"محمد جنرال الإسلام الأول العظيم" كتاب يتناول التاريخ العسكري للنبي صلى الله عليه وسلم، بقلم المؤرخ العسكري الأمريكي ريتشارد جابرييل. وقد صدر هذا الكتاب في الولايات المتحدة عام 2007 عن مطبعة جامعة أوكلاهوما. وهو الكتاب الحادي عشر من مجموعة "حملات وقادة" التي يشرف على تحريرها وإصدارها مجموعة من المؤرخين والعسكريين الأمريكيين، من بينهم: روبرت إبستين بمدرسة الجيش الأمريكي للدراسات العسكرية المتقدمة، يوجينا كيسلينج بالأكاديمية العسكرية الأمريكية، وبروس فاندربورت بمعهد فيرجينيا العسكري.



أما مؤلف الكتاب فهو ريتشارد جابرييل: أستاذ سابق للسياسة والتاريخ ومدير الدورات المتقدمة في قسم الاستراتيجية في كلية الحرب بالجيش الأمريكي، وعمل أيضا في الكلية العسكرية الملكية في كندا. وله 41 كتابا في التاريخ العسكري من بينها هذا الكتاب الذي نحن بصدده اليوم.

وفي هذه المقالة نعرض مقتطفات من الكتاب تبين المعالم الرئيسية للتاريخ العسكري النبوي. وقبل أن نعرضها، ننوه بأننا تأدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقد أوردنا الصلاة والسلام عليه عقب كل ذكر لاسمه في الكتاب.

صدّر جابرييل كتابه بقول المؤرخ "ألفريد غيوم" في كتابه "الإسلام": "لم تتجاوز أعداد المقاتلين في معارك محمد {صلى الله عليه وسلم} بضعة آلاف؛ لكنها كانت من أكثر المعارك حسما في التاريخ". وصدّره أيضا بكلام المؤرخ "توماس كارليل" في كتابه "الأبطال": "لا يوجد رجل عظيم يعيش عبثا، فتاريخ العالم ما هو إلا سيرة رجال عظماء". 

أهمية الكتاب

يلقي هذا الكتاب ـ من وجهة نظر عسكرية غربية بحتة ـ أضواء كاشفة على التاريخ العسكري النبوي وأهميته في: الفكر الاستراتيجي، التخطيط، التكتيك، التدريب والإعداد العسكري وصولا إلى تحقيق إنجازات مذهلة بكافة المقاييس.

يقول جابرييل: "على الرغم من إنجازات محمد {صلى الله عليه وسلم} العسكرية البارزة؛ إلا أنه لا يوجد سيرة عن هذا الرجل العظيم تفحص حياته العسكرية بالتفصيل. لقد ركزت كتب السيرة المتعددة على دوره كنبي عظيم أسس دين الإسلام، وعن إنجازاته كثائر اجتماعي، وعن قدراته كرجل دولة خلق مؤسسات جديدة غطت شعوب الجزيرة العربية. لا توجد سيرة مكتوبة عن دور محمد {صلى الله عليه وسلم} المشهود كجنرال الإسلام الأول العظيم، وكقائد لحركة تمرد ناجحة".

"لولا نجاح محمد {صلى الله عليه وسلم} كقائد عسكري، لربما ظل الإسلام ـ أحد الطوائف الدينية المثيرة للاهتمام ـ منحصرا في منطقة جغرافية راكدة، ولَمَا تم مطلقا فتح الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية على يد الجيوش العربية".

"فكرة أن محمد {صلى الله عليه وسلم} رجل عسكري سوف تكون جديدة على الكثير. لكنه في الحقيقة كان جنرالا كبيرا حقا. ففي غضون عقد واحد: خاض ثمانية معارك كبرى، وقاد ثمانية عشرة غزوة، وخطط لثمانية وثلاثين عملية عسكرية أخرى قادها آخرون غيره، لكنهم عملوا فيها تحت أوامره وتوجيهه الاستراتيجي".

قائد لا مثيل له

النبي صلى الله عليه وسلم "لم يكن قائدا ميدانيا وتكتيكيا كبيرا فحسب، بل كان أيضا منظرا عسكريا، ومصلحا تنظيميا، ومفكرا استراتيجيا، وزعيما سياسيا وعسكريا، وجنديا بطلا، وثوريا مخترعا لحروب التمرد، وأول ممارس ناجح لها في التاريخ". هذا على الرغم أنه "لم يتلق محمد {صلى الله عليه وسلم} تدريبا عسكريا قبل قيادته الفعلية للجيش في الميدان. كيتيم، لم تكن لديه الفرصة لتعلُم المهارات العسكرية على يد أبيه، وهي الوسيلة المعتادة للحصول على التدريب العسكري بين العرب في عصره. تعرضه الوحيد للحرب جاء في وقت مبكر عندما كان في سن الرابعة عشرة عندما شهد مناوشات بين عشيرتين، كان يسترجع فيها السهام لعمه". "ربما لأنه كان صبيا هادئا يقضي ساعات طويلة في رعي قطعان الغنم أو عند الكعبة، جعل أعمامه يَستنتجون أنه يفتقر إلى الكفاءة اللازمة للقتال".

ـ "حقيقة أن محمد {صلى الله عليه وسلم} لم يتلق أي تدريب عسكري أمر لافت للنظر". فمن أين إذن تلقى النبي صلى الله عليه وسلم علمه العسكري؟! وكيف اكتسبه؟! يُرجع ذلك جابرييل إلى أربعة أسباب رئيسية: امتلاكه صلى الله عليه وسلم موهبة عسكرية فطرية، عمله بالتجارة فترة طويلة من الزمان، تطبيقه مبدأ الشورى في المجال العسكري، واستفادته من الخبرات المختلفة لأصحابه. يقول جابرييل:

ـ "لقد ظل محمد {صلى الله عليه وسلم} طيلة خمسة وعشرين عاما منظما للقوافل قبل أن يبدأ تمرده. لقد أظهر كقائد قوافل اهتماما بالنواحي اللوجستية والتخطيط. وأهلته خبرته في تلك المجالات لتخطيط قوته وقيادة عمليات عسكرية لمسافات طويلة عبر التضاريس القاسية. خلال هذه الفترة عمل رحلات عديدة إلى الشمال مما أكسبه سمعة كبيرة بأنه أمين ومتميز في التنظيم والقيادة. تتطلب هذه الرحلات اهتماما واسعا بالتفاصيل، معرفة الطرق، معدلات السير، مواضع التوقف، سقاية وتغذية الحيوانات، أماكن الآبار، حالة الجو، ومواضع كمائن اللصوص وقطاع الطرق، إلى آخره. هذه المعرفة أفادته كثيرا كقائد عسكري".

ـ "على الرغم من امتلاكه الموهبة الفطرية للأمور العسكرية، إلا أنه في كثير من الأحيان كان يلتمس المشورة من ضباطه الأكثر خبرة من الناحية العسكرية قبل القتال".

الحرب خدعة

كان الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا لعصره بقرون طويلة في رؤيته للحرب، وفي إدارته لها، وفي توظيفه لوسائل الخداع لإحراز مكاسب تكتيكية أو استراتيجية، يقول جابرييل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "قد توصل إلى أن الحرب خُدعة، مذكرا المحللين المحدثين بالقول المأثور للمفكر العسكري الصيني صن تزو: الحرب هي الخداع".

سيد المخابرات في الحرب

"لا يمكن لأي تمرد البقاء على قيد الحياة بدون جهاز استخبارات فعال". و"لقد أثبت محمد {صلى الله عليه وسلم} أنه سيد المخابرات في الحرب. فقد نافس جهاز مخابراته أجهزة مخابرات بيزنطة وفارس خاصة فيما يتعلق بالأمور السياسية. قيل أنه أمضى ساعات يضع فيها خططه التكتيكية والسياسية". لكن كيف بنى النبي صلى الله عليه وسلم جهاز مخابراته؟! وكيف طوره ليغدو أفضل جهاز مخابرات في العالم آنذاك؟! فإن جابرييل ـ الذي عمل في السي آي آيه ـ يرصد ذلك، فيقول: "في وقت مبكر عندما غادر محمد {صلى الله عليه وسلم}  مكة عام 622 م ، ترك خلفه عميلا سريا موثوقا به ، هو عمه العباس ، الذي استمر في إرسال تقارير له عن الوضع هناك. وقد خدم العباس بصفته عميلا في مكانه لأكثر من عقد من الزمن، حتى سقطت مكة نفسها في يد محمد {صلى الله عليه وسلم}.

"إيمان محمد الذي لا يتزعزع بالإسلام وبدوره كرسول عن الله أحدثا ثورة في مفهوم الحرب لدى العرب في مجالات متعددة، وأديّا إلى خلق الجيش الأول في العالم القديم الذي يدفعه نظام متماسك يقوم على معتقده الأيديولوجي من الجهاد والشهادة".في بداية عملياته، عانى محمد {صلى الله عليه وسلم} من عدم وجود معلومات استخبارية تكتيكية، إذ كان معظم أتباعه من سكان المدن وليس لديهم خبرة في السفر عبر الصحراء. لذلك، فإنه في وقت مبكر، وظف محمد {صلى الله عليه وسلم} مرشدين من البدو في بعض العمليات. ولكن مع نمو التمرد، أصبح جهاز استخباراته أكثر تنظيما وتطورا، فقد استخدم عملاء في أماكنهم وجواسيس تجاريين واستخلص المعلومات من الأسرى وأرسل دوريات قتالية ودوريات استطلاع كوسائل للحصول على المعلومات الاستخباراتية".

معرفة كاملة بالعدو وتحالفاته       

"يبدو أن محمدا {صلى الله عليه وسلم} نفسه قد امتلك معلومات تفصيلية عن الولاءات العشائرية والسياسية في منطقة عمليات التمرد، واستخدم هذه المعلومات لإحداث تأثير جيد عند التفاوض على عقد تحالفات مع البدو. كما أدار في كثير من الأحيان عمليات استطلاع مسبقة عن ساحات المعارك التي حارب عليها. وفي معظم الحالات، أمده جهاز مخابراته بمعلومات كافية عن مكان العدو ونواياه قبل أي اشتباك عسكري. ليست لدينا معرفة كيف تم تنظيم جهاز المخابرات؟ ، أو أين كان يوجد؟. التفسير المعقول لذلك أنه كان جزءًا من أهل الصُفة".

مُنظر استراتيجي

الرسول صلى الله عليه وسلم "في فكره وتطبيقه لمعنى القوة، كان مزيجا من كلاوزفيتز وميكافيللي، لأنه دائما ما استخدم القوة لخدمة أهداف سياسية. لقد كان رجلا استراتيجيا ماهرا عظيما، استخدم وسائل غير عسكرية - مثل: بناء التحالفات، الاغتيالات السياسية، تقديم المال لتأليف القلوب، إثارة الحمية الدينية، العفو، والاعتدال في القتل.  وقد أدى ذلك كله إلى تدعيم مركزه الاستراتيجي على المدى الطويل، وأحيانا حتى على حساب الاعتبارات العسكرية قصيرة الأمد".

تخطيط محكم

لم يكن النشاط العسكري النبوي نشاطا عشوائيا، وكذلك توقيت الهجرة إلى المدينة؛ بل كان وراءه تخطيط كبير وعمل منظم، يقول جابرييل: "بمجرد أن أوجد محمد {صلى الله عليه وسلم} الكوادر الثائرة، فقد أنشأ قاعدة ليقوم من خلالها بعملياته الحربية ضد خصومه، والتي اتخذت في بداية الأمر صورة الغارات والكمائن بهدف عزل مكة - مدينة العدو الرئيسية - والمدن التجارية الأخرى المعادية له. فلقد كان سُدس العرب فقط يقيمون في المدن أو البلدات في ذلك الوقت. أما الباقون فكانوا يعيشون في الصحراء كبدو رعاة.

اختار محمد {صلى الله عليه وسلم} المدينة كقاعدة لعملياته لما لها من أهمية استراتيجية لوقوعها على طريق القوافل الرئيسي من مكة إلى الشام الذي يمثل شريان الحياة الاقتصادي بالنسبة لمكة والواحات والمدن الأخرى. وكانت المدينة أيضا بعيدة بما فيه الكفاية عن مكة بما يطلق يد محمد {صلى الله عليه وسلم} نسبيا في جهوده الرامية لدعوة عشائر البدو الذي يعيشون على طريق القوافل. لقد فَهِم محمد {صلى الله عليه وسلم} أن تحويل هؤلاء البدو إلى الإسلام وعقد التحالفات السياسية معهم ـ لا الصراع العسكري مع القرشيين ـ هي مفاتيح النجاح".

نظرية حرب الشعب

"لقد كان محمد {صلى الله عليه وسلم} أول قائد في التاريخ فِهم وطبق المبدأ الذي تبناه لاحقا الجنرال جياب في فيتنام الشمالية: حرب الشعب وجيش الشعب. لقد رسّخ محمد {صلى الله عليه وسلم} الاعتقاد لدى اتباعه بأن الله تعالى قد اشترى من كل المسلمين أنفسهم وأموالهم، وأن على المسلمين جميعا مسئولية الكفاح من أجل الإيمان. كل فرد: رجالا ونساءً، بل حتى الأطفال عليهم التزام لأداء الخدمة العسكرية دفاعا عن دينهم".

مبدع عسكري غير مجرى التاريخ

"إيمان محمد الذي لا يتزعزع بالإسلام وبدوره كرسول عن الله أحدثا ثورة في مفهوم الحرب لدى العرب في مجالات متعددة، وأديّا إلى خلق الجيش الأول في العالم القديم الذي يدفعه نظام متماسك يقوم على معتقده الأيديولوجي من الجهاد والشهادة".

"إنه محمد {صلى الله عليه وسلم} الذي صاغ العقيدة العسكرية للفتوحات العربية التي بدأت في غضون سنتين بعد وفاته، فأخرج إلى الوجود نوعا جديدا تماما من الجيش لم يُشاهَد من قبل في الجزيرة العربية. وكمبدع عسكري ، فإنه ابتكر ما لا يقل عن ثمانية إصلاحات عسكرية رئيسية أدت إلى تغيير الجيوش وإدارة الحرب في الجزيرة العربية، واستخدمها خلفاؤه لهزيمة جيوش إمبراطوريتي الفرس والروم وتأسيس نواة إمبراطورية الإسلام. ولولا هذا التغيير الذي أحدثه محمد، لظلت الفتوحات العربية أمرا مستحيلا من الوجهة العسكرية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب كتاب كتاب عرض خصائص كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النبی صلى الله علیه وسلم فی التاریخ

إقرأ أيضاً:

المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات

إن المسارعة إلى الخيرات من أخلاق سيد الخلق سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الأبرار، وربما يأتيك الخير لأنك تمنيته للغير، وإن إطعام الطعام من أعظم أبواب الخير، ومن الأقوال الشائعة: "لقمة في فم جائع خير من بناء جامع"، وخاصة في وقت الأزمات الاقتصادية وصعوبة المعيشة على الفقراء.

ونحن عندما تطرق أسماعنا كلمة "عبادة" فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام والزكاة، وغيرها من العبادات، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلا أن هناك عبادات أصبحت خفية ـ ربما لغفلة الناس عنها - وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة "جبر الخواطر".

إن جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس، وعظمة قلب، وسلامة صدر، ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، لذا يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".

ومما يعطي هذا العبادة جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو اسم الله "الجبار" وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب ويريح النفس فهو سبحانه الذِي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق. وطلب الجبر من الله كان من دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني". (سنن الترمذي).

وجبر الخواطر هى عبادة يسيرة، ليس شرطا أن تبذل فيها مالا، أو جهدا، فيمكن أن تتحقق بابتسامة، بمسحة على رأس يتيم، بتواضع مع الغير ورفع الحرج عنهم،.. وهكذا "جبر الخواطر" من أعظم العبادات، لذا كان من ثواب فاعلها أن يكافئه الله عز وجل بجبر خاطره، ويكفيه شر المخاطر.

وقد حثنا الإسلام على التنافسِ في الخيرات والتسابق إلى فعلِ الطاعات والقربات، وقد تضافرت نصوص كثيرة مِن القرآن والسنة في هذ الشأن، قال تعالي: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 133)، وقالَ سبحانَهُ: " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الحديد: 21)، ومدحَ الله تعالى أنبياءه بهذه الصفة الحميدة فقالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء:90) وقال بعد ما مدح المتصفين بالأعمال الصالحة مِن عباده الصالحين: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون: 61)، وأمرنا بذلك فقال: "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" (البقرة 148)، وقال: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين: 26). وقال: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة: 10 - 12).

قال ابن القيمِ - رحمه الله -: السَّابِقُونَ في الدُّنْيا إلى الخَيْراتِ هُمْ السَّابِقُونَ يومَ القَيامةِ إلى الجنَّاتِ"، فسارع أخى الكريم إلى الخيرات وبادر إلى الطاعات: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المزمل: 20).

والنبي صل الله عليه وسلم ربى أصحابه على المنافسة والمسابقة إلى الخيرات، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا".

أسألك سبحانك أن تجعلنا من المسارعين إلى الخيرات فى الدنيا ومن السابقين إلى الجنات فى الآخرة.. اللهم آمين.

مقالات مشابهة

  • المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات
  • كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (46)
  • حملات سورية تدعو للحكمة بعد التسجيل صوتي مسيء للنبي محمد
  • القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • التعادل يحسم نتيجة الشوط الأول بين الإسماعيلي وزد في الدوري
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • أفضل وقت لـ صلاة الضحى.. لا تفوت ثوابها العظيم
  • محمد عبد الله يسجل الهدف الأول لمنتخب مصر للشباب أمام جنوب أفريقيا
  • علي جمعة: تعدد أسماء النبي في القرآن دليل على عظمة مكانته