لا تلوموا المقاومة
د. #عبدالله_البركات
احتل بوتن أوكرانيا بين عشية وضحاها وتفاجأ العالم بدبابته تسرح وتمرح في العاصمة كييف. استنكر العالم ما فعله بوتن. وبدأوا بدعم كييف على مهل ثم تعاظم الدعم. ومع ذلك لم تقصف روسيا المدنيين ولم تدمر المستشفيات والمدارس والكنائس ولا حتى البنى التحتية. وخلال سنتين لم يقتل من المدنيين ولم يجرح.
لم يقتل الأطفال وهم يلعبون في ساحات مدارس تابعة للأمم المتحدة. ولم تحدد مناطق امنة للنازحين ويقصفون وهم يتجهون اليها. لم تحرق خيامهم في كييف ولا في غيرها من مناطق الصراع في اي مكان في العالم.
لا تلوموا المقاومة فقد حاربت لان ارضها محتلها ولأنها محاصرة ولأن مقدساتها تنتهك.
لا يمكن قياس هذه الحرب على اية حرب اخرى. ولا يمكن ان تفشل كل الجهود لوقف حرب اخرى كما فشلت في غز ة. فقد كان هناك قرارات أمم متحدة. وقرارات مجلس امن وقرارات محكمة عدل دولية وقرارات محكمة جنايات دولية. ولكن دوف فائدة.
لا تلوموا المقاومة فلم يق تل في اية حرب اخرى مثل هذا العدد من موظفي الامم المتحدة ولا من الصحافيين ولا من الاطباء ولا من رجال الدفاع المدني.
فكيف المقاومة ان تتوقع كل هذا. ومتى كانت حركات التحرر تدان وتدمع بالارهاب قبل هذا.
وقع كل ذلك وفي بث حي ومباشر يراه العالم (المتحضر) ويره الشرق والغرب ويراه الاطفال والنساء والرجال والفلاسفة والشعراء والأدباء والقانونيون والفنانون وطلبة الجامعات في كل أنحاء العالم.
لا تلوموا المقاومة. فلم يكن من الممكن للمقاومة أن تستمع إلى حكمة الجبناء ولا إلى مشورة الخونة. وليس لهم ان يفخروا بأي شيء.
لا تلوموا المقاومة فقد تخلى عنها الاخ وغدر بها الحليف وتكالبت عليها سيوف الاعداء
قد يكون حصل مثل ذلك نسبيا في الشيشان وفي البوسنة والهرسك وفي مينمار وفي شعب الإيغور. ولكنه بنسبة اقل ولم يحدث في بث حي ومباشر كما في غز ة.
فلا تلوموا المقاومة فتكونوا اشد اذى على نفوسهم من قنابل عدوهم. لا تلوموا المقاومة وقولوا أنا لله وانا اليه راجعون. … مقالات ذات صلة ماذا بعد السنوار (جيفارا) فلسطين؟ 2024/10/24
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عبدالله البركات
إقرأ أيضاً:
وراء الحدث
#وراء_الحدث
د. #هاشم_غرايبه
في مشهد مهيب لم يشهد له التاريخ مثيلا، شاهد العالم كله وقائع بدء تنفيذ اتفاق اطلاق النار بين المقاومة الإسلامية وحدها، وبين تحالف الغرب جميعه بجحافله وأساطيله ممثلا بمخلب العدوان – الكيان اللقيط.
لا يمكن لعاقل أن ينتظر من المقاومة وهي وحيدة ومحاصرة من ذوي القربى قبل الأعداء، أن تهزم هذا التحالف الأعرض في التاريخ، لذلك فكل يوم مرّ وهي صامدة تناجز المعتدين بأسلحتها البسيطة، يمثل انتصارا للمجاهدين، فكيف بـ 470 يوما من القصف بأشد الأسلحة فتكا، وبعون استخباراتي وتقني غربي، ومدد لم ينقطع منه.
لا يمكن فهم هذا الصمود بالمقاييس البشرية، فلا تفسير له إلا أنه مدد إلهي، فألهمهم الله بداية فكرة الأنفاق، ثم سخر لهم من يزودهم بالمواد الأولية لتصنيع السلاح والعتاد، وأعمى عيون الأعداء التي تحاصرهم فنجحوا بإدخالها، كما حمى مصانعها فلم يكتشفوا أماكنها رغم سيطرتهم عسكريا برا وبحرا وجوا، والأهم من كل ذلك أن الله رزقهم الجلد والصبر الى أن أذهب صلف أعدائهم وألقى في قلوبهم الرعب، فاستسلموا لحقيقة أنه لا سبيل لهم للنيل من هؤلاء المجاهدين رغم ما أصابهم من لأواء، وما واجهوه من كيد تزول منه الجبال.
هزيمة المعتدي ليست بالضرورة تقتضي رفعه الراية البيضاء، بل يكفيه الاعتراف بفشله في تحقيق مبتغى العدوان، واقراره بعجزه عن انجاز الأهداف التي أعلنها لتبرير شن عدوانه، وثانيا بقبوله مرغما بالشروط التي وضعتها المقاومة، وثالثا بسعي هذا التحالف لتوسيط الوسطاء طلبا للهدنة، رغم التباين الهائل في موازين القوة العسكرية والمقدرات المادية.
لذلك جاءت ترتيبات الافراج عن أول ثلاث أسيرات، من خلال المهرجان – التظاهرة التي أرادت قيادة المجاهدين من خلالها إثبات هزيمة الباغي، فنجحت بما أرادت، بل وزادت تعزيزا لذلك، بإرسال أكثر من رسالة تثبت فيها أنها ما زالت قوة يحسب لها ألف حساب، وأن القادم من الأيام سيثبت ذلك:
الرسالة الأولى كانت في اختيار مكان التسليم للصليب الأحمر في الميدان الرئيسي، ذلك المكان الذي تم قصفه بشراسة، وجرى اجتياحه عدة مرات، والادعاء بأنه تم تأمينه والسيطرة عليه، فجرى بداية أغراق المكان بالشباب المدنيين المحتفلين، وفجأة ظهر بينهم العشرات من أفراد المقاومة المسلحين يزفون الأسيرات الثلاث، بزيهم الأخضر الجميل النظيف، لا تعلوهم غبرة قتال 470 يوما، على متن سيارات دفع رباعي لامعة، وكأنها خرجت للتو من المصنع.
والرسالة الثانية كانت في السيطرة والتنظيم، حيث رأينا المسلحين انتشروا خلال دقائق وسيطروا على الجموع المتدافعة، وتم التسليم خلال خمس دقائق، ليختفوا من جديد من غير أن يرى أحد من أين خرجوا والى أين ذهبوا، وواضح أن هذه الترتيبات كأنها جاءت للرد على قول “بلينكن” أن حماس فقدت قدراتها، ولتسقط رهانات عربان التطبيع على امكانية تسليم ادارة القطاع لسلطة عباس.
الثالثة كانت إعلامية، ومن خلال فهم المقاومة لحقيقة أن معارك هذا القرن، يتولى الإعلام فيها الدور الأهم، لذا تعتمد على الصورة المرئية أكثر مما تعتمد على الضخ الدعائي، فأرادت بهذا بتقديم هذه الثلة من مقاتليها المتماثلين بكمال الأجسام، بالزي المعروف، وبالهندام والأناقة، ان ترسخ فكرة أن كل ماجرى على هوله لم ينل من البنية البشرية ولا التنظيمية ولا التسليحية، بل قد تكون عوضت النقص في الأتفس والأموال باكثر مما كان.
هذه الرسائل وجهت للعدو لئلا يفرح باستعادته الأسرى، فقد دفع الثمن الباهظ الذي فرضه المجاعدون منذ البداية.
ولداعمي هذا الكيان لئلا يعتقدوا أن أمنه استتب باغتيال عدد من القادة، فما زال لدى المجاهدين صفوف كثيرة من المؤهلين لشغل مواقع من اختارهم الرحمن شهداء، مازالوا أحياء عنده يرزقون.
وأخيرا لعربان التطبيع ولمن في قلوبهم مرض من داعميهم، الذين كانوا يأملون أن يسفر هذا العدوان عن استئصال شأفة متبعي منهج الله، ويصدق الناس ارجافهم بأن الإسلاميين فاشلون ولا يمكنهم إدارة الحكم.
فجاءهم الله من حيث لم يحتسبوا، وبإثباتين أحدهما في سوريا والآخر في القطاع، على أنهم الأنجح عسكريا لأنهم مجاهدون في سبيل الله، وأنهم الأكفأ سياسيا لأتهم يتبعون الصراط المستقيم.
لذلك أراد الله لأمته التي حادت عن منهجه، أن تدرك أن انتصارها ليس بامتلاك القوة فقط، بل باتباع القيادة منهجه.