صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-31@02:30:18 GMT

بأمر كيكل

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

بأمر كيكل

 

بأمر كيكل

خالد فضل

سمعت باسم كيكل قبل ثلاثة أشهر تقريبا من اجتياح ودمدني في ديسمبر2023م، وحيث تكثر في أجواء الحروب الشائعات ويسود التضليل وتطلق الرصاصة الأولى دوما على الحقيقة تمهيدا لسيادة الأوهام لم أعر الاسم اهتماما، هناك من يقول إنه يحاصر مدني، وأنه جنرال قوي وله سد شعبي قبلي كبير.. إلخ، ثمّ جاء الهجوم الأول، وفي كوبري حنتوب تم الإعلان وتلاه الاحتفال وتوزيع الحلوى في الشوارع وإطلاق رصاص الفرح بأنّ هجوم كيكل قد فشل وتم طرد المليشيا الفاجرة من تخوم ودمدني، وتجري الآن عمليات مطاردة عناصرها الهاربة.

وفي صبيحة اليوم التالي جاء أحد أبناء عمومتي مسرعا يحمل البشرى (كيكل في قبضة الاستخبارات، بعد أن تمكّن منه النقيب فلان – نسيت الاسم) قلت لأخي ذاك: لقيت الخبر السار ده وين؟ قال بفرح شديد: في أحد قروبات الواتساب. قلت له، الله يكضب الشينة. ومضى في طريقه يوزع البشرى لكل من يقابله في الطريق، وانهمكت في تنظيف زراعتي الصغيرة التي أرعاها في جزء من بيت العائلة الكبيرة، وكنت أهمهم “يا ريت يا ريت نتجنب ويلات الحرب للمرّة الثانية”، فقد عشت بداية المأساة في قلب السوق العربي بل على مقربة من القصر الجمهوري بالخرطوم.

فجأة، وفي عصر ذات اليوم الذي حمل صباحه البشرى، إذ بابن العم نفسه يناديني (خالد، مع الأسف مدني سقطت على يد كيكل) الله! أي عبث هذا، وطعم النصر لم تتمضمض منه شفاه من مضغوا حلاوة الاحتفال، اجبته من فوري (الله يكضب الشينة تاني)، شخصي ابن حرب، عاش في أجوائها في منتصف الثمانينيات في جوبا؛ على أيام دراستنا هناك في جامعتها، خبرت ويلاتها وشائعاتها ومآسيها وتضليلها وضحاياها من المدنيين قبل العسكريين، خبرت تعبئتها القبلية والجهوية ومليشياتها وخطاب الكراهية الذي يسعّرها. وعرفت أكثر (ألا غالب ومغلوب)، بل (الكل خسران) فكان موقفي منذ أيام الشباب الطامح وحتى أوان الشيخوخة الطارق على أبواب العمر الآن (لا للحرب) موقفا مبدئيا لا نكوص عنه حتى يسترد صاحب الوديعة وديعته بإذن الله.

ثمّ حدث ما حدث، مما نشرته على موقع “التغيير” في حينه تحت عنوان “عشناها رعبا في الجزيرة، أيام للنسيان”. ولكن تأبى الوقائع المفجعة أن تنزلق إلى دائرة النسيان، فالفتنة تلبس جلد الأفعى صيفا وشتاء تتجدد كما في وصف الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب، لقد عاثت قوات الدعم فسادا في أرض وضد شعب محليات مدني الكبرى، وجنوبها، وشمالها، وأجزاء من غربها، وكات تحت إمرة كيكل، قائد الفرقة الأولى مشاة بودمدني حسبما نصبه قائده حميدتي، نجا القائد من طلعات الطائرات الحربية وقذائف المسيرات التي تطلقها كتائب البراء وجيش البرهان في حين مات المدنيون وتفحمت أجسادهم في عدة مناطق بالجزيرة!! اجتاحت الجحافل المدججة بالسلاح القرى والكنابي، قتلت من قتلت وخطفت المدنيين وفيهم على ما أذكر (طفلة) ذات 14 سنة في جهات المدينة عرب حدّثتني بحادثتها خالتها، وكانت الخالة ضمن مجموعة من العاملات صدف أن أستأجرتهن للعمل معي في (حواشتنا)، ومع جحافل الدعم السريع أشرعت الأبواب لعصابات النهب والسلب المحلية، ولا رقيب، بل حماية كما تشير الوقائع، فعند إبلاغ قادة الدعم السريع في المنطقة عن حادثة نهب مثلا، تأتي استجابتهم باردة، ديل ما ناسنا اتعاملوا معاهم بطريقتكم، أو أمشوا اتفاهموا مع النهابين. ونادرا ما كانوا يقدمون خدمة للمصابين. كل هذا تحت إمرة القائد الهمام كيكل! وقد حضرت في قريتنا حادثة نهب أبقار وضرب -حد مشارف القتل- لأب وابنه، صدف أنّهم من أهلنا الرزيقات؛ كانوا قد لاذوا بالقرية نازحين من قرية قريبة لأن الأب كان يريد حفظ القرآن في الخلوة المشهورة بقريتنا، كاد الابن أن يموت، والأب ينزف خرج في الفزع الذي قوامه ثلة من أبناء أخواتي وأخواني، وبعض أقاربي، لم يك دافعهم (قبيلة) فديدنهم كما في التوجيه القرآني، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، فالتقوى ههنا كما أشار النبي الكريم محمد (ص) وهو يربت على قلبه، فليس لنداءات باسم القبائل من حظ في دين الإسلام، كما يتمشدق ويتاجر المزايدون الآن. إنّ الشوك الذي انغرس في باطن أرجل أسامة ود أختي زينب وهو يفزع وراء البقر المنهوب، لم يك دافعه نصرة (الرزيقات) لأنه لا يعرف أساسا إلى أي قبيلة ينتمي النهابون ولعله لم يك يعلم قبيلة الأم المستغيثة في حالك الليل والظلام الدامس يرخي السدول، كان سيكون هذا موقفه لو أنّ المستغيث جعلي أو شايقي مسلاتي أو زغاوي شكري أو حلاوي ..إلخ قبائل السودان، فأهل الجزيرة في معظم أنحائها لا يشترطون لقيم النخوة والشهامة بطاقة تعريف بالقبيلة، فهل كيكل يعلم بهذه القيم، وهل من يحرضه الآن (معتمرا الكاب) يفقه في واقع مجتمعه شيئا؟ إني والله في شك المهم حدث ما حدث تحت إمرته فهل كان كيكل ممثلا لقبيلة ضمن تشكيلات الدعم السريع! أم أنّه يمتثل الآن بفتاوى شيوخ الضلال في شواطئ البسفور وبلد كمال أتاتورك (العلماني عدييل) حول دك الحواضن الاجتماعية للمتمردين، فيما محمد ود شمس الدين أخوي، في تلك القرية يعرّض نفسه للخطر مغيثا لمن ينحدر من قبيلة المتمردين المفترضين، لماذا لم يدك طيران المصباح طلحة وسناء حمد وعلي كرتي والناجي مصطفى مواكب كيكل، وهو يجوب القرى في شمال وشرق الجزيرة، وينصب المرحوم البيشي قائدا لولاية سنار من داخل مكتب والي الولاية الذي ولى الأدبار رفقة قائده الناجي مصطفى، ثم تصطاد ذات المسيرات البيشي وتخطئ كيكل؟ هذا أمر مريب.

لا للحرب، وهي كما تعلمون تنحدر كل يوم إلى منزلق اللاعودة، وتتزيأ بجلد الأفعي صيفا وشتاء تتجدد، فالتحشيد على أسس القبيلة يعني (القنع) من بلد اسمه السودان، والإنكفاء على حدود القبيلة، شعارها وهل أنا إلا من غزية، بعد أن لم يستبن القوم النصح ضحى أمس، يعني الردة إلا ما قبل تكوين الدولة (ومؤسساتها الحداثية ) كما يبرر بعض عتاة المثقفين – مجازا – فالمثقف الحق ينظر إلى ما وراء السائد من راهن غشوم، الراهن الذي يؤلب فيه (أبوسفيان بلحيته الصفراء العصبيات القبلية) والقول لمظفر كذلك. المثقف الحقيقي في تقديري هم أؤلئك الشباب في قريتي الذين نهضوا لإغاثة المستغيث، هم أؤلئك العاكفون/ات على التكايا ورعاية النازحين واللاجئين، الرافضون/ات للحرب، المدينون/ات لانتهاكات كل الأطراف فيها، النساء الفاعلات والشباب الواعي، السياسيون/ات التقدميون/ات – النسبة للتقدم – وتحالف (تقدم) ضمنهم في تقديري، وليس بالضرورة يشملهم كلهم. فأين موقع القائد كيكل البطل/الخائن؛ بحسب وجهتي النظر، في راهن ومستقبل السودان، فقد خبر الناس ماضيه على كل حال.

 

الوسومالجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات

الانسحابات وإعادة التموضع

شهدت قوات الدعم السريع خلال الأسابيع الأخيرة تحولات ملحوظة في انتشارها الميداني داخل السودان. انسحبت بعض وحداتها من أجزاء من الخرطوم وولاية الجزيرة، وهو ما يراه المحللون خطوة محسوبة ضمن استراتيجية إعادة التموضع. هذه الخطوة قد تكون استعدادًا لحرب طويلة الأمد بدلاً من الاكتفاء بالمواجهات المباشرة التي قد تؤدي إلى إنهاك القوات.
الوضع في الفاشر ومعارك النفوذ
لا تزال الفاشر نقطة محورية في العمليات العسكرية، حيث تسعى قوات الدعم السريع إلى تثبيت نفوذها في دارفور، والتي تعد معقلًا رئيسيًا لها. تدور المعارك في محيط المدينة وسط تقارير عن تعزيزات جديدة وتحركات تكتيكية، ما يشير إلى أن الدعم السريع يسعى لتأمين موقعه هناك كجزء من خطته للحفاظ على عمقه الاستراتيجي.
التحضير لحرب طويلة الأمد
وفقًا لمحللين عسكريين، فإن الدعم السريع يعيد هيكلة وجوده العسكري بما يسمح له بخوض صراع طويل الأمد. من خلال الانسحاب المنظم من بعض المناطق والتوجه نحو مناطق نفوذه القوي، يحاول حميدتي وقادته تحويل الصراع إلى معركة استنزاف بدلاً من المواجهات المفتوحة مع الجيش السوداني. ويؤكد بعض التقارير أن الدعم السريع يتبنى سياسة "الأرض المحروقة" في بعض المناطق، ما أدى إلى تدمير بنى تحتية واستهداف مرافق حيوية.
الوضع الدولي والقانوني
أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أن مكتبه سيطلب إصدار مذكرات توقيف ضد المتهمين بارتكاب فظائع في منطقة غرب دارفور بالسودان. ويعكس هذا الإعلان تصاعد الاهتمام الدولي بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في تلك المنطقة، وهو ما قد يكون له تداعيات على مسار الصراع مستقبلًا.
تأمين مستقبل الحكومة القادمة
في ظل غياب تسوية سياسية شاملة، يبدو أن قوات الدعم السريع تسعى إلى ترسيخ نفوذها على الأرض بحيث تكون جزءًا لا يمكن تجاوزه في أي عملية تفاوضية مستقبلية. تسعى القوات إلى فرض واقع عسكري وسياسي يجعل من الصعب استبعادها من أي اتفاق بشأن الحكم في السودان.
التحسب لخطوات الجيش والقوى السياسية
في المقابل، يراقب الدعم السريع التحركات السياسية والعسكرية التي قد يقوم بها الجيش، خصوصًا فيما يتعلق بتحالفاته مع القوى السياسية والمليشيات المناصرة له. قد يكون أحد أهداف الدعم السريع من إعادة التموضع هو تقليل فرص الجيش في فرض حل عسكري شامل. وفي هذا السياق، قامت قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيرة على مرافق حيوية، مثل المحطة التحويلية للكهرباء في منطقة الشوك بولاية القضارف، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عدة ولايات.
معركة ود مدني والتحديات المستقبلية
في 11 يناير الجاري، تمكن الجيش السوداني من استعادة السيطرة على مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وقد أشارت تقارير إلى ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين أثناء هذه العملية، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل من الصعب الوصول إلى حل سياسي في المدى القريب.
يتجه الدعم السريع نحو فرض معادلة عسكرية وسياسية جديدة على الأرض، تضمن له موطئ قدم قويًا في أي تسوية مقبلة. ومن خلال إعادة التموضع وتحسين انتشاره في مناطق النفوذ، يحاول الدعم السريع الاستعداد لمرحلة طويلة من الصراع، مع التركيز على تأمين دوره في مستقبل الحكم في السودان. في ظل هذه التطورات، ستظل معارك السيطرة على الأرض وتحالفات القوى المتصارعة عوامل رئيسية في تحديد مسار النزاع خلال الفترة القادمة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. مواطن أسيوي يقلد شيخ الدعم السريع الذي قام بخلع سرواله بطريقة مضحكة والجمهور يطالب بتكريمه بعد الحرب
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات
  • السودان: ترحيل «1835» أسرة من المناقل إلى محلية جنوب الجزيرة
  • مستشار المليشيا الباشا طبيق لمذيعة الجزيرة: يا استاذة لا تكذبي
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة
  • الدعم السريع تغتصب سيدة بريف “أبو قوتة” حتى الموت
  • مستقبل القبائل العربية بعد هزيمة الدعم السريع في السودان
  • تعرف على سبب اغتيال الدعم السريع لقائده جلحة
  • ???? مليشيا الدعم السريع تصفي جلحة احد اشهر قادتها
  • مقتل الجنرال جلحة القيادي في الدعم السريع