القمص يوحنا نصيف يكتب: لا أقدر أن أنزل
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قصّة نحَميا، حاول أعداء اليهود إيقاف العمل العظيم الذي كان يقوم به نحميا، وهو بناء سور أورشليم.. فتارةً كانوا يتّهمونه بالخيانة والتَمَرُّد على الملك، وتارةً يسخرون منه ويُحَرِّضون عليه، وتارةً يهدّدونه.. وعندما فشلوا في إيقافه أو تهبيط عزيمته، قرّروا بحيلة خبيثة أن يستدرجوه ليصنعوا به شرًّا، فطلبوا أن ينزل ويلتقي بهم في إحدى البقاع، أمّا هو فكان ردّه الحاسم: "إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلاً عَظِيمًا فَلاَ أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِلَ" (نح6: 3).
وبمعونة الله، استكمل نحميا مهمّته في بناء ذلك السور العظيم، وخُزِيَ كلُّ أعدائه..!
كان نحميا واعيًا لقيمة عمل الله الذي يقوم به، فأعطاه الأولويّة، ولم ينشغل بالمشاحنات والأكاذيب والمهاترات والشائعات والافتراءات؛ التي كان يُطلقها أولئك المعاندون والمقاومون لكلّ عمل صالح. فلم يشتبك معهم أبدًا، ولكنّه أيضًا لم يَخضع لتهديداتهم ولم يَخَفْ من هجومهم، ولم يتوقّف أبدًا عن أداء رسالته التي كلّفه الله بها، فتمّمها بكفاءة وبكلّ أمانة..!
لقد كان نحميا نموذجًا جميلاً للخادم الأمين القويّ، المسنود على نعمة الله، والذي يحاول بكلّ قلبه أن يتمّم مشيئة الله في حياته. فهو أوّلاً وأخيرًا يعمل لدى الله ولحسابه، وليس لحساب الناس ولا لحساب ذاته، فيقول مع القدّيس بولس الرسول: "لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ" (أع20: 24).
الخادم الذي بهذه الصورة لا يهتزّ من مضايقات البعض له، ولا يردّ على الشرّ بالشرّ.. بل يحرص على السموّ والترفُّع عن الصغائر، مُصلّيًا لأجل المسيئين (مت5: 44)، "مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ" (2تي2: 25-26).
الإنسان الذي تذوّق محبّة المسيح، وحلاوة العشرة العميقة معه، لا يقبل بسهولة أن يتنازل عن هذا المستوى في شركته مع الله، لكي ينزل لمستوى الحديث مع الحيّة، التي دائمًا تتحيّن الفرصة لكي تلدغه لدغتها القاتلة..!
الإنسان المشغول بالله وبخدمته، يؤمن أنّه ساكن في قلب المسيح، ومتحصّن تحت ظلّ جناحيه، لذلك لا يريد أبدًا أن يفقد هذه الحصانة بالنزول لمستوى الاشتباك مع الأشرار والمستهزئين، بل هو يُذكِّر نفسه دائمًا بعبارة:
"لا أقدر أن أنزل"
لا أقدر أن أنزل لمستوى المشاحنات والمجادلات، والمباحثات الغبيّة والسخيفة التي تولِّد الخصومات، فعبد الربّ لا يجب أن يخاصم، بل يكون مترفّقًا بالجميع، صالحًا للتعليم، صبورًا على المشقّات (2تي2: 23-24).
لا أقدر أن أنزل بعيدًا عن حرارة العشرة مع الله في الصلاة والتسبيح والتمتّع بكلام الإنجيل، إلى مهاترات أرضيّة غير بنّاءة.
لا أقدر أن أنزل وأترك كنوز الآباء الثمينة، لكي أتغذّى على نفايات إدانة الناس والسخرية والهزل والسطحيّة.
لا أقدر أن أنزل لمستوى الصراع على المكاسب المادّيّة والكرامات الأرضيّة والألقاب الزائلة، بينما أنا ابن الملك، السعيد في حضنه..
لا أقدر أن أنزل مُهمِلاً عمل الله الهام المطلوب مِنّي تكميله، لكي أستطلِع ما يقوله العابثون وأُفَنِّد عبثهم..
لا أقدر أن أنزل في ساحة العدوّ، تاركًا الأمان في بيت أبي الملك، مُعرّضًا نفسي لغدر هذا الشرّير، إذ أصيرُ في مرمى نيرانه.
لا أقدر أن أنزل على الأرض لمواجهة دبّابات العدوّ، في حين أنّ الله قد أعطاني أن أكون طائرةً تُحَلِّق في السماء، وتسيطر بسلاح الله الكامل (أف6) على كافّة الأجواء..!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القمص يوحنا نصيف السور العظيم اورشليم نحميا اليهود
إقرأ أيضاً:
الهروط يكتب .. اصنعوا لحكومة جعفر طعاماً
#سواليف
كتب #عبدالحافظ_الهروط:
ليس استمراراً لتندرات وتنمرات سابقة على #حكومة الرئيس #جعفر_حسان، ونحن نُعَنْوّن هذا العنوان المحرّف عن موضعه، وقد بدأت هذه التندرات وتلك التنمرات بـ ” غمازات الرئيس” عندما كُلّف بتشكيل الحكومة.
ولا عندما سارعت وسائل إعلام التدخل السريع بنقل خبر عاجل ونبض ” الرئيس يدوّن الملاحظات بيده”، وكذلك وهو يظهر بلباس بسيط-لا نعرف الماركة- حال عامة الناس.
نقول ليس استمراراً لهذه، وتلك، وإنما لأن الحكومة بقيادة رئيسها أخذت تجنح عن مسار يفترض أن يكون لصالح #المواطن، أياً كانت الأسباب، وأياً كانت الظروف.
مواطنون تزداد أحمالهم يوماً بعد يوم، حتى انحنت ظهورهم من فتاوى #رفع #أسعار #الكهرباء و #المياه و #المحروقات وتأمين السيارات ورسوم أي معاملة يذهبون بها الى أي دائرة حكومية، حتى “الطوابع” التي صارت الكترونياً، وصلت قيمة رسومها في معاملة ما، ١٥ ديناراً ( المعاملة لديّ)، وما أكثر الرسوم!!.
لا نطيل “التطبيل”، وقد كان آخر فتاوى حكومة الدكتور جعفر حسان، إلزام المواطنين بوضع عَلَم الوطن أمام كل مبنى يتم ترخيصه! ويا هلا ويا مرحبا بالعلم، لا بل نعيد مع إطلالته،الأهزوجة التي لم تُنس :”بيرق آلوطن رفرف على رووس النشامى”.
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر ، أقول للرئيس:
ذات يوم كانت فيه غيوم الوطن تتلبد وتنبىء بالمطر، والَعَلَم على سارية مبنى رسمي من “الوزن فوق الثقيل”، مشقّق طوال أيام.
انتظرت وكل من شاهده، لعل مسؤولاً من مسؤولي هذا المبنى، الذين يمتطون موكباً من سيارات المارسيدس الحديثة، يوعز إلى أحد الموظفين بتجديد هذا ” الرمز الوطني”، ولكن لم يكن.
خشيت أن أذهب إلى هذا الصرح الحكومي وأقول ” يا أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، أما لهذا العَلَم المشقق أن يُجدّد، وقد غطّاه الغبار ، حتى كاد يفقد ألوانه”؟!
خشيت أن يُزاود أحدهم عليّ بالوطنية، والذهاب بي من “المحكمة إلى المحكمة”، فما كان مني إلا أن أشرت بملاحظة مقتضبة في موقع من المواقع الإخبارية، وإذ بالعلم يعود إلى سيرته الأولى، وساريته!.
جميل أن نضع العلم أيها الرئيس، في كل الأماكن، ولكن الأجمل والأحق، هو عندما نضعه في القلب والعقل، ولكن لا غرابة أن يوضع العلم في كثير من المناسبات على خواصر المحتفلات ، حال وضع “الشماغ، لأجل الهاشتاغ”، ليس إلّا!.
أرجو ألّا يضيق صدرك أيها الرئيس، إذا ما قلت أن قرار حكومتكم بإلزام أصحاب المباني بوضع العلم، ما هو إلا لجلب المال، وليس لإعتزاز الحال.
وما هذا أيها الرئيس، إلا لفزعة نخفف من خلالها العجز الحكومي ونقول فيها” اصنعوا لحكومة جعفر طعاماً”، فهم مشغولون بـ أولم النائب الفلاني للوزير الفلاني والعين العلنتاني، ويقدّمون التعازي والتهاني، ويطوفون حتى مطلع الفجر، بهذه السيارات التي لا تهدأ محركاتها وتصرف من الأوكتان النقي، ما يكفي سد عجز الخزينة”!!
مختصر الحديث: وطن يا شايل الجمرة معانا.