تناول تقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ جملة التحولات التي تدفع بتركيا إلى الانضمام لمجموعة بريكس، ويذكر التقرير أنه على مدى عقود طويلة كانت تركيا عضوا مؤثرا في حلف الناتو، منذ انضمامها إلى التحالف في عام 1952 كحليف غربي رئيسي في مواجهة التهديد السوفياتي خلال الحرب الباردة.

ومع ذلك، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان منذ عام 2003، تبنت تركيا سياسة خارجية متعددة الأبعاد تسعى إلى إعادة تعريف مكانتها على الساحة الدولية.

فعلى مدى العقد الأخير، بدأت أنقرة في التقارب مع عدد من خصوم الغرب التقليديين، مثل الصين وروسيا وإيران، سعيًا منها لتعزيز دورها كقوة إقليمية ودولية مستقلة. ويأتي طلب تركيا الرسمي للانضمام إلى مجموعة "بريكس" ضمن هذا التوجه الجديد، وفقا للوكالة.

ومجموعة "بريكس" (تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) هي كتلة اقتصادية تضم أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم. وتسعى تركيا، من خلال الانضمام إلى هذه المجموعة، إلى توسيع نفوذها العالمي وزيادة فرصها الاقتصادية خارج إطار التحالفات الغربية التقليدية، خاصة بعد الإحباط الذي شعر به المسؤولون الأتراك نتيجة العقبات المستمرة التي تواجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

ووفقًا لما ذكرته بلومبيرغ، تهدف تركيا إلى الاستفادة من تغيير مركز الثقل الجيوسياسي العالمي بعيدًا عن الاقتصادات المتقدمة، وذلك لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين وروسيا بشكل خاص. ويرى المسؤولون الأتراك أن الانضمام إلى "بريكس" من شأنه تعزيز التعاون التجاري والمالي مع هذه الدول، إلى جانب تقوية الروابط الاقتصادية من خلال بنك التنمية التابع للمجموعة.

تركيا تهدف إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الاقتصادات الناشئة (الفرنسية) مبررات الانضمام إلى بريكس

توترت العلاقات بين تركيا وحلفائها الغربيين بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية. وأبرز هذه التوترات تمثل في اتهام أردوغان للحكومات الغربية بدعم الاحتجاجات المناهضة له في عام 2013، بعد مدة قصيرة من اندلاع الربيع العربي. كما أن الدعم الأميركي للمقاتلين الأكراد في سوريا خلال المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية قد زاد من حدة التوترات بين أنقرة وواشنطن، إذ تنظر تركيا إلى الجماعات الكردية في سوريا على أنها امتداد للحركات الانفصالية الكردية التي تهدد أمنها الداخلي.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2015، اتخذت الولايات المتحدة وألمانيا قرارا بسحب دفاعاتهما الجوية من تركيا بعد تصاعد العنف في المناطق الكردية. وبدورها، ردت تركيا بتعزيز علاقاتها مع روسيا من خلال شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" في 2017، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى استبعاد تركيا من برنامج شراء طائرات "إف-35" وفرض عقوبات عليها.

ورغم هذه التوترات، فإن تركيا لا تزال تعتمد على شراكتها العسكرية والاقتصادية مع الدول الغربية. فهي تستضيف قواعد أميركية ومواقع إستراتيجية تابعة للناتو، مثل الرادار الذي يُستخدم في منظومة الدفاع الصاروخي للناتو.

تحولات اقتصادية

من الناحية الاقتصادية، تعتمد تركيا اعتمادا كبيرا على روسيا والصين في العديد من المجالات. على سبيل المثال، زودت روسيا تركيا بنحو 42% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، واستقطبت تركيا 6.3 ملايين سائح روسي في العام الماضي، وذلك يبرز أهمية التعاون الاقتصادي بين البلدين.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركة "روس آتوم" الروسية ببناء محطة نووية بقيمة 24 مليار دولار على ساحل البحر الأبيض المتوسط في تركيا، وهناك محادثات جارية بين البلدين لإنشاء محطة نووية ثانية.

من ناحية أخرى، تسعى تركيا إلى تعزيز التعاون مع الصين في قطاعات مختلفة، بما في ذلك بناء محطة نووية ثالثة، وجذب الاستثمارات الصينية في قطاع السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى شراكة في معالجة رواسب العناصر الأرضية النادرة. مثل هذه الخطوات تعكس سعي تركيا لتنويع مصادر دخلها وتحسين اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الأسواق الغربية.

تركيا عززت علاقاتها مع روسيا من خلال شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" في 2017 (الأوروبية) أخطار وتحديات

وتقول بلومبيرغ إنه رغم أن انضمام تركيا إلى بريكس قد يفتح لها آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي، فإن هناك تحديات واضحة قد تعترض هذا المسار. فالتقارب المتزايد بين تركيا وروسيا والصين يثير قلق حلفائها الغربيين، خاصة في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والمواقف المتباينة حيالها؛ فقد حذرت الولايات المتحدة تركيا مرارًا من أن علاقتها مع روسيا قد تعرضها لعقوبات أميركية إضافية، خاصة إذا استمرت في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع موسكو.

من جهة أخرى، فإن تركيا حريصة على عدم المساس بعلاقاتها العسكرية مع الناتو. فإلى جانب المساعدات المالية والعسكرية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، تعدّ تركيا جزءًا من نظام الدفاع الصاروخي للناتو، ولديها مصالح إستراتيجية مهمة في الحفاظ على علاقات متوازنة مع الغرب، على حد قول الوكالة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة ترکیا إلى من خلال

إقرأ أيضاً:

مساع من الإنجيليين الأمريكيين لدفع ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة

أكدت مجموعة مؤثرة من المسيحيين الإنجيليين الأميركيين علنا حق "الشعب اليهودي في يهودا والسامرة" (المسمى الإسرائيلي للضفة الغربية) باعتبارها "القلب التوراتي لإسرائيل".

وتم الكشف عن الإعلان هذه الدعوة في المؤتمر الوطني السنوي للإذاعات الدينية في دالاس من قبل القادة المسيحيين الأميركيين من أجل إسرائيل، وكان من المتوقع أن يوقع عليه 3000 من الزعماء الدينيين قبل تسليمه إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

يأتي الدفع لتطبيق السيادة الإسرائيلية على المنطقة بعد أن قال ترامب الشهر الماضي إن إدارته ستصدر إعلانًا بشأن هذه المسألة في الأسابيع المقبلة عندما سئل عن الضم.

وقسمت اتفاقيات أوسلو، التي أبرمت في عهد إدارة كلينتون، الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: المنطقة أ، تحت الولاية الفلسطينية الكاملة؛ والمنطقة ب، تحت الإدارة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية؛ والمنطقة ج، تحت السلطة الإسرائيلية الكاملة.

كانت خطة ترامب لعام 2020، والتي أطلق عليها "السلام من أجل الرخاء"، تتصور ضم "إسرائيل" لأجزاء من الضفة الغربية، لكنها أُرجئت لصالح "اتفاقيات أبراهام" التي طبَّعت العلاقات الإسرائيلية مع أربع دول عربية.


قال الدكتور مؤسس منظمة "أصدقاء صهيون"، مايك إيفانز، التي تضم ما يقرب من 30 مليون عضو، لقناة فوكس نيوز ديجيتال: "منح الإنجيليون ترامب الرئاسة، سيدعم موقفنا بشأن الكتاب المقدس ولهذا السبب اختار مايك هاكابي سفيرًا في القدس، الذي يدعم السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة".

ويرجع تاريخ الإنجيليين إلى القرن الثامن عشر حين كانت أمريكا مجموعة من المستعمرات، لكن هذه الطائفة مرت بتحولات عديدة حتى صارت مشهورة في يومنا هذا بنشاطها السياسي وانخراط كثير من أتباعها في صفوف "اليمين المسيحي"، وتقاطعها فكريا وسياسيا مع "إسرائيل" والحركة الصهيونية.

يؤكد الإعلان "حق الشعب اليهودي غير القابل للتصرف في قلب إسرائيل التوراتي ويرفض كل الجهود - سواء من الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي - للضغط على الشعب اليهودي للتخلي عن وطنه الأصلي في يهودا والسامرة".

وقال إيفانز إن الإنجيليين يدعمون إسرائيل "لأنهم يؤمنون بالوضوح الأخلاقي، والخير ضد الشر، وهم أصدقاء صهيون. إنهم يرون اليهود يُقتلون لأنهم يهود، وليس بسبب الأرض".

وقال المؤسس المؤثر ورئيس منظمة "المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل"، القس جون هاجي، إن الإنجيليين "يعرفون أن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب سيفي دائمًا بكلمته لأبناء إسرائيل. من البداية إلى النهاية، الكتاب المقدس هو وثيقة صهيونية تلزم جميع المؤمنين بالوقوف مع إسرائيل وشعبها وبركتهم".

وأضاف هاجي: "لمدة نصف قرن تقريبًا، كنت أبشر برسالة مفادها أن إسرائيل لا تحتل الأرض، بل تمتلك إسرائيل الأرض، والتي تم تسجيل سند ملكيتها في صفحات الكتاب المقدس. لقد وهب الله الأرض للشعب اليهودي طوال الوقت".

في وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت قناة فوكس نيوز أن بعض المشرعين الجمهوريين بقيادة النائبة الجمهورية كلوديا تيني حثوا الرئيس على الاعتراف بالضفة الغربية كـ"أرض إسرائيلية".

 وأعربت رسالتهم إلى الرئيس عن دعمهم لتطبيق القدس للسيادة على المنطقة، والتي قال المشرعون إنها "قلب تراثنا اليهودي المسيحي المشترك".

زحث رئيس البرلمان الإسرائيلي أمير أوهانا في 23 شباط/ فبراير حكومة الاحتلال على بسط السيادة على الضفة، قائلاً إن السيطرة الكاملة على المنطقة هي "السبيل الوحيد" لتحقيق السلام الدائم.
وقال عضو آخر في البرلمان من الليكود، دان إيلوز، إن "مذبحة حماس في 7 أكتوبر 2023 أثبتت أن أي انسحاب، وأي تنازل، وأي وهم بالتعايش مع أولئك الذين يسعون إلى تدميرنا ليس ساذجًا فحسب - بل هو انتحاري.. لقد انسحبنا من غزة، وفي المقابل حصلنا على حماس ومذبحة شعبنا. لا يمكن أن تصبح يهودا والسامرة دولة إرهابية أخرى".


بدوره، أكد عضو الكنيست الإسرائيلي السابق ووأحد مهندسي اتفاقيات أوسلو لعام 1993 أن "الدفع نحو السيادة في يهودا والسامرة سيكون نهاية إسرائيل".

 وأضاف: "إذا أصبحت إسرائيل أقلية من اليهود تهيمن على أغلبية الفلسطينيين، فلن تكون يهودية ولا ديمقراطية. لا أعتقد أن هذا يمكن أن يحدث على الإطلاق، لكن مجرد التلويح بهذه [الفكرة] أمر سيئ بما فيه الكفاية".

وأوضح "يعتقد اليمين في إسرائيل أن ترامب سيدعم أي شيء يطلبونه. لكن قبل خمس سنوات، اقترح أنه قد يكون هناك حل الدولتين. وعلى هذا النحو، فإن الأمر ليس واضحًا كما يبدو".

وفي أواخر الشهر الماضي، أمر نتنياهو قوات الدفاع الإسرائيلية بإجراء عملية "ضخمة" لمكافحة الإرهاب في يهودا والسامرة بعد انفجار ثلاث حافلات بالقرب من تل أبيب، والعثور على قنابل على حافلتين أخريين فيما يتم التحقيق فيه باعتباره هجومًا منسقًا.

وقال أحمد فتوح، المتحدث باسم حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لقناة فوكس نيوز الرقمية: "هذه الوحشية والتهجير القسري للمدنيين في الضفة الغربية... لم تكن أبدًا دفاعًا عن النفس، بل كانت مخططًا للتوسع الاستعماري وحملة تطهير عرقي".

وذكر أن "ضم الضفة الغربية سيعيدنا إلى عام 1948 ويدمر أي استقرار مستقبلي أو آفاق للسلام، وكل صوت عقلاني يفهم جيدًا أنه لا يوجد طريق للمضي قدمًا باستثناء حل الدولتين؛ وإلا فإنه سيؤدي إلى دمار لا نهاية له".

ومن ناحية أخرى، قال، المتحدث الدولي السابق باسم جيش الاحتلال والزميل في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" جوناثان كونريكوس: "لكي تتمكن إسرائيل من الاستمرار في البقاء والازدهار على طول السهل الساحلي، الذي ينتج حوالي 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فيجب عليها الاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي المرتفعة في يهودا والسامرة".

وأضاف "إذا افترضت أي جهة أخرى، فلسطينية أو غير ذلك، ذلك، فسيتم استخدامه كوسيلة لتهديد أمن إسرائيل، والبنية التحتية الأساسية، بما في ذلك مطار بن غوريون، وكذلك سكانها - المتمركزين في شريط ضيق بين حيفا [في الشمال] وأشدود [في الجنوب] - حوالي 15 كيلومترًا في العرض".


وأوضح كونريكوس أن هناك عنصرًا آخر يتمثل في أن نحو 500 ألف إسرائيلي يعيشون حاليًا في الضفة الغربية، وهم بحاجة إلى الحماية.

وقال: إن "اتجاهات التصعيد في الضفة الغربية والقدس هي الأعلى الآن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ونحن نرى نشاطًا إرهابيًا كبيرًا في جميع المدن الفلسطينية تقريبًا وضعفًا مستمرًا للسلطة الفلسطينية في ممارسة السيطرة".

مقالات مشابهة

  • مفاوضات موسكو ودمشق.. كيف تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في سوريا؟
  • لافروف: حل الأزمة في أوكرانيا ممكن خلال أسابيع إذا توقف الغرب عن إمداد كييف بالأسلحة
  • مدبولى: مصانع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 130و120 تحت الإنشاء
  • تركيا.. استطلاع رأي يرصد الثقة الاقتصادية في المعارضة
  • المغرب يستورد 5 آلاف طن من الحديد الليبي وسط مساعٍ لتعزيز التبادل التجاري
  • البرازيل تعتزم تطوير أنظمة دفع شفافة وآمنة لدول "بريكس"
  • الحمصاني: خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية «الرؤية الأشمل» لمصر 2030
  • تلفزيون بريكس: البنوك المصرية تستهدف مشروعات التنمية المستدامة والطاقة المتجددة
  • مساع من الإنجيليين الأمريكيين لدفع ترامب للاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة
  • شعبة المواد الغذائية: مصر تعزز مكانتها العالمية في إنتاج وتصدير الزيتون