سواليف:
2024-11-01@19:37:16 GMT

ماذا بعد السنوار (جيفارا) فلسطين؟

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

ماذا بعد #السنوار (جيفارا) #فلسطين؟ _ د. #منذر_الحوارات

سادت لحظات من الصمت لدى الملايين في فلسطين والعالم بُعيد الإعلان عن استشهاد يحيى السنوار، فالبعض لم يستطع تصديق الخبر والبعض الآخر لم يُرِد، إذ كيف يموت رجل صنع المجد بالنسبة للملايين؟ فهو من صمم وفعل أسطورة السابع من (أكتوبر) الذي يعتبره أغلب الفلسطينيين أسطورتهم وملحمتهم الخالدة عبر عقود الصراع الطويلة، فهو بالنسبة لهم لحظة فارقة بين ماضيهم وحاضرهم أثبتت لهم أنهم قادرون على النيل من العدو وإيلامه بالرغم من كل ما يمتلك من قوة وعنجهية، فكانت لحظة “الطوفان” هي التعبير الأمثل عن فشة الغل عن كل ما جرى من قهر وظلم، وكيف لا وهم يشاهدون بأمّ أعينهم عدوهم وهو يترنح لساعات لا يلوي على هدف، لذلك رسم الفلسطينيون صورة في مخيالهم لهذا الرجل تتناسب مع هول ما فعل، وعند استشهاده رسمت الأقدار صورة موته بطريقة يستحيل حدوثها بمثل هذا الكبرياء حتى لو فعلها شخص لنفسه، لقد شكلت لحظة ارتقائه ملحمةً سيخلدها محبوه وحتى كارهوه على مدى عقود طويلة.

لقد قضى الرجل لأجل حلم أيده فيه الكثيرون وعارضه عدد غير قليل، فمن أحبوه كانوا منسجمين مع فكرة أن التحرر من الاحتلال يتطلب تضحيات هائلة لا يجب الوقوف عند أرقامها مهما كانت الخسائر، لأنه حسب رأيهم لا يمكن الحصول على التحرر دونها، أما من عارضوه فمبدأهم في ذلك أن الصراع الطويل مع دولة الاحتلال أثبت أن استخدام القوة ضدها لا يصب إلا في صالحها بحكم ما تمتلكه من قوة نارية هائلة ودعم دولي غير محدود بالذات من الولايات المتحدة، وأن هذا العدو قادر على أن يحول أي فعل عسكري ضده إلى بكائية يستطيع من خلالها استدرار عطف العالم ودعمة، ويحاجج مناصريه أن هذه المرة بالذات كان الدعم الشعبي الدولي لمصلحة الفلسطينيين، ويرد معارضوهم إن هذه لا تعدو عن كونها لحظة عابرة، إذ سرعان ما ستستعيد الحركة الصهيونية الزخم وتقلب الآية رأساً على عقب بواسطة الأفلام الدعائية وغيرها من الوسائل، وهي شديدة الدهاء والبراعة في ذلك، هذا هو شكل النقاش الدائر بين مؤيدي ومعارضي يحيى السنوار، لكن ما لا يمكن إغفاله أن الوضع بات حرجاً في قطاع غزة وعلى مستوى القضية الفلسطينية، بالتالي فإن استشهاد السنوار لن يكون حدثاً عادياً يمكن المرور عليه بشكل عابر، إذ ربما يكون ما بعد اغتياله نقطة تمهد لنهاية حماس أو أن تكون نقطة انطلاق جديدة بأسلوب جديد للنضال.

تحاول إسرائيل تفكيك الحلقات القيادية لدى خصومها على عدة مستويات، أولها إفراغ المحتوى السياسي من القادة البارزين ذوي الخبرة بقتلهم أو اعتقالهم، وبعد ذلك قطع الحلقة بين المستوى السياسي والعسكري بواسطة قطع صلة وصلهم أو بتعقيد الاتصالات بينهم من خلال اغتيال القادة العسكريين على مختلف المستويات ونتيجة ذلك قطع السلسلة البيروقراطية بين العسكري والسياسي وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى اتخاذ قرارات ارتجالية تخدم تكتيكات العدو، بالتالي فإن الخطوة القادمة بالنسبة لحماس لا بد أن تكون ترتيب الهيكل القيادي بما يتناسب مع معطيات المعركة، والتي يجب أن تكون أولى مقدماتها ذات طبيعة براغماتية، وأقول ذلك لأن طبيعة الرد على اغتيال الشهيد السنوار لم تكن بالقدر المتوقع، وهذا يشير إلى بداية استنزاف لإمكانيات حماس العسكرية من جهة وعدم تقديم الدعم الكافي من حلفاء حماس في المحور وهذا يؤشر إما إلى تضعضعه أو عدم قدرته على فعل ذلك، طبعاً هذا شيء خطير، ويحتم على قيادة حماس الجديدة استغلال أي فرصة للحصول على صفقة تنهي فيها الحرب وتمكنها من الحصول على مكاسب.

مقالات ذات صلة الايمان والجهاد في القران 2024/10/24

ورغم كل شيء سيبقى يوم السابع من أكتوبر هو #أيقونة #التاريخ_الفلسطيني وسيبقى قائد هذا اليوم أيقونة #النضال_الفلسطيني، وربما لا أبالغ إذا قلت إن جيفارا جديد سيشغل صدور محبي الثورة والنضال في العالم على مدى العقود القادمة بغض النظر عن النجاحات أو الإخفاقات التي تلت ذلك اليوم أو الاتهامات التي قد تطال الرجل بأنه جلب الويلات والدمار لشعبه وربما قضيته، لكنه رغم كل ذلك سيبقى، وسَتُخَلّد لحظة استشهاده أجيال وأجيال قادمة.

الغد

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: السنوار فلسطين أيقونة التاريخ الفلسطيني النضال الفلسطيني

إقرأ أيضاً:

السنوار يجدد مخيال العالم

المراثي التي كتبت في أبي إبراهيم بعد استشهاده والمديح الذي كتب فيه يوم تولى القيادة فاقت كل قدرتنا على التلخيص، وقد اطلعنا على كثيرها في كل موقع مناصر، بل حتى المذمة التي كتبت فيه في صفحات معادية لم يفتنا منها الكثير فتمتعنا بما يأكل صدور كاتبيها من ألم. ولا نظن أننا سنزيد في ذلك فصلا نوعيا، لكننا سنحاول تأمل ما بعد الشهادة في عالم بلا قيم عظيمة.

ماكينة رأس المال قتلت الرمزية

ليست هذه فكرتنا، فتاريخ الفن المعاصر الذي يموله رأس المال قتل نموذج البطل وجعل حياة الناس أقرب إلى عمل الآلات السليمة التي تنتج أفضل المنتجات المادية دون تلمّس جمالها، بل توظفها لمزيد من الإنتاج المادي الخالي من كل رمزية تربوية.

نفس الماكينة وقد استولت على السينما والفرجة خاصة بآلتها الهوليودية الجبارة؛ صنعت لنا بطلا واحدا يقدم قيمة واحدة تخدم هدفا واحدا، وهي صورة مبنية ولا أساس لها في الواقع، صورة العضلات القاسية التي تقتل بلا رحمة ولا تسأل ضحيتها قبل القتل ماذا يريد كطلب أخير؛ كانت حتى آلات الإعدام في زمن المقاصل تسأله إكراما للحظة الأخيرة للضحية.

هذا البطل العضلي القاسي كان يغري الأطفال في أول غرامهم بقوة الجسد، فإذا تجاوزوا مراهقتهم نسوه وتتبعوا سبل الحياة بلا بطولة مزيفة. لم يتحول رامبو إلى بطل كوني أبدا رغم ما دره من مال على صانعيه، لكنه كان آخر الأبطال المصنوعين. ولن نخوض أكثر من ذلك في تاريخ تصنيع البطل لأن المقاتل الغزاوي الحافي القدمين مسحه من ذاكرة العالم.

قبل حرب الطوفان كان الطفل الفلسطيني يصنع بطولاته برمي حجر صغير على دبابة، فيبني رمزية أخرى بلا عضلات مفتولة، كان صغير الحجم لكن مشيته للدبابة كانت عملاقة فيتذكره العالم الآن وقد كبر وصار يرمي نفس الدبابة بصاروخ صغير فيطيرها أشلاء وتتخذها أمه من بعده منشر غسيل. من هنا عادت صناعة الرموز بلا مؤثرات سينمائية، لم ير العالم رغم قوة السينما رجلا يسير إلى دبابة ويحشر في ظهرها قنبلة ويصور انفجارها، لقد جعل من غزة مصنع رموز بلا سينما.

إخراج جيفارا من مخيال جيلي

لا نستطيب أن ننسى جيفارا فقد تربينا على صورة النجمة الحمراء في قلنسوته البسيطة، كانت صورة نادرة حشرها اليسار العربي في مخيلاتنا بديلا لخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص، فلم نر بطلا غيره طيلة عقود الشباب. ونقول الآن لو كانت لنا وسائل التصوير في زمن جيفارا هل كنا نسلم له بالبطولة مبنية على صورة واحدة وكثير من القص الذي كتب بعده؟ فقد قرأنا سيرته ولم نجد حروبا كثيرة. وقد قلل الانتصار الذي مكنه من وزارة من صورة البطل الذي صار وزيرا، لكننا في حاجتنا إلى بطل عصري وضعناه دوما ضد رامبو القاهر فكدنا به صانع رامبو أكثر مما سلمنا له بالبطولة.

نحن الآن أمام بطل مختلف كتب قصة شهادته من سجنه قبل أن يعيشها كأنه خطط شهادته بنفسه، وقد سجل بصوته شهادته فترك دليلا على أنه لم يصطنع أمام كاميرا ولم يضف مؤثرات بصرية، بل خرج على عدوه بما في يديه فأثخن فيه ولم يهرب من المعركة ويبحث عن سبل نجاة ليعيش مجد ما بعد النصر وقد كان متاحا.

ولقد اضطر قاتله إلى تصويره مغبرا بتراب معركته، بل لم يجد كارهوه ما يقللون منه به فالتجأوا إلى الدعاء عليه كالولايا المقهورات. لقد أفحم التاريخ وأفحم اللحظة، وأخرج جيفارا من مخيال الشباب العربي وفيه كثير تربي خارج حلقات اليسار فلم يعرف جيفارا.

الشال الفلسطيني البسيط لن يغادر أعناق جيل شهد شهادة السنوار، وفي مظاهرات العالم حل الشال محل القلنسوة وضاعت النجمة المضافة بالألوان لصورة التقطت بالأبيض والأسود.

تجديد مخيال العالم

كشفت حرب الطوفان حاجة ثقافية إلى الرمز والرمزية، حاجة أوسع من حاجة الشباب العربي المقهور من عدو غاشم ومن أنظمة متواطئة مع العدو تخدمه بدم شعوبها لتبقى في كراسيها بلا خجل. شباب العالم المغسول الدماغ بمؤثرات هوليود وجد بطله الجديد.

نحيف مثل سيف حاد، مثل سهم أشيب، قليل الزينة بوجه يمكن أن نراه في كل شارع من شوارع العمال في العالم، أقرب في صورته إلى عامل بسيط، نقيض الصناعة الهوليودية التي لم تعد تمر من أذهان الشباب. يقول كل شاب فقير في زواريب العالم هذا يشبهني أو إنه أنا في معركة ضد رأس المال الذي يحمي الكيان الذي قتله بقذيفة دبابة، لكنه لم يجد شجاعة مواجهته عيانا فتخفي وراء الآلة الصماء.

السنوار في غير البلاد العربية التي لا تزال تكافح من أجل استقلالها أعاد معركة الشباب مع رأس المال العالمي، قام الربط المنهجي الضروري بين من يمول الكيان ويسمح بالقتل وبين يديه أن يوقفه وبين القاتل الذي يتخفى وراء التقنية ولا يواجه. كثير مما نقرأ يكشف هذه الحقيقة القديمة المتجددة بحرب الطوفان والتي أخذت دفعة قوية بشهادة السنوار.

تفصيل أخير مهم نختم به صعود الشهيد إلى رمز كوني، سيتأخر العدو في تسليم جثة الشهيد إلى أهله لإكرامها بالدفن وسيفاوض بها ككل تاجر بلا أخلاق، لا يحترم الموت ولا يحترم الحياة. وسيكون ذلك سببا إضافيا لإعلائه إلى رمز في ذاكرة الكون لأجيال.

مقالات مشابهة

  • وزير الأمن الإيراني يزور مكتب حماس في طهران ويؤكد أن صمود غزة ولبنان “بشارة النصر”
  • أن تكون أخا مسلما
  • المستقبل بعد مقتل السنوار في قطاع غزة
  • شاهد | قصيدة: عصا السنوار من ميدان السبعين للشاعر: معاذ الجنيد
  • السنوار يجدد مخيال العالم
  • تصفية السنور لن تغير المشهد في غزة
  • مستقبل المقاومة المسلحة في فلسطين في ظل انسداد أفق الحل السلمي
  • "وداد لحظة"
  • بعد أسبوعين على اغتيال السنوار.. كيف تغيّرت حماس؟
  • تغييرات السلالة الجذرية .. وعجزها أن تكون خمينية !!