قراءة للأديب أيمن دراوشة "جمالية الإنتماء وأصالة التعبير في نص"

في  قراءة ورؤية نقدية للأديب الأردني أيمن دراوشة في نص من وصاياها عن مصر  للأديب المصري أشرف كمال ، اوضح الأديب دراوشة  في مقدمته ، أن النص الذي بين أيدينا يعبّر عن حبّ عميق لمصر، وقد تم تقديمه بأسلوب شعري مؤثر يحمل في طياته رمزية قوية.

جماليات النص...

1. الأصالة والتعبير الوجداني: النص يظهر ارتباطًا عاطفيًا عميقًا بالوطن، والذي يتجلّى من خلال وصف مصر بأنها "أمّ الأنبياء" و"أمّ المغلوبين"، وهو استخدام ذكي للرموز الدينية والثقافية لتعزيز المشاعر.

كما أن تكرار اسم "أشرف" يضيف صدى شخصيًا وقريبًا، مما يعزز من الحميمية والتأثير.

2. الاستعارات الجميلة والتشبيهات المبدعة: النص مليء بالاستعارات المبتكرة مثل "مصر حديث الغريب للغريب" و"رحيل في الأبد بحثًا عن مدى"، وهي تعبيرات تصف مصر بشكل مغاير للحديث التقليدي عنها. هذا يضفي طابعًا أدبيًا مميزًا، حيث تُصوَّر مصر كقصيدة لم تكتمل بعد، مما يعكس عمقها التاريخي والروحي.

3. الانسجام اللغوي والقوة الأسلوبية: النص يتميز بتدفق سلس وجمالية لغوية ملفتة. استخدام العبارات مثل "مصر تعويذة كل الأنبياء" و"لم يداهمها المخاض إلا واقفة" يضفي على النص بعدًا بلاغيًا مميزًا، حيث تمزج بين الصلابة والحنان، بين القوة والعطاء.

4. العمق الروحي والفلسفي: الإشارة إلى مصر كمستقرّ الأنبياء ومركز الصفاء يعكس بُعدًا روحيًا عميقًا. النص لا يقتصر على وصف سطحّي بل يتعمّق في الحديث عن مصر كحاضنة للأديان والحضارات والإنسانية. هذا يُعطي للنص طابعًا تأمليًا يضيف إلى قيمته الأدبية.

5. التركيب والبناء المتماسك: النص يتنقل بسلاسة بين الأفكار، حيث يبدأ بتوجيه النصائح ويصل إلى ذروة التفكر في دور مصر عبر التاريخ. التكرار المتعمّد لبعض العبارات (مثل "أمّك يا أشرف") يعزز من البناء النصّي ويضفي إيقاعًا موسيقيًا يعزّز التأثير العاطفي على القارئ.

في الختام، النص ينجح في نقل إحساس قوي بالفخر الوطني والانتماء، ويجمع بين الشعر والرمزية التاريخية والدينية بأسلوبٍ فني يجذب القارئ.

النص 

من وصاياها...

 لا تحدّث الغرباء عن وطن يا أشرف، إلا أن يكون حديثك مصر ، مصر يا أشرف حديث الغريب للغريب عن وطن ينساب كما اللحن الشجي ، مصر ذاك الحرف العصيّ العنيد العتيّ.

 قصيدة لم تكتمل أبدا،  رحيل في الأبد بحثا عن مدى، عن أمد بعيد، عن مدد. مصر ذاك العناد الصادق يا أشرف، عناد من أجل البقاء رغم زيف الفناء.

 مصر جنة وجنّان، خضّب الله كفّه بالعطاء، مصر يا أشرف تعويذة كل الأنبياء، مستقرّهم الذي لا يوحي إلا بصفاء السريرة. مصر أمّك التي لا ترقد إلا قريرة... مصر أمّ الأنبياء يا أشرف، أمّ المغلوبين والأصفياء، أمّ الحيارى والأشقياء، أمّ بداية لا نهاية لعشقها، أمّ الأغنيات والقصائد وأمّ الشعراء.

 أمّك التي لا يداهمها المخاض إلا واقفة، لم تشك يوما تعساً ولا شقاء يا أشرف، شامخة ككلّ الأمّهات اللاتي أعددن للجنان مواطئ الأقدام ولفافات القلوب الطريّة وخيام الأحلام. ككل الأمّهات شامخة أمّك يا أشرف، يرقد الخلود على صدرها كغيمة تعد الأرض بالسخاء.

 ككلّ الأمّهات الطاهرات الصابرات المكافحات، أمّك يا أشرف، تبسط للتاريخ كفّها فينسكب الحرف مزيج عزّ ونصر وبهاء. 

 كل العظماء الذين مرّوا بعالمنا يا أشرف، توسّدو ركبة أمّك الحنونة ، وتوكّؤوا على أكتافها التي لم ينهكها يوما طول عناء.              

الأديب والصحفي أشرف كمال

المصدر: بوابة الوفد