الكيلاني تشهد توقيع بروتوكول تعاون بين الأعلى للثقافة واتحاد المعاهد الأوروبية غدًا
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
تشهد الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، غدًا، الثلاثاء ١٥ أغسطس، بمقر وزارة الثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة، توقيع بروتوكول تعاون بين المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور هشام عزمي، واتحاد المعاهد الوطنية الثقافية الأوروبية "EUNIC"، ويمثله الدكتور ديفيد سكالماني، لتنفيذ المرحلة الثالثة من منحة "دوائر الإبداع.
و يهدف مشروع "حاضنة دوائر الإبداع... كريتيف سيركلز"، الممول من اتحاد المراكز الثقافية الأوروبية، بالشراكة مع المجلس الأعلى للثقافة، تطوير المشاريع الثقافية لشباب الأقاليم، في إطار استراتيجية وزارة الثقافـة المرتبطة بخطة التنمية المستدامة ورؤيــة مصر 2030، والتي تتضمن بأحد محاورها دعم الصناعات الثقافية، وتهيئة البيئة الممكنة للإبداع والتميز، وتحقيق العدالة الثقافية، ووصول المنتج الثقافي للمناطق والفئات الأكثر احتياجاً، وتمكين وتطوير منظومة الاقتصاد الإبداعي، خاصة المتعلقة بالصناعات الثقافية والحرف التراثية.
وذلك عن طريق دعم المؤسسات والأفراد -خاصة الشباب- أصحاب المبادرات الثقافية والإبداعية، وتعتمد على تقديم محتوى علمي وتدريبي احترافي، بواسطة مجموعة من الخبراء الأكاديميين فى مجال ريادة الأعمال، حيث يتم تبني الاقتراحات والمبادرات ذات الأثر المجتمعي، ووضعها تحت مظلة الوزارة، وإتاحة الفرصة لعرض الإنتاج المميز فى مختلف مواقعها، مما يسهم فى خلق الكثير من فرص العمل التي تنعكس إيجاباً على الدخل القومي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزيرة الثقافة العاصمة الإدارية الجديدة
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي.. أيقونة للثقافة والحكم الرشيد
علي بن سالم كفيتان
هناك أناس يطبعون محبتهم ويفرضون احترامهم عليك، حتى ولو لم تلتقِ بهم أو تجالسهم، يكفي أن ترى في وجوههم الصدق وروح الأمانة والإحساس بالمسؤولية، وصاحب السُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة، شخصيةٌ يطغى حضورها أينما حلَّ؛ فالرجل يتسم بالعفوية والبساطة وتتملكه روح الأبوة الحانية على كل من يصادفه.
الرجل لديه حضور سياسي لافت وهو مُؤسِّس الشارقة الحديثة التي انتهجت روح الثقافة والأدب والفنون، وأصبحت قِبلة لحجاج المعرفة البشرية بمراكزها الثقافية الفسيحة ومجالسها الأدبية المتعددة وجامعاتها الحديثة، لهذا فلا غرابة أن يتصدر عناوين الأخبار المُتلفزة والصحف الرسمية وفضاءات التواصل الاجتماعي الواسع عندما يحضر إلى مناسبة كبيرة كمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين. ولا شك أنَّ مسقط لها سحرها لرجلٍ يعرف هيمنة الجغرافيا وروح التاريخ وسُّمو الإنسان، والشيخ سلطان منح الكثير من وقته وفكره ومكانته لنبش كنوز عُمان المنسية في خزائن الإمبراطوريات التي تنافست على حكم الشرق، ونقل لنا عبر سلسلة من المؤلفات القيمة إرثًا إنسانيًا وسجلًا سياسيًا واجتماعيًا لا يُقدَّر بثمنٍ.
التقيتُ الشيخ القاسمي للمرة الأولى والوحيدة في مطلع الألفية الجديدة في قصره الهادئ بالشارقة، على هامش ورشة عمل تنظمها سنويًا هيئة البيئة والمحميات بالشارقة في شهر فبراير من كل عام، لتناقش سُبل حماية وإكثار مفردات الحياة الفطرية في الجزيرة العربية. وعلى ما أذكر كانت هناك امرأة فاضلة من هيئة البيئة والمحميات بالشارقة تُعرِّف بِنَا عند السلام على سُّموه، وأذكرُ أنَّه التفتَ إليَّ وقال: "أنت من ظفار؟" فأومأتُ له بالإيجاب؛ فالرجل عبارة عن عقلية واسعة وذاكرة غنية تستطيع استدعاء الأسماء وتربطها بالجغرافيا في غضون ثوانٍ محدودة. استمعنا بعد ذلك بشغفٍ لحديث شيِّق عن الإرث البيئي في الجزيرة العربية، كان يسلسله الشيخ القاسمي بحُبٍ وهو يستحضرُ الجبال والسهول والوديان والسواحل والخلجان، ويتكلم بلغة الواثق العارِف بتضاريس جزيرة العرب، وأنواع حيواناتها ونباتاتها، وغالبًا ما يذكر عُمان وينظرُ إليَّ حيث كنتُ الثالث إلى يمينه، ويختم حديثه بالتأكيد على أهمية الإرث البيئي وعلاقته بالإبداع الإنساني في الثقافة والآداب والفنون.
ذكر لنا الشيخ القاسمي بعض الأشعار التي تناولتْ جمال الأحياء الفطرية، ومنها الريم والمها وقوة وبسالة النمر العربي، وأردف قائلًا: لا زال هذا الرمز البيئي يعيش بأمان في جبال ظفار ويحظى باهتمام بالغ من قِبل جلالة السلطان، ونأمل أن يستمر وأن تستفيد مراكز الإكثار هنا في الشارقة وبقية دول المنطقة من هذا المخزون الطبيعي، الذي لا نجده إلّا في سلطنة عُمان. وتطرق حاكم الشارقة إلى تجارب التعاون المُثمِر بين عُمان والشارقة في هذا المجال بامتنان عظيم. ونحن في حضرة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لم نكن مُهتمين بفخامة المكان ولا سعته ولا حتى الجانب البروتوكولي، وما يجب عليك فعله؛ فقد كان القاسمي محور المكان بحضوره الرزين، وحديثه الرصين عن موضوع اللقاء.
عقب ذلك، ونحن نغادر القصر، سلَّمتُ عليه بشكل استثنائي، وأذكرُ أنني قلتُ له: "أَمتعتْنِي الرواية التاريخية عن الشيخ الأبيض"، فضحك، وقال: "لديَّ مشاريع أخرى لروايات مُماثلة؛ فالتاريخ جامد إذا كان فقط أحداثًا وتواريخَ، وتظل السردية التاريخية للأحداث أقرب وأسهل للمُتلقِّي من العامة".
الدكتور القاسمي شخصيةٌ استثنائيةٌ في محبته لعُمان وسلطانها وشعبها، وتربطه علاقة وطيدة وراسخة بها، وما كان استقبال المقام السامي لسُّموه قبل أيام، إلّا تتويجًا للمكانة الرفيعة التي تربطه بعُمان وبجلالة السلطان المعظم وشعب عُمان؛ فهذه العلاقة الوطيدة عبَّر عنها اللقاء الحميم؛ فكِلا الرجلين (جلالته وسُّموه) يعرفان قيمة التاريخ والإرث البشري في منطقتنا، ويُقدِّران أي جهدٍ لتوثيقه وحمايته من النسيان والاندثار. وكما قال سموه في أحد أحاديثه المُتلفزة "تاريخ عُمان كله مُشرِّف"، فهُم الذين تصدُّوا للغُزاة والطامعين وأسسوا أقدم كيان سياسي في جزيرة العرب، ما يزال يحكم إلى اليوم، وهم من خاطبهم سيد الخلق محمد بن عبدالله- عليه أفضل الصلاة والسلام- ضمن ملوك وأباطرة ذلك الزمان، للدخول في الإسلام؛ فأجابوه دون أن يطأ بلادهم خُف ولا حافر، وأثنى عليهم في حديثه- عليه الصلاة والسلام- حيث قال: "لو أنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ ما سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ".
يُمثِّل سُّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي روح الإمام العادل، وهذا ما يفيضُ من خلال لقاءاته وأحاديثه، لأهمية الالتفات إلى رفع المستوى المعيشي للمواطنين، وأن يعيش الإنسان بكرامة، وهذا ما ترجمه سموه في عدة أوامر وتوجيهات انعكست خيرًا على أهل الشارقة، وبلغت كذلك التفاتاته الكريمة خارج نطاق الإمارة، وحتى الدولة، لتبلُغ المحتاجين والمعوزين في مختلف بقاع الدنيا.
حفظ الله سُّموه، ولا شك أن عُمان ستظل مُمتنةً لكل حرفٍ يكتبه وكل حديث يُدلي به عنها.
رابط مختصر