تحالف المصالح.. تفاصيل دعم العتاد والذخيرة بين كوريا الشمالية وروسيا
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
تشهد العلاقات العسكرية بين روسيا وكوريا الشمالية تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث أكدت مصادر أميركية وكورية جنوبية وأوكرانية، إرسال بيونغ يانغ قوات لدعم قوات الكرملين في الحرب المستمرة على أوكرانيا.
وتأتي تلك الخطوة وسط تحذيرات متزايدة من احتمالات تصعيد النزاع، وإمكانية انخراط كوريا الشمالية بشكل أكبر في الصراع، مما يثير القلق لدى العديد من الأطراف الدولية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن كوريا الجنوبية دعت موسكو لاتخاذ "إجراءات فورية" لسحب الجنود الكوريين الشماليين الذين تم إرسالهم إليها.
وأفادت تقارير بأن حوالي 1,500 جندي من القوات الخاصة الكورية الشمالية يخضعون لتدريبات في روسيا تمهيداً لنشرهم في الخطوط الأمامية بأوكرانيا.
وأكد مسؤول عسكري أوكراني أن آلاف الجنود الكوريين الشماليين يتدربون حالياً في روسيا، ومن المتوقع نشرهم في أوكرانيا بنهاية العام.
وفي تصريحاته، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، صحة التقارير التي تشير إلى وجود الجنود الكوريين الشماليين على الأراضي الروسية، محذراً من أن هذا التحالف بين موسكو وبيونغ يانغ "يتجاوز مجرد تبادل الأسلحة، ليشمل أيضاً إرسال قوات قتالية من كوريا الشمالية لدعم القوات الروسية"، حسب وكالة "رويترز".
بدعم أميركي.. أوكرانيا تطور مسيرات لاستهداف العمق الروسي يتخذ الجيش الأوكراني خطوات متسارعة نحو تطوير مسيرات بعيدة المدى قادرة على ضرب العمق الروسي بكفاءة، وسط دعم أميركي لهذه الصناعة التي تولي القيادة الأوكرانية اهتماما كبيرا بها لتحقيق أهداف الحرب.وبدوره، أكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، وجود أدلة على انتشار القوات الكورية الشمالية في روسيا، لكنه أوضح أن الهدف من هذا الانتشار لم يتضح بعد، محذراً من أن هذا قد يشكل تصعيداً خطيراً في النزاع، وذلك وفق تقرير سابق نشره موقع "الحرة".
وتعد كوريا الشمالية من أبرز الدول الداعمة لروسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حيث أعلن زعيمها كيم جونغ أون عن "دعم كامل" لحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أوكرانيا.
وفي مارس 2022، كانت كوريا الشمالية واحدة من 4 دول فقط صوتت ضد قرار الأمم المتحدة الذي يدين العدوان الروسي.
ومنذ ذلك الحين، قدمت بيونغ يانغ دعماً مادياً لموسكو، شمل إرسال ذخائر لتلبية احتياجات روسيا الملحة في ساحة المعركة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وأوكرانيين وكوريين جنوبيين. ويعتقد أن كوريا الشمالية تحصل في المقابل على مساعدات روسية لدعم برنامجها العسكري، وفق الصحيفة الأميركية.
دعم بالذخائرأوضح مسؤولون أميركيون في وقت سابق، أنه منذ اجتماع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتن، عام 2023، أرسلت كوريا الشمالية إلى روسيا حوالي 260 ألف طن متري من الذخائر أو المواد ذات الصلة بالذخائر، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي.
وسمحت قذائف المدافع والصواريخ القادمة من كوريا الشمالية لروسيا بالحفاظ على معدل إطلاقها العالي طوال الغزو، الذي قُدِّر بما لا يقل عن 10 آلاف قذيفة يوميًا.
وبعد أشهر من زيارة كيم، قال مسؤولون أميركيون إن روسيا بدأت في استخدام الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية ضد أوكرانيا، وإنه بحلول ديسمبر 2023، أطلقت موسكو أكثر من 40 صاروخًا.
أسباب التدخلأشارت "واشنطن بوست" إلى هناك عدة أسباب وراء إرسال كوريا الشمالية لقوات عسكرية إلى روسيا، من بينها دعم موسكو في مواجهة نقص الجنود، إذ يسعى بوتين إلى تجنب تعبئة جديدة لقوات الاحتياط الروسية، وبالتالي استخدام القوات الكورية الشمالية لتعويض نقص الجنود في بعض المناطق الحيوية على الجبهة.
كما يُعتقد أن بيونغ يانغ أرسلت مستشارين عسكريين وفنيين للإشراف على استخدام الأسلحة الكورية الشمالية في المعركة.
مساعدات أميركية "تاريخية" إلى أوكرانيا أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، في بيان، الأربعاء، أن الولايات المتحدة ستمنح أوكرانيا قروضا بقيمة 20 مليار دولار تسدد من فوائد الأصول الروسية المجمدة.ووفقاً لخبير عسكري كوري جنوبي، لي هو ريونغ، فإن مشاكل فنية في الذخائر الكورية الشمالية "قد تستدعي إرسال فرق فنية لمعالجة هذه المشاكل، وإدارة الأسلحة ميدانياً".
ما هي مكاسب كوريا الشمالية؟تسعى كوريا الشمالية إلى تحقيق عدة مكاسب من تعاونها العسكري المتزايد مع روسيا، خاصة في سياق الحرب الأوكرانية.
وإلى جانب الدعم المالي والمادي الذي تحصل عليه بيونغ يانغ، فمن المحتمل أن تكون كوريا الشمالية تستفيد من هذا التدخل لتحسين قدراتها العسكرية والتقنية.
وأحد أبرز الأهداف لكوريا الشمالية هو استخدام الصراع كفرصة لاختبار أنظمة أسلحتها في ساحة المعركة الأوكرانية، حيث تتيح هذه التجارب الحية لها تحسين أنظمتها الصاروخية والعسكرية، مما يعزز قدراتها الدفاعية والهجومية على حد سواء.
كما أن روسيا قد تقدم لكوريا الشمالية تقنيات عسكرية متقدمة، بما في ذلك التكنولوجيا الخاصة بالفضاء والصواريخ، التي يمكن أن تساعد في تطوير برامجها النووية، حسب موقع "المعهد الأميركي للسلام".
وعلاوة على ذلك، يشير التعاون إلى تحالف استراتيجي طويل الأمد بين البلدين. وخلال زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية في يونيو 2023، وقّع البلدان اتفاقية دفاع مشترك.
هذه الاتفاقية تشير إلى دعم عسكري متبادل في حال تعرض أي منهما لهجوم، مما يعزز تحالفهما في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، كما يرى موقع "نورث 38" المتخصص في الشؤون الكوية الشمالية.
وهذا التحالف يمنح كوريا الشمالية مزيدًا من النفوذ، خاصة في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها. كما أن روسيا قد تستخدم نفوذها في الأمم المتحدة للتخفيف من العقوبات ضد كوريا الشمالية، مما يسمح لها بمواصلة تطوير برامجها العسكرية والتقنية دون قيود كبيرة، كما يرى تقرير نشره موقع "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (IISS)، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن.
رئيس أوكرانيا يطالب برد دولي على تدخل كوريا الشمالية في الحرب طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الأحد، بردود فعل قوية من الدول التي أقرت بتورط كوريا الشمالية بدرجة أكبر في الحرب مع روسيا المستعرة منذ أكثر من عامين ونصف العام. إنكار روسيوحسب وكالة فرانس برس، فقد صوّت النواب الروس، الخميس، بالإجماع لصالح المصادقة على "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" مع كوريا الشمالية.
ورفض الكرملين التقارير التي تتحدث عن وجود قوات كورية شمالية في أوكرانيا، واصفاً إياها بأنها "خدعة إعلامية".
لكن مع تصاعد التقارير التي تؤكد وجود هؤلاء الجنود، استدعت كوريا الجنوبية السفير الروسي في سيول، مطالبة بسحب القوات الكورية الشمالية فوراً.
كما حذرت الحكومة الكورية الجنوبية من أن هذا التدخل، يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر توريد الأسلحة والجنود من كوريا الشمالية.
وفي هذا السياق، عقدت حكومة كوريا الجنوبية اجتماعاً طارئاً لبحث الردود المحتملة على التعاون العسكري المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية.
وقال نائب مدير الأمن القومي الكوري الجنوبي إن الحكومة تدرس فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية إذا استمر هذا التعاون.
ويعتبر التدخل العسكري المباشر لكوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية خطوة غير مسبوقة، إذ لم تشارك بيونغ يانغ في أي نزاعات دولية على هذا المستوى منذ عقود.
ويرى محللون أن كوريا الشمالية قد تستفيد بشكل كبير من هذه التجربة في تحسين قدراتها العسكرية، مما قد يشكل تهديداً أكبر في شبه الجزيرة الكورية، وفق شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وقال كارل شوستر، المدير السابق لمركز الاستخبارات المشتركة في القيادة الأميركية في المحيط الهادئ، إن القوات الكورية الشمالية قد تكتسب خبرة قتالية حية تجعلها أكثر خطورة في المستقبل.
كما أشار في تصريحاته للشبكة الأميركية إلى أن ذلك التعاون قد يعزز قدرة النظام الكوري الشمالي على الصمود في وجه العقوبات الدولية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الکوریة الشمالیة کوریا الشمالیة الشمالیة فی بیونغ یانغ فی الحرب
إقرأ أيضاً:
خطط ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا
نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب -حتى قبل تنصيبه- في إثارة القلق والمخاوف لدى أطراف متعددة في مقدمتها أوروبا التي لفت انتباه قادتها في أكثر من مرة إلى ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا ومدّ يد التصالح إلى روسيا.
كرر ترامب أنه سيحل الصراع الروسي الأوكراني "في 24 ساعة"، وإذ إن المقصود ربما هو المبالغة في القدرة على حل الصراع في وقت يسير، فإن كثيرا من الدارسين والمحللين يتوقعون بالفعل قدرة ترامب على الوفاء بوعده، لجملة اعتبارات منها:
أن ترامب استطاع وقبل تنصيبه إيقاف الحرب في غزة من خلال دفع حكومة بنيامين نتنياهو إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية. ومنها أن طرفي الصراع في أوكرانيا قد سئما الحرب ويبحثان عن مخرج وهو قادر على ممارسة ضغوطات كبيرة عليهما، سواء من خلال فرض مزيد من العقوبات على روسيا المنهكة أصلا بالعقوبات الغربية أو التهديد بوقف تزويد أوكرانيا بالسلاح. أن ترامب رجل تحدّ مولع بكسب الرهانات الصعبة، وهو رجل أعمال مهووس بإبرام الصفقات، وقد تكون صفقة إنهاء الحرب مربحة للجميع، حسب ما تقوله بعض الدراسات التي سنعرض لها في هذا التقرير. ما موقف أطراف الحرب؟قبل الولوج إلى الخطط والسناريوهات المتوقعة لإنهاء الحرب، لا بد من التعريج على أهداف الأطراف المتصارعة ونقاط قوتها وضعفها لمعرفة الحلول التي يمكنها أن تحقق بعضا من مطالب كل طرف.
إعلانوهنا سوف نستعرض أوضاع الأطراف الخمسة المعنية بالصراع بشكل مباشر: أوكرانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والاتحاد الأوروبي، ونبحث الحدود الدنيا التي يمكن لكل طرف قبولها للتوصل إلى صفقة ضخمة من شأنها أن تسمح للجميع بتجنب الهزيمة الساحقة.
موقف أوكرانيافي دراسة للدبلوماسية الأميركية روز غوتميلر وهي وكيلة وزارة الخارجية السابقة ونائبة الأمين العام السابقة لحلف شمال الأطلسي، ترى الباحثة أنه لا ينبغي لترامب أن يرغم الأوكرانيين على الاستسلام الكامل، ففي ذلك خسارة لترامب نفسه.
وتضيف الباحثة في الدراسة التي نشرتها المجلة الأوروبية "غراند كونتينانت"، تحت عنوان "3 مقترحات لإنهاء حرب أوكرانيا"، أن كييف دافعت عن نفسها في البداية بشجاعة ومنعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تحقيق هدفه الإستراتيجي وهو تدميرها كدولة مستقلة وتحويلها إلى تابعة لروسيا.
وزيادة على ذلك، تمكنت من الاستيلاء على جزء من الأراضي الروسية في منطقة كورسك سيعينها في أوراقها التفاوضية مع موسكو.
ورغم أن رئيسها فولوديمير زيلينسكي يصرّ على عدم بقاء جندي روسي واحد على الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ومقاطعات دونباس، فإن أوكرانيا تجد نفسها حاليا في موقف ضعيف عسكريا.
وبدوره، يعتبر مراسل بي بي سي البريطانية للشؤون الدبلوماسية بول آدامز، في تقرير بعنوان "هل تنتهي الحرب في أوكرانيا بحلول عام 2025؟"، أنه في ظل التقدم الكبير لآلة الحرب الروسية شرق أوكرانيا، ومع اقتراب الحرب من نهاية عامها الثالث، وبتكلفة بلغت مليون قتيل وجريح، يبدو أن أوكرانيا في وضع خاسر.
وأظهر استطلاع للرأي نشره مركز رازومكوف الأوكراني للأبحاث أن قرابة نصف الأوكرانيين بات يؤيد مفاوضات مع روسيا مقارنة بحوالي 20% فقط قبل عام، كما أن أغلب الأوكرانيين لم يعودوا على يقين من أن بلادهم ستنتصر في الحرب في نهاية المطاف.
رغم أن زيلينسكي يصر على عدم بقاء جندي روسي فإن أوكرانيا تجد نفسها حاليا في موقف ضعيف عسكريا (الأوروبية) خسائر روسيافي دراسة لموقع "سلات" الفرنسي بعنوان "مستقبل الحرب في أوكرانيا بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض"، يقول الباحث السياسي إميل فايزاند إن روسيا تحتل حاليا حوالي 20% من أراضي أوكرانيا: أجزاء من مناطق لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا.
إعلانويتابع أن موسكو تسعى في المستقبل للاحتفاظ بإقليم دونباس كاملا وبشبه جزيرة القرم، وفضلا عن ذلك يرغب الرئيس الروسي في الحصول على ضمانة بأن أوكرانيا لن تنضم أبدًا إلى حلف شمال الأطلسي لإبعاد أي وجود عسكري للحلف قرب حدوده.
وحسب الباحثة غوتميلر، فرغم تقدم روسيا الميداني حاليا فإنها تفقد كثيرا من الشباب، فقد بلغت خسائرها القتالية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 696 ألفا و410 رجال، مع أنها تعاني أصلا من ضعف حاد في نموها الديمغرافي، ولذلك فهي تبحث عن مقاتلين في أماكن أخرى، واستعانت بالفعل بمقاتلين من كوريا الشمالية.
وبدوره، يؤكد آدمز المراسل الدبلوماسي لبي بي سي أن الاقتصاد الروسي أصبح ممزقا بفعل الحرب والعقوبات الغربية، وإن كان ما زال يعاند بإظهار الصمود رغم أن المؤشرات الأخيرة باتت تقلق الكرملين، إذ بلغت أسعار الفائدة 23%، وتجاوز التضخم 9%، وانخفضت قيمة الروبل.
وقد أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحفي في نهاية العام أن العقوبات لها تأثير على روسيا، ولذا فإن تكلفة هذه الحرب البشرية والاقتصادية قد تدفع بوتين إلى الرضوخ للتفاوض.
ماذا تريد أوروبا والناتو؟يواصل حلف شمال الأطلسي دعمه لأوكرانيا لكن إذا نفذ دونالد ترامب وعده بوقف أو حتى تقليص المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا فسيكون الوضع صعبًا لأن واشنطن تعد أكبر مانح للمساعدات العسكرية.
وحسب الباحثة غوتميلر، قدمت الولايات المتحدة بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024 أكثر من 64.1 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ولا ريب في أن تراجع الولايات المتحدة عن دعم المجهود الحربي في أوكرانيا سيضاعف الأعباء على القارة العجوز التي تعاني -بحسب الباحث السياسي الفرنسي فايزاند- من أزمة ثلاثية الأبعاد: اقتصادية (رسوم الولايات المتحدة)، وسياسية (صعود اليمين)، وعسكرية (ضعف الاستثمارات في مجال الدفاع).
إعلانويعتبر فايزاند أن أوروبا تعاني من انقسام حيال الموقف من روسيا، فهناك دول تعترف "بخطر بوتين" ولكنها لا تفعل شيئا مثل ألمانيا وبريطانيا وإلى حد ما فرنسا، ودول مستعدة للتدخل ضد روسيا كبولندا ودول البلطيق، ودول مقربة من روسيا كالمجر وسلوفاكيا وصربيا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد بدأ في يونيو/حزيران الماضي مفاوضات مع أوكرانيا لفتح باب انضمامها للاتحاد وهي عملية طويلة ومعقدة.
وعلى ما يبدو أن هذا لا يثير اهتمام الرئيس الروسي الذي لم يتحدث عنها على عكس مساعي انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي التي يرفضها بشكل قاطع، وهذا ربما يتجلى تفسيره في أن معاهدات حلف الناتو تلزم بالدفاع المشترك بخلاف اتفاقيات الاتحاد الأوروبي.
سياسة ترامبحسب الباحث السياسي الفرنسي فايزاند، فإن تكتيكات دونالد ترامب تهدف إلى خلق حالة من الفوضى من أجل وضع الأطراف الأخرى في موقف دفاعي قبل الدخول في مفاوضات حقيقية للحصول على ما يريد.
ويشكل ذلك تطبيقا نموذجيا لتقنيات التفاوض التي ينتهجها مطورو العقارات، كما روى المعنى نفسه في كتابه "ترامب: فن الصفقة" الذي شاركه في كتابته الصحفي توني شوارتز، ونشر أول مرة عام 1987.
وفي السياق نفسه، تعتبر الباحثة غوتميلور أن ترامب يحب وضع أهداف كبيرة حتى يتمكن من الفخر بأنه من نوع رجال الأعمال القادرين على تحقيق المهام الصعبة وبسرعة، لكنه أيضا لن يسمح بنهاية لحرب أوكرانيا تمنح صورة نصر لبوتين ليظهر الغرب -وترامب في طليعته- بمظهر الخاسر الأكبر في هذه الحرب.
وترى غوتميلر أن ترامب يملك كل الفرص لتغيير ديناميكية الأحداث وممارسة ضغوط مجدية على بوتين، خصوصا أن الرئيس الروسي لديه حوافز قوية للحفاظ على علاقة مع ترامب، فهو يريد العودة إلى الساحة الدولية -وإذا أمكن جنبًا إلى جنب مع الرئيس الأميركي الجديد- كما أنه يسعى بجد للتحرر من العقوبات القاسية التي أنهكت بالاقتصاد الروسي.
إعلانوترى غوتميلر أنه لن يكون من المستحيل على بوتين قبول التنازلات التي من المتوقع أن يطلبها ترامب خصوصا إذا تم تقديمها بذكاء.
غوتميلر: ترامب (يسار) يملك كل الفرص لتغيير ديناميكية الأحداث وممارسة ضغوط مجدية على بوتين (الفرنسية) مقترحات لإنهاء الحربتطرح الدراسة التي أعدّتها الباحثة غوتميلر 3 مقترحات لإنهاء الحرب، وهي:
التقسيم المؤقتوتعني صيغة لاتفاق وقف إطلاق النار مماثلة لتلك التي استخدمت لوصف وضع ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لم يتم اعتبار انفصال أقاليم ألمانيا الشرقية عن جمهورية ألمانيا الاتحادية أمرا دائما.
وهكذا تحتفظ روسيا بما تحتله حاليا من الأراضي الأوكرانية، لكن مهما طال زمن ذلك الاحتلال فإنه لن يعتبر تقسيما دائما لأوكرانيا مع مراعاة مبادئ السلامة الإقليمية والسيادة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
تحويل العضوية إلى مجرد احتمالفبدلا من إلغاء موضوع عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي كما يطالب بوتين أو تسريعها كما يود زيلينسكي، تقترح الولايات المتحدة أن لا تكون العضوية أمرا ملزما لا رجعة فيه، على أن يقدم حلف الناتو دعوة لأوكرانيا للبدء في مفاوضات الانضمام وإجرائها بالتوازي مع مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي حين لا يستطيع أحد أن يتنبأ بموعد انتهاء تلك المفاوضات -لأن تلبية مطالب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي سوف تكون أمرا معقدا بالنسبة لأوكرانيا- إلا أن تلك المفاوضات ستجعل كييف بالفعل على الطريق نحو العضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، كما التزمت الهيئتان.
ولأن هذه المفاوضات بطيئة دائما وتتطلب مشاورات ومداولات كثيرة ومتكررة، فيمكن لبوتين أن يكون على يقين من أن أوكرانيا لن تكون عضوا في الناتو على المدى القريب على الأقل.
استئناف مفاوضات الأسلحة النوويةفي مقابل المقترحين السابقين واللذين يمكن أن تعدّهما روسيا مكسبا لها، يمكن للولايات المتحدة أن تشترط استعداد روسيا لاستئناف المفاوضات بشأن ضبط الأسلحة النووية والاستقرار الإستراتيجي التي كان بوتين قد علقها احتجاجا على دعم الولايات المتحدة والناتو لأوكرانيا.
إعلانوفي حين قد لا يكون بوتين سعيدا بالتخلّي عن شروطه بشأن المساعدات الغربية لأوكرانيا، فإن لديه مصلحة في استئناف المفاوضات النووية التي قد تكون من مفاتيح عودته إلى الساحة الدولية إلى جانب الرئيس الأميركي الجديد.
وحسب الباحثة، فإن هذه المقترحات من شأنها تحقيق نتيجة متوازنة والتوصل إلى حل مربح للجميع، أو على الأقل يصون ماء الوجه لكل طرف.
خطط متداولة في واشنطنوفي تقاطع في بعض النقاط مع مقترحات الدراسة السابقة، أورد الباحث السياسي الفرنسي إميل فايزاند في دراسته 3 خطط قال إنها متداولة في واشنطن للسلام في أوكرانيا:
الخطة "الرسمية"أُعدّت بالاشتراك بين كيث كيلوغ وهو جنرال أميركي متقاعد اختاره دونالد ترامب ليكون مبعوثا خاصا له بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وفريد فليتز وهو مستشار سابق لمجلس الأمن القومي الأميركي.
وتتمثل هذه الخطة في تجميد خط ترسيم الحدود الحالي، ومن ثم الاعتراف بحكم الأمر الواقع بأن شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم تابعة لروسيا، وفي المقابل ستحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، لكنها ستشهد تأجيل أي إمكانية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لمدة 20 عامًا، وسيرفع جزء من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
خطة فانسيقال إن نائب الرئيس الأميركي القادم جيه دي فانس لديه خطة تتقاطع في جوانب منها مع "الخطة الرسمية" حيث يؤيد تجميد الحدود، مثل كيث كيلوج وفريد فليتز، لكنه يقترح منطقة منزوعة السلاح وفق النموذج الكوري، تكون محصنة بشكل يمنع غزو الروس لها مرة أخرى"، ويرفض فانس أيضًا فكرة دمج أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن المنطقة المنزوعة السلاح في أوكرانيا سوف يبلغ طولها 1290 كيلومترا، وسوف تراقبها قوات من أوروبا (على الأرجح فرنسا وبريطانيا وربما ألمانيا).
فانس يرفض فكرة دمج أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الفرنسية) خطة غرينيل إعلانوهي خطة يقترحها السفير الأميركي السابق في ألمانيا خلال ولاية دونالد ترامب الأولى ريتشارد غرينيل، والذي يقال إنه لا يزال يحظى باهتمام الرئيس الجمهوري، وتتمثل خطته في إنشاء "مناطق مستقلة" شرق أوكرانيا، كما أنه يرفض مثل جي دي فانس فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
وإذ إن الباحثين يجمعون على أن دونالد ترامب قد لا يجد صعوبة في جلب كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات، فإن الأصعب هو الظفر بسيناريو ينهي الحرب من دون أن يمنح بوتين صورة انتصار.
وفي جميع الأحوال تبدو أوروبا مقبلة على أيام صعبة، كما عبر عن ذلك بقوة الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب في 14 يناير/كانون الثاني الجاري خلال مقابلة مع قناة يورونيوز الإخبارية، إذ قال إن "عطلة التاريخ بالنسبة لأوروبا قد انتهت"، وعليها زيادة الجهود الدفاعية في مواجهة روسيا، "فالحرب الباردة الجديدة" قد بدأت للتو.