#سواليف

يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أن مقاتليها هاجموا مقر قيادة العملية العسكرية الإسرائيلية شمال قطاع غزة، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح. وأضافت الكتائب أن الهجوم الذي تم قرب نادي معسكر جباليا نُفذ باستخدام بقذيفة “تي بي جي” مضادة للتحصينات.

بعد ذلك، اشتبك مقاتلو القسام داخل المقر مع قوة إسرائيلية، مستخدمين الرشاشات المتوسطة والخفيفة، وأعلنت القسام أنها أوقعت أفراد القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح.

وقبلها بأيام قليلة، وتحديدا يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، ووسط الحصار الإسرائيلي الثالث لجباليا شمالي غزة، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة، إثر استهدافه بعبوة ناسفة أثناء وجوده بجوار دبابة في منطقة العمليات، كما أصيب معه قائد كتيبة وضابطان آخران.

مقالات ذات صلة بدء التسجيل للدورة الشتوية 2025 لامتحان الشهادة الجامعية المتوسطة (الشامل) 2024/10/24

دقسة هو أعلى رتبة عسكرية إسرائيلية يجري استهدافها منذ بداية العملية البرية في قطاع غزة، وهو قائد واحد من أهم ألوية النخبة في الجيش، والذي كان له الدور الأبرز في الكثير من العمليات الهجومية الواسعة في مناطق الشفاء، والزيتون، وبيت حانون، وجباليا، ورفح.

هذا النوع من العمليات التي تندرج تحت مفهوم “الاغتيالات عالية القيمة”، تتطلب قدرا من التنسيق بين مجهود استخباري، واستطلاع ميداني، ووحدات نشر العبوات، فضلا عن التوثيق المصور متعدد الزوايا التي اعتادت عليه المقاومة، مما يؤشر إلى أن ثمة منظومة للقيادة والتحكم (C2) لا تزال فعالة وتعمل بقدر من الكفاءة حتى في واحدة من أكثر نقاط تركيز المجهود الحربي الإسرائيلي، وبعد مرور أكثر من عام على الحرب.

الأهم أن تلك العملية ليست الأولى من نوعها التي تؤكد هذه الفرضية، فقبل أسبوع تقريبا، بثت المقاومة شريطا مصورا لإيقاع سرية مشاة ميكانيكية مصحوبة بالآليات مكونة من 12 مركبة وشاحنة في كمين مركب، ربما يتطلب قدرا أعلى من التنسيق والتحكم.

فكيف يمكن فهم قدرة المقاومة على الاحتفاظ بهذا القدر من التماسك الجيد نسبيا والقدرة على تخطيط وتنفيذ مثل هذا النوع من العمليات المعقدة رغم الضغط الهائل الذي تعرضت له على مدى أكثر من عام، فقدت خلاله العديد من القيادات الميدانية والسياسية؟

ومع أنه لا يمكن، بطبيعة الحال، أن نختزل جملة العوامل، المادية والمعنوية واللوجستية، التي تكسب المقاومة هذه المقدرة المهمة ولا أن نردها إلى عنصر واحد، إلا أن أحد أهم تلك العوامل هو أن القوات المقاتلة (كتائب القسام في هذه الحالة) في نطاق الحرب غير النظامية، عادة ما تتبع هيكل قيادة منتظما، لكنه أقرب للامركزية وأبعد عن نمط الجيوش التقليدية.

تكتيك العقد.. درس من خبرة الألمان

لفهم الأمر بعمق؛ دعنا نرجع إلى الوراء زمنيا، إلى مايو/أيار 1940، حين كان الاستيلاء على حصن “إيبن إميل”، الذي يقع بين لياج وماستريخت على الحدود البلجيكية الهولندية، مهمّا للغاية لنجاح الحملة التي شنها الفيرماخت على فرنسا. قد تتصور أن مهمة بهذه الحساسية عُهدت إلى قائد كبير في الجيش، لكن الحقيقة أن من خطط لها ونفذها وأدارها كان ملازم أول من سلاح المظلات يسمى رودولف فيتسيغ، ولم يكن تحت تصرفه سوى 77 جنديا.

لم تمر العملية بسلام، واضطر قائد هذه الفرقة الصغيرة، إلى الهبوط اضطراريا في حقل على بعد حوالي 100 كيلومتر من الهدف، وفي أثناء رحلته إلى “إيبن إميل” للسيطرة عليه اضطر لاتخاذ قرارات حاسمة بمفرده، كانت تتطلب في الظروف العادية الرجوع إلى القيادة المركزية قبل تنفيذها.

ما حدث في “إيبن إميل” هو مثال جيد على “تكتيك العقد”، بالألمانية: “الأوفتراجيستاكتيك” (Auftragstaktik)، وهو أحد منهجيات القيادة والتحكم، الذي مارسته القوات المسلحة الألمانية لمدة 200 عام، وتأصّلت في نظريات الجنرال البروسي الألماني والمنظر العسكري البارز، كارل فون كلاوزفيتز، وكانت ابتكارا فعالا بشكل استثنائي.

وكان أحد أهم العوامل التي جعلت “الأوفتراجيستاكتيك” ناجحا هو التركيز على خفض عتبات القرار، من خلال السماح لقادة الفرق والرتب الميدانية بالتصرف من دون طلب الإذن. وقد زاد ذلك من سرعة دورة القرار التكتيكي لدى الألمان بعد أن شعرت القيادات الأصغر أن بإمكانها التصرف بدرجة أكبر من الحرية، استنادا فقط للإستراتيجية المركزية والعقيدة القتالية التي درستها جيدا.

وبشكل عام؛ يمكن أن نتصور قيادة وإدارة المهام العسكرية على أنها مصفوفة خيارات متعددة واصلة بين ضدين، الأول هو المركزية الكاملة بحيث يمكن لمركز قيادي واحد فقط أن يتحكم في سير كل خطوط العمليات في الجيش، والثاني هو لامركزية كاملة، حيث يغيب المركز تماما وتعمل كل وحدة بحسب رؤيتها الخاصة وتكيفها مع سياقها الذاتي. وبين هاتين النقطتين الأكثر تطرفا، ثمة درجات متعددة ومتباينة بحسب القرب أو البعد عن أي من النقطتين.

وبهذا المقياس؛ يمكن اعتبار العمليات سالفة الذكر في جانب منظومة المركزية، لكنها ليست متطرفة تماما إلى نمط المركزية الكاملة.

كيف تدير حماس الميدان؟

بصورة أكثر تعميما من عمليات جباليا، من المهم أن نتساءل أين تقف هيكلة كتائب القسام ومنظومة القيادة والتحكم فيها بين مصفوفة المركزية واللامركزية؟ نلاحظ أن هناك غيابا للإجماع حول تحليل المنهجية التي تتبعها حماس في هيكلة تنظيمها العسكري وهندسة منظومة القيادة والتحكم وإدارة المستوى العملياتي من الحرب.

فمثلا في ورقة بحثية نُشرت في يوليو/تموز 2024 في دورية “جورنال الدراسات الفلسطينية” (Journal of Palestinian Studies)، تخلص النتائج أن حماس بشكل عام، سياسيا وعسكريا، تغلب عليها سمات اللامركزية أكثر من سمات المنظمة المركزية الهرمية، وتفسر ذلك بأن القمع الإسرائيلي المتزايد واستهداف القادة بشكل متكرر، قد دفع قيادتها إلى هذا النمط من اللامركزية و”القيادة المُوزَّعة”، لتجنب الصدمات الناتجة عن الفقدان المفاجئ لبعض القادة ورفع درجة المرونة والقابلية للتكيف.

ويتفق مع هذا الرأي بلال صعب، وهو زميل مشارك في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن، حينما يقول في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن حماس تستخدم مزيجا من نمط القوات التقليدية والهجينة وإن عملياتها “لامركزية للغاية، وهناك نوع من الهيكل العسكري الخلوي، حيث تعمل كل فرقة بمفردها”.

أما “معهد دراسة الحرب” في الولايات المتحدة، في تقرير نُشر في ديسمبر/كانون الأول 2023، فيختلف مع الرؤى السابقة ولكن ليس كليا، إذ يرى أن حماس تتشابه في تنظيمها، إلى حد بعيد، مع الهياكل العسكرية الرسمية، حيث تنظم كتائب القسام نفسها في مستويات من الفرقة وحتى مستوى اللواء تماما كما تفعل الجيوش التقليدية، ومن ثم لا يمكن تصورها كما المنظمة السرية التي تدير خلايا مترابطة لامركزية بشكل مطلق.

ولكن إلى جانب ذلك، تشير الدراسة إلى امتلاكها درجة أعلى من المرونة تظهر في تسلسل قيادي مرن وموزع الصلاحيات بغية تسهيل التعافي في مواجهة فقدان القادة أو عناصر الوحدات.
استهداف مجاهدي كتائب القسام لجنود العدو وآلياته في محاور القتال بمدينة رفح جنوب القطاع

ورغم الاختلاف الظاهر في هذه التقييمات لمنهجية القسام، إلا أن ثمة نقطة اتفاق مشتركة بينها، هي أن عمليات القتل المستهدفة وحدها لن تؤدي إلى إضعاف حماس أو تدميرها بشكل دائم. ومن المرجح أن تحتفظ حماس بقاعدة عميقة من القادة العسكريين ذوي الخبرة والردفاء، والذين سيكون معظمهم مستعدين لإعادة بناء المنظمة وتدريب قادة جدد على المستوى العملياتي والتكتيكي.

في ضوء ذلك، يخلص بيتر كونشاك، الضابط في الجيش الأميركي والباحث من مؤسسة “لايبر” البحثية، في ورقة نشرت في أغسطس/آب الماضي، أن هزيمة حماس لن تتحقق فقط في استنزاف أفراد الخط الأمامي وعزل قوات حماس القتالية النظامية عن مصادر التعزيز والإمداد، مؤكدا أن هزيمة الحركة تتطلب تفتيت كل الوصلات بين شبكة وحدات المقاتلين، وصولا إلى المجموعات الأصغر التي تعمل كخلايا مكتفية ذاتيا إلى حد كبير، ولا حاجة لها في بعض الأحيان إلى التواصل مع القيادة لأجل تنفيذ القرار.

انطلاقا من هذا المنظور؛ يمكن لنا تصور كتائب القسام في شكلها الذي دخلت به السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في صورة هجينة تمتلك بعض سمات القوات غير النظامية، وفي جانب آخر تحوز صفات القوات المسلحة التقليدية، ويسمح لها ذلك بالاحتفاظ بتماسك الهيكلة ووحدة القيادة والخطة الإستراتيجية، ولكن مع السماح للوحدات الأصغر باتخاذ قرارات في مستوى أقل من الإستراتيجي بصلاحية أوسع كثيرا من تلك التي تعتمدها أغلب الجيوش النظامية.

وفي حالة الحرب؛ كلما أصبحت الأمور أعقد وأصعب توجهت تلك الوحدات بصورة أكبر إلى النمط اللامركزي، للحفاظ على وتيرة القتال والاشتباك. بمعنى أوضح، في حال انقطاع الاتصال مع أي من نقاط القيادة، سواء العليا أو المحلية أو حتى قيادة الفرق، أو فقدان القدرة على الوصول إلى الإمدادات، فإن جنود الوحدات الأصغر مدربون على التعامل بشكل مستقل تماما، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للحرب.
لماذا تفعل حماس ذلك؟

فقدان القادة ليس السبب الوحيد الذي يدفع المقاومة للتمسك ببعض سمات القيادة اللامركزية، بل ثمة أسباب أخرى تجعل التنظيمات التي تمتلك عددا أقل من الجنود وكمًّا أقل تطورا من العتاد تتجه بصورة أوسع نحو اللامركزية عندما تواجه جيشا نظاميا. أول تلك الأسباب يتعلق بأفضل استثمار للموارد وهو ما يتطلب العمل بشكل مستقل من دون انتظار أوامر من قيادة مركزية باستغلال الفرص، والتكيف مع الظروف المتغيرة، والاستجابة للتهديدات في الوقت المناسب.

كما أن طبيعة الحروب غير المتماثلة تفرض على المقاومة التصرف بسرعة في سياق ما هو متاح لديها من بيانات وأدوات، لأن الهدف هو التحكم في بدء العمليات الخاطفة وإنهائها، وهذا هو بالأساس جوهر الحرب غير النظامية، حيث تتمكن القوة الأضعف نسبيا من تحقيق أفضل استثمار ممكن فيما هو متاح من أدوات لإيقاع الخسائر في صفوف القوة الأقوى تقنيا، من دون الاضطرار لمواجهات مباشرة مع تقنيات أعلى كفاءة، كالدبابات والطائرات.

ولنأخذ مثالا من أرض الواقع، وهو الهجمات التي تندرج تحت مفهوم “الكمين والإغارة”، وهو التكتيك العسكري الذي تتبعه أغلب عمليات المقاومة بعد الشهور الأولى من الاجتياح البري، فرغم أن هجمات كتائب القسام من هذا النوع باتت أكثر تطورا وتعقيدا وتركيبا، من حيث استخدامها لأسلحة متنوعة وتعدد جهات الاشتباك، إلا أنها تظل معتمدة بشكل كبير على قيام مجموعة صغيرة من المقاتلين ببناء خطة سريعة لاستهداف فرقة تمر في هذا المكان أو ذاك في لحظة محددة.

ولا تنتهي الأمور عند هذا الحد، فبمجرد أن ترفع كتائب القسام من معدلات هذا النوع من العمليات فسوف يتكيف الاحتلال بالتبعية مع ذلك عبر زيادة عدد دوريات المراقبة والاستطلاع في مناطق التوغل والارتكاز، ومن ثم تتكيف الكتائب مجددا عبر تحويل تكتيكاتها ناحية خطوط الإمداد، وإذا أعاد الاحتلال التكيف مع ذلك بزيادة حراسة خطوط الإمداد، يكون قرار المقاومة بالتحول بينهما حسب المعطيات الميدانية، وبالتالي تفيد اللامركزية بشكل أكبر في هذه الحالة، وتنتج درجة أعلى من إرهاق قوات العدو وتشتيتها.

إلى جانب ذلك، تستطيع الوحدات الصغيرة المستقلة أن تبتكر وتستخدم تكتيكات فريدة ومحلية مصممة كي تناسب بيئات محددة أو تستهدف نقاط ضعف العدو التي ظهرت في سياق حدث بعينه، مما يجعلها أقل قابلية للتنبؤ من طرف العدو.

ويحدث هذا عندما تدرك قيادة المقاومة أن قواتها المحلية تتمتع بفهم أفضل للتضاريس والسكان وديناميات البيئة الخاصة بها، وهو أمر بالغ الأهمية في الحرب غير النظامية ويمثل مركز ثقل الطرف الأقل عددا وقوة، والواقع أن الحرب الحضرية تخدم المقاوم دائما فهو أدرى بالمنطقة من المهاجم المحتل، وبالتالي يمكنه توجيه المعارك إلى حيث يريد، في منطقة قد تمثل بحد ذاتها تحديا لقوات الاحتلال، خاصة مع اعتماد المقاومة لتكتيك الأنفاق، كتكتيك مساعد في عمليات الإغارة والكمائن، مما يعطي طبقة إضافية من تعقيدات التضاريس ويمنح المقاومة مقدرة هجومية دفاعية وقدرة على الانسحاب السريع.

في غضون ذلك، تقنيات الاتصالات الحديثة تسمح لهذه الوحدات الأصغر بالبقاء على اتصال مع بعضها البعض، وتنسيق الحملات الأكبر بالتوازي مع الاستمرار العمل بشكل مستقل، وهنا يمكن أن تستخدم الوحدات اللامركزية مبدأ آخر من مبادئ التكتيك العسكري هو “التحشيد”، حيث تتقارب المجموعات الصغيرة من مواقع مختلفة تجاه هدف واحد.

والمحصلة؛ أن هذه المنهجية تزيد من احتمالية النجاح مع تشتيت الوحدات المهاجمة، وتصعب على الخصم التنبؤ بمسار العمليات مما يحرمه فرصة تركيز جهوده الدفاعية. ولنأخذ مثالا من الرياضيات؛ في إطار نظرية الاحتمالات، إذا كانت هناك عملة واحدة فاحتمال أن تصبح “صورة” أو “كتابة” هو 50%، لكن إن كانت هناك عملتان فإن احتمالية أن تنتج كلتاهما معا “صورة” أو “كتابة” تنخفض إلى 25%، وإذا زاد عدد العملات ستنخفض النسبة أكثر، كذلك فإن القوات الصغيرة المُهاجمة من اتجاهات متعددة ترفع من نسبة عدم اليقين، ما يتسبب في الضغط على العدو حتى مع وجود فارق قوة لصالحه.

جبهات متعددة

في ورقة تحليلية صدرت عن مؤسسة “أكليد” (ACLED) المختصة بدراسة بيانات مناطق الحرب، تبين أنه حتى أغسطس/آب 2024 كانت كتائب القسام تدير 17 جبهة قتال ضد جيش الاحتلال في مناطق متفرقة من غزة، ما بين الشمال والجنوب، ورغم أن قدرة المقاومة قد انخفضت من ناحية عدد العمليات والقدرة على صد التوغل، إلا أنها رغم ذلك حققت عددا من النتائج النوعية، بسبب التحول الواضح نحو تكتيكات حرب العصابات منذ منتصف 2024.

ظهر ذلك في تركيز المقاومة، بصورة أساسية، على نصب الكمائن وتفجير الألغام الأرضية والمباني وفتحات الأنفاق عندما اقترب الجنود الإسرائيليون من المواقع المستهدفة. وترجح الورقة أن شبكة الأنفاق لا تزال تعمل في العديد من المناطق وقد لعبت دورا مهما في تمكين مقاتلي المقاومة من الكر والفر.

بدورها، رصدت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير نُشر في مايو/أيار الماضي، نقاط ومحاور الاشتباك التي لا تزال تبدي فيها قوى المقاومة في غزة فاعلية ميدانية، ويوضح التقرير أن مقاتلي القسام باتوا يميلون لاستخدام تكتيكات حرب العصابات مقابل التكتيكات النظامية بدءا من منتصف عام 2024، كما أن الانتشار الواسع لوحداتهم في غزة يجعل شبكة القتال الخاصة بهم كبيرة ومتعددة العقد، ولا تزال نشطة على مساحة ليست قليلة.

هذا من شأنه، بحسب الصحيفة، أن يحيل حرب إسرائيل في غزة إلى “حرب أبدية” لا تقف أبدا، لأنه ببساطة لا يمكن قطع رأس النمر إذا لم يكن له رأس، وحتى مع نجاح الاحتلال في السيطرة على منطقة ما، سيضطره ذلك لخفض المجهود الحربي في مناطق أخرى، وسيسمح ذلك بالتبعية بظهور مقاتلي المقاومة مرة ثانية واستمرارهم في تنفيذ المهام المنوطة بهم، حتى مع عدم القدرة على التواصل مع الرفاق أو القيادة في مناطق أخرى، وفي أثناء ذلك سيبدون تكيفا أعلى مع البيئة المتغيرة جدا في محيطهم، ما يجعل إسرائيل تعلق في مستنقع الحرب من دون أفق للنهاية.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف غیر النظامیة کتائب القسام من العملیات هذا النوع فی الجیش فی مناطق لا تزال من دون إلا أن

إقرأ أيضاً:

6 رموز أظهرتها القسام في صفقة تبادل الأسرى وسط مدينة غزة (صور)

حملت مشاهد صفقة تبادل الأسرى الأخيرة وسط مدينة غزة، والتي نفذتها كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بحضور مقاومين من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامية، رموزا قوية للصمود والوحدة والتحدي.

وأشار موقع "The Palestine Chronicle" في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أنه "بعد أول عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير، اشتكت الحكومة الإسرائيلية من أن الطريقة التي تم بها إطلاق سراح النساء الإسرائيليات الثلاث غير مقبولة".

ولفت التقرير إلى أنه "في ذلك اليوم تم إطلاق سراح رومي جونين وإميلي داماري ودورون شتاينبريشر إلى الصليب الأحمر في ساحة السرايا في غزة وهم في صحة جيدة، وكانوا يبتسمون بينما كان بعضهم يلوح للكاميرا ولمقاتلي القسام".

وتابع: "القضية الإسرائيلية كانت مع الحشد بشكل خاص. فرغم أن المشهد كان تحت السيطرة التامة، إلا أن المقاتلين الفلسطينيين بدا أنهم يكافحون في محاولة دفع الحشد المبتهج إلى الوراء، بينما كان يتم نقل الأسرى الإسرائيليين".



ونقل التقرير عن مصادر فلسطينية في غزة، أن كتائب القسام كانت مستعدة تماماً لهذا الحدث، والمسرح قد تم إعداده، لتسليم شهادات الإفراج للنساء الإسرائيليات، ولإصدار الوثيقة الموقعة من قبل الصليب الأحمر وحماس في مكان الحدث.

ولم تكن المقاومة الفلسطينية تتوقع أن يتجمع حشد كبير في قلب مدينة غزة في أي لحظة، وذلك لأن عملية الإفراج الأولى حدثت بعد ساعات فقط من بدء وقف إطلاق النار رسمياً في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير.



لقد كانت منطقة شمال غزة على وجه الخصوص مركزاً للإبادة الجماعية الإسرائيلية والمجاعة التي صاحبتها، وقد حاول الاحتلال الإسرائيلي مرارا وتكرارا دفع سكان الشمال إلى الجنوب، لإنشاء منطقة عازلة، على أمل أن يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تطهير سكان غزة عرقياً.

ولكن بفضل صمود الفلسطينيين، فشل الهدف الإسرائيلي الأخير في الحرب أيضاً.

ولكن إقبال الجماهير فاجأ المقاومة نفسها. ورغم أن التبادل الأول كان ناجحًا، إلا أن المقاومة أرادت إرسال رسالة أقوى في التبادل الثاني في 25 يناير، مفادها أنها كانت مسيطرة تمامًا وأنها كانت قادرة على تنظيم أحد أكثر عروض القوة تفصيلاً على الإطلاق منذ 7 أكتوبر 2023.


ورغم وجود العديد من الرموز التي يمكن للمرء أن يستخلصها من الحدث العام يوم السبت، إلا أن هناك عددًا من النقاط التي تستحق عزلها، نظرًا لأهميتها الخاصة.

الصداقة القوية

أولاً، الصداقة القوية بين مقاومي كتائب القسام وسرايا القدس، وقد حاول الجانبان إظهار الامتنان لرفاقهم، وبصرف النظر عن العناق والقبلات، كان المقاتلون يضعون الكوفيات على أكتاف الآخرين.

وعندما تم إطلاق سراح المعتقلين الإسرائيليين، بقي المقاتلون للاحتفال مع حشد كبير من الناس، وهو الاحتفال الذي استمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحدث.

التخطيط المسبق


ثانياً، أبلغت حماس وسائل الإعلام المحلية والدولية مسبقاً أن الحدث سيقام في ميدان فلسطين، وبدأت شبكات الأخبار بمختلف اللغات في تقديم بث مباشر للتبادل، قبل ساعات من وصول الجنود الإسرائيليين المعتقلين.

سمح هذا لمقاومة غزة بالسيطرة الكاملة على الرواية، وإرسال رسائل قوية إلى بقية العالم مفادها أن المقاومة كانت مسؤولة بالكامل عن شمال غزة، كما كانت تسيطر أيضا على بقية القطاع.

لا بد أن حدث يوم السبت، على وجه الخصوص، قد أنهى أي حديث حول درجة سيطرة حماس والمقاومة على غزة، حتى بعد 15 شهراً من التدمير الإسرائيلي المنهجي الذي ترك القطاع بأكمله في حالة خراب تقريباً.

اللغة

ثالثاً، اللغة. في مقطع فيديو نشرته كتائب القسام، تحدثت المجندات الإسرائيليات الأربع باللغة العربية، بلهجة محلية في غزة. وشكرت إحداهن "القسام" على حمايتهم أثناء القصف الإسرائيلي. وشكرت أخرى على الطعام والماء والملابس.

من غير الواضح كيف تعلم الجنود اللغة العربية، أو بالأحرى كيف تم تعليمهم اللغة العربية في ظل الظروف المروعة للإبادة الجماعية في غزة. بالنسبة للفلسطينيين، هذا انتصار ثقافي.

من ناحية أخرى، حرصت المقاومة على وجود اللغة العبرية أيضًا طوال الحدث. كانت أكبر لافتة على المنصة باللغة العبرية وكتب عليها: الصهيونية لن تنتصر أبدًا.

كما تم سرد أسماء الكتائب العسكرية الإسرائيلية التي تكبدت خسائر فادحة أو تحطمت بالكامل في غزة، إلى جانب عبارات مثل "غزة مقبرة الصهاينة المجرمين"، "المقاتلون الفلسطينيون من أجل الحرية سيكونون دائمًا منتصرين"، و"فلسطين - انتصار الشعب المضطهد ضد الصهيونية النازية".

النصر الثقافي

رابعاً، لنعد إلى النصر الثقافي، فلم تكتف المجندات بإظهار الامتنان للمقاومة الفلسطينية، مستخدمين اللغة العامية في غزة، بل خرجوا أيضاً مبتسمين، ملوحين للحشود. قارن هذا بالظروف المروعة التي عاشها الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم، الذين كانوا في كثير من الأحيان نحيفين، ومشوشين، ومهانين حتى اللحظة الأخيرة.

لقد أجرى العديد من الناس في مختلف أنحاء العالم بالفعل هذه المقارنات بين ثقافة الاحتلال الإسرائيلي وثقافة المقاومة الفلسطينية.

وفي حين زعم البعض أن كل هذا كان من تدبير حماس لأغراض دعائية، فلا بد من الاعتراف أيضاً بأن حماية الأسرى، "وفقاً للتعاليم الإسلامية"، كما أكدت المقاومة مراراً وتكراراً، كانت تتم منذ بداية الحرب.

صدمة بعدد المقاومين

خامساً، بدا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تنقل وجهات نظر إسرائيلية رسمية وغير رسمية، قد صدمت بعدد المقاتلين الفلسطينيين الذين خرجوا من تحت الأنقاض ومن أنفاق المقاومة في غزة للمساعدة في تسهيل التبادل الأول.

وتم التركيز بشكل خاص على درجة التنظيم، والزي العسكري الأنيق، والتغطية الإعلامية، وأكثر من ذلك بكثير. وكان السبب وراء الصدمة هو أن الجيش الإسرائيلي كان قد تواصل مراراً وتكراراً بأن المقاومة هُزمت في شمال غزة، وأنها "مفككة" وبالكاد قادرة على العمل. وقد أثبت هذا الحدث العكس تماماً.

وبدا الأمر وكأن المقاومة أدركت أهمية هذه النقطة بالذات، والتي نقلها أيضاً محللون إقليميون ودوليون. ولذلك، زادت عدد مقاتليها عدة أضعاف. ويشير بعض المحللين إلى أن عدد مقاتلي القسام تضاعف أربع مرات على الأقل منذ التبادل الأول.

يضاف إلى ذلك عدد مقاتلي سرايا القدس الذين جاؤوا أيضاً بأعداد كبيرة، وهم يقودون ما يبدو أنها شاحنات جديدة ويسيرون بثقة في شوارع غزة، حيث استقبلهم آلاف الفلسطينيين بالإثارة والابتهاج أينما ذهبوا.

بنادق تافور
ستة مقاتلين من النخبة في القسام، يحملون بنادق تافور الإسرائيلية، والتي أطلق عليها القسام اسم "غنائم الحرب". كانت الرسالة هي النصر، حيث تمكن مقاتلو النخبة الفلسطينية من القضاء على مقاتلي النخبة الإسرائيليين وكانوا يستعرضون في غزة بأسلحتهم الخاصة.

يمكننا أن نقول الكثير عن رمزية الحدث، من لغة الجسد إلى إشارات اليد إلى هتافات الحشود، وإلى طائرات الإعلام الفلسطينية التي تحوم فوق ميدان فلسطين، وهو موقع معارك ضارية بين المقاومة والجيش الإسرائيلي. وهذا يحمل أيضًا رمزية عميقة.

مقالات مشابهة

  • أسيرة إسرائيلية تقع في حب كتائب القسام وترفض مغادرة غزة.. "حقيقة أم فبركة"
  • القسام تنعى عنصرين.. وإسرائيل تعتزم توسيع العمليات وسرايا القدس تفجر عبوة ناسفة
  • شهيدان من كتائب القسام جراء قصف الاحتلال مركبة في طولكرم (شاهد)
  • مقاتلو كتائب القسام يستقبلون العائدين إلى غزة
  • مجاهدو “كتائب القسام” يستقبلون العائدين إلى غزة
  • اغتيال قيادي ومجاهد بــ كتائب القسام.. وحماس: دماءهم الزكية لن ‏تذهب سدى وستكون دافعا لتصاعد المقاومة
  • ن هي الأسيرة “أربيل يهود” التي تلح حكومة الاحتلال على إطلاق سراحها؟
  • “كتائب القسام” تبثُّ مشاهد “ملحميَّةً” في الجزء الثانيّ لـ “كمائن الموت” ببيت حانون
  • رسائل القسام
  • 6 رموز أظهرتها القسام في صفقة تبادل الأسرى وسط مدينة غزة (صور)