في القصة الشهيرة المعروفة أن الملك الجديد أراد تنحية وزير والده الراحل لأن رأيه فيه يختلف عن رأي والده، وأراد أن يقيم عليه الحجة ويقيله بصورة مقنعة ومبررة، فأنفق زمانا طويلا في تدريب مجموعة من القطط (السنانير) على حمل الشموع والاستعراض بها، على أيدي مجموعة من أمهر المدربين الذين تم استجلابهم لهذا الغرض، وبعد أن أطمان على ما وصلته هذه القطط من مستوى، قام بدعوة الوزير وسأله في المجلس الجامع عن رأيه في أيهما أغلب الطبع أم التطبع؟ فبادر الوزير بالإجابة: بل الطبع أغلب، وهنا انفرجت أسارير الملك الجديد، وأيقن أنه قد اقترب من هدفه، فصفق بيديه مشيرا بدخول مجموعة القطط وبيدها الشموع، ثم التفت إلى الوزير سائلا في تهكم: متى كان أبو هذه القطط (السنانير) شماعاً؟ فأدرك الوزير المغزى على الفور، وطلب منه مهلة حتى الغد ليجيبه.

وفي غد وبعد انعقاد مجلس الملك حضر الوزير واستأذن الملك في أن يأمر بدخول القطط، التي ما إن دخلت تحمل شموعها حتى قام بإطلاق فأر كان يخفيه في طيات ثيابه، فألقت القطط الشموع واستبقت نحو الفأر. ففهم الملك رسالة الوزير ورده العملي بأن كشف أن الطبع أغلب من التطبع.

هذه القصة بحذافيرها تمثل تلخيصا لقصة مليشيا حميدتي مع كيكل، فقد ظل حميدتي على مدار خمسة أعوام يبني شبكة عريضة من التحالفات المجتمعية والقبلية خارج نطاق حاضنته الإثنية بإغراءات المال والسلطة، ويعدها ذخرا ليوم تمرده الأسود ومحاولة بسط سيطرته على كامل الدولة السودانية، وقد ظل كثير من هذه المكونات المستمالة تقاتل في صفوف المليشيا أو توفر لها الغطاء والسند في مناطق واسعة بصورة شديدة التأثير والفاعلية كما هو معلوم،

حتى جاءت لحظة استسلام المتمرد كيكل وتسليمه للجيش السوداني فإذا بكل ما بناه حميدتي في خمس سنوات يسقط ويتداعى في بضع ساعات، حيث انقلب السحر على الساحر وأعلنت المليشيا – تحت وطأة الصدمة التي ردتها إلى حقيقة ما تخفيه في قرارة نفسها – كفرها الصريح بكل حلف أو نصير من خارج عصبة (عيال جنيد) أو العطاوة، بل وشرعت في تخوين وتعذيب وتصفية كل من لا ينتمي لهذه المجموعة الإثنية في صفوفها، وكتبت بيدها نهاية هذا الزواج العرفي البغيض بصورة سوف تكون هي مقدمة انهيار قلعة الرمل الدراماتيكي، على طريقة الجسم البشري حينما يحدث ردة فعل مناعية ذاتية تؤدي إلى موته.

لن تجد المليشيا الوقت الكافي حتى تكتشف وتستبين أن واقعة استسلام كيكل كانت بمنزلة القنبلة العنقودية التي ظلت انفجاراتها تتوالد حتى كتبت فناءها الأبدي واقتلاع مشروعها الأثيم من الجذور.

خروج كيكل مثَّل نقطة تحوُّل كبرى لمليشيا آل دقلو، حيث اختارت أن تنتهي بعده – بصورة درامية – إلى محض تمرد قبلي لا يقبل التنميق أو التسويق تحت أي لافتة أخرى

Zuhair Abdulfattah Babiker

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

كيكل يكشف عن 5 الاف جندي لمهمة حاسمة

متابعات تاق برس- قال قائد قوات درع السودان – المقاتلة بجانب الجيش السوداني أبو عاقلة كيكل، إنه جهز قوة من 5 آلاف جندي بكامل عتادهم، لفك الحصار عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

 

وأضاف كيكل في خطاب حاشد بمحلية أم القرى بولاية الجزيرة: “سنتوجه إلى الفاشر لفك حصارها من قوات الدعم السريع، ولن نتوقف إلا في أم دافوق”.

 

وتفرض قوات الدعم السريع حصارا خانقا على مدينة الفاشر منذ نحو عام، وسط نزوح الآلاف من سكان المدينة صوب مناطق في الإقليم ومقتل المئات جراء القصف المتواصل بالدانات والأسلحة الثقيلة.

 

الفاشركيكل

مقالات مشابهة

  • كلمات على غوغل تعرض حسابك للخطر
  • عندما هتف الكيزان ( حميدتي لحماية الاسلام)
  • مطروح تستقبل أولى رحلات الطيران السياحى القادمة من انطاليا بتركيا
  • الوزير الشيباني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون
  • اليوم هم ضد كيكل، ولكنه متى تمرد على الدولة فهم جاهزون للتحالف معه
  • يجب ان تقوى قوات درع السودان بقيادة كيكل عدداً وعدة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: محاكمة حميدتي بين قانونين
  • كيكل يكشف عن 5 الاف جندي لمهمة حاسمة
  • «الدنيا دي غريبة أوي».. حورية فرغلي تثير الجدل بصورة مع باسم سمرة (صور)
  • ماركا تُشعل الجدل بصورة أنشيلوتي الغاضب! .. صورة