البوابة نيوز:
2025-03-16@18:45:42 GMT

يفنى الجسد ويبقى الأثر

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعشق المناسبات السعيدة، وأستمتع باختيار تفاصيل الهدايا، حتى أُدخل السعادة على قلب صاحبها وأعيش فرحتي برؤية ابتسامته وفرحته بها، تعبيرا عن حبي وامتناني، ومن يعرفني جيدا يعي تماما أن هذه طبيعتي منذ الصغر.

مرت سنوات ربما تكون طويلة أو قصيرة.. لا أعلم، أحيانا عقلي ينسى أو يرفض مراقبة الزمن، ولكني أتذكر جيدا أنني في مثل هذه الأيام كنت استعد لتحضير هدية بمناسبة عيد ميلاد زوجي، أتفنن في اختيارها تعبيرا عن تقديري له.

أتذكر جيدًا تلك التفاصيل الصغيرة التي ترافقني حتى اليوم، وأجد نفسي أبتسم أحيانا، حين أمر بالمصادفة أمام محال متخصصة بالمقاسات التي كنت أبحث عنها سابقا وأجدها بصعوبة، فأتذكر كم كنت أرهق نفسي للعثور عليها، والآن أصبحت تلك المحال منتشرة بكثرة بشكل غريب! لكن.. أين هو صاحب تلك الهداية التي كنت أبحث عنها بشغف؟ لقد تركنا ورحل!.

ودعنا زوجي وهو في ريعان شبابه، لم يكمل بعد عقده الثالث، عشنا سويا سنوات قليلة، لكنها كانت مليئة  بالتفاصيل، كنتُ أحلم مثله ببناء أسرة كبيرة، نرى أطفالنا يكبرون أمام أعيننا، ونكبر نحن أيضا، نشيب سويا، ونخوض معا أفراح الحياة وأحزانها، بشدها وجذبها.

لكن القدر لم يمهلنا وقتا كافيا لتحقيق تلك الأحلام الشابة، فقد خطفه الموت في نفس الشهر الذي وُلد فيه، وكأن الحياة أرادت أن تهديه بداية جديدة ولكنها هذه المرة أبدية، خالية من الألم، بعيدا عن صراعات العلاج القاسية، وتجرع "الكيماوي" أملا في الشفاء.

أتذكر تلك الليلة العصيبة ونحن نراقب جهاز التنفس الذي يعد أنفاسه، وفجأة انخفض مستوى الأكسجين، واضطررنا لاستدعاء الطبيب الذي قرر نقله فورا إلى العناية المركزة، شعرت حينها بأن الأرض انهارت من تحتي، وبكيت بحرقة وقلة حيلة، لكنه أشار بيده، وبكل ما تبقى له من قوة وقال لي: "أنا هبقى كويس"، ثم دخل في غيبوبة... ولم يستيقظ بعدها أبدا، ليعلن في صمت انتهاء رحلته معي!! وأنا التي كنت أنتظره يعود لبيته من جديد لنكمل الرحلة سويا.. ويبدو أنه كان يعلم أنه لن يعود ولكنه "هيبقى كويس" كما أكد لي.

بعد غيابه عن الحياة، كتبت له مرارا أن وجوده كان يمنع الكثير من الأشياء السيئة، فكان حائط سد منيع يحمينا من خيبات بعض البشر، ولكني أعي جيدا أن في باطن كل محنة منحة، نعم هي منحة من الله لي وله، الحياة علمتني أن لكل ابتلاء حكمة عند الله ووجودنا نحن البشر في حياة بعضنا البعض، ما هو إلا مجرد سبب لتفاصيل لا يعلمها غير المولى عز وجل.

تمضي الحياة، ويفنى الجسد، لكن الأثر يبقى.. فقد ترك زوجي بصمة طيبة في قلوب كل من عرفه، فمن عرفه لا يذكره إلا بالخير، وترك لي ابنا جميلا يشبهه كثيرا في الشكل والطباع، أحاول جاهدة أن يكون عملنا الصالح في هذه الدنيا.

لا أنكر شعوري في بعض الأحيان بالضجر، إذ أبحث عنه بأحلامي أملا في أن أجده بجانبي، نتشارك القرارات معًا بشأن ابننا، لكن لا أجد له أثرًا، ويغمرني الحزن واليأس كلما عجزت عن تعويض ابني عن غياب والده!، ماذا أفعل وهو دائما يسألني باستمرار عن نبره صوت أبيه؟! وعن أشيائه الخاصة؟ يمتلكني الحزن بقوة حين أدرك أني لا أملك سوى ذكريات وحكايات طيبة عنه أرويها له، وأحاول أن أنسج من تلك الحكايات مشاعر يعيش بها كما أعيش أنا.
ولا أنكر أيضا فخري بنفسي فقد صنعت لي ولابني جزءا كبيرا من الرضا حتى تستمر وتمضي الحياة إلى أن يقضي الله بنا أمرا مفعولا، اصنعوا أثرا طيبا في هذه الحياة، فالأجساد راحلة، لكن ما يبقى هو  الخير الذي زرعتموه في قلوب أحبابكم.. ما يبقى هي الحكايات والذكريات الطيبة، كلنا راحلون.. وختاما، سلاما على روحك الطاهرة... إلى أن نلتقي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شيرين بكر التفاصيل الصغيرة العناية المركزة الكيماوي

إقرأ أيضاً:

ولد الرشيد: الإستثمارات حسنت جودة الحياة في العيون

زنقة 20 | علي التومي

أكد مولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جماعة العيون، أن المدينة أصبحت نموذجًا حضريا متطورا بفضل الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والإسكان والخدمات الأساسية، مما ساهم في تحسين جودة الحياة وجذب المستثمرين.

وأوضح ولد الرشيد، أن المجلس الجماعي يسعى إلى تقليص البطالة من خلال إحداث أسواق حديثة ومناطق تجارية توفر فرص عمل للشباب، مؤكدًا أن نجاح هذه الجهود يعتمد على انخراط الساكنة في دعم التنمية المحلية.

وأشار ولد الرشيد ،إلى أن العيون باتت وجهة استثمارية واعدة، بفضل المبادرات الاقتصادية وتعزيز التنمية المستدامة، مشيدًا بالاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، الذي يعزز الاستقرار ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي.

وفيما يخص قضية الصحراء، شدد ذات المتحدث على أن مبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها المغرب عام 2007، تظل الحل الأكثر واقعية لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل، مشيرًا إلى أن سكان الأقاليم الجنوبية يعيشون في ظل تنمية مستدامة تعكس الرؤية الملكية السامية.

وخلص ولد الرشيد إلى أن دعم الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، للموقف المغربي يعكس فشل الأطروحات الأخرى، ويعزز مكانة الدبلوماسية المغربية على الساحة الدولية، مشددًا على أن الصحراء مغربية بلا منازع، وسكانها يدعمون كل المبادرات الملكية لضمان مستقبل مشرق للأقاليم الجنوبية.

مقالات مشابهة

  • الحياة تعود إلى سوق أم درمان.. الوالي يزف اابشريات
  • أحمد موسى: الحوثيون مضربوش سفينة عسكرية إسرائيلية .. وعملياتهم عديمة الأثر
  • بمواصفات خيالية.. هل يكون «OnePlus» الحاسب الذي ننتظره؟
  • إحسان الترك.. رحيل فنان لم تحمِه الهيبة من قسوة الحياة
  • معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • ولد الرشيد: الإستثمارات حسنت جودة الحياة في العيون
  • كارثة بيئية وصحية تهدد الحياة في غزة جراء تجمع المياه العادمة
  • احذر.. عقوبة وضع إعلانات أو دهانات على الآثار أو تشويهها
  • قلب تيتانيوم يُبقي رجلًا على قيد الحياة 100 يوم
  • جدل حركة الحياة والتاريخ