غزة - خاص صفا

يشهد قطاع غزة هذا العام معاناة مضاعفة مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يعاني آلاف المواطنين الذين يسكنون الخيام من قسوة البرد في ظل ظروف معيشية صعبة نتيجة استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية. 

هذه الخيام، التي تعتبر ملجأ مؤقتًا للعديد من العائلات التي نزحت وفقدت منازلها بسبب الحرب، تتحول إلى مصدر للمعاناة نتيجة افتقارها لأبسط مقومات الحماية من برودة وقساوة الطقس.

برد قارس ونقص في الاحتياجات الأساسية

مع حلول فصل الشتاء، تتفاقم معاناة المواطنين الذين يعيشون في الخيام التي هي عبارة عن قطعة من القماش لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء، إلى جانب عدم توفر البطانيات والأغطية والملابس الشتوية، الأمر الذي يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض، خاصة بين الأطفال وكبار السن الذين يكونون الأكثر تأثرًا.

تبكي الأمهات أطفالهن الذين لا يستطيعون النوم ليلاً بسبب البرودة الشديدة، ويضطرون للبقاء مستيقظين يحاولون تدفئتهم بأي وسيلة ممكنة، لكن ما باليد حيلة. 

لم تستطع فداء البالغة من العمر (30 عامًا) التعود على حياة الخيام، خاصة لدخول فصل الشتاء الثاني عليها وإعادة ذات المعاناة من جديد، ولكن برفقة مولودها الذي تخاف عليه من الموت نتيجة البرد الشديد.

وتقول فداء لوكالة "صفا": "ما زلت أنا وأطفالي إلى اليوم نرتدي ملابس صيفية رغم البرد الشديد الذي لا نتحمله"، مضيفة: "أخاف على طفلي الصغير من البرد ليلاً، أحاول لفّه وتدفئته بالغطاء الوحيد المتوفر لدينا؛ كي لا يصيبه مكروهًا وأفقده".

وتوضح: "لا يوجد بالأسواق ملابس شتوية نستطيع شراءها لتدفئة أنفسنا، كما لم تدخل أي مساعدات لنا".

وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا خانقًا على قطاع غزة لليوم الـ171 على التوالي بإغلاقها المعابر، مما يعيق وصول المواد الإغاثية في الوقت المناسب، ويزيد من حدة الأزمة.

أما محمد الذي يقطن بخيمته أمام شاطئ البحر مباشرة، يعبر لـ"صفا" عن مدى عجزه في حالة البرد الشديد التي تعصف بالقطاع: "البرد قارس جدًا لا نستطيع تحمله، ولا نستطيع النوم ليلاً، نحن نموت من البرد بكل معنى الكلمة، كما أننا نحتاج إلى تجديد الشوادر التي اهترأت من حرارة شمس الصيف كي لا نغرق بسببها في حال سقطت الأمطار".

ويضيف: "عندما نزحنا لم نستطع حمل شيء معنا من أمتعتنا وأغطيتنا، فالمنزل أصبح ركامًا"، متابعًا: "كما أن الأغطية والملابس غير متوفر في الأسواق، وفي حال توفرت فهي بأسعار خيالية، ونحن لا يتوفر معنا الاموال لشرائها".

ويصف ذات المعاناة "مجد" ذلك الطفل الذي يبلغ من العمر (10 سنوات)، فهو لا يوجد لديه ملابس شتوية كي يرتديها لتحميه من البرد، أو حتى أغطية تدفئه ليلاً أثناء نومه.

وبكل حزن يقول لوكالة "صفا": "أنا كطفل لا أتحمل البرد أبدًا، هذا والأمطار الغزيرة لم تسقط بعد، أنا خائف جدًا أن نغرق وقتها أو يطير سقف الخيمة في حال هبت رياح شديدة"، متمنيًا أن تنتهي الحرب بأسرع وقت ممكن وأن تعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت سابقًا ويعيش طفولته كبقية أطفال العالم

ويبقى أهالي قطاع غزة في مواجهة تحديات كبيرة، حيث يضطرون إلى التأقلم مع ظروف غير إنسانية فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي لما يزيد عن العام، في ظل شتاء قارس يفاقم من معاناتهم المستمرة. 

وبدعم أمريكي، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: خيام نازحين حرب غزة برد قارس حصار

إقرأ أيضاً:

8 سنوات من الحبس الانفرادي.. كيف تعكس معاناة أبو الفتوح واقع المعتقلين في مصر؟

يدخل السياسي المصري البارز عبد المنعم أبو الفتوح عامه اليوم الثامن في الحبس الانفرادي، بعد اعتقاله في 14 شباط / فبراير 2018، ليظل أسيرًا لقرار سياسي قاسي، رغم تقدمه في السن ومعاناته الصحية.

واعتقل أبو الفتوح الذي شغل منصب رئيس حزب مصر القوية ومرشح رئاسي سابق، إثر عودته من لندن، بعد لقاء إعلامي تحدث فيه عن الوضع السياسي في مصر، ليبدأ مسارًا طويلًا من المعاناة داخل السجون المصرية، متنقلًا بين سجني العقرب شديد الحراسة ومركز بدر 3 للإصلاح والتأهيل.

ورغم وضعه الصحي الخطير الذي يتطلب رعاية طبية خاصة، فإن السلطات المصرية تواصل تجاهل حقوقه الأساسية وحقوق المعتقلين السياسيين في مصر.

تدوير في قضايا أخرى أثناء اعتقاله
وتم اتهام عبد المنعم أبو الفتوح مؤخرًا في قضية جديدة رغم كونه في المعتقل، ويعد هذا التدوير هو جزء من سلسلة طويلة من القضايا التي يتم إضافتها للمعتقلين السياسيين في مصر في محاولة لإبقائهم في السجون لفترات طويلة دون محاكمات حقيقية.

في أيلول/ سبتمبر 2023، تم إدراج أبو الفتوح في قضية جديدة تحمل رقم 1866 لسنة 2023، والمعروفة بقضية "التنسيقية" التي تتعلق باتهامات "نشر أخبار كاذبة" و"الانضمام لجماعة إرهابية".

وعلى الرغم من كونه في الحبس الانفرادي منذ عام 2018، تواصل السلطات الأمنية توجيه التهم إليه في قضايا جديدة لم تكن لها علاقة مباشرة بالأنشطة التي كان من المفترض أن تُحاكم بشأنها في القضايا السابقة.


تدوير المعتقلين في قضايا جديدة هو أسلوب يتبعه النظام المصري للحد من إمكانية الإفراج عن المعتقلين السياسيين بعد انتهاء مدة الحبس الاحتياطي القانونية أو الحصول على حكم ببراءتهم. هذا التدوير يعني استمرار الوضع القانوني للمعتقلين في حالة من الضبابية، ويزيد من المعاناة النفسية والجسدية لهم.

الحبس الانفرادي.. انتهاك للقوانين الدولية والمحلية:

منظمة الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تصف الحبس الانفرادي الذي يعاني منه أبو الفتوح بـ "التعذيب النفسي"، حيث يعد الحبس في ظروف العزلة التامة جزءًا من أساليب المعاملة القاسية واللاإنسانية. وفقًا للمعايير الدولية، يعد الحبس الانفرادي المطول انتهاكًا لحقوق الإنسان، خاصة إذا كان يُفرض دون أساس قانوني.




واللافت أن استمرار حبس أبو الفتوح في الزنازين الانفرادية يتعارض مع نصوص قانون السجون المصري، وتحديدًا المادة 43 من اللائحة الداخلية للسجون، التي تقتصر فيها مدة الحبس الانفرادي على 30 يومًا كحد أقصى، في حين لا يجوز تمديد وضع السجين في غرف شديدة الحراسة لأكثر من 6 أشهر.

ورغم ذلك، فإن المحكمة المصرية في عام 2022 رفضت الدعوى التي تطالب بإنهاء الحبس الانفرادي لأبو الفتوح، معتبرة أن استمرار احتجازه في هذه الظروف هو قرار سياسي بحت وليس إجراء قانونيًا.

محاكمة استثنائية وتهم ملفقة
في 29 أيار/ مايو 2022، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا (طوارئ) حكمًا بالسجن 15 عامًا على أبو الفتوح، بعد محاكمته في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ التجمع الخامس.


وقد وُجهت إليه تهم "الانتماء لجماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، وتمويل جماعات إرهابية"، كانت هذه التهم غير متناسبة مع الواقع، حيث لا يوجد دليل ملموس على ارتباطه بجماعات إرهابية أو على تورطه في أنشطة تضر بالأمن القومي المصري.

وضع حقوق الإنسان في مصر
استمرار حبس أبو الفتوح في ظروف قاسية هو مجرد جزء من معاناة أكبر يعيشها المعتقلون السياسيون في مصر، خاصة أولئك الذين يعارضون النظام الحالي، فالحبس الانفرادي، الذي يستمر بشكل غير قانوني وفقًا للمعايير الدولية، ويعد شكلًا من أشكال التعذيب النفسي، ويعرض حياة المعتقلين للخطر.

وفي حالة أبو الفتوح، لا يقتصر الأمر على العقوبة القاسية التي يواجهها، بل يمتد ليشمل إصرار السلطات على تجاهل حالته الصحية الحرجة، حيث يعاني هو غيره من المعتقلين من أمراض مزمنة تهدد حياتهم، من بينها احتباس التنفس وجلطات قلبية متكررة، مما يستدعي تدخلاً طبيًا عاجلاً، وهو ما ترفضه السلطات بشكل مستمر.

ولا تقتصر معاناة هؤلاء المعتقلين على الظروف القاسية داخل الزنازين، بل تمتد إلى التعذيب النفسي والمعاملة اللاإنسانية التي يتعرضون لها، مما يعكس سياسة قمعية تهدف إلى إسكات كل صوت معارض.

ومن أبرز الأسماء التي فقدت حياتها في السجون المصرية محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر، الذي توفي في محبسه، نتيجة الإهمال الطبي، وكذلك العديد من القيادات الشبابية والحقوقية التي لا تزال تواجه مصيرًا مشابهًا.

في الوقت الذي تحاول فيه السلطات تبرير هذه الانتهاكات بحجة الحفاظ على الأمن القومي، فإن الواقع يشير إلى أن هذه الإجراءات هي في الأساس جزء من سياسة تهدف إلى تحجيم الحريات وتعزيز القبضة الأمنية.

حقوق الإنسان والمعاناة المستمرة
وفي سياق المعاناة المستمرة للمعتقلين السياسيين في مصر، لا يمكن إغفال الانتهاكات التي يتعرض لها كبار السن والمرضى داخل السجون، إذ تؤكد تقارير منظمات حقوق الإنسان على أن هؤلاء المعتقلين يعانون بشكل مضاعف بسبب حالتهم الصحية، ويعيشون في ظروف قاسية لا تليق بحقوقهم الأساسية.



وأكدت العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، مثل منظمة العفو الدولية، والهيومن رايتس ووتش، أن مصر لا تزال تمارس سياسات قمعية بحق المعتقلين السياسيين، سواء كانوا من الشخصيات العامة مثل عبد المنعم أبو الفتوح، أو من الناشطين الشباب الذين يعبرون عن معارضتهم للنظام. ويعكس هذا تدهورًا كبيرًا في أوضاع حقوق الإنسان، في وقتٍ تتزايد فيه الانتهاكات بشكل صارخ.

وتشير التقارير إلى أن السلطات المصرية تستخدم السجون كأداة لترهيب المعارضين والناشطين السياسيين، مما يجعل من هذه الأماكن مصادر للمعاناة والانتهاك، هذا الوضع يشمل سجناء الرأي، الذين يُعتقلون لمجرد التعبير عن آرائهم السياسية أو معارضتهم للنظام الحاكم.

الانتهاكات وواقع المعتقلين السياسيين

الحبس الانفرادي
الحبس الانفرادي هو أحد أشكال المعاملة القاسية التي يُعرض لها العديد من المعتقلين السياسيين في مصر. حيث يُحرم المعتقل من التواصل مع الآخرين، سواء من خلال الزيارات أو حتى التواصل مع السجناء الآخرين. وفي بعض الحالات، يستمر الحبس الانفرادي لسنوات طويلة، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية خطيرة.

عبد المنعم أبو الفتوح هو أحد الأمثلة البارزة على هذا النوع من المعاملة، إذ مرّ عليه اليوم 8 سنوات في الحبس الانفرادي رغم تدهور حالته الصحية.

التعذيب الجسدي والنفسي
يعد التعذيب أحد أبرز الانتهاكات التي تواجه المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، سواء كان جسديًا أو نفسيًا. ويشمل التعذيب الجسدي الضرب المبرح، التعليق لفترات طويلة، والحرمان من الطعام والماء. أما التعذيب النفسي، فيتمثل في التهديدات المستمرة بالانتقام من العائلة، والنقل المتكرر للمعتقلين إلى زنازين مختلفة.



علاء عبد الفتاح على سبيل المثال، كان قد تعرض للتعذيب في العديد من المرات، وتم حرمانه من الرعاية الطبية اللازمة، ما ساهم في تدهور حالته الصحية.



 الحرمان من العلاج الطبي
يعاني العديد من المعتقلين السياسيين من أمراض صحية خطيرة، ولكنهم لا يتلقون الرعاية الطبية المناسبة. يُمنع المعتقلون من الحصول على الأدوية أو العلاج في العديد من الحالات، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكلهم الصحية.

محمد البلتاجي، الذي يعاني من عدة أمراض مزمنة، من ضمن الذين عانوا من نقص الرعاية الصحية، وهو ما يعرضهم لخطر الموت أو التدهور الصحي المستمر.

إجراءات قانونية غير عادلة
المحاكمات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون في مصر غالبًا ما تكون مسيسة ولا تتبع المعايير القانونية الدولية. يتم توجيه تهم زائفة لهم مثل "الانضمام لجماعة إرهابية" أو "نشر أخبار كاذبة"، مع غياب الأدلة الكافية التي تدينهم. كما أن المحاكمات تتم في محاكم أمن الدولة أو محاكم الطوارئ، التي تفتقر للعدالة المستقلة.



مقالات مشابهة

  • هيئة التميز والإبداع تحدد موعد التصفيات النهائية للفرق الوطنية للأولمبياد العلميّ السوريّ
  • الإعلام الحكومي بغزة: عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يسجل تراجعا ملحوظا
  • حاولت تخيل الزمن قبيل اسر البطل محمد صديق وحتى اغتياله الجبان
  • المواطنون يشاهدون.. محمد هنيدي يستكمل تصوير «شهادة معاملة أطفال» في شارع شامبليون بوسط القاهرة
  • أمل الحناوي: الجهود المصرية نجحت في تذليل العقبات التي تواجه اتفاق الهدنة بغزة
  • حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60 ألف أجنبي بالطرد من البلاد
  • حملة التطهير متواصلة.. إدارة ترامب تطرد أكثر من 9 آلاف موظف اتحادي
  • 8 سنوات من الحبس الانفرادي.. كيف تعكس معاناة أبو الفتوح واقع المعتقلين في مصر؟
  • تحت الصفر.. دولة عربية تتعرض لموجة برد قارس
  • برد قارس يضرب المرتفعات.. والأرصاد تحذر!