قادر على توسيع عملياته.. هكذا يرد حزب الله على ضربات الاحتلال
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
شدد مقال نشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" على قدر حزب الله على تحويل الحرب مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "صراع طويل الأمد"، وذلك على الرغم من الضربات "المؤلمة" التي تعرض لها خلال العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.
وقال الكاتب جاريد مالسين في مقاله الذي نشره في الصحيفة المشار إليها وترجمته "عربي21"، إن "حزب الله وبعد تعرضه لسلسلة من الضربات المؤلمة من جانب إسرائيل، يقاوم فيشن كمائن على القوات الإسرائيلية في لبنان ويكثف الضربات بالمسيّرات والصواريخ في عمق إسرائيل".
وأضاف أن "هذه الهجمات تظهر حزب الله، على الرغم من إضعافه بسبب الضربات الإسرائيلية التي قتلت جيلا من كبار قادته ودمرت بعض أسلحته، لا يزال قادرا على تحويل أعنف صراع في لبنان منذ عقود إلى صراع طويل الأمد بالنسبة لإسرائيل".
وقد أصاب هجوم بمسيّرة لحزب الله خلال عطلة نهاية الأسبوع مقر إقامة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في قيسارية في وسط إسرائيل، على بعد أكثر من 40 ميلا من الحدود اللبنانية، وهي المرة الثانية في أسبوع التي أظهرت فيها المجموعة قدرة على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية باستخدام المسيّرات، حسب المقال.
وأسفر هجوم قبل ذلك بأيام عن مقتل أربعة جنود إسرائيليين في قاعدة لوحدة النخبة العسكرية، أيضا في وسط "إسرائيل".
والاثنين، نشر حزب الله لقطات فيديو قال إنها أظهرت قصف مجموعة من الجنود الإسرائيليين في قرية رامية في جنوب لبنان. ويبدو أن الفيديو، الذي تم تصويره من الصاروخ نفسه، يظهر استخدام صواريخ مضادة للدبابات موجهة من قبل الجماعة، والتي كانت أسلحتها الأكثر فتكا في الحرب الأخيرة التي خاضتها مع "إسرائيل" في عام 2006، وفقا للمقال.
وذكر الكاتب أن وتيرة إطلاق حزب الله للصواريخ ارتفعت مؤخرا، حيث أطلقت الجماعة 200 صاروخ وقذيفة كل يوم خلال عطلة نهاية الأسبوع و140 يوم الثلاثاء، وفقا للجيش الإسرائيلي. وخلال الأسابيع السابقة، كان متوسطها بضع عشرات فقط في اليوم.
ووفقا للمال، فلا يزال عدد عمليات إطلاق حزب الله أقل مما توقعه المسؤولون الإسرائيليون في حالة اندلاع حرب واسعة النطاق، وهي علامة على تدهور قدرات الجماعة. ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن معظم هجماته يتم اعتراضها من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بتكلفة تبلغ حوالي 100 ألف دولار لكل طائرة بدون طيار وما يصل إلى عدة ملايين من الدولارات لكل صاروخ تسقطه.
ومع ذلك، يُظهر حزب الله قدرته على إعادة التجمع بسرعة تحت الضغط. ويقول المحللون العسكريون إن وحداته المسلحة تدربت على العمل بدرجة ما من الاستقلالية، مما يجعل من الأسهل عليها الاستمرار في القتال حتى عندما يُقتل كبار القادة ويتم تعطيل الاتصالات الداخلية، وفقا للكاتب.
وشدد المقال على أن هذه القدرة على البقاء والاستمرار في القتال تزيد من خطر قيام "إسرائيل" بإرسال جيشها إلى صراع دموي وطويل الأمد.
ونقل المقال عن ريم ممتاز، المحللة الأمنية المقيمة في باريس وتعمل مع معهد كارنيغي أوروبا للسياسات، قولها "لا يزال حزب الله لديه استراتيجيته الأساسية، وهي التمسك بأرضه في الجنوب في مواجهة أي نوع من الهجوم البري أو التوغل أو التقدم الإسرائيلي. إنه موطن حزب الله. إنهم يعرفون كل زاوية وركن، وسوف يستخدمون هذه الميزة".
ويأتي أحدث توسع في الأعمال العدائية بعد أن قتلت "إسرائيل" زعيم حماس يحيى السنوار في غزة، وهي الحادثة التي اعتقد بعض المحللين أنها قد توفر مخرجا لنتنياهو لإنهاء الحروب في كل من غزة ولبنان. وقال نتنياهو في اليوم التالي إن الحرب ستستمر، في حين تعهد حزب الله بتصعيد رده على غزو إسرائيل للبنان.
وأشار الكاتب إلى أن القادة الإسرائيليين بدأوا في الحديث عن أهداف أكثر طموحا لهجومهم الأخير، إلى جانب هدفهم المعلن الأولي المتمثل في جعل المجتمعات في شمال إسرائيل آمنة. وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسبوع غارات جوية على فروع بنك تابع لحزب الله، والتي قال مسؤولون إسرائيليون إنها كانت تهدف إلى تقويض قاعدة دعم الجماعة الإسلامية.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير، إن "القتال هناك معقد للغاية. والهدف هو شل حزب الله بشدة من أجل تغيير ميزان القوى في لبنان"، وفقا للمقال.
حتى الآن، كانت إسرائيل قادرة على استخدام مزاياها، بما في ذلك القوة الجوية وعمليات الاستخبارات والمراقبة المتطورة، لوضع حزب الله في موقف دفاعي.
ويقول المحللون العسكريون إن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى تدهور قوة حزب الله الصاروخية.
وبحسب المقال، فقد جعلت المراقبة الإسرائيلية، بما في ذلك التنصت الإلكتروني والمسيّرات التي تحوم باستمرار في سماء لبنان، من الصعب على المجموعة استخدام منصات إطلاق الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى. تستغرق هذه المنصات وقتا أطول للإعداد من الأسلحة قصيرة المدى، مما يعرضها للغارات الجوية الإسرائيلية بمجرد اكتشافها.
وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه دمر نحو 50% من مخزون حزب الله من الصواريخ.
وبحسب محللين عسكريين ودبلوماسيين، فإن حزب الله لا يزال قادرة على استيراد المزيد من الأسلحة لتحل محل بعض ما تم تدميره، وخاصة عبر الحدود مع سوريا، ولديه عمليات جاهزة لاستبدال كبار القادة الذين اغتيلوا.
ونقل المقال عن دانيال بايمان، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ومسؤول سابق في الحكومة الأمريكية، قوله "إنها مجموعة (حزب الله) قادرة على التكيف. إنها ذكية للغاية. إنها مصممة للغاية. إنهم على استعداد لتحمل الخسائر. لن أستبعد حزب الله أبدا، لكنني أعتقد أنهم تعرضوا لضربة شديدة".
وأظهر حزب الله أنه قادر على توسيع هجماته إلى عمق إسرائيل. خلال الأسبوع الذي بدأ في الثاني والعشرين من أيلول/ سبتمبر، أي بعد نحو أسبوع من هجوم إسرائيل باستخدام أجهزة النداء، بلغ متوسط عمق ضربة حزب الله نحو 17 ميلا داخل إسرائيل، وفقا لبيانات من موقع بيانات الأحداث والصراعات المسلحة وجمعها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وهذا أعلى من متوسط نحو 2.4 ميلا على مدى ما يقرب من عام من القتال عبر الحدود في السابق.
وذكر الكاتب أنه من المرجح أن يأتي الاختبار الحقيقي لكل من الجيش الإسرائيلي وحزب الله، إذا ما اختار قادة إسرائيل إرسال قواتهم إلى عمق أكبر داخل الأراضي اللبنانية، حيث يتمتع مقاتلو حزب الله بميزة القتال على أرضهم.
حتى الآن، دخلت القوات الإسرائيلية ثماني قرى على الأقل، وكلها على بعد ميل واحد من الحدود، وفقا لتصريحات "إسرائيل" وحزب الله وتحديد موقع الجنود الإسرائيليين من قبل شركة Le Beck، وهي شركة استشارية استخباراتية.
واستخدمت قوات حزب الله قنابل يتم تفجيرها عن بعد وقذائف الهاون والصواريخ للرد، وفقا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين.
ويقول حزب الله إن نهجه في التعامل مع الحرب في الجنوب كان يتلخص في التراجع في البداية قبل زيادة الهجمات على الجنود الإسرائيليين الغزاة، وهو ما يتفق مع نهجها في بعض المعارك في حربها مع إسرائيل عام 2006. ثم قام مقاتلو حزب الله بنصب كمين للقوات الإسرائيلية في المدن والقرى في الجنوب، وفقا لجنود وضباط إسرائيليين سابقين شاركوا في الحرب.
وقال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في خطاب متلفز في 15 تشرين الأول/ أكتوبر: "مهمة المقاومة هي ملاحقة الجيش وتنفيذ عمليات ضده أينما تقدم. والشباب ينتظرون المزيد والمزيد من الاشتباكات".
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مقتل 17 جنديا في جنوب لبنان وخمسة آخرين في شمال إسرائيل وعلى طول الحدود اللبنانية، بالإضافة إلى الأربعة الذين قتلوا في غارة بمسيّرة شنها حزب الله على قاعدة لواء المشاة جولاني العسكرية في إسرائيل هذا الشهر، حيث تمكنت المسيرة من المرور دون اكتشاف القوات الإسرائيلية قبل أن تضرب قاعة طعام بينما كان الجنود يتناولون العشاء، مما أدى أيضا إلى إصابة أكثر من 60.
ولفت المقال إلى أن المسيرات تعد واحدة من التحديات المحتملة الرئيسية لإسرائيل، موضحا أن دفاعات "إسرائيل" الجوية متعددة الطبقات مصممة لمنع الهجمات الصاروخية من غزة ولبنان، ومؤخرا من إيران، ولكنها واجهت صعوبة في إسقاط الطائرات بدون طيار التي تحلق ببطء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية حزب الله الاحتلال اللبنانية لبنان حزب الله الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال الإسرائیلی حزب الله
إقرأ أيضاً:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابق: تعرضت للتهديدات وكنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقا للقانون
قالت الدكتورة فاتو بنسودة، المدعى العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامى الجامبى لدى المملكة المتحدة حالياً، فى أول حوار لها فى وسائل الإعلام بعد انتهاء عملها فى المحكمة، إنها اتخذت القرار الصحيح بفتح تحقيقات عن الوضع فى فلسطين، مشيرة إلى أنها تعرضت لتهديدات من أمريكا وإسرائيل بسبب فتح قضية الجرائم الإسرائيلية بالأراضى الفلسطينية.
وأضافت، فى حوار لـ«الوطن»، أنها تعرضت للتهديدات هى وزوجها وأفراد عائلتها لترك القضية وعدم الاستمرار فيها، لكنها كانت واثقة بشكل كامل أنها على الطريق الصحيح ولم تلتفت للتهديدات، موضحة أن الجرائم الإسرائيلية خلال فترة عملها أوسع مما يحدث الآن، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء حكمه فرض عقوبات عليها وعلى زميل لها فى قسم الاختصاص، لكنها لم تتوقف لأنها كانت متأكدة أن ما تفعله هو الصواب.. وإلى نص الحوار:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابقمتى بدأ عملكِ فى المحكمة الجنائية الدولية؟
خدمت فى المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2004، وتم انتخابى نائباً للمدعى العام فى عام 2004، ثم عملت حتى عام 2011 مع المدعى العام حينها حتى أكمل فترة ولايته كاملة، ثم أُعيد انتخابى، وانتُخبت مرة أخرى كمدعٍ عام رئيسى، ومن هنا بدأت خدمتى فى عام 2012 حتى انتهيت فى عام 2021، وأمضيت ما يقرب من 18 عاماً فى المحكمة.
هل حاولت فلسطين رفع قضية ضد إسرائيل فى المحكمة من قبل؟
نعم، خلال عام 2009 حاولت فلسطين رفع قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن فى ذلك الوقت لم تكن فلسطين دولة طرفاً فى نظام روما الأساسى، وهو النظام الذى بموجبه تعمل المحكمة، وإذا لم تكن دولة عضواً فإن «الجنائية الدولية» ليس لها ولاية قضائية على أراضيك، لذا عندما حاولوا القيام بذلك فى عام 2009، قرر المدعى العام السابق وجميعنا فى ذلك الوقت أننا لا نستطيع تولى القضية لأنهم لم يكونوا دولة طرفاً فى نظام روما، وكان علينا رفض القضية.
فلسطين حاولت رفع قضية أمام «الجنائية الدولية» خلال عام 2009ماذا حدث بعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية؟
فى عام 2015 انضمت فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسى، وقدمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة طلباً بانضمامها مصحوباً بإعلان مخصص تقبل بموجبه الدولة ولاية المحكمة على الأحداث هناك، وقدموا صكوك التصديق الخاصة بهم لدى الأمين العام لأن هذا هو الإجراء الذى يجب اتباعه، وحينها أصبحت دولة عضواً، وفى الوقت نفسه أصدروا إعلاناً بقبول اختصاص المحكمة.
كيف تعاملت مع انضمام فلسطين إلى الجنائية الدولية؟
لقد اتخذت القرار فى عام 2015 بفتح تحقيقات فى الوضع بفلسطين، وكان ذلك أول فحص وتحقيق بدأته، حينها كان هناك الكثير من المناقشات والجدال حول ما إذا كان بإمكانى أو لا ينبغى لى القيام بذلك، لأن فلسطين لم تكن دولة، لكننى أخبرتهم، وجادلت بأننى لست هناك لتحديد دولة فلسطين، لكننى هناك لتحديد ما إذا كان من الممكن الآن ممارسة اختصاص المحكمة فى فلسطين، و2019 تقدمت بطلب إلى القضاة أطلب منهم السماح لى بفتح تحقيق فى فلسطين، كنت أرغب فى ذلك بشكل كبير، وقررت التواصل مع القضاة حتى يتمكنوا من إعطائى الإذن أو إخبارى بأن الطريق الذى أسير فيه هو الطريق الصحيح، وقم تم بالفعل.
بنسودة: كنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقاً للقانون والأدلةهل تعرضتِ لضغوطات من داخل المحكمة أو الولايات المتحدة للعدول عن قرارك؟
بالفعل خلق تحركى بشأن فلسطين والتحقيقات فى الأوضاع هناك الكثير من الجدل، وانضمت العديد من الدول وقالت إنه لا يمكننى القيام بذلك، وقال لى البعض إننى لا أستطيع أن أفعل ذلك، وهناك من دعمنى، وهناك من لم يدعمنى، لكننى كنت واثقة بشكل كامل أننى على الطريق الصحيح، واستمررت فى القضية حتى عام 2020، وواجهت ضغوطات كما واجه مكتبى الضغوطات نفسها وقالوا إنه لا يجب أن أفتح القضية فى فلسطين، وهددونى بأنهم سيعاقبوننى إذا مضيت قُدماً فى القضية، لكننى واصلت ولم ألتفت لكل هذه الأمور، لأننى أعتقد أن هذا هو الشىء الصحيح الذى يجب القيام به، لذلك فرض الرئيس الأمريكى وقتها دونالد ترامب عقوبات علىَّ وعلى زميل آخر لى فى قسم الاختصاص، لكن كل ذلك لم يوقفنى لأننى أعلم أن ما أفعله هو الصواب، لقد كنت على حق وفقاً للقانون، ووفقاً للأدلة.
بنسودة: فُرضت عليّ عقوبات بسبب فتح قضية فلسطين أمام المحكمةكيف بدأت التحقيق بشأن الأوضاع والانتهاكات الإسرائيلية فى فلسطين؟
بعد وصول الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى السلطة، رفعوا العقوبات عنى وعن زميلى، وقرر القضاة إعطائى السلطة القضائية لفتح الوضع فى فلسطين، وقبل مغادرتى فتحت القضية لأنه يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل للتحقيق فيها، وأعتقد أن هذا مهّد الطريق لخليفتى المدعى العام الحالى ليكون قادراً على التحقيق فى الوضع وتوجيه الاتهامات، ومع مرور الوقت والتطورات الحالية وجَّه خليفتى اتهامات ضد نتنياهو وجالانت وآخرين، وأعتقد أن القضية مستمرة ولن تنتهى، ربما يكون أحد التحديات التى سنواجهها هى الاعتقالات، ولكن على الأقل كانت القضية مفتوحة وتم إصدار أوامر.
بنسودة: ما حدث في فلسطين خلال فترة ولايتي أفظع مما يحدث اليومما هى الاتهامات التى تم توجيهها لإسرائيل أثناء عملك كمدعٍ عام للمحكمة؟
ما يحدث فى غزة وفلسطين أمر فظيع ولا يمكن القبول به، ويتم ارتكاب العديد من الجرائم فى هذه الحرب، الوضع هناك لا يطاق، لكن خلال ولايتى كانت الجرائم التى طلبت توجيه اتهامات بسببها أوسع بكثير مما تم توجيه الاتهامات بسببه خلال الأحداث الجارية، لأننى فى ذلك الوقت طلبت التحقيق فى قضية المستوطنات الإسرائيلية التى كانت تحدث وجرائم أخرى، ولكن فى القضية المرفوعة حالياً، أعتقد أنها تقتصر على الجرائم التى حدثت منذ السابع من أكتوبر فقط، لذا هذا هو الفرق بينى وبين خليفتى، ربما يتم توجيه اتهامات أخرى فى المستقبل لكننى أدرك أن ما أردت أن أبحث فيه فى ذلك الوقت كان أوسع مما هو متهم به الآن.
تعرضت للتهديدات هي وأسرتها لإسقاط القضيةهل تعرضت للتهديدات من الولايات المتحدة وإسرائيل؟
نعم تعرضت لتهديدات عديدة، وليس أنا وحدى، بل وأسرتى، لقد كان وقتاً صعباً وعصيباً جداً بالنسبة لى، كانت هذه التهديدات فقط من أجل إسقاط القضية، وبالإضافة إلى العقوبات التى فُرضت ضدى، تم حظر حسابى المصرفى، وتأشيرتى إلى الولايات المتحدة، رغم أننى كانت لدىّ التزامات وكنت أريد إبلاغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما يحدث معى ولكن تم إلغاء تأشيرتى وبالطبع هناك بعض الأشخاص أو بعض الدول التى دعمت ذلك، وحاولت إسرائيل بطريقة ما التأثير علىَّ لعدم الاستمرار فى القضية، لكننى لم أتعامل مع كل ذلك على محمل الجد، أعلم أنه كان لدىَّ واجب ومسئولية للقيام بما كان من المفترض أن أفعله بصفتى المدعى العام الرئيسى فى هذا الموقف، لذلك مضيت قُدماً وقمت بعملى، وكان الأمر صعباً، وأثناء عملى كان من الصعب تكليف موظفىّ، وخاصة أولئك الذين هم من أمريكا، لأنهم سيتأثرون بشكل مباشر بالعقوبات التى فرضتها حكومة دونالد ترامب علىّ فى ذلك الوقت، وظلت العقوبات حتى جاء جو بايدن.
نشرت صحيفة جارديان منذ أشهر عن التهديدات التى تعرضت لها.. هل ما نُشر عنك حقيقى؟
أعتقد أن الصحفيين فى «جارديان» أجروا الكثير من الأبحاث خاصة فى مدينة لاهاى بهولندا، وهو مقر المحكمة، لأننى عندما تلقيت التهديدات أبلغت مكتبى وأفراد الأمن فى مكتبى وأبلغنا السلطات الهولندية بهذا الأمر، فكل ما نُشر وما قيل صحيح وأؤكد أنه صحيح، لقد تعرضت لهذه التهديدات وكذلك أفراد عائلتى، وحاولوا العثور على أدلة ضدى ربما أكون قد فعلت شيئاً ما أو أن زوجى فعل شيئاً وكانوا سيستخدمونه ضدى، والسبب الرئيسى وراء كل ما حدث هو ترك القضية وعدم الاستمرار فيها، وأشكر الله أننى تمكنت من المضى قدماً والاستمرار على الرغم من كل التهديدات التى وُجهت لى.
كيف تعلقين على التهديدات التى تطال المحكمة بعد قرار اعتقال نتنياهو وجالانت؟
لا ينبغى لنا إطلاقاً السماح لأى حسابات سياسية بالتأثير على المحكمة وعلى صنع القرار، ويجب على جميع الدول الموقعة على نظام روما الأساسى أن تتعاون وتحمى المحكمة من الضغوطات والتهديدات والتلاعب بقراراتها، ويجب أن نحمى المحكمة والعاملين بها للقيام بوظائفهم دون أى ضغوطات سياسية.
بنسودة: هناك أفريقيا إيجابية.. وأخرى سلبيةكيف ترين مستقبل أفريقيا فى ظل الصراعات المتنامية والداخلية؟
أفريقيا تنقسم لنصفين، أحدهما إيجابى والآخر سلبى، وما يتعلق بالسلبى، أنه ما زالت هناك الصراعات السيئة للغاية، وكل هذه الصراعات تؤثر على الأفارقة ويكون الضحايا دائماً من المدنيين، ويكفى ما يحدث فى السودان الآن وتيجراى وأماكن أخرى، وهذا ليس إيجابياً، وأعتقد أنه بصفتنا أفارقة، يتعين علينا إيجاد طريقة لمعرفة السبب الجذرى وراء كل هذه الصراعات ونحاول التعامل معها، لكن على الجانب الآخر هناك بعض الأشياء الإيجابية التى تحدث، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالانتخابات، معظم الأحيان تندلع الصراعات بعد الانتخابات أو محاولة الحصول على السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وإذا نظرت إلى بوتسوانا مثلاً والطريقة التى تحولت بها السلطة بشكل سلمى فهذا أمر جيد، وغانا أيضاً هى مثال آخر، أعتقد أنه منذ أيام فقط فقط كانت السلطة تتغير دون قتال ثم تجد الرئيس المنتهية ولايته والرئيس القادم يجلسان ويتناقشان، وأعتقد أننا يجب أن نحاول كأفارقة قدر الإمكان محاكاة هذا النوع من الأمثلة حتى نتمكن من تجنب الصراعات التى تحدث.
هل سيؤدى التعاون بين أفريقيا وأوروبا إلى التنمية المستقبلية والنمو الاقتصادى للقارة؟
بالطبع سيحدث ذلك، لكن فى أفريقيا نحن بحاجة إلى إعادة ضبط العلاقات التى لدينا، يجب علينا دائماً أن نحاول الوصول إلى وضع مربح للجانبين، فلا ينبغى لنا أن نتعرض للظلم من أجل مصلحة الآخرين، ولأننا كأفارقة لدينا الكثير لنقدمه من حيث الموارد، سواء الموارد البشرية أو موارد أخرى، وهذه القارة لديها ما يكفى بالفعل لتقدمه، نحن بحاجة للبدء فى إقامة تعاون أفضل بين بلدان الجنوب، وأعتقد أن هذا أمر بالغ الأهمية، وعندما نتعامل مع الخارج، أو مع الغرب، فلنتأكد من أننا فى وضع لا نخسر فيه، فنحن يجب ألا نكون فى وضع غير مناسب أو يستفيد فيه شركاؤنا ونحن نخسر، هذا ما يجب على أفريقيا أن تفعله.
السعى للسلطة.. أبرز أسباب الصراعات في القارة السمراءما هو السبب الرئيسى وراء الصراعات فى أفريقيا؟
هناك العديد من الأسباب، ولكن بشكل أساسى السبب محاولة اكتساب السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وهناك أسباب أخرى، على سبيل المثال هناك أسباب اقتصادية، ومن المؤسف أن هناك أحياناً أسباباً قبلية وراء حدوث الصراعات، وفى أغلب الأحيان يكون الهدف هو السيطرة ومحاولة فرضها، سواء كان ذلك على الأراضى، أو الموارد، أو السلطة، أو عدم فقدان السلطة، وهذا هو المصدر الرئيسى للعديد من الصراعات التى نشهدها فى أفريقيا، والتى تتلخص فى القتال على الأراضى أو التنافس على منصب الرئيس.
كيف كان شعورك حين أعلنت مجلة فوربس أنك ضمن الأكثر تأثيراً فى العالم؟
كان خبراً ساراً بالفعل، أعتقد أنه شرف كبير أن أجد نفسى جديرة بالوجود فى القائمة، لكننى أريد أن أذكّرك أنها ليست المرة الأولى، ففى 2015 أدرجتنى مجلة تايم ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم فى عددها السنوى، وذلك بسبب دورى باعتبارى صوتاً رائداً يضغط على الحكومات لدعم السعى لتحقيق العدالة.