قمة "بريكس بلس".. بوتين: أزمة الشرق الأوسط أصبحت الأكثر دموية في التاريخ
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال كلمته أمام الجلسة لقمة مجموعة "بريكس بلس" وأصدقائها ، اليوم ، التي انطلقت منذ أمس في مدينة قازان الروسية، عن قلقه العميق من تفاقم أزمة الشرق الأوسط، معتبرًا أنها باتت "الأكثر دموية في التاريخ" ، وأكد على أهمية مراعاة المصالح الشرعية للشعوب للانتقال إلى عالم أكثر عدالة ومتعدد الأقطاب، مشيرًا إلى أن هذه العملية معقدة وتواجه تحديات كبيرة.
بوتين انتقد بشدة الدول التي تحاول الهيمنة على الساحة الدولية وتستخدم النظام القائم على القواعد لتحقيق مصالحها. واتهم هذه الدول بالتلاعب بمؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي واستخدام أساليب غير شرعية تؤدي إلى تفاقم الأزمات، مشيرًا إلى أن الأزمة الأوكرانية مثال على ذلك، حيث تنتهك حقوق الروس ويحاول الغرب "هزيمة روسيا استراتيجيًا".
بوتين شدد على أن أزمة الشرق الأوسط أثارت قلقًا عالميًا، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية في غزة امتدت إلى لبنان وتؤثر على العديد من الدول في المنطقة، بالإضافة إلى تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، مما جعل المنطقة على حافة حرب شاملة. وأعرب عن قلقه من تزايد أعداد اللاجئين وتدمير البنية التحتية مثل المدارس والمستشفيات، ودعا إلى بذل جهود دولية مشتركة لحل هذه الأزمة.
وأكد الرئيس الروسي أن التسوية في الشرق الأوسط يجب أن تكون مبنية على قرارات الشرعية الدولية التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل. ولفت إلى أن المطالب الأساسية لتحقيق السلام والاستقرار تتطلب تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي سياق حديثه عن العلاقات الدولية، اقترح بوتين تعزيز دور الأمم المتحدة باعتبارها الهيئة المركزية لتسوية الأزمات الدولية. ودعا إلى تعديل هيكل الأمم المتحدة لزيادة تمثيل الدول من إفريقيا وأمريكا اللاتينية في مجلس الأمن، بما يتناسب مع التغيرات الاقتصادية والسياسية في العالم.
بوتين أشار أيضًا إلى أهمية التعاون لمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، مؤكداً أن روسيا تلعب دورًا رياديًا في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تقل عن 5%. كما شدد على ضرورة إنشاء مركز دولي لتوزيع المواد الغذائية والحبوب بشكل عادل لضمان الأمن الغذائي العالمي.
في الختام، أعرب بوتين عن استعداد روسيا للتعاون مع دول الجنوب والشرق لإقامة نظام عالمي أكثر عدالة يحترم سيادة الشعوب وثقافاتها وقيمها.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة بريكس تضم حاليًا البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، إلى جانب دول جديدة مثل مصر، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مدينة قازان الروسية قلقه العميق الأكثر دموية في التاريخ أهمية مراعاة عالم أكثر عدالة ومتعدد الأقطاب العملية معقدة الشرق الأوسط إلى أن
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الأمريكية: تكتيكات متغيرة وأهداف ثابتة في الشرق الأوسط
يبدو واضحاً أن المهمة الأكثر إلحاحاً التي ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية، تكمن في كيفية رسم صورة جديدة لوجودها في منطقة الشرق الأوسط، أملا في الوصول إلى تغيير ملامحها التي باتت واضحة، نتيجة للمآسي المؤلمة التي سببتها الأزمة الإنسانية في غزة والجنوب اللبناني، والتي زادت من حدة حالة عدم الاستقرار، وضاعفت من احتمالات تسريع تفكيك خريطة الشرعية المرسومة دوليا، في معاهدات واتفاقيات تقاسم النفوذ منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لدول المنطقة.
وإن كانت عملية غزو العراق قد كشفت في النهاية حقيقة زيف الأهداف الأمريكية المعلنة، والمتمثلة في إرساء الديمقراطية والسلام في العراق، ومن ثم التأثير لاستمرار سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، أظهرت شعارات الدفاع عن الحريات المدنية والدينية وحقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي، على أنها لم تكن إلا مجرد وهم من أوهام اللعبة السياسة، التي تتقنها القوى الكبرى في علاقتها المرسومة الثابتة في الأجندات، ومعاهد الدراسات العالمية، إذا ما نظرنا بعين الاهتمام إلى غياب الموضوعية الأمريكية الواضح، في كيفية إدارتها للأزمة التي تمر بها بلداننا، وباختلاف الإدارات التي جاءت بها الانتخابات الأمريكية.
وعلى الرغم من الأهمية الإقليمية التي تحظى بها نتائج الانتخابات الأمريكية، في حالة عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وعلى العكس من ذلك، ما قد يجلبه فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط ، بيد ان فرص نجاح أحد هذين الاحتمالين قد لا يسمح في تغيير الأفق المتصل بالجغرافيا السياسية والدور المستقبلي للولايات المتحدة في الشؤون العالمية.
وقد تتساءل دول وحكومات العالم العربي والإسلامي، عما إذا كانت قضية العرب المشتركة في الدفاع عن فلسطين، من خلال حل الدولتين وإرساء السلام، ستحظى بالأفضلية من قبل الديمقراطيين، أم من قبل الجمهوريين، وهل أن الولايات المتحدة الأمريكية وبغض النظر عن طبيعة الإدارة المقبلة، جادة لوضعها في أولوية سياستها المقبلة، لإعادة حقوق الشعوب المشروعة وإرساء السلام الدائم في المنطقة؟
لا شك في أن السمة الواضحة التي تميز السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات الأخيرة، تتمثل في الحرص على تحجيم الدور المتزايد الذي تلعبه الصين في العالم، فعلى الرغم من الأهمية التي يتمتع بها الصراع المسلح بين روسيا وأوكرانيا، وتداعيات الحرب المدمرة الإسرائيلية على غزة ولبنان، إلا ان مقومات الخطر الاقتصادي والسياسي الصيني يبقى ضمن أولى الأولويات في استراتيجية واشنطن العالمية، إضافة للتحديات المستمرة التي تواجه الولايات المتحدة مع روسيا وعلاقة هذه الأخيرة مع الصين في الحرب في أوكرانيا وإيران، وهذا ما قد يزيد من الأهمية والأولوية للإدارات المقبلة في تعاملها مع هذا الدور المتزايد الذي تلعبه بكين.
من هنا، أصبح من الصعوبة إن لم يكن من المستحيل، أن نتجاهل قراءة واضحة للمستقبل، وفق معطيات المنطق والواقع، الذي فرضه تشابه السياسة الخارجية الأمريكية من موقفها من سياسة حليفتها إسرائيل، من دون الرجوع إلى الأسباب الحقيقة لهذا الانحياز الواضح، الذي يضمن ويؤمن مصالح الدولة العبرية.
فلا يمكن لناقد او متتبع في السياسة، أن يتجاهل حجم علاقة الغرب وأمريكا من خلال اعتبار الدفاع عن إسرائيل أحد أهم الأولويات والواجبات للسياسة الخارجية، وهذا ما يوضح حجم التباين في ميزان القوى، مقارنة بأولويات أمريكا مع أولويات الدول العربية، التي تعتبر القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القدرة السياسية والعسكرية التي تتمتع بها هذه القوى العظمى.
لقد كان لدعم إدارة بايدن لحرب إسرائيل في غزة ولبنان، الدليل والإشارة الواضحة لحجم التباين بين هذه الأولويات، وهذا ما ترجم أسباب استمرار تقويض مصداقية الولايات المتحدة في علاقاتها مع دول المنطقة، وصمتها على منطق العقاب الجماعي الخطير بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، أو عن طريق إذلال العراقيين والسماح بمسح تاريخهم وهويتهم، عن طريق فرض الصراع السني ـ الشيعي، وجعل منطقة الشرق الأوسط بؤرة لأشكال عدة من الفوضى وتصعيد الصراعات الإقليمية بين الاشقاء لتصب في النهاية لصالح إيران وأجندتها التوسعية.
يبقى السؤال عن احتمالات تغير الموقف الأمريكي واستراتيجيته في العراق، في حال فوز مرشح الرئاسة دونالد ترامب على الرغم من تشابه أهداف الإدارات الأمريكية وحرصها في الدفاع عن الأحادية الدولية في عالم أحادي القطب، على الرغم من اختلاف الأحزاب والرؤساء لكونهما وكما يراه ويلمسه الكثيرون، وجهين لعملة واحدة، لا تختلف مواقفهم إلا من خلال التباين في طرق تنفيذ الأهداف المركزية الثابتة، التي لا تتغير بتغير من سيمثل البيت الأبيض، إلا من خلال الخصوصيات والتباين في وجهات النظر.
ففي الوقت الذي اعتبر الرئيس الجمهوري السابق الحرب على العراق بمثابة الخطأ الكبير، حرصت إدارة بايدن الديمقراطية على استمرار علاقتها «العلنية ـ السرية« مع نظام ولاية الفقيه الإيراني، في طرق التعامل والتوافق في الملف النووي سعيا لإفشال الأهداف الروسية والصينية الهادفة إلى شل القدرة الأمريكية في تثبيت أهدافها في الشرق الأوسط.
ومع استمرار الحرب على غزة وجنوب لبنان، قد يكون من الأفضل للرئيس المنتخب الجديد، تبني دور أكثر عقلانية وأكثر جرأة، من خلال إعطاء الأولوية لإدارة الصراعات في الشرق الأوسط، اذ كان راغباً في إرساء السلام، وهذا ما يلزم الجهتين، معالجة هذه الإشكالية والتفرغ لإيجاد الحلول العادلة لقضية العرب المركزية، بدلاً من تجاهلها وإجبار نظام الولي الفقيه في الوقت نفسه على وقف التحدي للنظام الإقليمي العربي، حتى لا تتحول شعارات الانتخابات الأمريكية للشرق الأوسط، منبرا لتحقيق استراتيجية انتخابية في الولايات المتحدة، وساحة للألغام لدول المنطقة نفسها.
القدس العربي