تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعشق المناسبات السعيدة، وأستمتع باختيار تفاصيل الهدايا، حتى أُدخل السعادة على قلب صاحبها وأعيش فرحتي برؤية ابتسامته وفرحته بها، تعبيرا عن حبي وامتناني، ومن يعرفني جيدا يعي تماما أن هذه طبيعتي منذ الصغر.
مرت سنوات ربما تكون طويلة أو قصيرة.. لا أعلم، أحيانا عقلي ينسى أو يرفض مراقبة الزمن، ولكني أتذكر جيدا أنني في مثل هذه الأيام كنت استعد لتحضير هدية بمناسبة عيد ميلاد زوجي، أتفنن في اختيارها تعبيرا عن تقديري له.
أتذكر جيدًا تلك التفاصيل الصغيرة التي ترافقني حتى اليوم، وأجد نفسي أبتسم أحيانا، حين أمر بالمصادفة أمام محال متخصصة بالمقاسات التي كنت أبحث عنها سابقا وأجدها بصعوبة، فأتذكر كم كنت أرهق نفسي للعثور عليها، والآن أصبحت تلك المحال منتشرة بكثرة بشكل غريب! لكن.. أين هو صاحب تلك الهداية التي كنت أبحث عنها بشغف؟ لقد تركنا ورحل!.
ودعنا زوجي وهو في ريعان شبابه، لم يكمل بعد عقده الثالث، عشنا سويا سنوات قليلة، لكنها كانت مليئة بالتفاصيل، كنتُ أحلم مثله ببناء أسرة كبيرة، نرى أطفالنا يكبرون أمام أعيننا، ونكبر نحن أيضا، نشيب سويا، ونخوض معا أفراح الحياة وأحزانها، بشدها وجذبها.
لكن القدر لم يمهلنا وقتا كافيا لتحقيق تلك الأحلام الشابة، فقد خطفه الموت في نفس الشهر الذي وُلد فيه، وكأن الحياة أرادت أن تهديه بداية جديدة ولكنها هذه المرة أبدية، خالية من الألم، بعيدا عن صراعات العلاج القاسية، وتجرع "الكيماوي" أملا في الشفاء.
أتذكر تلك الليلة العصيبة ونحن نراقب جهاز التنفس الذي يعد أنفاسه، وفجأة انخفض مستوى الأكسجين، واضطررنا لاستدعاء الطبيب الذي قرر نقله فورا إلى العناية المركزة، شعرت حينها بأن الأرض انهارت من تحتي، وبكيت بحرقة وقلة حيلة، لكنه أشار بيده، وبكل ما تبقى له من قوة وقال لي: "أنا هبقى كويس"، ثم دخل في غيبوبة... ولم يستيقظ بعدها أبدا، ليعلن في صمت انتهاء رحلته معي!! وأنا التي كنت أنتظره يعود لبيته من جديد لنكمل الرحلة سويا.. ويبدو أنه كان يعلم أنه لن يعود ولكنه "هيبقى كويس" كما أكد لي.
بعد غيابه عن الحياة، كتبت له مرارا أن وجوده كان يمنع الكثير من الأشياء السيئة، فكان حائط سد منيع يحمينا من خيبات بعض البشر، ولكني أعي جيدا أن في باطن كل محنة منحة، نعم هي منحة من الله لي وله، الحياة علمتني أن لكل ابتلاء حكمة عند الله ووجودنا نحن البشر في حياة بعضنا البعض، ما هو إلا مجرد سبب لتفاصيل لا يعلمها غير المولى عز وجل.
تمضي الحياة، ويفنى الجسد، لكن الأثر يبقى.. فقد ترك زوجي بصمة طيبة في قلوب كل من عرفه، فمن عرفه لا يذكره إلا بالخير، وترك لي ابنا جميلا يشبهه كثيرا في الشكل والطباع، أحاول جاهدة أن يكون عملنا الصالح في هذه الدنيا.
لا أنكر شعوري في بعض الأحيان بالضجر، إذ أبحث عنه بأحلامي أملا في أن أجده بجانبي، نتشارك القرارات معًا بشأن ابننا، لكن لا أجد له أثرًا، ويغمرني الحزن واليأس كلما عجزت عن تعويض ابني عن غياب والده!، ماذا أفعل وهو دائما يسألني باستمرار عن نبره صوت أبيه؟! وعن أشيائه الخاصة؟ يمتلكني الحزن بقوة حين أدرك أني لا أملك سوى ذكريات وحكايات طيبة عنه أرويها له، وأحاول أن أنسج من تلك الحكايات مشاعر يعيش بها كما أعيش أنا.
ولا أنكر أيضا فخري بنفسي فقد صنعت لي ولابني جزءا كبيرا من الرضا حتى تستمر وتمضي الحياة إلى أن يقضي الله بنا أمرا مفعولا، اصنعوا أثرا طيبا في هذه الحياة، فالأجساد راحلة، لكن ما يبقى هو الخير الذي زرعتموه في قلوب أحبابكم.. ما يبقى هي الحكايات والذكريات الطيبة، كلنا راحلون.. وختاما، سلاما على روحك الطاهرة... إلى أن نلتقي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيرين بكر التفاصيل الصغيرة العناية المركزة الكيماوي
إقرأ أيضاً:
ولاد الشمس.. دراما مؤلمة تكشف قسوة الحياة في دور الأيتام
يسلط مسلسل "ولاد الشمس" الضوء على واقع مؤلم يعكس معاناة الأطفال داخل دور الأيتام، حيث تدور الأحداث حول 4 شباب نشؤوا في دار رعاية تحت إدارة مدير قاس يستغلهم ويعرضهم لشتى أنواع العذاب.
من خلال شخصيات "ولعة"، و"مفتاح"، و"ألمظ"، و"قطايف"، يكشف المسلسل عن الحياة القاسية التي يعيشها هؤلاء الشباب، ونضالهم المستمر للهروب من هذا السجن وكسر قيود الاستغلال والقهر المفروضة عليهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سائقو شاحنات المساعدات بالعريش يقضون رمضان بصفوف انتظار فتح المعابرlist 2 of 2لماذا يُعد التمر "كنزا"؟ استخداماته من الغذاء إلى مستحضرات التجميل والوقود الحيويend of listالمسلسل من إخراج محمد عبد العزيز، ويضم نخبة من النجوم، حيث يجسد أحمد مالك دور "ولعة"، وطه دسوقي دور "مفتاح"، بينما يلعب محمود حميدة دور "بابا ماجد"، المدير المتسلط الذي يحكم الدار بقبضة من حديد. كما يشارك في البطولة كل من فرح يوسف، وجلا هشام، ومريم الجندي، ومعتز هشام، في عمل درامي يكشف الوجه الخفي لمؤسسات الرعاية.
قصة إنسانية وأداء يشبه الواقعنجح المسلسل في ملامسة مشاعر المشاهدين من خلال تسليط الضوء على معاناة الأطفال في ظل هذه الظروف القاسية، حيث عكس الواقع المرير الذي يعيشه العديد من الأطفال داخل مؤسسات الرعاية.
ولم يكتفِ العمل بعرض هذه المآسي، بل حفّز الجمهور على التفكير في أهمية تحسين أوضاع دور الأيتام، وضمان حماية الأطفال من الاستغلال والتعذيب. كما قدم رسالة قوية حول حقوق الطفل وضرورة حمايته من أي نوع من الأذى، مما جعله عملا يحمل بُعدا إنسانيا عميقا.
إعلانتميز كل من طه دسوقي وأحمد مالك بأداء استثنائي في تجسيد شخصيتين متناقضتين تمامًا، حيث استطاع كل منهما إبراز جوانب مختلفة من الصراع النفسي والتفاعل بينهما.
لعب طه دسوقي دور "مفتاح"، الشاب الهادئ الذي يعتمد على العقل والتفكير قبل اتخاذ أي خطوة، مما جعله الشخصية الأكثر اتزانًا في مواجهة الأزمات، حيث أبدع في إظهار سماته المتأنية والرصينة.
على الجانب الآخر، قدم أحمد مالك شخصية "ولعة"، الشاب المندفع والعنيف، الذي لا يتردد في اللجوء إلى القوة للتعبير عن مشاعره ومواقفه. ومع تصاعد الأحداث، تتضح العلاقة التكاملية بينهما، حيث يصبح كل منهما جزءا مكملا للآخر في الأداء وردود الفعل، مما أضفى على المسلسل مزيدًا من العمق والواقعية.
الشرير الأنيق وأداء متوقعأدى محمود حميدة في المسلسل شخصية "بابا ماجد" الشرير بمهارة عالية، وجسّد شخصية أنيقة وشريرة في الوقت نفسه. استغل حميدة قدراته التمثيلية ليظهر "بابا ماجد" كشخص يفرض سلطته بهدوء، ويستغل الأطفال في دار الأيتام لمصالحه الشخصية.
جعل حميدة الشخصية مليئة بالدهاء والبرود، وأبدع في نقل فكرة الشر المغلف بمظهر أنيق، كما أظهر براعة في التلاعب بالمواقف المختلفة لصالحه، ورغم الأداء القوي له، فإن هناك بعض المبالغة في التعبير عن الشر، ما أثر على مصداقية الشخصية في بعض المشاهد.
بالإضافة إلى تكرار بعض الحركات والتعبيرات، ما جعل حميدة يفقد عنصر المفاجأة. وفي مشاهد أخرى جاء تركيز حميدة على الأناقة، مبالغا فيه أيضا ليبدو كشخصية سطحية إلى حد ما، بدلا من كونه شخصية عميقة ومليئة بالتفاصيل والتعقيدات.
إيقاع بطيء وحبكة متوقعةنجح مسلسل "ولاد الشمس" في جذب الانتباه وتقديم حكاية تلامس الواقع، لكن إيقاع المسلسل جاء بطيئا إلى حد ما، ما جعل الأحداث تبدو مترهلة، خصوصا في المشاهد التي تتطور فيها الأحداث، وتسبب في فتور بعض المشاهدين، مع سهولة توقع ردود فعل بعض الشخصيات، وتزايد الصدف غير المنطقية في أحداث المسلسل، ما تسبب في انفصال المشاهد عن الأحداث.
إعلانليست فقط الحبكة المتوقعة أهم عيوب المسلسل، لكن المعالجة السطحية إلى حد ما دون تعمق في موضع المسلسل الأساسي وهو حقوق الأيتام واستغلال دور الأيتام لهم.
فقد جاءت فكرة المسلسل الأصلية، كأنها فكرة ثانوية تدور كخلفية لقصة الأبطال الأصليين، سواء القصص العاطفية أو الرغبة في التحرر من قبضة "بابا ماجد" والبحث عن حياة جديدة، ما جعل الرسالة الأهم من المسلسل تتوارى إلى حد كبير.
مشاهد معتمة وإضاءة قاتمةتميز تصوير مسلسل "ولاد الشمس" باختيار دقيق لموقع دار الأيتام وعمارته التي أظهرته كمكان معتم ومغلق، يعيش فيه الأطفال الأيتام، ليعكس البيئة القاسية والضاغطة التي يعيش فيها الأطفال، كما استخدمت الإضاءة بصورة متقنة، لتظهر العالم القاتم للأيتام، وتسلط الضوء على الحالة النفسية للشخصيات وعلى معاناتهم.
خاصة أن المكان على اتساعه، صمم ليشبه السجن في الكثير من تفاصيله، فالممرات الطويلة تعطي شعورا بالاختناق، بينما أضفت السقوف العالية إحساسا بالعزلة والبعد عن العالم الخارجي، لترسيخ حالة الخوف والتوتر التي يعيشها الأطفال داخل الدار.
وأسهمت الديكورات والألوان الباهتة والظلال الثقيلة القامة في تعزيز الأجواء المقبضة للمكان، بالإضافة إلى النوافذ المغلقة طوال الوقت، التي تضفي إحساسا بالحصار، وكأن الأطفال لا يمكنهم الهرب أو النجاة من هذا المكان، كما يؤكد على فكرة القسوة والظلم والعزلة.