24 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: في خضم التغيرات المتسارعة في النظام العالمي، يبرز دور مجموعة “بريكس” كبديل محتمل للنظام الاقتصادي والسياسي التقليدي الذي هيمنت عليه الدول الغربية لعقود.

وخلال القمة الأخيرة لدول “بريكس”، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أهمية تعزيز التعاون بين دول المجموعة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة العابرة للحدود، مؤكدًا على أن هذا التعاون سيكون جزءًا أساسيًا من خطط تعزيز الاستقرار العالمي.

وفي إشارة إلى دور “بريكس” المتنامي، اقترح تأسيس محكمة جنائية دولية خاصة بالمجموعة.

يصف المراقبون هذا الاقتراح بأنه تاريخي، حيث ستمثل المحكمة إذا تم إنشاؤها، رمزًا لتحدي الهيمنة الغربية على المؤسسات الدولية مثل محكمة العدل الدولية.

وفكرة أن تكون هذه المحكمة موجهة إلى الجرائم التي تستهدف دول الجنوب العالمي تثير تساؤلات حول مدى مصداقية العدالة الدولية الحالية.

في هذا السياق، ألقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو كلمته أمام القمة متسائلًا عن غياب العدالة الدولية عن الأوضاع في غزة ولبنان، مما يعزز الشعور بالتحيز في النظام العالمي الحالي.

من الجانب الآخر، برز حديث عن العملة الرقمية الجديدة “BRICS PAY” والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

وكتب المحلل السياسي حيدر سلمان لـ “المسلة” أن هذه العملة، المدعومة بالذهب والموارد الطبيعية، قد تصبح بديلاً حقيقيًا للدولار، حيث تسعى 159 دولة إلى اعتماد هذا النظام الجديد. التحليل يذهب إلى أن هذه العملة ليست مجرد وسيلة للدفع، بل هي رمز لتحول شامل في النظام المالي العالمي الذي طالما هيمن عليه الغرب.

توقعات سلمان أشارت إلى أن هذا التوجه سوف يؤدي إلى تقليص تأثير العقوبات الغربية التي غالبًا ما تستهدف الدول المعارضة للهيمنة الاقتصادية الغربية. يرى بعض المراقبين أن الاعتماد على العملات المحلية في التعاملات داخل دول “بريكس” سيخلق توازنًا اقتصاديًا جديدًا ويساهم في بناء علاقات اقتصادية أكثر عدالة واستقلالية.

وبالحديث عن التعاون الاقتصادي، أعلنت دول “بريكس” خلال القمة عن نيتها إنشاء منطقة صناعية تجارية متكاملة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

ويرى الخبراء أن هذه المنطقة قد تصبح نموذجًا اقتصاديًا يضاهي هونج كونج، حيث تتضافر إمكانيات الدول الصناعية والتكنولوجية في “بريكس” لتشكيل مركز اقتصادي عالمي جديد.

في هذا السياق، أكد رئيس دولة الامارات عبدالله بن زايد في مؤتمر “بريكس بلس” أن التعددية ليست خيارًا، بل ضرورة، مشددًا على أن التعاون بين دول الجنوب العالمي يمكن أن يكون حجر الزاوية لنظام عالمي أكثر عدلاً.

بينما تستمر الدول الغربية في مراقبة هذه التطورات عن كثب، يبقى السؤال الأساسي: هل يستطيع النظام الجديد الذي تسعى “بريكس” إلى تأسيسه، سواء من خلال المحكمة الجنائية الخاصة أو العملة الرقمية أو المناطق الصناعية، أن يغير قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية العالمية؟

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

100 يوم لترامب.. رئيس "أميركا أولاً" يعيد تشكيل نظام العالم

في أول مئة يوم من عودته إلى البيت الأبيض، قاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة سياسية صاخبة قلبت ملامح النظام العالمي الذي رعته واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بحسب تحليل أجرته وكالة رويترز استنادًا إلى مقابلات مع أكثر من 12 مسؤولًا حكوميًا حاليًا وسابقًا، ودبلوماسيين ومحللين مستقلين في واشنطن وعواصم عالمية.

خلال هذه الفترة القصيرة، شن ترامب حربًا جمركية واسعة، خفّض المساعدات الخارجية الأميركية، انتقد الحلفاء التقليديين في حلف شمال الأطلسي، وتبنى سرديات روسية بشأن النزاع في أوكرانيا. كما طرح أفكارًا مثيرة للجدل، منها ضمّ جزيرة جرينلاند الدنماركية إلى الولايات المتحدة، وإعادة السيطرة على قناة بنما، بل وتحدث عن تحويل كندا إلى الولاية الأميركية الحادية والخمسين.

اضطراب النظام العالمي

يشير مسؤولون سابقون، مثل إليوت أبرامز الذي خدم في إدارات ريغان وبوش الابن وعُين مبعوثًا خاصًا خلال ولاية ترامب الأولى، إلى أن ترامب بات "أكثر تطرفًا" مما كان عليه قبل ثماني سنوات. ويضيف أبرامز: "لقد فوجئت بالفعل بحدة مواقفه الجديدة".

سياسة "أميركا أولًا" التي ينتهجها ترامب باتت تنفّر الحلفاء وتشجع الخصوم، ما يثير قلقًا دوليًا واسعًا من تداعيات قد يصعب تداركها لاحقًا حتى لو عاد رئيس أكثر تقليدية إلى السلطة في 2028.

التوتر الداخلي في الولايات المتحدة أضاف إلى هذا القلق، مع مؤشرات متزايدة على تراجع ديمقراطي، تمثلت في الهجمات اللفظية ضد القضاء، ضغوط على الجامعات، وحملات ترحيل صارمة وصلت إلى نقل مهاجرين إلى سجون سيئة السمعة مثل تلك الموجودة في السلفادور.

حلفاء يراجعون حساباتهم

الدول الأوروبية، التي طالما اعتمدت على المظلة الأمنية الأميركية، بدأت بالفعل بتعزيز صناعاتها الدفاعية، تحسبًا لاحتمال تراجع الالتزام الأميركي تجاه حلف شمال الأطلسي. وفي آسيا، أثارت تصرفات ترامب نقاشات داخل كوريا الجنوبية حول تطوير برنامج نووي محلي، بينما تسعى كندا لإعادة ضبط علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع أوروبا، وسط تراجع الثقة بواشنطن كشريك موثوق.

وفي استطلاع أجرته رويترز/إبسوس، أشار أكثر من نصف الأميركيين إلى أن ترامب يبدو "مرتبطًا بشدة" بروسيا، وهي نسبة تشمل واحدًا من كل خمسة جمهوريين.

الخطاب التوسعي ومخاطر المواجهة

بأسلوبه المثير للجدل، طرح ترامب خططًا لضم جرينلاند، وهاجم كندا، وهدد بالسيطرة على قناة بنما، وألمح إلى تحويل غزة إلى منتجع سياحيK تحركات يرى فيها المحللون ملامح إحياء لنهج تقسيم مناطق النفوذ على غرار الحرب الباردة، وهو ما قد يشجع قوى كبرى مثل الصين على خطوات عدائية، خصوصًا تجاه تايوان.

وقد عبرت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن عن قلق بالغ تجاه هذه التوجهات، مؤكدة أن الضغط الأميركي يمس أساسات النظام العالمي الذي تم بناؤه عبر عقود.

عالم يعيد ترتيب أوراقه

في مواجهة السياسات الأميركية المرتبكة، كثفت دول مثل ألمانيا وفرنسا إنفاقها العسكري، بينما بدأ الاتحاد الأوروبي بوضع خطط لفرض رسوم جمركية مضادة. في الوقت نفسه، تحاول دول مثل إسبانيا تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين، التي تستغل هذا الفراغ لتعزيز دورها العالمي.

ويحذر الدبلوماسي الأميركي المخضرم آرون ديفيد ميلر من أن الأضرار التي تلحق الآن بالعلاقات الأميركية الدولية قد تكون عميقة، مضيفًا أن "ما يحدث لم يتجاوز بعد نقطة اللاعودة، لكنه يهدد بإحداث شروخ يصعب إصلاحها".

هل هناك مجال للتراجع؟

رغم تصاعد التوترات، يرى بعض المحللين أن المجال لا يزال متاحًا أمام ترامب لتغيير مساره، خصوصًا إذا اشتدت الضغوط عليه من داخل الحزب الجمهوري القلق على مصير الانتخابات التشريعية المقبلة. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من أن استمرار هذه السياسات سيجعل من مهمة أي رئيس أميركي لاحق مهمة شاقة لإعادة بناء الثقة وترسيخ النظام العالمي التقليدي.

مقالات مشابهة

  • ترامب يقلب نظام الاقتصاد العالمي في أول 100 يوم من حكمه
  • منظمة العفو الدولية تهاجم ترامب: يعصف بحقوق الإنسان ويقوّض النظام العالمي
  • 100 يوم لترامب.. رئيس "أميركا أولاً" يعيد تشكيل نظام العالم
  • رئيس "أميركا أولا" يقلب "النظام العالمي" ويثير قلق الحلفاء
  • أمنستي: الهجمات على النظام العالمي لحقوق الإنسان تسارعت منذ عودة ترامب للسلطة
  • انطلاق اجتماع وزراء خارجية مجموعة بريكس في البرازيل
  • إدارة ترامب وتفكيك استقرار النظام العالمي القائم
  • خبراء: قرار محكمة العدل الدولية المرتقب بشأن فلسطين سيختبر النظام العالمي
  • هيمنة الدولار على طاولة اجتماع دول بريكس في البرازيل
  • هل تُهدم كعبة النظام العالمي؟