بأمر كيكل
خالد فضل
سمعت باسم كيكل قبل ثلاثة أشهر تقريبا من اجتياح ودمدني في ديسمبر2023م، وحيث تكثر في أجواء الحروب الشائعات ويسود التضليل وتطلق الرصاصة الأولى دوما على الحقيقة تمهيدا لسيادة الأوهام لم أعر الاسم اهتماما، هناك من يقول إنه يحاصر مدني، وأنه جنرال قوي وله سد شعبي قبلي كبير.. إلخ، ثمّ جاء الهجوم الأول، وفي كوبري حنتوب تم الإعلان وتلاه الاحتفال وتوزيع الحلوى في الشوارع وإطلاق رصاص الفرح بأنّ هجوم كيكل قد فشل وتم طرد المليشيا الفاجرة من تخوم ودمدني، وتجري الآن عمليات مطاردة عناصرها الهاربة.
فجأة، وفي عصر ذات اليوم الذي حمل صباحه البشرى، إذ بابن العم نفسه يناديني (خالد، مع الأسف مدني سقطت على يد كيكل) الله! أي عبث هذا، وطعم النصر لم تتمضمض منه شفاه من مضغوا حلاوة الاحتفال، اجبته من فوري (الله يكضب الشينة تاني)، شخصي ابن حرب، عاش في أجوائها في منتصف الثمانينيات في جوبا؛ على أيام دراستنا هناك في جامعتها، خبرت ويلاتها وشائعاتها ومآسيها وتضليلها وضحاياها من المدنيين قبل العسكريين، خبرت تعبئتها القبلية والجهوية ومليشياتها وخطاب الكراهية الذي يسعّرها. وعرفت أكثر (ألا غالب ومغلوب)، بل (الكل خسران) فكان موقفي منذ أيام الشباب الطامح وحتى أوان الشيخوخة الطارق على أبواب العمر الآن (لا للحرب) موقفا مبدئيا لا نكوص عنه حتى يسترد صاحب الوديعة وديعته بإذن الله.
ثمّ حدث ما حدث، مما نشرته على موقع “التغيير” في حينه تحت عنوان “عشناها رعبا في الجزيرة، أيام للنسيان”. ولكن تأبى الوقائع المفجعة أن تنزلق إلى دائرة النسيان، فالفتنة تلبس جلد الأفعى صيفا وشتاء تتجدد كما في وصف الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب، لقد عاثت قوات الدعم فسادا في أرض وضد شعب محليات مدني الكبرى، وجنوبها، وشمالها، وأجزاء من غربها، وكات تحت إمرة كيكل، قائد الفرقة الأولى مشاة بودمدني حسبما نصبه قائده حميدتي، نجا القائد من طلعات الطائرات الحربية وقذائف المسيرات التي تطلقها كتائب البراء وجيش البرهان في حين مات المدنيون وتفحمت أجسادهم في عدة مناطق بالجزيرة!! اجتاحت الجحافل المدججة بالسلاح القرى والكنابي، قتلت من قتلت وخطفت المدنيين وفيهم على ما أذكر (طفلة) ذات 14 سنة في جهات المدينة عرب حدّثتني بحادثتها خالتها، وكانت الخالة ضمن مجموعة من العاملات صدف أن أستأجرتهن للعمل معي في (حواشتنا)، ومع جحافل الدعم السريع أشرعت الأبواب لعصابات النهب والسلب المحلية، ولا رقيب، بل حماية كما تشير الوقائع، فعند إبلاغ قادة الدعم السريع في المنطقة عن حادثة نهب مثلا، تأتي استجابتهم باردة، ديل ما ناسنا اتعاملوا معاهم بطريقتكم، أو أمشوا اتفاهموا مع النهابين. ونادرا ما كانوا يقدمون خدمة للمصابين. كل هذا تحت إمرة القائد الهمام كيكل! وقد حضرت في قريتنا حادثة نهب أبقار وضرب -حد مشارف القتل- لأب وابنه، صدف أنّهم من أهلنا الرزيقات؛ كانوا قد لاذوا بالقرية نازحين من قرية قريبة لأن الأب كان يريد حفظ القرآن في الخلوة المشهورة بقريتنا، كاد الابن أن يموت، والأب ينزف خرج في الفزع الذي قوامه ثلة من أبناء أخواتي وأخواني، وبعض أقاربي، لم يك دافعهم (قبيلة) فديدنهم كما في التوجيه القرآني، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، فالتقوى ههنا كما أشار النبي الكريم محمد (ص) وهو يربت على قلبه، فليس لنداءات باسم القبائل من حظ في دين الإسلام، كما يتمشدق ويتاجر المزايدون الآن. إنّ الشوك الذي انغرس في باطن أرجل أسامة ود أختي زينب وهو يفزع وراء البقر المنهوب، لم يك دافعه نصرة (الرزيقات) لأنه لا يعرف أساسا إلى أي قبيلة ينتمي النهابون ولعله لم يك يعلم قبيلة الأم المستغيثة في حالك الليل والظلام الدامس يرخي السدول، كان سيكون هذا موقفه لو أنّ المستغيث جعلي أو شايقي مسلاتي أو زغاوي شكري أو حلاوي ..إلخ قبائل السودان، فأهل الجزيرة في معظم أنحائها لا يشترطون لقيم النخوة والشهامة بطاقة تعريف بالقبيلة، فهل كيكل يعلم بهذه القيم، وهل من يحرضه الآن (معتمرا الكاب) يفقه في واقع مجتمعه شيئا؟ إني والله في شك المهم حدث ما حدث تحت إمرته فهل كان كيكل ممثلا لقبيلة ضمن تشكيلات الدعم السريع! أم أنّه يمتثل الآن بفتاوى شيوخ الضلال في شواطئ البسفور وبلد كمال أتاتورك (العلماني عدييل) حول دك الحواضن الاجتماعية للمتمردين، فيما محمد ود شمس الدين أخوي، في تلك القرية يعرّض نفسه للخطر مغيثا لمن ينحدر من قبيلة المتمردين المفترضين، لماذا لم يدك طيران المصباح طلحة وسناء حمد وعلي كرتي والناجي مصطفى مواكب كيكل، وهو يجوب القرى في شمال وشرق الجزيرة، وينصب المرحوم البيشي قائدا لولاية سنار من داخل مكتب والي الولاية الذي ولى الأدبار رفقة قائده الناجي مصطفى، ثم تصطاد ذات المسيرات البيشي وتخطئ كيكل؟ هذا أمر مريب.
لا للحرب، وهي كما تعلمون تنحدر كل يوم إلى منزلق اللاعودة، وتتزيأ بجلد الأفعي صيفا وشتاء تتجدد، فالتحشيد على أسس القبيلة يعني (القنع) من بلد اسمه السودان، والإنكفاء على حدود القبيلة، شعارها وهل أنا إلا من غزية، بعد أن لم يستبن القوم النصح ضحى أمس، يعني الردة إلا ما قبل تكوين الدولة (ومؤسساتها الحداثية ) كما يبرر بعض عتاة المثقفين – مجازا – فالمثقف الحق ينظر إلى ما وراء السائد من راهن غشوم، الراهن الذي يؤلب فيه (أبوسفيان بلحيته الصفراء العصبيات القبلية) والقول لمظفر كذلك. المثقف الحقيقي في تقديري هم أؤلئك الشباب في قريتي الذين نهضوا لإغاثة المستغيث، هم أؤلئك العاكفون/ات على التكايا ورعاية النازحين واللاجئين، الرافضون/ات للحرب، المدينون/ات لانتهاكات كل الأطراف فيها، النساء الفاعلات والشباب الواعي، السياسيون/ات التقدميون/ات – النسبة للتقدم – وتحالف (تقدم) ضمنهم في تقديري، وليس بالضرورة يشملهم كلهم. فأين موقع القائد كيكل البطل/الخائن؛ بحسب وجهتي النظر، في راهن ومستقبل السودان، فقد خبر الناس ماضيه على كل حال.
الوسومالجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة
إقرأ أيضاً:
40 قتيلاً بهجوم لقوات الدعم السريع في وسط السودان
قوات الدعم السريع شنت هجوما مصحوبا بحالات نهب اعتباراً من مساء الثلاثاء واستأنفت الهجوم صباح الأربعاء..
التغيير: وكالات
قُتِل أربعون شخصاً “بالرصاص” في السودان في هجوم شنه عناصر من قوات الدعم السريع على قرية في ولاية الجزيرة بوسط البلاد التي تشهد حرباً مدمرة مستمرة منذ عام ونصف، وفق ما ما أفاد طبيب اليوم الأربعاء.
وقال أحد الشهود في قرية ود عشيب في اتصال هاتفي مع وكالة “فرانس برس” إنَّ قوات الدعم السريع التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ عام ونصف، شنت هجوما اعتباراً من مساء الثلاثاء و”استأنفت الهجوم صباح” الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون “عمليات نهب”.
وقال طبيب في مستشفى ود رواح إلى شمال القرية لوكالة “فرانس برس” طالباً عدم كشف هويته خوفاً على سلامته بعد تعرض الفرق الطبية لعدة هجمات إنَّ “الأشخاص الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص”.
واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”.
في الوقت الحالي، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق ولاية الجزيرة، باستثناء مدينة المناقل والمناطق المجاورة لها، التي تمتد حتى حدود ولاية سنار جنوبًا وغربًا حتى ولاية النيل الأبيض.
منذ انشقاق أبوعاقلة كيكل عن قوات الدعم السريع في 20 أكتوبر الماضي، وإعلانه الانضمام إلى الجيش السوداني، شهدت الولاية تصعيدًا ملحوظًا في الهجمات الانتقامية التي تنفذها قوات الدعم السريع، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية.
وتسببت الحرب المستعرة في السودان منذ أبريل 2023 في مقتل آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 11 مليون سوداني، مما جعلها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
الوسومانهاكات قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة حرب الجيش والدعم السريع ولاية الجزيرة