مفاتيح حلّ الأزمة السودانية في ندوة بحثية
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
نظَّم مركز الجزيرة للدراسات ومنتدى الفكر العربي بعمّان ندوة بحثية في العاصمة القطرية الدوحة، أمس الأربعاء، تحت عنوان "الأزمة السودانية في ظل استمرار الحرب وانعدام الحلول". شارك فيها اللواء الركن المتقاعد أسامة محمد أحمد عبد السلام، الخبير الأمني والعسكري، والدكتور حسن حاج علي، الباحث الأول في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، والدكتور صلاح الدين الزين، المدير السابق لمركز الجزيرة للدراسات وعضو منتدى الفكر العربي، والدكتور محمد السيد، الناشط الحقوقي، وأدارها المذيع بقناة الجزيرة مباشر مصطفى عاشور.
سلّطت الندوة الضوء على المشهد السوداني من خلال عدة محاور عسكرية وإنسانية، محلية ودولية. وعن أسباب النجاح الذي أحرزته مؤخرًا القوات المسلحة السودانية ضد قوات الدعم السريع على عدة جبهات قتالية، أوضح المتحدثون أن هناك جملة من الأسباب تكمن وراء ذلك، من أبرزها:
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مسار الحرب على غزة بعد السنوارlist 2 of 2هل تخاطر إسرائيل بحرب إقليمية شاملة؟end of listمشاركة العديد من الفصائل المسلحة في القتال إلى جانب الجيش، بعد أن كانت تقف على الحياد، وذلك بعدما وجدت أن الموقف الحيادي أصبح مضرًّا بها وبمناطقها.
مساندة شرائح واسعة من المواطنين للجيش، يقاتلون إلى جانبه دفاعًا عن أعراضهم وممتلكاتهم ضد الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع والمرتزقة الذين تستعين بهم، ووقوفًا في وجه أولئك الذين أتوا من خارج السودان بحثًا عن الغنائم.
كما أرجعوا السبب إلى تغير الصورة التي كانت سائدة عن طبيعة هذه الحرب، والتي كان مفادها أنها "حرب بين جنرالين يتصارعان على السلطة"، وقد تبدل هذا الانطباع فأصبحت الحرب "بين جيش وطني يدافع عن البلاد ضد قوات متمردة مدعومة من الخارج لتحقيق أجندات خاصة".
ومن الأسباب كذلك التي أشار إليها المتحدثون، ذلك الدعم الذي حظي به الجيش من بعض القوى الإقليمية.
ورغم التقدم الذي يحرزه الجيش السوداني حاليًا ضد قوات الدعم السريع، فإن المشاركين في الندوة ينظرون إلى هذا الأمر بحذر، والسبب هو تخوفهم من انقلاب الكفة مرة أخرى إذا ما حصلت قوات الدعم السريع على دعم خارجي كمي ونوعي يقلب ميزان القوى ويعيد الأمور إلى المربع الأول.
وليس الحذر من الدعم الخارجي الذي يمكن أن تتلقاه قوات الدعم السريع هو ما يخشاه المتحدثون في الندوة على أمن واستقرار السودان فحسب، وإنما يرون كذلك أن ما بعد انتهاء المعارك الجارية قد يُدخل البلاد في دوامة جديدة من الحروب والصراعات وعدم الاستقرار، وذلك إذا لم ينجح الجيش والنخبة السياسية المدنية في التعامل مع التحدي الأمني الذي ستشهده البلاد في اليوم التالي للحرب من قِبل بقايا قوات الدعم السريع. وإذا لم تنجح تلك النخبة في التوصل إلى رؤية متوافَق عليها للحكم وطبيعته وتوزيع سلطاته، ما يجنّب البلاد مزالق ومثالب الفترة الانتقالية التي كانت سببًا لما وصل إليه السودان حاليًا من تفجّر للأوضاع.
الوضع الإنسانيوأشارت الندوة إلى الوضع الإنساني الناجم عن 18 شهرًا من الحرب والقتال في ربوع السودان. وأوضح المتحدثون أن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات خطيرة بحق عموم السودانيين المدنيين غير المحاربين، وذلك بهدف سلب أموالهم وممتلكاتهم وترويعهم. كما أنها استولت على مخازن الدولة التي تحتوي على الغذاء، ونهبت الصيدليات واعتدت على الأعراض والحرمات، بل وأحرقت قرى وهدمتها على رؤوس ساكنيها انتقامًا من القرى التي ساندت قوات الجيش السوداني.
وأبدى المشاركون في الندوة استغرابهم من موقف العديد من الدول الغربية والإفريقية من قوات الدعم السريع، ومعاملتها على أنها طرف ندّ للجيش، وليست "ميليشيا" متمردة. ومن مظاهر هذه المعاملة استقبال قادتها استقبالًا رسميًا وتقديم الدعم السياسي والمالي من بعض الدول الإقليمية والدولية لهذه القوات، رغم ما ترتكبه من "فظائع وجرائم". وفسَّر المتحدثون أسباب هذا الموقف بغياب الصورة الدقيقة للمشهد السوداني لدى بعض تلك البلدان، وتعمُّد بلدان أخرى تجاهل كون قوات الدعم السريع ميليشيا متمردة، بغرض استخدامها أداةً لتحقيق أجنداتها في السودان للاستفادة من موارده وثرواته وموقعه الاستراتيجي. كما أرجعوا السبب كذلك إلى تراخي النخبة الفكرية والسياسية السودانية المستنيرة، التي كان من المفترض أن تنشط إعلاميًّا، داخليًّا وخارجيًّا، لتبيان حقيقة ما يحدث وتصحيح المفاهيم والتصورات.
واختتمت الندوة نقاشاتها بالدعوة إلى أهمية إعادة النظر في المشهد السوداني من منظور وزاوية أوسع، وذلك بوضع الحرب الحالية ضمن سياق سلسلة من الأزمات والصراعات والحروب التي شهدها السودان منذ استقلاله عام 1956. والأخذ بعين الاعتبار فشل النخبة السياسية في إدارة شؤون البلاد وإدارة التنوع العرقي واللغوي والديني، وهو الفشل الذي أشار إليه منذ مدة المفكر السوداني الراحل الدكتور منصور خالد (1931-2020) في كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل". وخلص المشاركون إلى أن السودان، لكي يستعيد عافيته – ليس من هذه الأزمة فحسب، بل من أزمات أخرى قد تعصف به مستقبلًا – فإنه بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد ينظّم العلاقة بين المركز والأطراف، وإلى توافق وطني على تصوّر حول طبيعة وشكل نظام الحكم الذي تتوزع فيه السلطة والثروة بعدل، دون أن تشعر أي جهة بالغُبن أو الظلم. وضرورة تماسك الجبهة الداخلية لمواجهة الأطماع الإقليمية والدولية التي تتربص بالسودان.
يمكن للراغبين في تفاصيل أكثر مشاهدة الندوة عبر (هذا الرابط).
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الخارجية السودانية تعرب عن تقديرها لموقف مصر الرافض لتهديد سيادة ووحدة السودان
أعربت وزارة الخارجية السودانية عن تقديرها لمواقف مصر الرافضة لتهديد سيادة ووحدة السودان والشرعية الوطنية من خلال مساع لإقامة سلطة باسم لمليشيا الجنجويد انطلاقا من كينيا وبإشراف الراعية الإقليمية للمليشيا.
وأشادت الخارجية السودانية - في بيان أوردته وكالة الأنباء السودانية اليوم الأحد بالمواقف الدولية المتتالية القوية التي عبّرت عنها كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الكويت، والدول الأفريقية الأعضاء بمجلس الأمن: الجزائر والصومال وسيراليون، ومواقف الدول الأخرى الأعضاء بالمجلس روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وغيانا والبيان الصادر من تركيا.
وجددت الخارجية السودانية، دعوتها للمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي، لإدانة هذا التهديد الخطير للسلم والأمن الإقليمي، ورفض أي محاولات لزعزعة استقرار السودان أو شرعنة الجماعات الخارجة عن القانون.
وكانت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية، أعلنت - السبت الماضي - ميثاقًا سياسيًا لتشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة رفضتها الحكومة السودانية، وجاء التوقيع بعد مشاورات ومفاوضات استمرت لنحو خمسة أيام في العاصمة الكينية (نيروبي) بهدف تشكيل "حكومة موازية" في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع والقوى الداعمة لها.
اقرأ أيضاًالخارجية السودانية: لم نتلق طلبا من المبعوث الأمريكي لمنحه تأشيرة دخول للبلاد
الخارجية السودانية تشيد بقرار «المحامين العرب» وتدعو لتوثيق جرائم الدعم السريع