الإفتاء: نبي الله نوح سمى مصر بأنها أرض مباركة وأم البلاد
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"يقولون: "أرض مصر أرضٌ مباركة وهي أم البلاد" فهل هذا صحيح؟
لترد دار الإفتاء موضحة: أن قول الناس: "أرض مصر أرض مباركةٌ وهي أم البلاد" قولٌ صحيحٌ؛ فهذا من كلام نبي الله نوح عليه السلام، وقد ورد في الأثر، وتناقله عددٌ كبيرٌ من علماء الأمة ومؤرخيها.
سميت مصر بـ"أم البلاد و غوث العباد"؛ فبهذا سماها نبي الله نوحٌ عليه السلام؛ فقد أخرج ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب" (ص: 27، ط. مكتبة الثقافة الدينية) بسندٍ حسن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن نوحًا عليه السلام قال لابنه حينما أجاب دعوته: [اللهم إنه قد أجاب دعوتي؛ فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة، التي هي أم البلاد، وغوث العباد، التي نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم، وقوهم عليها] اهـ. وهذا الأثر ذكره جماعة من العلماء في كتبهم، واحتجوا به على فضائل مصر، ومنهم: الحافظ الكندي (355) في "فضائل مصر المحروسة"، والمؤرخ العلامة البكري (487) في "المسالك والممالك "(2/ 566، ط. دار الغرب الإسلامي)، وصاحب (ق 6) "الاستبصار في عجائب الأمصار" (ص: 65، ط. دار الشئون الثقافية)، والحافظ جمال الدين بن حديدة (783) في "المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي" (2/ 148، ط. عالم الكتب)، والمؤرخ العلامة ابن تغري بردي (874) في "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة" (1/ 30، ط. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب)، والحافظ السيوطي في "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" (1/ 34، ط. دار إحياء الكتب العربية)، والعلامة المقريزي (845) في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" (1/ 40-51، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة النويري (733) في "نهاية الأرب في فنون الأدب" (1/ 347، ط. دار الكتب والوثائق القومية).
ومصر هي البلد الوحيد الثابت تسميته بهذا الاسم، وذلك كما سمى الله تعالى مكة المشرفة بــ أم القرى، وهذا الاسم له دلالة المركزية والصدارة بين بقية البلاد، وله أيضًا دلالة الخير الوفير الذي يخص الله به أرض مصر مما لا يوجد في غيرها، ويحتاج الخلق إليه؛ فيفيض على جميع البلاد؛ كما هو الشأن الذي يُثبته التاريخ دومًا في مصر؛ قال العلامة الألوسي في "روح المعاني" (13/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [قد يقال لبلد: هي أم البلاد باعتبار احتياج أهالي البلاد إليها] اهـ. وقد ذكرها بهذا اللقب سعيد بن أبي هلال، ونقل ذلك عنه العلماء والمؤرخون؛ كالحافظَيْن الكندي (355) في "فضائل مصر المحروسة"، والسيوطي في "حسن المحاضرة" (1/ 21)؛ [فقد ذكرا عن سعيد بن أبي هلال أنه قال: اسم مصر في الكتب السالفة أم البلاد، وذكر أنها مصورة في كتب الأوائل وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها] اهـ.
كما ذكرها بذلك الأديب علي بن ظافر الأزدي (613) في "بدائع البدائه" (ص 180)، والمؤرخ الرحالة ابن بطوطة (779) في "تحفة النظار" (1/ 201، ط. أكاديمية المملكة المغربية)، والمؤرخ الغزي (1351) في "نهر الذهب في تاريخ حلب" (1/ 123، ط. دار القلم)، وقال المرتضى الزبيدي في "تاج العروس" (14/ 126، ط. دار الهداية): [قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: مصر أخصب بلاد الله، وسماها الله تعالى بمصر وهي هذه دون غيرها، ومن أسمائها أم البلاد، والأرض المباركة، وغوث العباد، وأم خنور، وتفسيره: النعمة الكثيرة، وذلك لما فيها من الخيرات التي لا توجد في غيرها، وساكنها لا يخلو من خير يدر عليه فيها، فكأنها البقرة الحلوب النافعة] اهـ.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فيما حكاه العلامة المؤرخ ابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها" (ص: 10)، والعلامة الشهاب النويري في "نهاية الأرب" (1/ 347، ط. دار الكتب المصرية)، والعلامة المؤرخ المقريزي في "المواعظ والاعتبار" (1/ 50، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن ظهيرة في "الفضائل الباهرة" (ص: 78)، والحافظ السيوطي في "حسن المحاضرة" (1/ 20، ط. دار إحياء الكتب العربية)، والمؤرخ ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" (1/ 30، ط. دار الكتب المصرية)-.
ولمَّا خلق الله عز وجل آدم عليه السلام مثَّل له الدنيا؛ شرقها وغربها، وسهلها وجبلها، وأنهارها وبحارها، وبناءها وخرابها، ومن يسكنها من الأمم، ومن يملكها من الملوك، فلمَّا رأى مصر رآها أرضًا سهلة، ذاتَ نهر جارٍ؛ مادَّتُه من الجنة، تنحدر فيه البركة، وتمزجه الرحمة، ورأى جبلًا من جبالها مكسوًّا نورًا، لا يخلو من نظر الرب إليه بالرحمة، في سفحه أشجار مثمرة، فروعها في الجنة، تُسقَى بماء الرحمة، فدعا آدم في النيل بالبركة، ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات، وقال: يا أيها الجبل المرحوم، سفحك جنة، وتربتك مسك، يدفن فيها غراس الجنة، أرض حافظة مطيعة رحيمة، لا خلتك يا مصر بركة، ولا زال بك حفظ، ولا زال منك ملك وعز، يا أرض مصر فيك الخبايا والكنوز، ولك البر والثروة، سال نهرك عسلًا، كثَّر الله زرعك، ودر ضرعك، وزكى نباتك، وعظمت بركتك وخصبت، ولا زال فيك خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني، فإذا فعلت ذلك عراك شرٌّ، ثم يعود خيرك. فكان آدم عليه السلام أول من دعا لها بالرحمة والخصب والبركة والرأفة] اهـ.
قال أبو الحسن أحمد بن محمد بن المدبر المصري الكاتب [ت270هـ]: [مصر اختيار نوح عليه السلام لولده، واختيار الحكماء لأنفسهم، واختيار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لأنفس الصحابة.. واختيار عمرو بن العاص رضي الله عنه لنفسه.. واختيار الخلفاء لمن يقوم منهم، وكذلك الملوك والسلاطين إلى وقتنا هذا، وقد صارت دار الملك وبيضة الإسلام] اهـ. نقلًا عن القاضي ابن ظهيرة في "الفضائل الباهرة في مصر والقاهرة" (ص: 82).
وبناءً على ما سبق: فأرض مصر أرض مباركةٌ وهي أم البلاد؛ فبهذا سماها نبي الله نوحٌ عليه السلام، وتناقل هذه التسمية عددٌ كبيرٌ من علماء الأمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هل مصر أم البلاد دار الإفتاء نبی الله نوح علیه السلام دار الکتب أم البلاد أرض مصر
إقرأ أيضاً:
كيفية معرفة نتيجة صلاة الاستخارة.. دار الإفتاء توضح
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول “إذا لم يظهر شيء بعد صلاة الاستخارة على الرغم من تكرارها، فماذا أفعل؟”.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن الاستخارة دعاء يدعو فيه الإنسان ربه أن ييسِّرَ له الخير ويصرف عنه الشرَّ، وليس من شرطها أن يرى بعدها رؤيا يقال له فيها افعل ولا تفعل، بل من علامتها التيسير؛ فإذا أقدم الإنسان على أمر ما واستخار فيه ربه، فوجده مُيَسَّرًا، ووجد أبوابه مفتوحة له، فإن فيه الخير إن شاء الله، وإن كان غير ذلك، ورأى فيه عُسْرًا، فإنه ينصرف عنه.
وأضافت دار الإفتاء أن الاستخارة من الأمور المطلوبة من المسلم وبخاصة في الأمور الهامَّة المصيرية مثل الزواج وغيره، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يفعلها ويعلِّم أصحابه كيف يفعلونها.
واستشهدت دار الإفتاء بحديث الاستخارة، فقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يعلِّمُنَا الاسْتِخَارَة في الأُمُورِ كلِّها كما يعلِّمُنَا السُّورةَ مِن القُرْآنِ؛ يقول: «إِذَا هَمَّ أحدُكُم بالأَمْرِ فلْيَرْكَعْ ركعَتَينِ من غيرِ الفريضَةِ ثُمَّ ليقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أستخِيرُك بعِلمِكَ وأسْتَقْدِرُكَ بقدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّك تَقدِر ولا أقْدِر، وتعْلَمُ ولا أعْلَم، وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ، اللَّهُمَّ إن كُنت تعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خيرٌ لي في دِينِي ومَعَاشِي وعاقِبَةِ أمْرِي -أو قال: عَاجل أمري وآجِلِه- فاقْدُره لي ويسِّرْهُ لي ثمَّ بَارِك لي فِيه، وإن كُنتَ تعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعاقبةِ أمْرِي -أو قال: عاجِل أمرِي وآجِلِه- فاصرِفْهُ عنِّي واصْرِفْنِي عنه واقْدر لي الْخَيرَ حيثُ كان، ثمَّ أرْضِنِي بِهِ». قال: «ويُسَمِّي حَاجَتَهُ» أخرجه البخاري.
ومن هذا الحديث يتبين لنا كيفية الاستخارة، وهي صلاة ركعتين نفلًا بنية الاستخارة في غير الأوقات المنهيِّ عنها، ومعنى يُسمي حاجته أن يقول في الدعاء: اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من فلان خيرًا لي في ديني... وإن كنت تعلم أن في زواجي منه شرًّا لي...، وعليكِ أن تختاري من بينهم من تظنين أنَّه خيرٌ لك، ثم تصلي بعد ذلك صلاة الاستخارة، وإلا فعليك أن تصلي صلاة استخارة بعدد كل منهم إذا كنت لا تستطيعين الترجيح بينهم.
وتابعت دار الإفتاء: وليس للاستخارة نتائج تُعلم، وإنما هي تفويض الأمر لله تعالى؛ فإذا كان خيرًا فسوف ييسره الله، وإن كان غير ذلك فسوف يصرفه الله عنك، ويقدر لك خيرًا منه ويرضيك به.