من الواضح أن المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكشتاين قد عاد بخُفَّي حُنين من بيروت، بعد أن فشل في انتزاع موافقة لبنانية على الشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، رغم محاولاته تغليف هذه الشروط بدبلوماسية ناعمة لم تنطلِ على مفاوضيه اللبنانيين الذين تشبَّثوا بموقفهم المعلن والقائم على وقف إطلاق النار أولاً، ثم الحديث عن أي شيء عبر المفاوضات.
والثاني هو إصرار الجانب الإسرائيلي على التفاوض تحت النار، استناداً إلى وثيقة سلمها مسبقاً إلى واشنطن، تتضمن الشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار وحتى إنهاء الحرب في حال الاستجابة لها. وهي شروط، وفق التسريبات، لا يبدو أن أية دولة في العالم تستطيع القبول بها، لانتهاكها سيادة البلد من الألف إلى الياء، إن كان لجهة إطلاق حرية العمل لسلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، وفرض رقابة صارمة على كامل الساحل والموانئ والحدود البرية اللبنانية، وصولاً إلى انتخاب رئيس «معتدل» للبنان وغير ذلك، أو إحداث تغيير جوهري في مهمة قوات «اليونيفيل» التابعة للأمم المتحدة، وإسناد مهمات جديدة لها، بما يعنيه ذلك من إحداث تعديلات جوهرية على القرار 1701، تتصل بتغيير أساس مهمة قوات «اليونيفيل». وهو ما يعني في نهاية المطاف فرض الاستسلام الكامل على لبنان والانتقاص من سيادته.
ومن هنا خرج هوكشتاين بدبلوماسيته المعهودة، عقب انتهاء محادثاته في بيروت، ليقول إن «القرار 1701 لم يعدْ كافياً»، فهو أنهى حرب عام 2006، لكن الظروف تغيرت منذ 18 عاماً، فاتحاً بذلك المجال أمام إمكانية التفاوض لتعديله.
غير أن هوكشتاين لم يقلْ إن القرار 1701 يتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وإن الذي كان يخرقه آلاف المرات طوال السنوات الماضية هو الجانب الإسرائيلي. وباختصار فإن ما يحاول المفاوض الأمريكي فعله هو فرض شروط المنتصر على المهزوم، بينما الحرب لا تزال محتدمة ولم تُحسمْ نتائجها بعد، بل إن عملية التوغل البري التي تقوم بها إسرائيل على الحدود الجنوبية، لا تزال متعثرة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدئها، وهي مسألة باتت محرجة لإسرائيل. وبالتالي فإن محاولة انتزاع تنازلات بالدبلوماسية لتحقيق ما عجزت عنه الحرب حتى الآن لن تنجح، ولن تنجح معها مقولة «التفاوض تحت النار» والضغط العسكري، تماماً كما فشلت هذه المقولة في غزة، ما يعني أن الكلمة الفصل في كل ذلك ستبقى في الميدان، وهو الذي سيقول كلمته الأخيرة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله
إقرأ أيضاً:
غضب شعبي وتنديد دولي بتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة
عواصم - الوكالات
توالت التصريحات المنددة بتجدد العدوان الإسرائيلي على غزة اليوم الثلاثاء، وطالبت دول عدة بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتوفير الحماية للمدنيين في القطاع.
واستأنفت إسرائيل فجر اليوم الثلاثاء عدوانها على قطاع غزة بسلسلة من الغارات العنيفة أسفرت إلى غاية الآن عن 356 شهيدا وعشرات المصابين، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقال وزير خارجية النرويج إسبن بارث إن ما يجري حاليا في غزة "كابوس".
ودعا بارث إلى "وقف القتال فورا حتى يتسنى استئناف المفاوضات بشأن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار".
وعبر وزير الخارجية البلجيكي برنارد كوينتين عن إدانته الغارات الإسرائيلية الجديدة، وقال إن ما تسببه من خسائر بشرية يهدد تحقيق الأهداف من اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقالت "لا يمكن للمدنيين الفلسطينيين أن يدفعوا ثمن هزيمة حماس".
وطالبت الصين باتخاذ خطوات لمنع "كارثة إنسانية" في غزة، وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ إن "الصين تشعر بقلق بالغ من الوضع الحالي بين إسرائيل وفلسطين"، داعية طرفي النزاع إلى "تجنب أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد الوضع ومنع كارثة إنسانية أوسع نطاقا".
واعتبر وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني بات ماكفادن أن "لإسرائيل الحق في أن تدافع عن نفسها، لكن لا نريد أن نرى حرمان السكان من المساعدات".
وأضاف "كنا نأمل أن يدوم وقف إطلاق النار، وسنستخدم أي نفوذ لدينا لمحاولة إعادة فرضه".
وأكدت متحدثة باسم اليونيسف في غزة أن استئناف العدوان الإسرائيلي سبقه نقص في المساعدات وتدمير الرعاية الصحية في غزة.
وقالت إن حقوق أطفال غزة لا تحترم على الإطلاق، وهم محاصرون في دائرة العنف منذ بداية الحرب.
ودعت المتحدثة إلى وقف الضربات فورا، ودعت جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني.
وطالب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مهند هادي بالعودة لوقف إطلاق النار في غزة فورا.
وقال هادي في بيان "شهد قطاع غزة منذ ساعات الصباح الأولى موجات من الغارات الجوية، إن هذا جائر، ويتعين العودة إلى وقف إطلاق النار فورا".
بدورها، دعت الخارجية السويسرية إلى العودة فورا إلى وقف إطلاق النار، وطالبت بإطلاق سراح جميع المحتجزين وتسليم المساعدات دون عوائق وحماية المدنيين