حذر منه النبي.. إياك وهذا الفعل يمنعك من دخول الجنة
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
تركنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ونهانا عن كل ما يعرضنا لغضب الله سبحانه وتعالى.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عدم قبول الحق، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، ثم فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر فقال: "الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ"، ومعنى (بطر الحق) هو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا.
فالله عز وجل لا يحب المتكبرين، كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار، مستشهدا بحديث النبي صل الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
وحذر رمضان عبد المعز، من الكبر والتعالي على الخلق قائلا: "إن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام حذّر من خطورة مرض فتاك وكبيرة من الكبائر اسمه الكبر".
وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إنه ينبغي أن نتخذ قرارا بيننا وبين أنفسنا بالتخلية من القبيح؛ وتهيئة القلب أن نملأه بالصحيح، فالتخلية والتحلية ينبغي أن نستقبل بها رمضان؛ وأول ما ينبغي أن نخلي قلبنا عنه حتى تخلوا تصرفاتنا وسلوكنا منه هو "الظلم"، الذي يقول فيه رسول الله ﷺ: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ) والذي شاع فيما بيننا.
وأضاف، أنه إذا ما ظلم الإنسان نفسه، يتصاعد الظلم من ظلم النفس إلى ظلم الأشخاص، ومن ظلم الأشخاص إلى ظلم القضايا الكبرى، وحينئذ يُحشر الظالم عند الله في العذاب الأليم {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} عنوان وتحذير من رب العالمين.
وأشار جمعة، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" إلى أن الله سبحانه وتعالى قال فى الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي. وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا. فَلاَ تَظَالَمُوا)، موضحاً أن التظالُم أن يقع عليك الظلم، فتبحث عن كيفية الانتقام والغضب على من ظلمك، وتوقع به ظلمًا أشد، فيشيع في الناس قسوة القلب وعدم الاعتناء بالالتفات إلى أوامر الله - سبحانه وتعالى -، وهذا هو أغلب حالنا اليوم، نظلم ونتظالم، وهذا حال لا يرضى الله عنه، وهو موجب للعقوبة في الدنيا والآخرة،.
وتابع: " والله يحذرنا ورسوله ﷺ يبين لنا فيقول: (اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ، فإِنَّه ليس بينَهُ وبينَ اللّهِ حِجابٌ)، يؤكد على هذا المعنى، فيجعل للظلم مجالا في نفسه ينبغي أن يبعد عنه، ويجعل العدل قيمة في نفسه ينبغي أن نتحلى بها فيخبر أن دعوة المظلوم تستجاب ولو من كافر؛ فليس الأمر هنا إيمان وكفر، بل الأمر يتمثل في أن: (الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ).
وأوضح أن البغي نوع من أنواع الظلم بل هو أعلاها {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} ،{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} والآيات كثيرة في ذم الظلم بجميع مستوياته وأنواعه؛ يوغل الإنسان الذي ظلم نفسه بترك الطاعة وبعصيان ربنا - سبحانه وتعالى -، وبالتراخي في شأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر- يوغل بعد ذلك إلى أن يوقع الظلم بغيره فيكون ظلمًا متعديًا وتكون المصيبة أكبر؛ مثل الموظف يظلم المتعاملين معه في المصالح كلها حكومية كانت أو شخصية.
ونوه إلى أن الظلم شاع فيما بيننا ونخاف أن نمد أيدينا إلى السماء: يا رب يا رب؛ فلا يستجاب لنا، الظلم مانع من موانع استجابة الدعاء من رب العالمين، والخروج منه يسير على من يسره الله عليه، عسير على من عسره الله عليه .
وذكر أن الخروج من ظلم النفس يكون بالتوبة وبترك الكبر وبترك التعالي على الناس، والأنانية التي ينظر فيها أحدنا لنفسه دون سواه، الخروج منه بالتحلي بالرحمة والكرم والحب والعطاء، الخروج منه بمقاومة النفس وبالصيام وبذكر الله - جل جلاله -، وبالإكثار من الصلاة، وإيتاء الزكاة، الخروج منه بالعودة إلى سيدنا رسول الله حسًّا ومعنى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} مجيئًا حسيًّا عند قبره المشرف لمن استطاع؛ فليس هناك قبر نبي سواه نقطع به وعلى يقين منه، حتى أننا نكفِّر من أنكره، ولا يكون من المسلمين أبدًا من أنكر أن هذه البقعة المباركة تضم جثمان النبي ﷺ بأبي هو وأمي، مجيء حقيقي حسِّي إلى قبره الشريف ومسجده المنيف، تقف عنده وتستغفر الله، وهو ﷺ يقول: (حياتي خير لكم؛ تحدِثون ويُحدَث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم؛ فما كان من حسن حمدت الله عليه، وما كان من سيئ استغفرت الله لكم).
وأيضاً:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} لأن الله هو مالك السماوات والأرض وهذا ملكه، والظلم هو التصرف في غير ملكك، وهذا ملك الله فلا يتصور منه ظلم؛ لأنه فعالٌ لما يريد {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} .تقف عند رسول الله حسًّا طالبا من الله شفاعته فيك ودعاءه واستغفاره لك، وعسى أن تكون ممن يجيب الله دعاء رسوله فيهم، وهم خلا المنافقين الذين قال فيهم ربنا {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فاللهم اجعلنا في دائرة المؤمنين، وقِنا أن نقع في دائرة المنافقين حيث يدعو سيد الخلق فلا يستجاب له.
وحول الخروج من الكبر والغرور والظلم يقول: “رسول الله حبيب الرحمن سيد الكائنات يدعو ربه، وربنا لا يجيب، هذه هي الخطة التي يجب عليك أن تتخذها للخروج من الظلم وبخاصة من ظلم النفس، موضحاً أن الظالم للعباد يجب عليه أن يرد عليهم ما ظلمهم فيه، وهو خصيم نفسه أمام ربه؛ فـ (العاقل خصيم نفسه) ابحث وفتش وتوجه بقلبك إلى أن تخرج كليًّا من الظلم بكل الوسائل كلاًّ بحسبه، ورُدَّ المظالم إلى أهلها ... حتى يقبلك الله - سبحانه وتعالى -”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التكبر الكبر الغرور الله علیه وسلم سبحانه وتعالى وا أ ن ف س ه م الخروج منه الخروج من رسول الله ینبغی أن الله ع إلى أن من ظلم
إقرأ أيضاً:
اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي
كثيرة هي الكتب التي كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة من المعاصرين، واختلفت كتاباتهم بحسب توجه الكاتب واهتمامه الفكري، وهناك شريحة قليلة من الكتاب أصدروا أكثر من كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عن سيرته أو سنته، فرأينا خالد محمد خالد رحمه الله يكتب أكثر من كتاب، فقد كتب: (إنسانيات محمد) و(عشرة أيام في حياة الرسول) و(لقاء مع الرسول) و(كما تحدث الرسول)، وكتب الشيخ محمد الغزالي كذلك: (فقه السيرة) و(فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء) وغيرها، كما كتب شيخنا القرضاوي أكثر من كتاب، فكتب (الرسول والعلم) و(السنة النبوية مصدرا للمعرفة والحضارة) و(محمد رحمة الله للعالمين).
لكن هناك عالما معاصرا ولا يزال حيا، بارك الله في جهوده، كتب عدة كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم، تناول عدة زوايا مهمة، في كتب مختلفة، تتسم بالجدة والقوة، وبالعاطفة الأدبية، وهو العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب الطريري، فكتب هذه الكتب: قصص نبوية، الحياة النبوية، أماكن نبوية، كأنك معه، القبر المقدس، واليوم النبوي.
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.وأتناول في مقال اليوم كتابه: (اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو كتاب نفيس غاية النفاسة في مادته، وفي إحاطته بالموضوع، وفي زاوية النظر، وكنا قد قرأنا كتاب: (عشرة أيام في حياة الرسول) لخالد محمد خالد، وهو لا يقصد باليوم بالمعنى الزمني، ولكنه بالمعنى التاريخي، فقد يكون يوما بمعنى حادثة، كيوم أحد مثلا، وقرأنا لعبد الوهاب حمودة كتابه: (ساعات حرجة في حياة الرسول).
فكرة كتاب (اليوم النبوي):
ويأتي كتاب الطريري في هذه الشريحة من هذا التناول، فهي تعيش مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ساعات يومه، منذ الاستيقاظ، وحتى النوم، ولم يكتف بذكر اليوم التفصيلي لحياته، بل مر باليوم السنوي، واليوم الشهري، بما كان يفعله في أيام ثابتة في الأسبوع، كيوم الجمعة، وأيام ثابتة في الشهر، وفي السنة، كأيام العيد، فهو أشبه بأخذ مشهد أفقي متكامل لبرنامج النبي صلى الله عليه وسلم اليومي، حيث إن كثيرا من كتب السيرة يعرضها حسب المسار التاريخي، فتقدم كتاريخ حياة، لكن الطريري تناولها من حيث ممارسة الحياة، والحاجة ماسة للمنهجين بلا شك، ولكن التنوع يفيد ويزيد الإيمان إيمانا برسوله، ومعرفة بحياته.
فقد تناول الطريري اليوم النبوي، إذ غاص في بطون كتب السنة والسيرة، ليجمع صورة متكاملة عن يومه، منذ الاسيتقاظ، وكيف يكون نومه، واستيقاظه، ثم صلاته لكل فروض اليوم، ومجلسه في بيته وبين الناس كيف كان، وكيف ضحاه وقيلولته، ومشيه في بساتين المدينة، وكيف يمضي وقته في الليل، سواء على مستوى أمسياته الليلية، أو قيامه الليل مناجيا ربه، وكيف كان يمضي إغفاء السحر.
أما عن أيام الأسبوع، فتناول هديه يوم الجمعة، منذ الاستعداد لصلاتها، وحتى انتهاء خطبتها، ويومي الاثنين والخميس، وكيف كان يتعامل معهما، والاثنين يوم ولد فيه صلى الله عليه وسلم، ثم أيام العام، كيوم العيد، وعاشوراء، وعرفة، وشهر رمضان وأيامه ولياليه، وكيف كان يحيي ليال خاصة من العام؟
وأشد يوم عاشه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يوما ثقيلا، وكيف مرت عليه هذه الأيام، كيوم حصار الشعب، أو يوم عام الحزن، ويوم الأحزاب. وعن أسعد يوم عاشه كذلك، وفي أشد يوم وأسعد يوم، فهو النبي العابد الراضي بقضاء ربه، المسلم به، وفي فرحه فهو فرح في إطار الشكر للوهاب سبحانه وتعالى.
وقفات مع اليوم النبوي:
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.
فلم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.
يلفت نظرك في اليوم النبوي، من حيث عبادته، كيف استطاع أن يمارس كل هذا الكم من الأذكار، من الصباح إلى المساء، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلاة، فضلا عن أداء الفرائض، وهو الذي غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، ومع ذلك فهو أكثر الناس استغفارا، وأكثر الناس مداومة على حقوق إخوانه، من العيادة والزيارة والمعاونة والدعاء لهم، والعمل على حل مشكلاتهم، في توازن عجيب، يعطي صورة ملهمة ومهمة عن التوازن في حياة المسلم كيف تكون، بالنظر إلى يوم النبي صلى الله عليه وسلم.
لم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.قد تشعر بأن يوم النبي متكرر، فأذكار الصباح والصلوات كما هي، مكررة كل يوم، في الصباح والمساء، ولكنك لا تشعر بذلك حينما تقرأ عنها في حياة ويوم النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشعر بأنها رغم أنها مزدحمة بالأعمال، ولكنها ليست متوترة ولا مرتبكة، فلا تجد اضطرابا ولا توترا، ولا تجد رتابة تورث الملل، بل هي تجدد دائم في العلاقة بالله، والعلاقة بالناس، فهي تجمع بين التنظيم الدقيق، والتجدد المستمر، رغم ديمومة ما يقام من أعمال، لكنك تشعر دوما بالتنوع.
اليوم النبوي بكل أعماله ذو دلالة بينة وواضحة على نبوته، فإن وقائع حياته حين تتأملها مشهدا مشهدا، لا يمكن أن يراها أحد إلا علم أن هذا حال نبي مرسل من الله، يتنزل عليه وحيه، ليس بمتقول في دعواه، ولا طالب حظ لنفسه، وهذا ما أدركه القدامى والمعاصرين، من أهل الإنصاف، لأنها تقدم صورة صادقة لهذا النبي الكريم في يومه، بكل ما يحمله يومه من آلام وآمال، ومن حزن وفرح، ومن كل ما ينشد الإنسان معرفته بتفاصيل دقيقة لا مجاملة فيها، ولا تصنع، فصلى الله على رسولنا الكريم في يومه، وفي كل يوم عاشه، وفي كل يوم كان وسيكون قدوة للعالمين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
[email protected]