس، التي عقدها في روسيا بالشراكة مع وكالة الأنباء الحكومية الروسية «إيتار تاس» TASS، وقناة روسيا اليوم، باعتبارهما الشريكين الإعلاميين للقمة، إلى جانب مشاركة نحو 14 مؤسسة بحثية من 10 دول أعضاء في تكتل البريكس، حيث تضمنت القمة جلستين رئيسيتين، تمحورت الأولى حول «دور مراكز الفكر في تطوير السياسات الاقتصادية والثقافية والجيوسياسية لدول البريكس»، بينما ناقشت الجلسة الثانية «دور مراكز الفكر ووسائل الإعلام في تعزيز القوة الناعمة لدول البريكس».

قمة فكرية هادفة
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في الكلمة الترحيبية للقمة، إنه في الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات والمناقشات الرسمية بين قادة دول البريكس في قمة قازان؛ كنّا حريصين على أن يترافق ذلك مع قمة فكرية هادفة تعرض تصورات وأفكاراً بنّاءة تدعم التحركات الرسمية الرامية إلى تطوير التعاون بين دول البريكس، ودعم جهود تحقيق الازدهار والسلام، والتعاون بين هذه الدول وشعوبها.
وأكد العلي أن «تريندز» يسعى من خلال تنظيم هذه القمة العلمية رفيعة المستوى إلى إجراء نقاشات فكرية معمّقة حول أفضل السبل والوسائل التي تُمكّن مراكز البحوث في دول البريكس من تحقيق أهدافها الطموحة، مع التركيز على الأبعاد المستقبلية المتمثّلة في استشراف التطورات المستقبلية، وصياغة السياسات والتصورات التي تعزّز من الفرص المستقبلية، وتقلّل من التحديات التي يمكن أن تُعيق مسار التطور المستقبلي لدول البريكس وعلاقات التعاون فيما بينها.

قدرات اقتصادية هائلة
وأشار إلى أن تكتل البريكس يمتلك قدرات ديموغرافية واقتصادية هائلة، حيث تُمثّل الدول العشر، أعضاءُ المجموعة الحاليّون، 45% من سكان العالم، ويشغَلون 25% من مساحة اليابسة، ويبلغ حجم اقتصاداتهم 28.3 تريليون دولار، وتصل نسبة مساهمتهم في الاقتصاد العالمي إلى 28.8%، فيما يسيطرون على 20% من التجارة العالمية؛ وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.
وأضاف أن هذه الإمكانيات الضخمة تُنبئ بمستقبل واعد لهذا التكتل، يكون فيه قوةً اقتصادية وسياسية مهمّة على الساحة الدولية، وهو ما يحتاج إلى رؤية متكاملة تستند إلى أفكار وأطروحات علمية ترسم خريطة واضحة لتحقيق هذا المستقبل، موضحاً: «ويَقيني أن هذا هو دور مراكز البحوث والدراسات، التي ينبغي عليها أن تتعاون من أجل أن تقدّم هذه الرؤية المتكاملة، من خلال تطوير استراتيجيات مبتكرة، ووضع خطط عملية قابلة للتنفيذ».

تشكيل سياسات جيوسياسية
وافتتح أعمال القمة محمد السالمي، رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ملقياً للكلمة الافتتاحية، الذي قال فيها إن أهمية مراكز الفكر والبحث ووسائل الإعلام تتزايد يوماً بعد يوم في تشكيل السياسات الجيوسياسية وتعزيز القوة الناعمة للدول، مضيفاً أن قمة «تريندز» تناقش موضوعاً حيوياً، وهو دور هذه المراكز في تشكيل سياسات دول مجموعة البريكس، وتعزيز نفوذها عالمياً.
وذكر السالمي أن هذه القمة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية التعاون بين مراكز الفكر ووسائل الإعلام، وتحديد التحديات والفرص المتاحة في هذا المجال، وتطوير استراتيجيات لدعم القوة الناعمة لدول البريكس، مما يساهم في تعزيز مكانتها على الساحة الدولية.

تطوير سياسات البريكس
عقب ذلك انطلقت مناقشات الجلسة الأولى التي حملت عنوان «دور مراكز الفكر في تطوير السياسات الاقتصادية والثقافية والجيوسياسية لدول البريكس»، وأدارها عبدالعزيز الشحي، الباحث الرئيسي في «تريندز»، حيث أكدت الدكتورة ناتاليا بيرينكوفا، من جامعة لوباتشيفسكي الروسية، أهمية التعاون بين مراكز الأبحاث في دول البريكس، مشددة على ضرورة الحوار وتبادل المعلومات لسد الفجوات في أساليب البحث.
وذكر بيرينكوفا أن مراكز الأبحاث قادرة على تعزيز التفاهم المتبادل وتشجيع النهج متعدد التخصصات، داعية إلى تأهيل الباحثين الشباب ونشر المعرفة، مبرزة الترابط بين الأوساط الأكاديمية ومراكز الأبحاث في روسيا، ومطالبة بتسليط المزيد من الضوء على أهمية البرامج التدريبية والمشاريع التعاونية لإنتاج باحثين بآفاق عالمية.

المعرفة الجماعية
بدوره قال الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء المصري، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن التراجع المتوقع في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة يضع ضغطاً على اقتصادات مجموعة البريكس، ما يجعل التعاون البحثي والفكري عاملاً رئيسياً من أجل نجاح المجموعة في تحقيق أهدافها.
وأضاف أنه من خلال الشراكة والتعاون يمكننا الاستفادة من المعرفة الجماعية لبلداننا وتهيئة مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة، كما يجب علينا اقتناص الفرص من أجل التعاون والعمل معاً من أجل النهوض بالتعاون الأكاديمي والفكري ضمن مجموعة البريكس.
وذكر أن دور مراكز الفكر أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تلعب دوراً جوهرياً في تطوير المعرفة التي تقود الابتكار والتقدم، مشدداً على ضرورة التوسع في أدوار المراكز البحثية في مجال تطوير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، التي من شأنها تعزيز التعاون ضمن دول مجموعة البريكس، وزيادة تأثيرها الجماعي على الصعيد العالمي.

مسارات التنمية
وأوضح الدكتور مرتضى زمانيان، عضو مجلس الإدارة والمستشار الأول في مركز الحوكمة والسياسات (GPTT)، أن مراكز الفكر تضطلع بدور حيوي في رسم مسارات التنمية لدول البريكس، مركزاً على التحديات التي تفرضها الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة لهذه الدول، مؤكداً أهمية وجود وسطاء مؤسسيين لتجاوز هذه الاختلافات.
وأضاف أن مراكز الأبحاث تعتبر جسراً بين المؤسسات الأكاديمية وصانعي السياسات، ما يعظم من أهميتها في قيادة تطوير السياسات، مشيراً إلى الحاجة للتركيز على إنشاء عملة مشتركة ونظام دفع موحد لدول البريكس، داعياً إلى عقد اجتماعات دورية لممثلي مراكز الأبحاث لمناقشة هذه الأولويات الاقتصادية.

مؤشرات اقتصادية متكاملة
من جهته، أشار الدكتور ماكسيم ماير، مستشار المدير العام لشركة روسجيولوجيا، إلى أن المراكز البحثية والفكرية والتحليلية المتخصصة والخاصة أكثر نجاحاً وكفاءةً من المراكز الحكومية التابعة للوزارات والبنوك المركزية، ما يفتح المجال أمام مراكز دول البريكس البحثية والتحليلية للعمل المشترك على فهم آفاق واتجاهات العلاقات بين الدول الأعضاء في البريكس.
وذكر أن مجالات التعاون بين دول المجموعة كثيرة ومتنوعة، منها أنظمة الدفع الحديثة، والتعليم المهني المتقدم، والتعليم الاقتصادي، وتطوير الإنتاج البيئي، والتعاون الصناعي الموسع، وهنا يتعين على دول البريكس إنشاء أنظمة سيادية، ويجب على مراكز الفكر والتحليل أن تساعد في تطويرها واقتراح التوجيهات والتفاصيل المهمة لذلك.

تعزيز القوة الناعمة
أما الجلسة الثانية من القمة فقد حملت عنوان «دور مراكز الفكر ووسائل الإعلام في تعزيز القوة الناعمة لدول البريكس»، وأدار مناقشاتها علي آل علي، الباحث ومدير إدارة «تريندز دبي»، واستهل مداخلاتها ألوك كومار، رئيس المجلس الاقتصادي الهندي، الذي أكد أهمية الثقة والقيم المشتركة والتكامل الاستراتيجي لتحقيق التعاون المستدام بين دول البريكس، إلى جانب دمج مبادئ البيئة والمجتمع والحوكمة لتعزيز الابتكار الأخضر والتنمية المستدامة.
وأضاف أن مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يلعبان أدواراً محورية في تعزيز التعاون والتنمية المستدامة، ويُنظر إلى المجتمع المدني القوي كوسيط ومصدر للمعلومات العلمية الموثوقة وداعم لاتخاذ القرارات الشاملة، بينما يقود القطاع الخاص النمو الاقتصادي ويخلق فرص العمل ويعزز التكنولوجيا.

تفعيل الدبلوماسية الإعلامية
أما فضيلة المعيني، رئيسة مجلس إدارة جمعية الصحفيين الإماراتية، فذكرت أن التطور المتسارع الذي تشهده دول التكتل يحتّم على وسائل الإعلام لعب دور موازٍ لإبراز جهود التكتل، الأمر الذي يؤكد ضرورة بناء قوة إعلامية جديدةٍ خاصةٍ بالتكتل، تستهدف الوصول إلى مختلف الجماهير في دول التكتل، مضيفة أن دول التكتل بحاجة ملحّة الآن إلى تفعيل الدبلوماسية الإعلامية، لإبراز الأهداف الحقيقية لها نحو عالم متعدد الأقطاب.
وترى أن وسائل الإعلام في دول المجموعة بحاجة إلى ضرورة بناء جسور التعاون الإعلامي، وتعزيز التبادل الشعبي والتعلّم المتبادل، والتحدث بصوت مشترك على الساحة الدولية، مبينة أن المؤسسات الإعلامية والبحثية في دول بريكس مطالبة بتوظف الثورة التكنولوجية الراهنة من أجل العمل على تطوير المجموعة، ونشر الوعي بين مواطني دولها، وتزويد المؤسسات الرسمية في دول المجموعة بالأفكار والرؤى القادرة على بث روح التطور المستدامة في دول المجموعة.

تعددية حقيقية
وأكد هو تشينتاو، مدير مكتب المجموعة الصينية للإعلام الدولي في موسكو، أهمية التعاون بين دول البريكس في ظل التغيرات العالمية، مشيراً إلى أن توسع مجموعة البريكس يمثل حقبة جديدة للتعاون في الجنوب العالمي، مما يعزز التبادل العميق بين الدول الأعضاء، وبالرغم من تحديات الأحادية والحماية العالمية، تلتزم دول البريكس بتعددية حقيقية، مشدداً على دور الإعلام ومراكز الأبحاث في مواجهة التحديات العالمية.

انفتاح وشمول وتعاون
وأوضح الدكتور تشاو تشونغشيو، رئيس جامعة الأعمال والاقتصاد الدولي بالصين، أن دول البريكس تتمسك بروح الانفتاح والشمول والتعاون في جميع الأبعاد والمجالات والمنافع المشتركة، وقد عزز هذا النهج من قدرات دول البريكس وتقدمها الاقتصادي بين عدد كبير من الدول النامية، وساهم في تعافي الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أن النفوذ الدولي وجاذبية آلية البريكس ينموان باضطراد، ويجذبان انتباه المزيد من الدول الراغبة في الانضمام إلى المجموعة، مؤكداً أن مراكز الفكر في دول البريكس تلعب دوراً حيوياً في دعم السياسة العامة، وصياغة استراتيجيات مبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعاون الدولي، مضيفاً أنه تقع على عاتق مراكز الفكر مسؤولية تعزيز التقدم التكنولوجي والتنمية الاجتماعية.

صياغة مبادرات تعاونية
من جهته، ذكر الدكتور ييتينا جبر، مدير المعهد الإثيوبي للشؤون الخارجية، أن قمة «تريندز» لمراكز الفكر في دول البريكس تفتح المجال لتبادل المعرفة وتحديد التحديات والحلول المشتركة، إلى جانب أهميتها في وضع توصيات سياسية وصياغة مبادرات تعاونية والدعوة إلى سياسات مؤثرة تعزز التنمية المستدامة.
وبيَّن أن مراكز الفكر في تكتل البريكس قادرة على توحيد وإبراز نقاط القوة في المرونة المناخية، والتجارة والاستثمار، والتنمية المستدامة، والابتكار التكنولوجي، حيث يمكنها صياغة مستقبل مبادرات علمية ومعرفية مشتركة، ترسخ للرخاء والسلام والتقدم التكنولوجي والعمل المناخي المشترك.

نظام عالمي جديد
من جانبه أكد الدكتور حسين سولومون، من مركز دراسات النوع الاجتماعي وأفريقيا، أن العالم يعيش في فترة تغير مناخي شديد، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تشكل نظام عالمي جديد تقوده دول مجموعة البريكس، حيث إن دول مجموعة البريكس تمثل أكثر من 42% من سكان العالم، وما يقرب من 36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وذكر سولومون أن مجموعة البريكس يمكن أن تصبح نصيراً للقارة الأفريقية في المنتديات المتعددة الأطراف، خاصة فيما يتعلق بمسألة التغير المناخي، وأن تكون شريكاً جديداً قابلاً للحياة لأفريقيا، حيث تظل قارة أفريقيا الأكثر عرضة لتغير المناخ على الرغم من مساهمتها الضئيلة في انبعاثات الغازات الدفيئة.

منصة الدراسات الاقتصادية
وفي سياق متصل، وعلى هامش أعمال قمة «تريندز» الأولى لمراكز الفكر بدول البريكس، أعلن فهد المهري، رئيس قطاع «تريندز دبي»، عن مبادرة «تريندز» لإنشاء منصة الدراسات الاقتصادية لمراكز الفكر بدول البريكس، والتي ستمثل منتدى تفاعلياً يجمع بين الخبراء والباحثين من جميع المراكز البحثية المتعاونة بدول البريكس، بهدف دعم تبادل المعرفة وتحليل البيانات الخاصة باقتصادات مجموعة البريكس.
وأوضح المهري أن المنصة تسعى إلى توفير مستودع شامل للتحليلات والأبحاث المتعلقة باقتصادات دول البريكس، مما يجعلها مصدراً موثوقاً للمعلومات التي تساعد على فهم أعمق للتحديات والفرص الاقتصادية في هذه الدول.
وأكد أن المنصة ستعمل على دعم التعاون بين المراكز الفكرية والمؤسسات الأكاديمية والباحثين من مختلف دول البريكس، وذلك من خلال تعزيز تبادل المعرفة والخبرات وتطوير مشاريع بحثية مشتركة.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

خبراء: التعاون الاقتصادي بين الإمارات وسنغافورة يسهم بتحقيق التنمية المستدامة

أكد خبراء اقتصاديون أن زيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إلى جمهورية سنغافورة، تعكس متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تعتبر نموذجاً يحتذى به في التعاون الدولي والشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، حيث شهدت العلاقات الثنائية الممتدة لأربعة عقود نمواً ملحوظاً في مختلف القطاعات بما يعود بالنفع على شعبي البلدين ويعزز استقرارهما ونموهما الاقتصادي.

وأشاروا عبر 24 إلى أن مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين تسهم في تحقيق ما يصبو إليه الطرفان في تحقيق التنمية المستدامة القائمة على تبادل المنافع والمصالح.

وفي هذا السياق، قال نايل الجوابرة، الخبير الاقتصادي، إن زيارة ولي عهد أبوظبي إلى سنغافورة تعكس قوة العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسنغافورة، وتؤكد حرص الإمارات على تعزيز التعاون الاقتصادي مع سنغافورة في قطاعات الاقتصاد الجديد والمستدام الذي يعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي باعتبارها قطاعات رئيسية تدعم التحوّل نحو اقتصاد المستقبل.
شراكة شاملة
وأضاف: "في 2019 وقع البلدان اتفاقية الشراكة الشاملة لتعميق التعاون في عدة مجالات وليس فقط في المجال الاقتصادي، مثل التجارة والصناعة والاستثمار والتعاون المالي والتعليم وتطوير موارد البشرية، وطبعاً البنية التحتية والطاقة والطاقة المستدامة، خاصة في الفترة الحالية، وأيضاً القطاع التكنولوجي في سنغافورة، هو امتداد أكثر من 35 عاماً من التعاون بين البلدين".
وأشار إلى وجود مئات الشركات السنغافورية التي تعمل في الدولة في قطاعات مثل الخدمات الاستشارية والطاقة والقطاع الصناعي والتجاري، وتعتبر الإمارات الشريك التجاري الأول لسنغافورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ عام 2012. وسجلت التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين 14 مليار درهم خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2022 محققة نمواً بنسبة 29.6% مقارنة بنفس الفترة من عام 2021، فيما سجل إجمالي التجارة الخارجية بين البلدين خلال عام 2021 ما يقارب 15 مليار درهم، ومن المتوقع أن يبلغ 20 مليار درهم في العام الحالي، وفي المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لسنغافورة في دولة الإمارات نحو 8 مليار درهم حتى مطلع عام 2021.
وأوضح الجوابرة أن سنغافورة بيئة مميزة وجاذبة للاستثمار الإماراتي، خاصة في القطاعات المتقدمة مثل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث توفر سنغافورة بنية تحتية تكنولوجية حديثة وبيئة رقمية متكاملة تدعم الابتكار والنمو في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، هذه العوامل تجعل سنغافورة شريكاً استراتيجياً مهماً للإمارات في تطوير القطاعات المستقبلية وبيئة استثمارية آمنة وواعدة لمشاريع الابتكار التكنولوجي.


قيمة مضافة

من جانبه، أكد الدكتور وضاح الطه، الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات، أن سنغافورة تعتبر من الدول الآسيوية المتقدمة اقتصادياً وتعتبر مؤشرات النمو الاقتصادي والتنافسية فيها من أعلى المؤشرات في آسيا والعالم، وبالتالي فإن تعاون الإمارات وسنغافورة سيخلق قيمة مضافة للمحاور التي سيتم الاتفاق عليها خلال زيارة ولي عهد أبوظبي.
وقال: "تحاول الإمارات من خلال الشركات والتعاون مع دول منتقاة في العالم، تسريع عجلة النمو الاقتصادي، وهذا ينعكس على الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي وحتى على معايير التنافسية وزيادة جاذبية الاستثمارات الأجنبية إلى الإمارات‏ التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الجاذبية الاستثمارية للاستثمار الأجنبي من حيث قيمة الاستثمار، وهذا النوع من اللقاءات يصب في هذا المجال. كما أن لدى الإمارات أذرعاً اقتصادية قوية تتمثل في صناديقها السيادية التي تكون جاهزة وحاضرة في عملية انتقاء الاستثمارات والدخول في شراكات اقتصادية مهمة للبلدين".


مكانة عالمية

بدوره، قال الدكتور عبدالحليم إبراهيم، الخبير الاقتصادي: "تأتي زيارة ولي عهد أبوظبي إلى سنغافورة في إطار الجهود التي تبذلها الدولة لترسيخ مكانتها العالمية كمنصة لممارسة الأعمال واستقطاب الاستثمارات من مختلف بقاع العالم، ولا شك في أن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين شكلت على الدوام رافعة أساسية للعمل على تطوير وتنويع هذه العلاقات بما بخدم المصالح المشتركة".
ولفت إلى أن "دولة الإمارات عموماً وإمارة أبوظبي خصوصاً تسعى للاستفادة من تجربة سنغافورة في التطور والتحديث الاقتصادي، فضلاً عن البحث عن مجالات تعاون اقتصادي تسهم في تحقيق ما يصبو إليه الطرفان في تحقيق التنمية المستدامة القائمة على تبادل المنافع والمصالح".
وأضاف: "نتطلع إلى أن تثمر هذه الزيارة في خلق مزيد من فرص التعاون في مجال التجارة والاستثمار، ونحن على ثقة بأن القيادة الرشيدة عازمة على توسيع وتنويع علاقاتها الخارجية مع جميع الدول والمناطق في العالم حيث تأتي سنغافورة على قمة ورأس أولويات الدولة في هذا المجال".

مقالات مشابهة

  • هل تفلح مجموعة “بريكس” في التأسيس لنظام عالمي متعدد الأقطاب
  • منال عوض: مصر ملتزمة بمواجهة التحديات المناخية وتعزيز التعاون الإقليمى والدولى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • “تريندز” ينظم المنتدى السنوي الـ 4 حول الإسلام السياسي
  • هل تفلح مجموعة “بريكس” في التأسيس لنظام عالمي متعدد الاقطاب
  • محافظ الشرقية: الثقافة إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة
  • “عبد الحفيظ” يبحث مع “دومة” تعزيز الجهود المشتركة لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة
  • “الوطنية للنفط” تطلق مشاريع تنموية لدعم التنمية المستدامة في مناطق الواحات
  • رئيس جامعة المنيا: نتعاون مع المحافظة لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030
  • “زين السعودية” تعلن نتائج فترة الأشهر التسعة الأولى من 2024 بنمو في الأرباح بنسبة 33 %
  • خبراء: التعاون الاقتصادي بين الإمارات وسنغافورة يسهم بتحقيق التنمية المستدامة