ميديا بارت: اللاعقلانية الانتقامية الإسرائيلية تتغلب على المنطق
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
قال موقع ميديا بارت إن إسرائيل لا تنوي الاستمرار في نجاحاتها العسكرية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله فحسب، بل إنها -بعيدا عن الرد على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول– تسعى في حربها إلى وضع حد لفلسطين ومؤيديها، ولذلك يجب فعل كل شيء لوقف هذه الحرب التي لا نهاية لها.
وانطلق الموقع -في مقال للكاتب المخضرم وصاحب الموقع السابق إدوي بلينيل- من المثل القائل: "منطق الأقوى دائما هو الأقوى" الذي افتتح به الشاعر الفرنسي لافونتين حكاية "الذئب والحمل"، ليظهر عجز العقل وحججه المنطقية عن مواجهة عنف القوة المدفوع بالانتقام، كما قال الذئب للحمل قبل أن يلتهمه "قيل لي يجب أن أنتقم".
وقد استعرض الفيلسوف جاك دريدا أبيات لافونتين هذه في بداية كتابه "البلطجي" الذي سعى فيه إلى تفكيك العاطفة العمياء التي سيطرت على الولايات المتحدة الأميركية بعد صدمة هجمات 11 سبتمبر/أيلول، حيث فتح هذا العمى دورة مدمرة في العلاقات الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث تعود السلطة إلى من يعطي نفسه الحق في تعليق القانون.
ورأى الفيلسوف أن مصطلح "الدول المارقة" صنعته الولايات المتحدة لاستبعاد الدول التي جعلتها هدفها كالعراق، وذلك في اندفاع متهور تغلبت فيه اللاعقلانية الأيديولوجية على المنطق السياسي.
إلا أن "الدول المارقة الأولى والأكثر عنفا -حسب دريدا- هي تلك التي تجاهلت القانون الدولي وتواصل انتهاكه، وتدعي في الوقت نفسه أنها من أبطاله وتتحدث باسمه، وتذهب باسمه إلى الحرب في كل مرة تقتضيها مصلحتها".
حرب على فكرة فلسطين
وإسرائيل اليوم -حسب بلينيل- هي الأكثر رمزية بين هذه الدول المارقة، إذ لا يسعى قادتها حتى إلى إنقاذ مظهر الإنسانية المشتركة التي باسمها تُفرض الحقوق الأساسية على الأمم أيا كانت، فهي تقاتل "حيوانات بشرية"، كما قال وزير دفاعها يوآف غالانت، معلنا في اليوم التالي لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول حربا بلا رحمة ولا قواعد، لا على حماس فحسب، بل على قطاع غزة بمدنييه وبيوته وأماكن حياته.
وفي تحدٍ للحقيقة الواقعية والدقة التاريخية، فإن "تشبيه قضية فلسطين بإرهاب حماس" -حسب تعبير الكاتب- بمنزلة غاية تبرر كل الوسائل، لأن العالم أجمع، رغم الحصار الإعلامي الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي على حربه، شاهد على ما يحدث في الواقع من حرب تشنها إسرائيل على فلسطين، لا على وجود دولة بهذا الاسم، ولكن على بقاء فكرتها نفسها، حرب تدمير الشعب الذي يجسدها واحتلال الأرض التي تحملها.
حرب إسرائيل على غزة هي حرب على فلسطين، لا على وجود دولة بهذا الاسم، ولكن على بقاء فكرتها نفسها، حرب تدمير الشعب الذي يجسدها واحتلال الأرض التي تحملها.
وإذا كان هناك أي شك في الماضي، فإن تكثيف العمليات العسكرية في شمال غزة وجنوب لبنان يؤكد ذلك، بعد أن كان بوسع إسرائيل أن تقرر تعليق هجماتها متفاخرة بأنها تمتلك أسلحة نووية، وبأنها قطعت رأس حماس وحليفها الإقليمي حزب الله.
غير أن قادة إسرائيل سلكوا الخيار المعاكس المتمثل في حرب لا نهاية لها على أمل مجنون في القضاء على كل شيء يتعارض مع الهوية التي يدعونها، والتي لخصها من دون رتوش رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في أن "إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها.. إنها الدولة القومية لليهود وحدهم".
على الغرب معاقبة قادة إسرائيل
وذهب الكاتب إلى أن هذا الخيال الاستعماري، الذي يجعل إسرائيل -حسب إيهود باراك– "فيلًا في الغابة"، يتعين عليها -حسب نتنياهو- "الدفاع عن نفسها ضد الوحوش البرية" إلى الأبد، هو هلاك في حد ذاته، لأن منطق الأقوى الذي يضمن النصر العسكري يكشف عن نفسه على أنه جنون سياسي، يعد بهزيمة وجودية أي "انتحار جماعي"، كما لخص ذلك روني برومان في افتتاحية كتاب غزة الأسود.
الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه إسرائيل، رغم انتهاكها حقوق الإنسان لشعب بأكمله ودوسها دون قيد أو شرط على القانون الدولي، دعوة إلى الوحشية العامة.
وأشار الكاتب إلى أن اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي تضمن مشاركته في الحكومة بقاء نتنياهو السياسي، مليء بالهواجس القاتلة التي تشكل معجم الفاشية، ومن الشؤم أن تصبح الدولة التي تستمد شرعيتها الدولية من وعيها بالجريمة ضد الإنسانية، هي المختبر المعاصر لعودة الأيديولوجيات التي ولدتها.
وبالتالي، فإن الكارثة الناجمة عن ذلك تتجاوز مصير الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي -حسب الكاتب- ويتجلى ذلك على نطاق عالمي، إذ يصبح الإفلات من العقاب الذي تستفيد منه إسرائيل، رغم انتهاكها حقوق الإنسان لشعب بأكمله ودوسها دون قيد أو شرط على القانون الدولي، دعوة إلى الوحشية العامة.
وخلص الكاتب إلى أنه لا يزال هناك وقت للقيام بكل شيء لمنع هذا الانهيار، وبالتالي لا بد، بعد أن تحولت إسرائيل إلى دولة مارقة، من معاقبة قادتها الحاليين من قِبَل الغرب الذي يزعمون أنهم ينتمون إليه، وبعبارة أخرى من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك بحظرهم دبلوماسيا، ومقاطعتهم اقتصاديا وعسكريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات
إقرأ أيضاً:
الكنيست الإسرائيلي يوافق على مشروع قانون يمنع الدول من فتح قنصليات في القدس
(CNN)-- وافق البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، الثلاثاء، على قانون يحظر إنشاء قنصليات في القدس ويسمح فقط بفتح السفارات في المدينة، في أحدث خطوة من جانب إسرائيل لتعزيز مطالبتها المتنازع عليها بشأن القدس عاصمة لها، بحسب الموقع الإلكتروني للبرلمان.
عدد قليل فقط من الدول لديها سفارات في القدس، بما في ذلك الولايات المتحدة التي نقلت بعثتها الدبلوماسية الرئيسية خلال إدارة دونالد ترامب.
وتضع معظم الدول سفاراتها في تل أبيب، مع وجود بعثات دبلوماسية منخفضة المستوى في القدس الشرقية أو رام الله في الضفة الغربية، والتي تعمل بمثابة التمثيل الرئيسي لبلدانها في الأراضي الفلسطينية.
وكان الوضع النهائي للقدس دائمًا أحد أكثر المسائل صعوبة وحساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فلسنوات تجنبت الدول إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وإنشاء سفارات هناك في غياب اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، حيث يطالب الفلسطينيون أيضًا بالقدس عاصمة لهم.
القانون الذي أقره الكنيست، الثلاثاء، والذي لا ينطبق على القنصليات التي تم إنشاؤها بالفعل، هو تعديل إضافي للقانون الأساسي شبه الدستوري الإسرائيلي الذي ينص على أن القدس الموحدة، بجزئيها الشرقي والغربي، هي عاصمة البلاد.
وشكر النائب الإسرائيلي، زئيف إلكين، أحد النائبين اللذين اقترحا مشروع القانون، أعضاء الكنيست على إقرار القانون، قائلا: "آمل حقا أن نكون بهذه الخطوة قد تقدمنا إلى مرحلة أخرى من الوضوح، القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل، دولة إسرائيل إلى الأبد ولا يمكن لأحد أن يتحدى هذه السيادة".
وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، سيُنظر إلى القنصلية الأمريكية في القدس على أنها مقدمة لما يأملون أن تصبح في يوم من الأيام سفارة أمريكية في القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية المحتملة.
واعترفت المزيد والمزيد من الدول بالدولة الفلسطينية، وخاصة في العام الماضي مع تصاعد الانزعاج الدولي بشأن الخسائر في صفوف المدنيين التي تسببت فيها الحملات العسكرية الإسرائيلية، مما قد يفتح الباب أمام إنشاء قنصليات في القدس، وطرح مشروع القانون الذي تم إقراره، الثلاثاء، في وقت سابق من هذا العام، بعد وقت قصير من إعلان إسبانيا وأيرلندا والنرويج أنهم سيعترفون بالدولة الفلسطينية.