صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-25@10:24:46 GMT

بأمر كيكل

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

بأمر كيكل

 

بأمر كيكل

خالد فضل

سمعت باسم كيكل قبل ثلاثة أشهر تقريبا من اجتياح ودمدني في ديسمبر2023م، وحيث تكثر في أجواء الحروب الشائعات ويسود التضليل وتطلق الرصاصة الأولى دوما على الحقيقة تمهيدا لسيادة الأوهام لم أعر الاسم اهتماما، هناك من يقول إنه يحاصر مدني، وأنه جنرال قوي وله سد شعبي قبلي كبير.. إلخ، ثمّ جاء الهجوم الأول، وفي كوبري حنتوب تم الإعلان وتلاه الاحتفال وتوزيع الحلوى في الشوارع وإطلاق رصاص الفرح بأنّ هجوم كيكل قد فشل وتم طرد المليشيا الفاجرة من تخوم ودمدني، وتجري الآن عمليات مطاردة عناصرها الهاربة.

وفي صبيحة اليوم التالي جاء أحد أبناء عمومتي مسرعا يحمل البشرى (كيكل في قبضة الاستخبارات، بعد أن تمكّن منه النقيب فلان – نسيت الاسم) قلت لأخي ذاك: لقيت الخبر السار ده وين؟ قال بفرح شديد: في أحد قروبات الواتساب. قلت له، الله يكضب الشينة. ومضى في طريقه يوزع البشرى لكل من يقابله في الطريق، وانهمكت في تنظيف زراعتي الصغيرة التي أرعاها في جزء من بيت العائلة الكبيرة، وكنت أهمهم “يا ريت يا ريت نتجنب ويلات الحرب للمرّة الثانية”، فقد عشت بداية المأساة في قلب السوق العربي بل على مقربة من القصر الجمهوري بالخرطوم.

فجأة، وفي عصر ذات اليوم الذي حمل صباحه البشرى، إذ بابن العم نفسه يناديني (خالد، مع الأسف مدني سقطت على يد كيكل) الله! أي عبث هذا، وطعم النصر لم تتمضمض منه شفاه من مضغوا حلاوة الاحتفال، اجبته من فوري (الله يكضب الشينة تاني)، شخصي ابن حرب، عاش في أجوائها في منتصف الثمانينيات في جوبا؛ على أيام دراستنا هناك في جامعتها، خبرت ويلاتها وشائعاتها ومآسيها وتضليلها وضحاياها من المدنيين قبل العسكريين، خبرت تعبئتها القبلية والجهوية ومليشياتها وخطاب الكراهية الذي يسعّرها. وعرفت أكثر (ألا غالب ومغلوب)، بل (الكل خسران) فكان موقفي منذ أيام الشباب الطامح وحتى أوان الشيخوخة الطارق على أبواب العمر الآن (لا للحرب) موقفا مبدئيا لا نكوص عنه حتى يسترد صاحب الوديعة وديعته بإذن الله.

ثمّ حدث ما حدث، مما نشرته على موقع “التغيير” في حينه تحت عنوان “عشناها رعبا في الجزيرة، أيام للنسيان”. ولكن تأبى الوقائع المفجعة أن تنزلق إلى دائرة النسيان، فالفتنة تلبس جلد الأفعى صيفا وشتاء تتجدد كما في وصف الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب، لقد عاثت قوات الدعم فسادا في أرض وضد شعب محليات مدني الكبرى، وجنوبها، وشمالها، وأجزاء من غربها، وكات تحت إمرة كيكل، قائد الفرقة الأولى مشاة بودمدني حسبما نصبه قائده حميدتي، نجا القائد من طلعات الطائرات الحربية وقذائف المسيرات التي تطلقها كتائب البراء وجيش البرهان في حين مات المدنيون وتفحمت أجسادهم في عدة مناطق بالجزيرة!! اجتاحت الجحافل المدججة بالسلاح القرى والكنابي، قتلت من قتلت وخطفت المدنيين وفيهم على ما أذكر (طفلة) ذات 14 سنة في جهات المدينة عرب حدّثتني بحادثتها خالتها، وكانت الخالة ضمن مجموعة من العاملات صدف أن أستأجرتهن للعمل معي في (حواشتنا)، ومع جحافل الدعم السريع أشرعت الأبواب لعصابات النهب والسلب المحلية، ولا رقيب، بل حماية كما تشير الوقائع، فعند إبلاغ قادة الدعم السريع في المنطقة عن حادثة نهب مثلا، تأتي استجابتهم باردة، ديل ما ناسنا اتعاملوا معاهم بطريقتكم، أو أمشوا اتفاهموا مع النهابين. ونادرا ما كانوا يقدمون خدمة للمصابين. كل هذا تحت إمرة القائد الهمام كيكل! وقد حضرت في قريتنا حادثة نهب أبقار وضرب -حد مشارف القتل- لأب وابنه، صدف أنّهم من أهلنا الرزيقات؛ كانوا قد لاذوا بالقرية نازحين من قرية قريبة لأن الأب كان يريد حفظ القرآن في الخلوة المشهورة بقريتنا، كاد الابن أن يموت، والأب ينزف خرج في الفزع الذي قوامه ثلة من أبناء أخواتي وأخواني، وبعض أقاربي، لم يك دافعهم (قبيلة) فديدنهم كما في التوجيه القرآني، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، فالتقوى ههنا كما أشار النبي الكريم محمد (ص) وهو يربت على قلبه، فليس لنداءات باسم القبائل من حظ في دين الإسلام، كما يتمشدق ويتاجر المزايدون الآن. إنّ الشوك الذي انغرس في باطن أرجل أسامة ود أختي زينب وهو يفزع وراء البقر المنهوب، لم يك دافعه نصرة (الرزيقات) لأنه لا يعرف أساسا إلى أي قبيلة ينتمي النهابون ولعله لم يك يعلم قبيلة الأم المستغيثة في حالك الليل والظلام الدامس يرخي السدول، كان سيكون هذا موقفه لو أنّ المستغيث جعلي أو شايقي مسلاتي أو زغاوي شكري أو حلاوي ..إلخ قبائل السودان، فأهل الجزيرة في معظم أنحائها لا يشترطون لقيم النخوة والشهامة بطاقة تعريف بالقبيلة، فهل كيكل يعلم بهذه القيم، وهل من يحرضه الآن (معتمرا الكاب) يفقه في واقع مجتمعه شيئا؟ إني والله في شك المهم حدث ما حدث تحت إمرته فهل كان كيكل ممثلا لقبيلة ضمن تشكيلات الدعم السريع! أم أنّه يمتثل الآن بفتاوى شيوخ الضلال في شواطئ البسفور وبلد كمال أتاتورك (العلماني عدييل) حول دك الحواضن الاجتماعية للمتمردين، فيما محمد ود شمس الدين أخوي، في تلك القرية يعرّض نفسه للخطر مغيثا لمن ينحدر من قبيلة المتمردين المفترضين، لماذا لم يدك طيران المصباح طلحة وسناء حمد وعلي كرتي والناجي مصطفى مواكب كيكل، وهو يجوب القرى في شمال وشرق الجزيرة، وينصب المرحوم البيشي قائدا لولاية سنار من داخل مكتب والي الولاية الذي ولى الأدبار رفقة قائده الناجي مصطفى، ثم تصطاد ذات المسيرات البيشي وتخطئ كيكل؟ هذا أمر مريب.

لا للحرب، وهي كما تعلمون تنحدر كل يوم إلى منزلق اللاعودة، وتتزيأ بجلد الأفعي صيفا وشتاء تتجدد، فالتحشيد على أسس القبيلة يعني (القنع) من بلد اسمه السودان، والإنكفاء على حدود القبيلة، شعارها وهل أنا إلا من غزية، بعد أن لم يستبن القوم النصح ضحى أمس، يعني الردة إلا ما قبل تكوين الدولة (ومؤسساتها الحداثية ) كما يبرر بعض عتاة المثقفين – مجازا – فالمثقف الحق ينظر إلى ما وراء السائد من راهن غشوم، الراهن الذي يؤلب فيه (أبوسفيان بلحيته الصفراء العصبيات القبلية) والقول لمظفر كذلك. المثقف الحقيقي في تقديري هم أؤلئك الشباب في قريتي الذين نهضوا لإغاثة المستغيث، هم أؤلئك العاكفون/ات على التكايا ورعاية النازحين واللاجئين، الرافضون/ات للحرب، المدينون/ات لانتهاكات كل الأطراف فيها، النساء الفاعلات والشباب الواعي، السياسيون/ات التقدميون/ات – النسبة للتقدم – وتحالف (تقدم) ضمنهم في تقديري، وليس بالضرورة يشملهم كلهم. فأين موقع القائد كيكل البطل/الخائن؛ بحسب وجهتي النظر، في راهن ومستقبل السودان، فقد خبر الناس ماضيه على كل حال.

 

الوسومالجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع كيكل مدني ولاية الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع

القاهرة: حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الخميس من أن مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان أصبح “شبه خال”، بعد أقلّ من أسبوعين على سيطرة قوات الدعم السريع عليه في خضم الحرب الدائرة بينها وبين الجيش، وأفاد المكتب بفرار مئات آلاف الأشخاص هربا من المجاعة التي تضرب المخيم إلى مناطق مجاورة، ولا سيما مدينة الفاشر التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أشهر والتي تُعدّ آخر مدينة كبرى في إقليم دارفور (غرب) ما زال الجيش يسيطر عليها.

وجاء في بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن “مخيم زمزم للنازحين والذي كان يؤوي 400 ألف شخص على الأقلّ قبل النزوح، أصبح شبه خال”، وأضاف أن صورا التقطتها أقمار اصطناعية تظهر اندلاع حرائق هناك، مع ورود تقارير تفيد بأن قوات الدعم السريع تمنع البعض من المغادرة.

ووفق البيان فإن “النزوح من زمزم بصدد التمدّد إلى وجهات عدة… ووصل نحو 150 ألف نازح إلى مدينة الفاشر، كما انتقل 181 ألف شخص آخرين إلى طويلة”.

واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان 2023، وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص، وتسبّبت، وفق الأمم المتحدة، بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق.

ومخيم زمزم كان أول مكان تعلن فيه المجاعة في السودان في أغسطس/ آب الماضي.

وبحلول ديسمبر/ كانون الأول امتدت المجاعة إلى مخيمين آخرين في دارفور وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.

واشتدت المعارك في إقليم دارفور غرب السودان بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة الخرطوم.

(أ ف ب)  

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • شاهد بالفيديو.. في لقاء جماهيري حاشد.. “كيكل” يصرخ ويتوعد: (مافي سبب واحد يخلي وزارة المالية ترفع يدها عن انسان الجزيرة البسيط وحقنا بنجيبوا من أي زول قاعد فوق)
  • كيكل يكشف عن 5 الاف جندي لمهمة حاسمة
  • إبراهيم جابر : ستتوقف الحرب بتوقف إمداد الدعم السريع بالسلاح والمرتزقة
  • الدعم السريع: لم نقصف أيّ مرفق خدمي من قبل ولو بالخطأ
  • الحكومة السودانية: الدعم السريع أحرقت 270 قرية في شمال دارفور
  • السجن 10 سنوات لمتعاون مع الدعم السريع في فداسي
  • أكثر من 30 قتيلا جراء قصف قوات الدعم السريع مدينة الفاشر في دارفور  
  • الدعم السريع يستهدف ود الزاكي بالمدفعية الثقيلة