مسقط- الرؤية

انطلقت أمس الأربعاء فعاليات "مؤتمر عُمان للذكاء الاصطناعي التوليدي" تحت عنوان "مستقبل الاقتصاد الذكي 2024"، الذي تنظمه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع شركة ساس ميديا، وذلك في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، ويستمر على مدار يومين بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين المحليين والدوليين.

ويناقش المنتدى دور الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعزيز الاقتصاد الذكي في سلطنة عمان، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.

وفي بداية المؤتمر، ألقى سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني كلمة تطرق فيها إلى التوجهات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي ودور البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة في تعزيز تبني وتوطين تقنيات الذكاء الاصطناعي في سلطنة عمان. وأشار سعادته إلى أبرز المشاريع الحالية والقادمة تحت مظلة البرنامج. تلى ذلك عدة أوراق عمل بدأها سعود بن حمد الريامي الرئيس التنفيذي للأعمال والجملة بشركة "أوريدو"، بالحديث عن التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير الأعمال والاتصالات. بعدها قدم كين هابسون القائد الإقليمي لتقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي لدى شركة IBM، رؤية مستقبلية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، مسلطاً الضوء على الابتكارات والتحديات في هذا المجال. وقدم أليسيو باغناريسي نائب الرئيس للذكاء الاصطناعي في شركة أوراكل لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عرضًا حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المنطقة ودور الشركة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.

وشهد المؤتمر عرضًا حول مسابقة "هندِسها بالذكاء الاصطناعي"، والذي قدمته طوعة بنت عبد الله آل داوود رئيسة قسم التطوير والدراسات بالمركز الوطني للفضاء والتقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات؛ حيث استعرضت من خلاله أهداف المسابقة ومراحلها المختلفة والنتائج المتوقعة منها وأهم الإحصائيات المرتبطة بها.

وتخلل المؤتمر 3 جلسات نقاشية، تناولت الجلسة الأولى الذكاء الاصطناعي التوليدي كمحرك للتنمية المستقبلية. وتناولت الجلسة الثانية تأثيرات الحوسبة الكمية على تقنيات الذكاء الاصطناعي. أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت تغير أنماط الأعمال في عصر الذكاء الاصطناعي. كما شهد المؤتمر افتتاح معرض تقني مصاحب بمشاركة عدد من الشركات التقنية، استعرضت من خلاله أحدث الابتكارات والحلول الذكية والتي تم تطويرها محليا.

وأُعلن خلال المؤتمر عن الفائزين في مسابقة "هندِسها بالذكاء الاصطناعي"، التي نظمها المركز الوطني للفضاء والتقنية المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والتي شارك فيها 25 فريقًا ضم 100 مشارك، تنافسوا على تطوير حلول مبتكرة لتعزز استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مختلف القطاعات. وتم تكريم الفرق الثلاثة الفائزة بالمراكز الأولى، إلى جانب منح جوائز خاصة مثل جائزة التميز الابتكاري، وجائزة التعاون والعمل الجماعي، وغيرها من الجوائز التشجيعية.

ويواصل المؤتمر فعالياته اليوم الخميس بتنفيذ عدد من حلقات العمل التخصصية والمرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ حيث ستركز حلقة العمل الأولى على  التطبيقات المالية في عصر الذكاء الاصطناعي وتهدف إلى استكشاف أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا المالية ودورها الحيوي في تحسين الخدمات المالية ودعم الابتكار. أما حلقة العمل الثانية ستناقش الممارسات الرائدة في تطبق الذكاء الاصطناعي تستعرض مجموعة متنوعة من الحالات الدراسية الناجحة، وتناقش التحديات التي تواجه الشركات والمؤسسات عند تبني هذه التقنية، وكيفية التغلب عليها. وتهدف حلقات العمل إلى تبادل الخبرات وتقديم أفضل الممارسات في توظيف التكنولوجيا الحديثة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وأحدث التطورات في مجالات البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة، بالإضافة إلى استعراض السياسات والتشريعات التي تدعم الابتكار وتعزز قدرات السلطنة في هذا المجال.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی للذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟

منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.

واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟

وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.

أفكار وادي السيليكون تُراهن على نمو سنوي يتجاوز 20% في الناتج المحلي الإجمالي (شترستوك)

هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.

ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.

من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلات

ويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.

وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.

لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".

إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعة

وإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.

ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.

شركات الذكاء الاصطناعي تعتقد أن أنظمتها ستبدأ بإنتاج أفكار جديدة ذاتيًا (شترستوك)

لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.

وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.

أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟

لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.

وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.

رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.

لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.

هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟

"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.

الديناميكيات الاقتصادية التقليدية قد تنهار مع تسارع الذكاء الاصطناعي الذاتي التحسين (شترستوك)

وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.

مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.

إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟

التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.

وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.

مقالات مشابهة

  • نقيب السياحيين حمدي عز: مؤتمر السياحة الصحية نمط جديد علي خريطة مصر السياحية
  • لقاء يناقش تعزيز تنسيق جهود العمل الإنساني في اليمن
  • لمواجهة العقوبات الأميركية.. تحالفان للذكاء الاصطناعي في الصين
  • مؤتمر الذكاء الاصطناعي.. روبوتات شبيهة بالبشر تلعب وترسم وتنجز المهام
  • حكومة ترامب تلجأ للذكاء الاصطناعي لحذف 100 ألف قانون فدرالي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
  • علي بابا تكشف عن أول نظاراتها للذكاء الاصطناعي
  • كركوك.. استحداث كليتين حكوميتين للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • قطر تشارك في حفل افتتاح المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي بالصين
  • الصين تدعو لتأسيس منظمة عالمية للذكاء الاصطناعي