الإخوان يصبّون الماء على طاحونة نتانياهو
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
يتفشى طاعون الدمار الإسرائيلي بسرعة كبيرة في أجساد المدن والبلدات والقرى العربية دون وجود أي بارقة أمل لعلاجه، أو حتى الحصول على هدنة لالتقاط الأنفاس وإخراج الجثث من تحت الركام والصلاة على الموتى وإكرامهم بدفنهم.
وأثناء كتابة هذه السطور يتعرض لبنان الشقيق لقصف رهيب يعيدنا إلى ما كانت تتعرض له فلسطين في ذات الأيام من العام الفائت، نفس القصف الإسرائيلي العنيف الذي لم تضعف أو تنخفض قوّته النارية منذ عام بل تزداد عنفاً ووحشية وعشوائية مع مرور الأيام واستمرار عجلة الحرب في الدوران.
يرتكب الجيش الإسرائيلي الغازي كل المحرّمات ويمارس كل المحظورات القانونية والأممية ويتجاوز كل الخطوط الحمراء غير آبه بكل ردود الأفعال الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية، ذاك الجيش الذي كان ينعت من قبل محللي الإخوان وإعلامهم بأنه جيش قصير النفس في الحروب ولا يستطيع خوض الطويلة منها بل يفضّل الحروب الخاطفة وقصيرة الأمد، لأنه يعتمد على الاحتياط في تعداده البشري من أفراد وضباط عسكريين، لكن ما يحدث اليوم برهن العكس وأكد خطأ التقييمات والرهانات التي بثتها الفصائل الإسلامية منذ اليوم الأوّل.
من بالغ الضرورة في الوقت الراهن أن يجلس قياديّو الفصائل الإسلامية على كرسي الاعتراف، ويقرّون بخطاياهم التي لا تغتفر، ويكفون عن ترديد الأكاذيب، فدولة إسرائيل وجيشها أظهرا عكس كلّ ما تفوّه به الإخوان وماكيناتهم الإعلامية وما أوهموا به الشعوب العربية، فجيش الاحتلال يخوض المعارك تلو المعارك على أكثر من جبهة وأكثر من عام، وهو يتقدم عسكرياً على الأرض، ويخسر الكثير من الضحايا العسكريين دون أن ينهار ويتحمل هذه الخسارات على النقيض تماما مما أشيع عنه.
النازحون الإسرائيليون يقطنون أفضل الفنادق، وتتكفّل الحكومة بكل نفقاتهم، وحين يحدث قصف ما ينزل كل الشعب الإسرائيلي إلى الملاجئ المجهزّة للحروب، وأعتقد أنّه يجب الوقوف طويلاً أمام امتلاك إسرائيل للعدد الكافي من الملاجئ التي تستوعب كل الشعب الإسرائيلي، فهي دولة تمتلك كل المقومات والتجهيزات لخوض الحروب وأسست على أنها دولة جاهزة لخوض الحروب، وفي الجانب الآخر تصير الخنادق العسكرية ملاجئ سكنية للقادة الإسلاميين وعائلاتهم فقط، ويستشهد آلاف الفلسطينيين، وينامون في العراء، ويتشردون ويجوعون ويعطشون.
تحدث كل هذه الفظائع المرعبة، والحركات الإسلامية في المنطقة مازالت تردد أنها لم تخسر الحرب وأنها ستقاتل حتى آخر رجل ومبنى سكني ومدرسة تعليمية ومستوصف طبي. بل ويتشدق بعضهم بالحديث عن وحدة الساحات، هذا العنوان الأثير لليمين الإسرائيلي المتطرف، فهو لا يكف عن استخدامه ليثبت به صدق ادعاءاته التي يستعطف بها العالم، أن إسرائيل مهددة بشكل مباشر من قبل الحركات الإسلامية وداعميها في المنطقة وأنها تخوض حرباً وجودية تكون فيها أو لا تكون.
وحدة الساحات، هذا العنوان البرّاق الذي كان وبالاً على الحركات الإسلامية المنبثقة من رحم الإخوان أو من بعض الدول الإقليمية، ولعل إسرائيل أكثر المستفيدين منه بعدما ساق لها عشرات المليارات من الدولارات وحاملات الطائرات وأحدث منظومات الدفاع الجوي من أوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة.
اعتادت إسرائيل على خوض حروبها مع كل من حماس وحزب الله بشكل منفرد، دون الاتكاء على الدعم الأمريكي المباشر، لكن ما جرى وحدث في طوفان الأقصى مسّ بشكل مؤذٍ العصب الحساس لإسرائيل وللغرب عموما، ما استدعى الشراكة الأمريكية المباشرة والدعم العسكري والاقتصادي الغربي لإسرائيل في الحرب منذ ساعتها البكر وحتى الآن.
مما لا ريب فيه أن الإخوان ورعاتهم يصبّون الماء على طاحونة رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتانياهو وأفراد عصابته، فهم أكثر المستفيدين من وحدة الساحات بعدما أطالت حياتهم السياسية وحالت دون انفراط عقد حكومتهم اليمينية المتوحشة، وعززت مزاعم اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحث الخطى لإعادة بناء المستوطنات في غزّة، استناداً على مبدأ أن المستوطنات تجلب الأمن وتبعد مطلقي الصواريخ عنهم عشرات الكيلومترات.
بعد كل رشقة صاروخية يهرع الإسرائيليون إلى الملاجئ، ويزداد توحّدهم ويقفزون فوق خلافاتهم بل ويرصّون صفوفهم، موالاة ومعارضة، خلف حكومتهم وخياراتها المجنونة، وبالمقابل تتعرض المناطق التي انطلقت منها الصواريخ لاستهداف شرس يحيلها إلى العصر الحجري ويبيد سكانها، وتتسع الهوة بشكل عميق بين الفصائل الإسلامية والشعب العربي الذي يدفع فاتورة حرب لم يهيأ لها، من دمه ورزقه وحياته التي أضحت جحيماً لا يحتمل.
وفي السياق ذاته صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن مصر فقدت 6 مليارات دولار من تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر وأنها أكثر المتضررين من التصرفات الحوثية. كما استغل حزب الليكود الهجوم الذي قام به شابان ينتسبان إلى تنظيم الإخوان وأدى إلى مقتلهما دون قتل أي جندي إسرائيلي أسوأ استغلال، وراحوا يتبجحون بأنهم في خطر داهم من جيرانهم الأردنيين.
وهنا يظهر لنا بوضوح موقف تنظيم الإخوان المسلمين وهو يتاجر بالدماء والتضحيات بشكل فج، فالإخوان يراهنون على هذه الحرب لزيادة شعبيتهم وعودتهم إلى الشارع بعدما خسروه في كثير من البلدان العربية، كمصر وسوريا وتونس والكويت والمغرب.
وفي المحصلة نجد أن كل هذه الإعلانات من الحركات الإسلامية لم تعرقل الخطط الإسرائيلية أو توقفها بل سرّعت تطبيقها على الأرض، وأضرّت بالدول العربية.
لا يمكن لعاقل أن يتهم من قام بطوفان الأقصى ومن سانده وأشغل وأشعل الجبهات مع الإسرائيليين بالجبن أو الضعف، بل هو فعلاً يتربع على قمة الشجاعة، لكنه فعل ارتجالي قام على تقديرات مغلوطة ووهمية، وهذا يعيدنا إلى قول المتنبي منذ أكثر من ألف عام “الرأي قبل شجاعة الشجعان”.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
عاجل | سي إن بي سي: مايكروسوفت تفصل المهندسة ابتهال أبو السعد التي احتجت على تزويد الشركة إسرائيل بأنظمة ذكاء اصطناعي
سي إن بي سي: مايكروسوفت تفصل المهندسة ابتهال أبو السعد التي احتجت على تزويد الشركة إسرائيل بأنظمة ذكاء اصطناعي
التفاصيل بعد قليل..