«التقييم المستمر».. مصلحة للتعليم أم عبء إضافى؟
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
يشهد عالمنا تحولات متسارعة، وتتطلب هذه التحولات تطويرًا مستمرًا فى جميع المجالات، بما فى ذلك مجال التعليم، والانتقال من نظام التقييم التقليدى المعتمد على الامتحانات النهائية إلى نظام تقييم شامل يركز على الأداء المستمر يمثل نقلة نوعية فى فلسفة التعليم..
ويشهد نظام التعليم فى مصر تحولات جذرية فى السنوات الأخيرة، وكان من أبرز هذه التحولات التغيير الشامل فى أنظمة التقييم، حيث انتقلنا من الاعتماد الكلى على الامتحانات النهائية إلى نظام تقييم مستمر يعتمد على مجموعة متنوعة من الأدوات والأساليب، هذا التحول أثار جدلاً واسعاً بين الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين.
ويتميز التقييم المستمر بتوفير صورة أكثر دقة عن تقدم الطالب، مما يساعد المعلم على تحديد نقاط القوة والضعف وتقديم الدعم اللازم فى الوقت المناسب، وكذلك تنوع الأدوات فلا يقتصر التقييم على الامتحانات الكتابية التقليدية، بل يشمل مشاريع بحثية وعروض تقديمية وأنشطة عملية، مما يطور مهارات التفكير النقدى والإبداع لدى الطلاب.
والتركيز على العمليات بالاهتمام بقياس مدى فهم الطالب للمادة وكيفية تطبيقها، وليس فقط بحفظ المعلومات، وأيضا تقليل الضغط النفسى نتيجة توزيع التقييم على مدار العام والذى يخفف من الضغط النفسى الذى يتعرض له الطلاب قبل الامتحانات النهائية.
يشجع النظام الجديد على التعاون بين المعلم والطالب، والذى يخلق تفاعلا أكبر بين المعلم والطالب، مما يساهم فى بناء علاقة تعليمية أكثر فعالية.
ومن جهة أخرى تظهر سلبيات النظام الجديد من خلال زيادة الأعباء، حيث يشعر بعض الطلاب وأولياء الأمور بأن النظام الجديد زاد من أعباء الدراسة، لأنه يتطلب إنجاز العديد من المهام والواجبات خلال العام، وقد لا يتوفر لدى جميع الطلاب الموارد اللازمة لإنجاز المشاريع والأنشطة المطلوبة، مما يؤدى إلى تفاوت فى الأداء وخلق حالة من عدم المساواة،
كما يصعب مقارنة أداء الطلاب بين المدارس المختلفة وبين السنوات الدراسية المختلفة، بسبب تنوع الأدوات والأساليب المستخدمة فى التقييم، وهنا تظهر صعوبة المقارنة.
وأيضا التركيز على الكم بدلاً من الكيف، ففى بعض الأحيان، قد يركز المعلمون على كمية العمل المنجز أكثر من جودته، وعدم الاستعداد الكافى فقد لا يكون بعض المعلمين مستعدين بشكل كامل لتطبيق النظام الجديد، مما يؤثر على فعاليته.
إن نظام التقييم والأداءات الصفية والمنزلية الجديد يمثل نقلة نوعية فى منظومة التعليم، فهو يسعى إلى توفير بيئة تعليمية محفزة للتعلم المستمر والتطوير الذاتى. ورغم وجود بعض التحديات التى تواجه تطبيقه، إلا أن مزاياه العديدة تجعله يستحق الاهتمام والدراسة. من خلال التعاون بين المعلمين والإدارات المدرسية وأولياء الأمور، يمكن تجاوز هذه التحديات وتحقيق الأهداف المنشودة من هذا النظام.
إن الانتقال إلى نظام تقييم شامل يمثل تحديًا كبيرًا، ولكنه يمثل أيضًا فرصة لتحقيق نقلة نوعية فى العملية التعليمية. من خلال تضافر جهود جميع المعنيين، يمكننا بناء نظام تقييم عادل وفعال يساهم فى تطوير قدرات الطلاب ومهاراتهم، ويؤهلهم لمواجهة تحديات المستقبل.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصحيح مسار محمد على محمد فلسفة التعليم النظام الجدید نظام تقییم
إقرأ أيضاً:
سوريا محور المقاومة وأولويات النظام الجديد
من جملة الإنجازات التي تحدث عنها ممثل المعارضة الذي استلم الحكم بعد رحيل النظام، ذكر أحمد الشرع –الجولاني سابقا- طرد الإيرانيين وحزب الله من سوريا باعتبار أنهما كانا داعمين للنظام السابق وهو مؤشر جيد للمعارضة في سبيل استقلال القرار بعيدا عن التدخل من الآخرين .
لكن في المقابل رحب بالوجود للكيان المحتل وأبدى استعداده فتح صفحة من التعاون مع العدو الصهيوني رغم استغلاله ظروف الحرب ليستولي على مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة التي حددها وأيضاً قيامه بتدمير أكثر من 80% من القدرات العسكرية والاستراتيجية السورية .
ولم يتحدث عن الاحتلال الأمريكي الذي استولى على حقول النفط وأسس قواعده لاستكمال السيطرة عليها بعد أن سيطر على نفط العراق؛ ومثل ذلك القواعد العسكرية الروسية التي كان لها دور بارز في إسناد النظام .
تركيا التي مكنته ودعمته أيضا؛ أما دول الخليج التي مولت صفقات الأسلحة ونفقات المسلحين، فإنها لن تكسب شيئا، لأن الغرب سيعمل على التحكم بتلك المجاميع حتى لو تكفلت دول الخليج بالتمويل.
سوريا بتاريخها العظيم والعريق في عصور ما قبل الحضارة الإسلامية وفي الإسلام، كانت ومازالت مركزا مهما في ماضيها وحاضرها، وعند التأمل في وثائق الشرق والغرب التي تتحدث عن سوريا نجد وثيقتين مترابطتين تحتويان تقريبا على ذات الأهداف رغم تباينهما لذلك نتعرف على أهم ما جاء فيهما حتى نتعرف على بعض خلفيات الصراع هناك:
في الوثيقة الأولى: التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع عشر عبارة عن وصية القيصر الروسي بطرس الأكبر الذي يعده المؤرخين مؤسس روسيا الحديثة وفي البند الثامن منها : ضرورة توسيع النفوذ الروسي تدريجيا شمالاً نحو بحر البلطيق وجنوبا نحو البحر الأسود .
وفي التاسع: التوسع إلى إسطنبول لأن من يحكمها يحكم العالم؛ ومد النفوذ إلى الهند؛ ولا بد من شن الحروب المتتابعة على الدولتين العثمانية والإيرانية والاستيلاء على أراضيهما بعد إضعافهما والوصول إلى خليج البصرة والاستيلاء على ممالك التجارة القديمة إلى بلاد الشام وصولا إلى الهند ولابد من طرد الأتراك من القارة الأوروبية.
الوثائق الأوروبية الغربية التي أعدتها وزارة المستعمرات البريطانية تتوافق مع الوثيقة الروسية، تحدثت عن الموضوع ذاته ففي الأوامر السرية التي أوردها (المبشر همفر) نجد الآتي:-
-إثارة النزاعات والخلافات الشديدة بين الدولتين (التركية والفارسية) وإذكاء نار الطائفية والعرقية؛ وإشعال النزاعات بين كل متجاورين من القبائل والشعوب العربية والإسلامية؛ وإحياء المذاهب الدينية حتى البائدة وإثارة النزاعات بينها.
-التخطيط لتبضيع حكومتي الإسلام التركية والفارسية إلى أكبر عدد ممكن من الحكومات المحلية الصغيرة المتنازعة كما هو الحال في الهند انطلاقا من قاعدة فرّق تسد وفرّق تُحطّم.
الاتفاق بين الشرق والغرب وفقا للوثيقتين كان في القرن السابع عشر وكانت محصلة الاستفادة في القرن الثامن عشر وحتى الآن ولازالت آثاره تشكل العائق الأساسي أمام كل مشاريع التكامل والتوحد للامتين العربية والإسلامية .
كانت السرية سائدة في العلاقات الدولية باعتبار أن عصبة الأمم نشأت كتطور للنادي المسيحي الذي كان يضم دول أوروبا دون بقية العالم ، لكن تم تسريبهما بعد أن اطمأن المتحالفون إلى قدرتهم على تنفيذهما وخاصة بعد تغلغل عملائهم في الخلافة العثمانية والإيرانية وفي الوطن العربي والإسلامي.
في خطة وزارة المستعمرات البريطانية تحت عنوان “الأوامر السرية” وضعت المنطلقات لتنفيذ تلك الأهداف السابقة، فبعد تحديد جوانب القوة والضعف التي تم التركيز على تنميتها وتوسيعها لتشمل كافة المجالات كما يلي:-
زيادة الاختلافات وتركيزها بتكثير سوء الظن بين الفئات المتنازعة ونشر الكتب التي تغذي هذه الاختلافات وبذل المال الكثير لإتمام التخريب والتفريق.
وفي الأوامر السريه-1-التعاون الأكيد مع روسيا القيصرية للاستيلاء على كل المناطق الإسلامية المحادة لها من بخاري وكذلك الاستيلاء على بلاد الترك المجاورة لروسيا.
2- التعاون مع فرنسا وروسيا لوضع خطة شاملة لتحطيم العالم الإسلامي من الداخل والخارج بزرع الجواسيس …وتكوين جيوش كثيفة من العملاء لتشويه تاريخ الإسلام والمسلمين والدس في كتبهم؛ بمعني تزوير التاريخ لصالح إخفاء الحقائق عن الأجيال.
هذه بعض الأهداف التي وردت في وثيقتين مختلفتين في الاتجاه لكن الغاية واحدة، الشعب السوري والأمتان العربية والإسلامية هما المتضررتان من الحرب، أما الأطراف الأخرى فهي مستفيدة من الحرب ومن التدخل ولو وجدت أن تكلفة تدخلها تتجاوز المنافع التي يمكن الحصول عليها فإنها ستغادر من تلقاء نفسها .
فأمريكا في تدخلها استولت على حقول النفط وأمنت الكيان المحتل بعد أن سيطرت على العراق ونهبت ثرواته ومقدراته؛ وروسيا قبلت الدعوة من النظام السابق للمساومة عليه كورقة في طاولة المفاوضات بين أمريكا ودول أوروبا الداعمة لأوكرانيا في حربها معها .
الكيان الصهيوني المحتل هو الوحيد الذي استفاد من وجود النظام ورحيله في الوجود استلم مرتفعات الجولان ووضع المنطقة العازلة وفي رحيله اكمل الاستيلاء على البقية وقام بتدمير الأهداف والأسلحة الاستراتيجية بنسبة تصل إلى 80 % .
التاريخ بالنسبة للسياسة مرجع أساسي لتحديد المواقف والعبر، لكننا وجدنا القيادة السورية الحالية لديها قراءتان للتاريخ، الأول تتجاهله ولا ترغب فيه والثاني تؤمن به وتسعى إليه .
المثال الأول: حديث الشرع- الجولاني- سابقا عن أن الخلافات التي حدثت بين الإمام علي -كرم الله وجهه- ومعاوية والحسين بن على سلام الله عليهما- ويزيد وما ترتب عليها من إجرام في حق بيت آل رسول الله لا تعني له شيئا.
والمثال الثاني: دعوته الكيان المحتل للدخول في علاقات مباشرة معه أو بواسطة أمريكا مع أن الشعب السوري مازال يعاني من الإجرام الصهيوني الأمريكي ضده ولازالت جرائمه تتوالى في فلسطين ولبنان وسوريا حتى اللحظة.
أما عن تحالف الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله مع النظام السابق، فذلك من اجل المقاومة واستعادة الأراضي المحتلة بعد أن اتضحت حقيقة الأنظمة العربية أنها تدين بالوجود والولاء للحلف الصهيوني الصليبي ولا تخرج عن سياساته.
لقد عملت الأنظمة المتصهينة على محاربة المقاومة خدمة لليهود وحاصرت كل القوى الوطنية وأرغمتها على قبول الحلول التي تريدها .
لكن التساؤل هنا هو: كيف يطلب السلام مع الكيان المحتل؟، وهل سيعيد الجولاني-الجولان- بناء على ذلك لأنه -الكيان- يعتبر الاستيلاء عليها أساسا ضمن مشروعه لإقامة إسرائيل الكبرى التي اعلن عن تأٍسيسها «نتن ياهو» وبسط خارطتها أمام العالم وهو امر لا تختلف عليه سلطة الإجرام ومعارضته في فلسطين المحتلة وهو أيضا وعد الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بضرورة توسيع أراضي الكيان المحتل على حساب الأراضي العربية .
إسرائيل توسعت وأمريكا اطمأنت وروسيا اشمأزت وتركيا وصهاينة العرب استبشروا أنهم ليسوا وحيدين في دخول حظيرة التطبيع ومحور المقاومة خابت آماله بسبب تصريحات وتوجهات فصائل الحكم اليوم معارضه الأمس.
التنمية وإعادة الإعمار تحتاجان إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام وهي خطوات ممكنة إذا صدقت النوايا وطابقت الأقوال الأفعال وغلبت المصلحة الوطنية على كل ما عداها، أما إن تنازعت واختلفت فلن يتحقق شيء، لأن المتربصين كثر وأولهم واقذرهم على الإطلاق الحلف الصهيوني الصليبي وصهاينة العرب خاصة.
أما روسيا التي خسرت من رحيل نظام الأسد فإنها وإن حققت انتصارات نوعية في أوكرانيا التي تدعمها أوروبا وأمريكا، فإن بقاء القواعد العسكرية في سوريا مسألة وقت لا أكثر .
وأما سعي النظام الجديد في دمشق للدخول في علاقات مع الكيان المحتل فإن ذلك يتناقض كلياً مع توجهات الشعب السوري وقيمه ومبادئه ذات المنطلقات العربية والإسلامية.