رئيس وحدة الدراسات الإفريقية: السودان تخطى الرقم القياسي لحالات الانتقال السياسي بإفريقيا
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
قال د. أحمد أمل، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الحديث عن السودان له موقع هام باعتبار أن الحد الجنوبي للإقليم دخل في دائرة من الفوضى العارمة، من المهم أن يدخل البعد التاريخي فيما يحدث من تطورات راهنة ولا يمكن تحميل ما يحدث في السودان إلى 2019 منذ عزل عمر البشير.
جاء ذلك خلال كلمته بجلسة "حول مستقبل الدولة الوطنية في السودان في ضوء الحرب الأهلية الراهنة" ضمن ورشة عمل "المعادلات المتغيرة للصراع والأمن في الشرق الأوسط"، والتي ينظمها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
أضاف "أمل" أن التردي الذي تواجهه الدولة السودانية منذ استقلالها في يناير عام 1956 يمر بمراحل متعددة من التآكل ومرت الدولة بمراحل متعددة من التراجع عبر مظاهر عديدة، أهمها انفصال جنوب السودان في 2011 وما سبقه من حرب أهلية مطولة، بالإضافة إلى انتشار الصراعات الإثنية والصراعات الداخلية في السودان متعددة الاشكال والصور.
وأشار إلى أن ما يحدث في السودان أكد عجز الحكومات السودانية المتعاقبة على الحل، وباتت هناك أطراف عديدة تمارس السيطرة للوضع على الأرض والدولة السودانية أكثر في إسناد مهام الدولة لأطراف من غير الدولة.
ونوه بأت قوات الدعم السريع ليست كيان موازي منضوي بشكل كامل تحت القيادة الكاملة للقوات المسلحة، بل أعدادها ومستوى تسليحها يفوق عدد وتسليح الجيش السوداني.
ولفت ، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا،جامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ، إلى أن المرحلة الانتقالية منذ 2019 تعاني من توترات غير مسبوقة وهي مرحلة مفتوحة ولا يمكن تصور لها.
وأشار إلى أن الرقم القياسي لحالات الانتقال السياسي في أفريقيا هو خمس سنوات، ثم تستقر الأمور ويتم الانتقال بعدها، لكن حالة السودان تجاوزت هذه المدة بسنة أو أكثر.
وذكر د. أحمد أمل أن مستقبل الدولة السودانية أمام ثلاثة سيناريوهات كلها تفضي إلى ثلاث مشكلات: الأولى: استمرار وضع الدولة الفاشلة في السودان. والثانية: سيناريو التفتت والاعتماد على نموذج المحاصصة الأفريقية. الثالثة: سيناريو الانقسام.
وأوضح أن هناك مسارات يمكن الدفع بها لتجنب هذه السيناريوهات، منها العمل على منع الحرب في السودان ووقف الاقتتال. وهناك حاجة لإنتاج شرعية أصلية بالانتخاب أو الاستفتاء والبدء بانتخابات محلية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السودان عمر البشير الحرب الأهلية الدراسات الأفریقیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
الموانئ السودانية بين مطامع الاستثمار الأجنبي ومحاولات تشويه صورة البجا لإفشال الإدارة المحلية
erkyamon@gmail.com
مقدمة:
في ظل التنافس الدولي المتصاعد للسيطرة على سواحل البحر الأحمر، تبرز الموانئ السودانية كإحدى أهم الأهداف الاستراتيجية لمختلف الدول، بما في ذلك الصين عبر مشروع "طريق الحرير" ومطامع أخرى من دول إقليمية وعالمية تسعى لتعزيز نفوذها التجاري والعسكري. وسط هذه الأجواء، تتعالى الأصوات التي تهاجم إدارة الموانئ المحلية، متهمة إياها بالفشل والفساد، بالإضافة إلى حملات منظمة تهدف لتشويه صورة شعب البجا الأصيل الذي كانت ولا تزال الموانئ السودانية في أرضه منذ نشأتها. هذه الاتهامات، التي تفتقر لأدلة موثوقة، تثير الشكوك حول وجود دوافع سياسية واقتصادية خفية تسعى لتهيئة الأجواء أمام الاستثمارات الأجنبية. فهل هذه الانتقادات تعكس واقعًا بائسًا، أم أنها جزء من مخطط خبيث يستهدف إفشال الإدارة المحلية وتسليم الموانئ لمستثمرين أجانب؟
1. الطريق البري والميناء الجنوبي بين تعنت حكومة قحت ورفض البجا:
خلال فترة حكومة قحت، شهدت الموانئ السودانية والطريق البري احتجاجات واسعة قادها شعب البجا بسبب تعنت الحكومة في محاولة فرض المسار الإريتري في اتفاقية محاصصة جوبا، وكذلك استمرارها في نهج نظام الإنقاذ بمحاولات خصخصة الموانئ وتسليمها لشركات أجنبية، مثل الشركة الفلبينية الإماراتية. هذه المحاولات لم تقتصر فقط على خصخصة الموانئ، بل امتدت إلى مساعٍ لبيع مرسى أبو عمامة لأسامة داؤود، صديق حمدوك، وتحويله إلى ميناء إماراتي، مما أثار غضب البجا الذين أدركوا بوضوح خطورة هذه المخططات على سيادة السودان.
ما يُثير الاستغراب هو الربط المتعمد بين احتجاجات البجا وإغلاقهم للطريق القومي والموانئ باعتصام القصر والانقلاب، وهو ما روج له إعلام قحت، إلى جانب الإعلام الإريتري وهيئة موانئ أبو ظبي. والحقيقة التي تم تجاهلها عمدًا أن البجا لم يشاركوا في اعتصام القصر، بل كان المشاركون فيه هم بعض الإريتريين عن طريق الأمين داويد وجماعته، مما يكشف حجم التضليل الذي تمارسه هذه الجهات لتشويه موقف البجا الرافض لخصخصة الموانئ.
---
2. خبث التشويه الممنهج ضد البجا:
إن الاتهامات التي تروج لها بعض الجهات بسرقة أمتعة المسافرين وتهديدهم، مع التركيز على أن معظم العمال ينتمون لمكونات شعب البجا، تعكس نية مبيتة لتشويه صورة هذا الشعب الأصيل المعروف عبر التاريخ بأمانته ونزاهته. الموانئ السودانية، التي أنشئت على أرض البجا منذ القدم، لم يسجل التاريخ أي حوادث تقدح في أمانتهم أو نزاهتهم، مما يجعل هذه الاتهامات تبدو كحملة مدروسة تستهدف إضعاف موقفهم الرافض لبيع الموانئ أو تأجيرها لجهات أجنبية.
إن محاولة تحييد أهلنا البجا عبر هذه الحملات الخبيثة لا تهدف فقط إلى إضعاف موقفهم، بل إلى تهيئة الأجواء لتسليم الموانئ لمستثمرين أجانب تحت ذريعة الفشل المحلي. هذه السياسة تحمل في طياتها أبعادًا خطيرة تسعى إلى إقصاء المكونات الأصيلة للشعب السوداني لصالح أجندات خارجية.
3. الأبعاد السياسية والاستراتيجية: مطامع الاستثمار الأجنبي:
البحر الأحمر يمثل شريانًا استراتيجيًا للتجارة العالمية، والموانئ السودانية تُعد بوابة رئيسية للتجارة الأفريقية. مع دخول الصين بمشروع "طريق الحرير" ومشاركة دول أخرى مثل الإمارات والسعودية، يتزايد التنافس على هذه الموانئ. في هذا السياق، تبرز عدة دوافع سياسية تقف خلف محاولات إفشال الإدارة المحلية، منها:
1. تحجيم الدور الصيني: تسعى بعض الدول الغربية إلى عرقلة النفوذ الصيني المتزايد على الموانئ السودانية، وذلك عبر دعم مشروعات استثمارية بديلة أو تشويه الإدارة المحلية لإجبار الحكومة على اللجوء لمستثمرين أوروبيين أو أمريكيين.
2. تعزيز النفوذ الإقليمي: دول إقليمية، مثل الإمارات والسعودية، ترى في الموانئ السودانية وسيلة لتعزيز نفوذها على البحر الأحمر. لذلك، فإن أي فشل للإدارة المحلية يمثل فرصة سانحة للاستحواذ على هذه الموانئ بعقود طويلة الأجل.
4. ضرورة الرد القانوني الحاسم:
لا يمكن الاكتفاء بالنفي الإعلامي أو الدفاع الضعيف أمام هذه الحملات، بل يجب تبني استراتيجية قانونية حازمة تشمل:
1. فتح بلاغات إشانه سمعة: ينبغي على السلطات السودانية فتح بلاغات إشانه سمعة ضد كل من يروج لمحتويات تسيء لشعب البجا أو تشوه سمعة الموانئ السودانية، وفقًا لقوانين المعلوماتية التي لا ترحم من يتعمد نشر الشائعات أو الأخبار الكاذبة.
2. تطبيق قوانين المعلوماتية بحزم: يتوجب على السلطات المعنية ملاحقة ومحاسبة كل من يصنع محتوى مسيء لأي من مكونات السودان، وتفعيل العقوبات المنصوص عليها في قوانين الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية دون تردد.
3. بيانات رسمية لرد الاتهامات: إصدار بيانات رسمية من إدارة الموانئ والجهات السيادية في السودان للرد على هذه الاتهامات بنزاهة وشفافية، مع تقديم الأدلة التي تدحض هذه الشائعات.
خاتمة:
الموانئ السودانية تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني والسيادة، وتسليمها لمستثمرين أجانب تحت ضغط الانتقادات الداخلية وحملات التشويه ليس حلاً مستدامًا. على الحكومة السودانية أن تدرك أن الحفاظ على هذه الموانئ يتطلب خطة استراتيجية توازن بين حاجتها للاستثمارات وبين حماية سيادتها الوطنية.
إن محاولة تشويه صورة شعب البجا، الذين لطالما عرفوا بأمانتهم ورفضهم القاطع لبيع الموانئ، تكشف حجم التآمر والخبث السياسي الذي يسعى لتحييد الأصوات الوطنية المخلصة. الرد الأمثل يتمثل في التماسك الوطني والتمسك بسيادة السودان على موانئه، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يسعى لتشويه صورة المكونات الأصيلة للشعب السوداني.
#لا_لبيع_موانئ_السودان #ضد_التشويه_الممنهج #سيادة_سودانية_لااستثمار أجنبي
#لا_لإقصاء_البجا #ضد_المؤامرات_الخارجية