أكد مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي اليوم الخميس أن إصلاح المنظومة الأوسع للأمم المتحدة وكذلك لمجلس الأمن الدولي “أصبح ضرورة ملحة” لضمان قدرتها على مواكبة التطورات وتلبية تطلعات الشعوب في ضوء التحديات المتزايدة التي يواجهها العالم.

جاء ذلك في تصريح أدلى به السفير البناي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة (يوم الأمم المتحدة) الذي يصادف 24 أكتوبر من كل عام حيث تسلط المنظومة الأممية الضوء في هذه المناسبة على إنجازاتها ومساهمتها في تعزيز السلام والأمن والتعاون الدولي.

وقال السفير البناي إن دولة الكويت تؤمن بأهمية تعزيز فعالية المنظومة وتحسين هيكلياتها العملية بما يضمن مشاركة أوسع وأكثر عدالة للدول الأعضاء ويعزز من شفافية قراراتها واستجابتها السريعة للأزمات العالمية.

وشدد على وجوب مراعاة تمكين الدول النامية وإعطائها دورا أكبر في صنع القرارات الدولية مع التأكيد على أهمية الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده في تحقيق السلم والأمن الدوليين.

واعتبر مندوب الكويت هذه المناسبة فرصة لإعادة تأكيد “دعمنا الثابت لجهود الأمم المتحدة في الكثير من التحديات والقضايا الدولية والإقليمية وكذلك تلك ذات الطابع الموضوعي والتي تأتي من بينها الجهود الخاصة بتنفيذ وتفعيل أهداف التنمية المستدامة ال17 لعام 2030”.

وأكد أيضا دعم البلاد للدفع بإرساء السلم والأمن الدوليين ولجهود المنظومة الأممية في المواصلة لتعزيز أفق التعاون والتنسيق بين أعضاء المجتمع الدولي وتسوية النزاعات بالطرق السلمية ودعم الأنشطة الإنسانية كافة للتخفيف من معاناة الشعوب المنكوبة والمتضررة حول العالم.

وفي السياق لفت السفير البناي إلى التزام دولة الكويت العميق بمبادئ الأمم المتحدة ومساهمتها الفعالة في تعزيز الحوار الدولي ودعم الاستقرار والتنمية المستدامة للأجيال القادمة والدفع أيضا بدور المرأة وفئة الشباب ودعمهما.

وجدد البناي التأكيد على تأصل علاقات التعاون والتنسيق بين دولة الكويت بمؤسساتها المختلفة مع الأمم المتحدة وأجهزتها الفنية والتي تمتد لأكثر من 60 عاما.

وأشاد بالجهود الحثيثة التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في دفع المنظومة الدولية العتيدة ومقاصدها النبيلة قدما وبما نتج عن (قمة المستقبل) التي عقدت الشهر الماضي من أطر موضوعية موسعة تعزز من الدور الرائد للأمم المتحدة على المستوى الدولي.

وجدد مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة دعم البلاد الكامل لعاملي المنظومة ولأولئك الذين زهقت أرواحهم في المجال الإنساني العام باعتبارهم حجر الزاوية للعمل الدولي المتعدد الأطراف.

وكانت وزارة الخارجية أكدت في بيان لها في وقت سابق من اليوم بمناسبة (يوم الأمم المتحدة) أن دولة الكويت تجدد دعمها ومساندتها لكل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة بقيادة أمينها العام لتعزيز قدرة المنظمة على مواجهة ما يشهده العالم اليوم من تحديات غير مسبوقة في مجالات السلم والأمن الدوليين والقضاء على الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب ونزع السلاح.

وقالت الوزارة إن دولة الكويت تعتز بما يجمعها بمنظمة الأمم المتحدة من علاقة استراتيجية وشراكة وثيقة ممتدة لأكثر من ستة عقود من الزمن منتهجة دبلوماسية إنسانية وتنموية فاعلة وريادية في دعم أجهزة المنظمة الرئيسية ووكالاتها وبرامجها المتخصصة وعلى مختلف الصعد والمجالات لا سيما في إطار الركائز الثلاث الأساسية للمنظمة المبنية على صون السلم والأمن وتحقيق التنمية المستدامة وحفظ حقوق الإنسان.

وأضافت أن دولة الكويت تؤكد أن الأمم المتحدة تشكل حجر الزاوية للعمل الدولي المتعدد الأطراف وأن ميثاق الأمم المتحدة وما يتضمنه من مقاصد ومبادئ نبيلة يبقى أساسا صلبا لتنظيم العلاقات بين الدول.

ويراد من (يوم الأمم المتحدة) إحياء الذكرى السنوية لدخول ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ عام 1945 وبتصديق غالبية الموقعين على هذه الوثيقة التأسيسية بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن ظهرت الأمم المتحدة رسميا على الساحة الدولية.

وتحتفل الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية بيوم الأمم المتحدة عبر تنظيم فعاليات محلية ودولية تتناول القضايا العالمية مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وحماية البيئة بالإضافة إلى عقد مؤتمرات وورش عمل توعوية تهدف إلى تعزيز دور الأمم المتحدة والتعريف بأهدافها وأهميتها.

وتذكر الأمم المتحدة المجتمع الدولي في هذا اليوم بأهدافها التي تتمثل في “حفظ السلم والأمن الدوليين” عبر الدبلوماسية ونشر قوات حفظ السلام و”تعزيز حقوق الإنسان” من خلال دعم مبادئ العدالة والمساواة والقضاء على الفقر.

كما تهدف إلى تحقيق “التنمية المستدامة” بالتركيز على قضايا مثل التغير المناخي والتعليم والصحة العامة إلى جانب “تقديم المساعدات الإنسانية” خاصة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية.

وتؤكد المنظومة الأممية أن (يوم الأمم المتحدة) ليس فقط مناسبة للاحتفال بتاريخها وإنجازاتها بل هو دعوة للعمل المستمر لتعزيز التعاون الدولي ومواجهة التحديات العالمية المشتركة.

المصدر أ ف ب الوسومالأمم المتحدة نيويورك

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: الأمم المتحدة نيويورك السلم والأمن الدولیین التنمیة المستدامة یوم الأمم المتحدة دولة الکویت

إقرأ أيضاً:

لماذا أصبح استشراف الغد ضرورة حيوية لكل قائد؟

 

 

د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي **

في عالم تتسارع فيه التغيرات وتتزايد فيه التحديات، أصبح استشراف المستقبل ضرورة ملحّة لكل قائد يسعى لاتخاذ قرارات رشيدة تحمي منظمته وتضمن لها البقاء في بيئة مليئة بالتحولات؛ فالممارسات التقليدية وردود الأفعال الآنية لم تعد قادرة على مواجهة واقع تتحرك فيه التقنية، والاقتصاد، والمجتمع، والسياسة بوتيرة تفوق قدرة المؤسسات غير المستعدة على التكيف.

ولا شك أن وجود رؤية مستقبلية واضحة يمكّن متخذ القرار من فهم الاتجاهات القادمة، واستيعاب الفرص الكامنة، والاستعداد للمخاطر المحتملة، بما يضمن استمرارية النمو والتطور على مدى السنوات المقبلة.

ويُعد استشراف المستقبل عملية علمية لا تسعى لمعرفة الغيب؛ بل تعتمد على تحليل الاتجاهات ودراسة الأنماط وبناء سيناريوهات متعددة تساعد في توجيه القرارات. ومن دون هذا الوعي تصبح القرارات قصيرة المدى ومبنية على ردود فعل سريعة قد تُعرّض المؤسسات أو الدول لمفاجآت غير محسوبة. أما حين تمتلك المنظمة تصورًا مستقبليًا، فإنها تصبح أكثر قدرة على توقع التحديات وبناء استعداد مبكر للتعامل معها، بل وتحويل ما قد يبدو خطرًا إلى فرصة استراتيجية.

وعند النظر إلى القطاعات الحيوية في سلطنة عُمان، نجد أن الحاجة إلى الاستشراف تختلف باختلاف طبيعة كل قطاع، إلّا أن بعض القطاعات تبرز بوضوح بوصفها الأكثر حاجة إلى رؤية مستقبلية معمقة. اقتصاديًا، يبدو قطاع الطاقة محوريًا، إذ يشهد العالم تحولًا متسارعًا نحو الطاقة المتجددة والحياد الكربوني؛ مما يجعل من الضروري بالنسبة للسلطنة التخطيط لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في اقتصاد أخضر يتسق مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040". اجتماعيًا، يتصدر قطاع التعليم قائمة القطاعات التي لا تحتمل غياب الاستشراف، نظرًا لدوره في تشكيل مهارات الأجيال القادمة، وفي ظل التحولات السريعة في سوق العمل وظهور مهن جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والابتكار والريادة، يصبح تطوير المناهج وبناء قدرات الطلاب أمرًا مصيريًا.

ومن زاوية أخرى، يُمثِّل الأمن الغذائي والمائي أحد أبرز التحديات في ظل التغيرات المناخية والاعتماد الكبير على واردات الغذاء من الخارج، ما يجعل امتلاك رؤية مستقبلية ضرورة لضمان استدامة الموارد الحيوية وتعزيز القدرة الوطنية على مواجهة الأزمات. تقنيًا، يأتي التحول الرقمي في مقدمة القطاعات التي تتطلب استشرافًا عميقًا؛ فالتطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يفرض على المؤسسات التخطيط المسبق لتطوير بنيتها الرقمية وبناء كفاءات وطنية قادرة على التعامل مع هذا التغيير المستمر. وتنمو أهمية قطاع اللوجستيات والتنقل أيضًا، بوصفه محورًا تنمويًا تسعى السلطنة من خلاله إلى تحقيق مكانة متقدمة كمركز لوجستي عالمي، وهو قطاع يتأثر بشكل مباشر بالتقنيات الحديثة مثل الطائرات الذاتية والموانئ الذكية والمركبات الكهربائية، مما يجعل الاستشراف ركيزة لتعزيز تنافسيته الدولية.

وتتنوع مقاربات الاستشراف تبعًا لطبيعة الموضوع والسياق؛ فهناك المقاربة الاستكشافية التي تنطلق من الحاضر نحو المستقبل اعتمادًا على الاتجاهات الحالية، والمقاربة المعيارية التي تبدأ من مستقبل مرغوب وتبني خارطة الطريق المؤدية إليه؛ والمقاربة التحويلية التي تسعى لإحداث تغيير جذري يعيد تشكيل المستقبل بأكمله. إلّا أن المقاربة الأكثر ملاءمة لزمننا الراهن، بكل ما يحمله من تسارع وتقلب، هي المقاربة التكيفية التي تركز على المرونة وقدرة المؤسسات على تعديل مسارها وفق المستجدات، وهو ما يمثل ضرورة في عالم رقمي سريع التحول.

ومن الأدوات الأكثر انتشارًا وفعالية في هذا المجال منهجية بناء السيناريوهات المستقبلية، التي تهدف إلى رسم صور متعددة لمستقبلات ممكنة، وتساعد القادة على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا. تبدأ هذه المنهجية بتحليل القوى المؤثرة، ثم تحديد العوامل غير المؤكدة التي يمكن أن تغير مستقبل القطاع، يلي ذلك بناء سيناريوهات مختلفة وتحليل آثار كل منها. وإذا طُلب تصور مستقبل التعليم خلال السنوات العشر القادمة، فإن العامل الأكثر تأثيرًا بلا شك سيكون التطور التقني، لما له من دور في إعادة تشكيل طرق التعلم ودور المعلم والمهارات المطلوبة لسوق العمل.

ولا يكتمل الاستشراف دون إشراك الخبراء وأصحاب المصلحة؛ فطُرق مثل دلفي، والمقابلات المتعمقة، وورش المستقبل تسهم في الوصول إلى رؤى أكثر دقة، بينما تعزز المنهجيات التشاركية مشاركة الموظفين والمجتمع في صياغة الرؤية، مما يزيد من مستوى الالتزام ويسهم في خلق شعور بالمسؤولية تجاه المستقبل المراد تحقيقه. فالموظف الذي يشارك في تصميم مستقبل منظمته يكون أكثر قدرة على فهم القرارات وأكثر حرصًا على تنفيذها.

ولأن الاستشراف لم يعد نشاطًا بحثيًا معزولًا؛ بل أصبح سياسة وطنية، فقد بات ضروريًا أن تبني الدول رؤى طويلة المدى توجه خطط التنمية لعقود. فالرؤية الوطنية توفر إطارًا مستقرًا لاتخاذ القرارات، وتساعد على توقع التحديات، وضمان استدامة التنمية، وجذب الاستثمارات، وتنسيق الجهود بين القطاعات. وهي أيضًا وسيلة لحفظ التوازن بين احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل، بما يضمن نموًا متواصلًا لا يتأثر بتغير الظروف.

إنَّ استشراف المستقبل مهارة قيادية محورية، والمستقبل لا يُنتظر؛ بل يُصنع عبر الوعي والتحليل والاستعداد المبكر، كما إن امتلاك القدرة على التفكير المستقبلي لم يعد رفاهية أكاديمية، وإنما ضرورة مهنية لبناء قرارات بعيدة المدى ورؤية تتجاوز حدود اللحظة؛ فالمستقبل مساحة للخيال العلمي المنهجي، ومسؤولية تقع على عاتق كل قائد يسعى لصناعة واقع أفضل يبدأ اليوم قبل أن يصل الغد.

** مستشار أكاديمي

مقالات مشابهة

  • “بوليتيكو”: ترامب يسعى لإبرام اتفاقات سلام جديدة ويبحث عن الاعتراف الدولي
  • قائد اليونيفيل يؤكد انتهاك “إسرائيل” وقف النار في لبنان بشكل صارخ
  • لماذا أصبح استشراف الغد ضرورة حيوية لكل قائد؟
  • غزة.. تشوهات نادرة لأطفال وُلدوا خلال العدوان “الإسرائيلي”
  • العفو الدولية: المجتمع الدولي ابتعد عن مساءلة “إسرائيل” ولم يعد يركز على غزة
  • بعثة الأمم المتحدة تطلق الحوار المهيكل ومحللون يحذرون من غموض معايير المشاركة
  • الأمم المتحدة تعتمد 5 قرارات مؤيدة لفلسطين
  • الأمم المتحدة تتبنى 5 قرارات حاسمة لدعم فلسطين بأغلبية ساحقة
  • الأمم المتحدة تعتمد 5 قرارات لصالح فلسطين بأغلبية ساحقة
  • “أونروا”: التصويت الساحق لتجديد ولاية الوكالة يعكس تضامناً واسعاً من شعوب العالم مع لاجئي فلسطين