بعد تصريحات وزير التموين أمام البرلمان.. هل يتحول الدعم العيني إلى نقدي
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
أصبحت فكرة التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي يشغل بال ملايين المصريين في الفترة الحالية ، بعد وجود مناقشة داخل الحوار الوطني وتوجهات من جانب الحكومة بتحويل الدعم العينى إلى الدعم النقدي.
استعرض وزير التموين استعرض أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، الإثنين الماضي ، جهود وزارته في تطوير منظومة الدعم، عبر تطبيق آليات فعالة تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه من الفئات الأشد احتياجا.
وقال وزير التموين إنه سيجري البدء في تطبيق نظام الدعم النقدي في مناطق معينة على نحو تجريبي، مع بداية الموازنة الجديدة لعام 2025، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن هذه الخطوة تتضمن ضروة التركيز على تنفيذ النظام، وفق خطط مدروسة، تستجيب لاحتياجات المواطنين المختلفة.
وتابع فاروق «مناقشة ملف دعم السلع خلال إقرار الموازنة العامة للدولة بمجلس النواب، شهد كثيرًا من التخوفات من ارتفاع نسبة الفاقد، نتيجة استمرار تطبيق الدعم العيني، الأمر الذي اقتضى منا إعادة النظر في صياغة منظومة دعم السلع التموينية والخبز، من أجل تحقيق أقصى استفادة للمواطن، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، تماشيًا مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، لذا عقدنا العزم على دراسة التحول من الدعم العيني إلى النقدي، أو الدعم النقدي المشروط، وهو بعينه الملف المطروح على مجلس النواب في الوقت الراهن، وكذلك على مائدة الحوار الوطني، وصولا إلى ما فيه صالح المواطن».
وأوضح أن الحكومة تعكف على صياغة سياسة دعم ترتكز على احتياجات الأفراد والمجتمع، بما يسهم في تحسين حياتهم.
وشدد على أنه "يجب تجنب تجاهل الأفراد وعدم تحويلهم إلى أرقام صماء"، مشيرًا إلى أنه إذا جرى اعتماد الدعم النقدي على قواعد بيانات قديمة فسوف يتعرض المواطنون للظلم، لذا يهتم كثير من المواطنين بمعرفة موعد تطبيق الدعم النقدي .
وأكد وزير التموين أنه فيما يخص تحديد موعد تطبيق الدعم النقدي وإلغاء دعم السلع فإن القرار سيكون خدميًّا مصحوبًا بمرونة كبيرة، إذ يجري حاليًّا استشارة كثير من الخبراء في هذا المجال، لضمان نجاح التجربة، لافتًا إلى أن الجهود المبذولة في مصلحة المواطن ونظام الدعم الجديد تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية على نحو فعال وحقيقي، وتلبية احتياجات المواطنين.
عدة أشكال للدعم النقديكما كشف أيضًا أن هناك عدة أشكال للدعم النقدي، تشمل الدعم النقدي المشروط والدعم النقدي الكامل، إذ سيتحدد شكل الدعم بناءً على قواعد البيانات المتاحة، فضلا عن القدرة الاستيعابية للدولة في تقديم الدعم، منوها بأن التحديات التي تواجه الدولة تتمثل في المبلغ المرصود للدعم في العام المالي الجاري، وهو أكبر من المبلغ الذي تم رصده في العام المالي السابق، ما يعكس التزام الحكومة بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين في جميع المحافظات.
ومن جانبه قال الدكتور فخري الفقي ، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إن الدعم النقدي أكثر حوكمة من الدعم العيني ، لأنه يصل إلى المستحق مباشرة دون تصرف خارج المنظومة.
98 مليار جنيه قيمة دعم الخبز فى الموازنة العامةوأشار الفقي فى تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" إلى أن لدينا 98 مليار جنيه قيمة دعم الخبز فى الموازنة العامة للعام المالي الحالي ، أغلبها 90 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز ، بخلاف ما يقرب من 2.5 مليار جنيه نقاط لا يحصل فيها المواطن على الخبز كله على بطاقة التموين ، حيث أن ما يتم توفير من خبز على بطاقة التموين يحصل بهم على نقاط تبلغ قيمتها 10 قروش ، وهذا يعنى أنه دعم أيضا.
وتابع: آلية التحول من الدعم العيني إلى دعم نقدي على بطاقة التموين وقيمة الدعم الدعم النقدي ستكون متروكة لإدارة الحوار الوطنى لتحديدها ، بالتنسيق مع الحكومة ، للتوصل إلى أفضل شيىء للمواطن ، بحيث يصل الدعم إلى كل المستحقين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدعم الدعم العيني الدعم النقدي الحوار الوطني الحكومة التحول من الدعم العینی إلى الدعم النقدی وزیر التموین ملیار جنیه إلى أن
إقرأ أيضاً:
البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ مادة السياسة والسياسات العامة
كأن التاريخ يعيد نفسه بقلمٍ ساخرٍ، وبحبرٍ مسموم، ففي مقر البرلمان البريطاني، ذلك الحرم الذي شهد أعظم الخطب وأنبل القرارات، يُسمح اليوم لمجموعات تتبع الجنجويد – أو بالأحرى قوات الدعم السريع السودانية – بعقد ندوة تروّج لما هو أبعد من مجرد كلام، بل لتبرير فظائع جعلت العالم يذهل ويقشعرّ. العقلاء يتساءلون: ما الذي أصاب بريطانيا حتى تُدنّس أعتاب ديمقراطيتها العريقة بمثل هذه المهزلة؟
بريطانيا والجنجويد: سقوط في هاوية البرلمان المقدس
لنعد الشريط قليلاً. البرلمان البريطاني ليس مجرد مبنى حجري في وستمنستر، بل هو رمزٌ للحرية والكرامة الإنسانية. في قاعاته، وقف ونستون تشرشل يهزّ العالم بخطبه في وجه النازية، معلناً أن بريطانيا لن تستسلم. فيه، نوقشت إلغاء تجارة الرقيق، وصيغت قوانين ألهمت دولاً بأسرها. وفيه، عقدت أعظم الاجتماعات، كتلك التي جمعت قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، حيث كان مصير البشرية على المحك و هو ذات البرلمان الذي اعتذرت فيه بريطانيا للعالم عن حقب الاستعمار المريرة . كيف، إذن، تحول هذا المكان من منارة للعدل إلى منصة تُروَّج منها لمليشيا متهمة بإبادات جماعية، تطهير عرقي، وانتهاكات موثقة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان؟
اسم "الجنجويد" ليس مجرد لقب عابر، بل هو مرادف للموت والدمار في السودان. قوات الدعم السريع، التي تطورت من هذه المليشيات، تركت خلفها جبالاً من الجثث في دارفور، وأشعلت حرباً أهلية أزهقت أرواح عشرات الآلاف، وشردت الملايين. تقارير دولية، من مجلس الأمن إلى الخارجية الأمريكية، وثّقت جرائمها: اغتصاب جماعي، حرق قرى، وتجويع شعوب بأكملها. ومع ذلك، تُفتح لهم أبواب البرلمان البريطاني، كأن الأمر لا يعدو كونه نقاشاً أكاديمياً، وليس ترويجاً للبربرية.
لماذا تفعل بريطانيا هذا؟
لنكن صريحين: المصالح لم تكن يوما تقاس بمعيار الأخلاق، بل برقعة شطرنج المصالح. سماح بريطانيا بهذه الندوة ليس خطأً عفوياً " و ان حاولوا اخفاءه عبر حديث البرلمانية الفطير"، بل خطوة محسوبة في سياق أعمق. هناك من يرى فيها محاولة لإعادة صياغة صورة قوات الدعم السريع ـ"كجهة شرعية"، ربما لخدمة أجندات إقليمية تتقاطع مع مصالح دول كبرى، مثل الإمارات، التي اتهمت بدعم هذه القوات لوجستياً وعسكرياً. لكن السؤال الأكبر: هل هناك رابط مع ما يُسمى "الصهيونية العالمية"؟
الصهيونية، كمصطلح، أصبحت كرة مطاطية تُرمى في كل اتجاه، لكن دعونا ننظر بعين السياسة لا الشعارات. إسرائيل، كلاعب إقليمي، لها مصلحة في اضعاف السودان أو على الأقل في احتواء الفوضى و توجيهها في صالحها بما يضمن أمن حدودها الجنوبية عبر البحر الأحمر. قوات الدعم السريع "، استخدمت كأداة لفرض واقع جديد في السودان، يُبقي البلاد ضعيفة ومفتتة، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات تاريخية لتقسيم المنطقة. بريطانيا، بدورها، قد تكون شريكاً في هذا المشهد، إما عن وعي أو كجزء من ضغوط أمريكية غربية لإعادة تشكيل النظام السوداني و المنطقة.
لكن هذا لا يبرئها. أن تُدنّس بريطانيا سمعتها وتاريخها الديمقراطي بهذا الشكل هو انحدار أخلاقي وسياسي. كان بإمكانها أن ترفض، أن تقول "لا" كما فعلت في وجه الطغاة سابقاً. لكنها اختارت الانصياع، ربما لأنها لم تعد تلك الإمبراطورية التي "لا تغيب عنها الشمس"، بل دولة تائهة تبحث عن دور في عالم تتغير قواعده.
السودان: كيف يرد على هذه الإهانة؟
السودان، كدولة، يقف اليوم على مفترق طرق. هذه الندوة ليست مجرد حدث عابر، بل رسالة: العالم مستعد للتعامل مع منتهكي حقوق شعبكم كشركاء. لذا، يجب أن يتحرك السودان بذكاء وحزم، وفق هذه الخطوات
قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا مؤقتاً ليس من باب العقاب فقط، بل لإرسال رسالة أن السودان لن يقبل التواطؤ مع من يبررون إبادته. هذا سيضع لندن في موقف محرج أمام العالم.
اللجوء إلى الأمم المتحدة: تقديم شكوى رسمية ضد بريطانيا في مجلس الأمن، مستندة إلى التقارير التي تدين قوات الدعم السريع، مع المطالبة بتحقيق دولي في دعمها الضمني.
تعزيز التحالفات الإقليمية: التقارب مع دول مثل الصين و روسيا " مع الحذر الواعي"، التي لها مصلحة في استقرار السودان، لمواجهة أي محاولات لفرض حكومة موازية مدعومة من الخارج.
توثيق الفظائع محلياً ودولياً: إنشاء لجنة وطنية مستقلة لتسجيل جرائم الجنجويد، مع عرضها في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية، لقطع الطريق على أي محاولة لتبييض صفحتهم
الضغط الشعبي: حشد الجالية السودانية في بريطانيا للتظاهر أمام البرلمان، كما فعلوا من أجل فلسطين، لفضح هذه الخطوة وإحراج الحكومة البريطانية.
خاتمة: الخرطوم تستحق أفضل من هذا
السودان، بتاريخه العريق وشعبه الصامد، لا يستحق أن يُعامل كساحة لتجارب المصالح الدولية. بريطانيا، التي كانت يوماً مستعمرة له، تعود اليوم بقناع جديد، لكن الرائحة نفسها: رائحة الاستعلاء والتلاعب. لكن كما قال أحد حكماء السودان: "ليس للبربرية مستقبل". الخرطوم ستنهض، وسيبقى البرلمان البريطاني شاهداً على عارٍ سيلاحقه التاريخ، كما لاحق غيره من قبل. أما السودانيون سيظلون يتراغبون مواقف كل الدول ابان محنة السودان هذه.
quincysjones@hotmail.com