ورد إلى الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالٌ من أحد المتابعين عبر فيديو على صفحة دار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يسأل فيه: "هل أمرنا الله بحفظ القرآن الكريم كاملاً؟".

في رده، أكد الشيخ عبد السميع أنه لا توجد نصوص شرعية تلزم المسلم بحفظ القرآن الكريم كاملاً، ولكن توجد نصوص تحث على أن يكون للمسلم نصيبٌ من القرآن في قلبه.

واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "المسلم الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب". 

وأشار الشيخ إلى أن الله تعالى ذكر في كتابه الكريم: "وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي ما الكِتابُ ولا الإيمانُ ولَكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَن نَشاءُ مِن عِبادِنا".

وبناءً على ذلك، أوضح عبد السميع أنه من المستحب للمسلم أن يحفظ قدرًا من القرآن، سواء كان هذا القدر قليلاً أو كثيراً، بحسب استطاعته، فالحفظ ليس واجباً ولكنه مستحب.

وفي سياق متصل، أوضح الشيخ عبدالله العجمي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن حفظ القرآن الكريم ليس فرضاً على المسلم، بل هو فضيلة محمودة وتوفيق من الله. 

وأضاف أن حفظ القرآن الكريم يُعد فرض كفاية، فإذا قام به بعض المسلمين سقطت المسؤولية عن الآخرين، ولكن يُستحب لكل مسلم أن يجتهد في حفظ ما يستطيع من القرآن الكريم طالما كان قادراً على ذلك. 

أما إذا كان الحفظ صعباً عليه، فلا بأس أن يكتفي بحفظ ما تصح به عباداته ولا إثم عليه في ذلك.

هل يجب على المسلم حفظ القرآن قبل الموت

وتساءلت إحدى المتابعات عن كيفية التعامل مع خوفها من الموت قبل إتقان حفظ القرآن الكريم، إذ أنها تستمع كثيراً للقرآن لكنها لا تستطيع القراءة الصحيحة. 

أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مؤكداً أن حفظ القرآن ليس شرطاً، بل هو فضيلة وتوفيق من الله. وطمأن السائلة بأن مجرد فتح المصحف وتلاوة القرآن يُعد عملاً مأجوراً عند الله، مشيراً إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران".

وأضاف الشيخ عثمان أن المسلم ينال في كل حرفٍ يقرأه من القرآن عشر حسنات، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

 وأوضح أن القرآن الكريم هو معجزة خالدة عجز عن مجاراتها البلغاء والشعراء والإنس والجن كما جاء في قوله تعالى: "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله".

وعن أسهل الطرق لحفظ القرآن وإتقانه، أوضح الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أن خير الأعمال هي التي تستمر ولو كانت قليلة، مشيراً إلى أن حفظ القرآن يتطلب المثابرة والاستمرارية. 

ونصح بحفظ خمس أسطر في اليوم كحد أقصى لتسهيل المراجعة، مشدداً على أهمية قراءة ما يُحفظ في الصلوات اليومية، والإلحاح في المراجعة.

وفيما يتعلق بالآباء والأمهات، حث عاشور على تشجيع أطفالهم على حفظ القرآن والتمسك بالأخلاق الحميدة، مؤكداً أن هذه الجهود تُثمر على المدى الطويل.

من جانبه، تطرق الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إلى مسألة التهاون في حفظ القرآن، موضحاً أنه لا يوجد حرج على من يستطيع الحفظ ولم يفعل، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذّر من حفظ القرآن ثم نسيانه، مشيراً إلى ضرورة مراجعة ما يُحفظ باستمرار حتى لا يُنسى.

وختم الشيخ علي جمعة بأن من لم يحفظ القرآن الكريم فلا إثم عليه، ولكن من يحفظه وينساه فإنه يتحمل وزراً بسبب تركه للمراجعة.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء حفظ القرآن الكريم صلى الله علیه وسلم حفظ القرآن الکریم من القرآن

إقرأ أيضاً:

الصلاة دون معرفة اتجاه القبلة الصحيح.. الإفتاء توضح كيف يتصرف المسلم

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن معرفة اتجاه القبلة الصحيح واستقبالها من شروط صحة الصلاة؛ مستشهدة بقول الله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 150]، كما استشهدت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» متفق عليه.

وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أن المقصود باستقبال القبلة: التوجه إلى عين الكعبة لمن كان في المسجد الحرام، والتوجه إلى المسجد الحرام لمن كان في مكة، والتوجه إلى مكة لمن كان خارجها، لما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي» رواه البيهقي في "السنن الكبرى".

هل يجوز الدعاء لشخص معين باسمه خلال السجود بالصلاة؟.. الإفتاء توضحسنن نبوية في الصلوات حافظ عليها لتنال أجرهاما حكم من تيمم وصلى ثم وجد الماء قبل خروج وقت الصلاة؟.. الإفتاء تجيبهل تقضى صلاة الوتر بعد الفجر لمن فاتته؟.. مجدي عاشور يجيب

كيف يتصرف المسلم إذا لم يعرف اتجاه القبلة؟

وأوضحت دار الإفتاء، أنه يجب شرعًا على من أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة أن يسأل عن اتجاهها أو أن يجتهد في تحرِّيها، فإذا سأل أو اجتهد فأخطأ وعَلِمَ بخطئه بعد الصلاة: فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه. 

وتابعت أنه إذا لم يسأل وترك الاجتهاد في تحرِّيها وصلَّى، فإن تبيَّن له الخطأ فصلاته غير صحيحة وتلزمه إعادتها، وإن تبيَّن عدم الخطأ وتحقق أنه قد أصاب القبلة: فمقصرٌ في أداءِ واجبِ الاجتهاد، والأصل أنه تلزمه إعادة الصلاة؛ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد، ولو قلَّد من يُصحِّحُ الصلاةَ فلا بأس، مع وجوب تحري القبلة فيما يُستقبل من صلوات -بالاجتهاد أو السؤال-؛ خروجًا من خلاف الفقهاء، واحتياطًا لأمر الصلاة المفروضة التي هي عماد الدين وركنه الأعظم.

وذكرت دار الإفتاء آراء بعض الفقهاء حول حكم من لم يعرف اتجاه القبلة ومنهم:

قال العلَّامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 47، ط. الحلبي): [(وإن اشتبهت عليه القبلة وليس له من يسأل: اجتهد وصَلَّى ولا يُعِيدُ وإن أخطأ)... لأن الواجب عليه التوجه إلى جهة التحرِّي إذ التكليفُ بِقَدْرِ الوُسْعِ] اهـ.

وقال الإمام الدردير في "الشرح الكبير بحاشية الدسوقي" (1/ 224، ط. دار الفكر): [اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يُعيد في الوقت، وعلى مقابله يُعيد أبدًا] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 338، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن صلى بالاجتهاد) منه أو من مقلده (فتيقن الخطأ) في جهة أو تيامن أو تياسر معينا قبل الوقت أو فيه أعاد أو بعده (قضى) وجوبًا (في الأظهر)... والثاني: لا يقضي؛ لأنه ترك القبلة بعذر فأشبه تركها في حال القتال، ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم، واختاره المزني] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 325، ط. مكتبة القاهرة): [المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينًا، لم يلزمه الإعادة. وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده. وبهذا قال مالك، وأبو حنيفة. والشافعي في أحد قوليه] اهـ.

ويرى المالكية في قول والشافعية في الأظهر وهو المعتمد أن الإعادة تلزمه في الوقت وبعد الوقت.

وقال العلَّامة جلال الدين المحلِّي في شرحه على "المنهاج بحاشيتي قليوبي وعميرة" (1/ 158، ط. دار الفكر): [(ومن صلى بالاجتهاد فتيقن الخطأ) في الجهة في الوقت أو بعده (قضى في الأظهر)، والثاني: لا يجب القضاء لعذره بالاجتهاد] اهـ.

وقال العلَّامة القليوبي في الحاشية مُعلِّقًا: [(قضى) أي لزمه فعل الصلاة ثانيًا لاستقراره في ذمته ولو في الوقت، ولا يفعل حتى يظهر له الصواب، ولو بعد الوقت؛ لأنه متمكن من اليقين بالصبر أو بالانتقال إلى محل آخر] اهـ، ويُنظر: "الشرح الكبير" للإمام الدردير المالكي (1/ 224).

مقالات مشابهة

  • هل قراءة سورة البقرة والملك في اليوم تكفي؟ .. الإفتاء ترد
  • حكم كتابة الأذكار على كفن الميت.. الإفتاء توضح
  • كيفية الجمع بين الحج والعمرة في نفس الوقت.. أمين الفتوى يوضح
  • كيف تعرف آيات سجود التلاوة في القرآن الكريم؟.. الإفتاء توضح
  • لماذا تعددت واختلفت كتب تفسير القرآن؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب
  • أمين الفتوى يعلق على الـمشاهد غير الأخلاقية التي تخالف الذوق العام
  • «القاسمية» تفتتح مدارس لتحفيظ القرآن الكريم في 3 دول أفريقية
  • هل تصح صلاة الضحى قبل شروق الشمس خوفا من فواتها ؟ أمين الفتوى يوضح
  • سيدة: امتنعت عن الجماع مع زوجي لأنه لا يصلي.. أمين الفتوى يرد
  • الصلاة دون معرفة اتجاه القبلة الصحيح.. الإفتاء توضح كيف يتصرف المسلم