#لا_يريدون #وقف_الحرب _ #ماهر_أبوطير
لا بد ان يكون واضحا جدا ان اسرائيل لا تريد وقف الحرب، لانها امام حزمة اهداف استراتيجية تريد تحقيقها من خلال هذه الحرب، وليست امام عمليات عسكرية محدودة.
بشأن غزة تتذرع اسرائيل بهجوم السابع من اكتوبر 2023 لتدمير قطاع كامل على رؤوس اهله، حيث تم تشريد اكثر من مليوني فلسطيني، وهدم اغلب البيوت كليا او جزئيا، ولا يمكن لعاقل ان يصدق ان هذا الذي يجري هو انتقام من مجموعة عسكرية نفذت هجوم السابع من اكتوبر، وهو هجوم قد يؤدي الى رد فعل اسرائيلي ضد التنظيم، لكنه لا يؤدي الى تدمير القطاع كاملا، ونرى اليوم ان مستهدفات اسرائيل التي فشلت لم تتحقق الا على المدنيين، اما القيادات المطلوبة والتي تم الوصول اليها، فلن توقف الحرب، فقد تجاوزت اسرائيل حاجتها لصناعة صورة انتصار امام مجتمع اسرائيل، طوال عام كانت فيه تقتل المدنيين فقط، فيما تجاوز اسرائيل حياة الاسرى واهميتها، بعد كل هذه الخسائر في جيشها من قتلى وجرحى.
لبنان ايضا على ذات الطريقة، وبذريعة حدوث عمليات قصف يتم قصف بيروت وكل لبنان، والتوقعات تتحدث عن قصف بحري محتمل، ومحاولات الاجتياح، وتدمير مطار بيروت والمعابر البرية والموانئ، والعمليات الاسرائيلية التي تقوم بها اسرائيل ضد اللبنانيين، على مستوى قتل قيادات سياسية وعسكرية، وتشريد المدنيين، وحرق المناطق السكنية، يتجاوز بكثير رد الفعل على عمليات قصف من داخل لبنان، ونحن امام مطابقة من نوع غريب مع ما يجري في غزة، اي توظيف اي عمل عسكري للدخول الى حزمة اهداف استراتيجية مؤرشفة ومحددة داخل العقل الاسرائيلي السياسي والعسكري، وليست وليدة ساعة او ساعتين.
مقالات ذات صلةهذا يعني ان اي تراجع من الفلسطينيين او اللبنانيين لن يؤدي الا الى نتائج اسوأ من نتائج الحرب ذاتها، وهذا يقول ان الطرفين امام استعصاء غير مسبوق، حيث استمرار الحرب كارثة، ووقفها بالشروط الاسرائيلية كارثة من نوع ثان، في هذا التوقيت الاكثر صعوبة.
لا يريدون وقف الحرب، بل سنرى انها سوف تتواصل، ويكفي السؤال عن قدرة اسرائيل الاقتصادية والعسكرية لمواصلة الحرب لعام ثان، اذ لولا الدعم الاميركي المالي والعسكري، ودعم اطراف ثانية سرا، لما استمرت الحرب التي تخوضها اسرائيل ايضا نيابة عن معسكر اكبر، وليس دفاعا عن وجودها فقط، بما يعني اننا امام حرب دولية تتكثف في #فلسطين و #لبنان.
حزمة الاهداف الاسرائيلية باتت معروفة، تهجير ابناء غزة الى مصر، وتطهير القطاع من سكانه، وليس من المقاومة فيه، وانهاء اي تنظيمات عسكرية في فلسطين، وصولا الى لبنان التي يراد اعادة انتاج تركيبتها الداخلية بما يتطابق مع توافقات سرية مع اطراف لبنانية على صلة بالاميركيين والاسرائيليين، وبما يصب في سيناريو انهاء الوجود الايراني العسكري في اكثر من بلد، تمهيدا لتصفية الحساب مع الايرانيين عسكريا، او سياسيا، بحيث تكون طهران في اضعف حالاتها، وهي التي غازل رئيسها الولايات المتحدة في نيويورك علنا، لمعرفته كلفة الحرب الأسوأ على بلاده اذا جاء دور ايران نهاية المطاف وضمن هذه السلسلة المستهدفة.
لكن ايران هنا قد تكون نقطة التحول، سياسيا، او عسكريا، خصوصا، اذا ادت الضربة الاسرائيلية المحتملة الى اضرار كبيرة في ايران، بحيث تجبر ايران على الرد، بشكل اقوى، بما يعني ان المنطقة كلها ذاهبة الى وضع غير مسبوق، لا يمكن التحكم بايقاعه، وهذا الامر اذا حدث، سيثبت أن غزة كانت مجرد صاعق تسبب بتفجير الاقليم، ولم تكن الا البداية فقط.
مواصلة التحليل السياسي وتوجيه الاسئلة عن موعد توقف الحرب، مضيعة للوقت، ما لم يتم الحديث عن الذي تريده اسرائيل فعليا من الحرب، لان اغلب التحليلات تتحدث عن مطالبها الظاهرة كإعادة الاسرى وغير ذلك، فيما مستهدفاتها الاستراتيجية اوسع واخطر بكثير، وتصل حد القناعة بقدرتها على ترتيب اوراق الشرق الاوسط، والسيطرة عليه، وعلى موارده وشعوبه ودوله، في مشروع استعماري من نوع جديد، تغطيه الولايات المتحدة بالدعم بكل الوسائل.
الخلاصة تقول هنا إن استمرار الحرب كارثة، ووقفها بالشروط الاسرائيلية كارثة من نوع ثان.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: لا يريدون وقف الحرب فلسطين لبنان وقف الحرب من نوع
إقرأ أيضاً:
مشكلة الحكومة أنها غير متمكنة من استعادة قرار الحرب والسلم
على رغم كل ما يواجهه لبنان، ومعه حكومة لا يزال عودها طريًا، من تحدّيات داخلية معطوفة على مخاطر خارجية جنوبًا وشرقًا وشمالًا، فإن ما يدعو بعض المتفائلين إلى التمسّك بخيوط واهية من أمل لا يزال ممكنًا، أقّله نظريًا، بالنسبة إلى إمكانية قدرة اللبنانيين على التغلب على الواقع بما فيه من أسباب كثيرة تدعو إلى الإحباط واليأس والقنوط هو ما يُعقد من آمال على ما لدى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من إرادة إنقاذية حقيقية.هذه الارادة تبدأ بورشة إصلاحية لأكثر من خلل سياسي ومجتمعي واقتصادي ومالي من شأنها أن تنقل لبنان واللبنانيين من ضفة الانهيار إلى ضفة التعافي، ولكن من دون أن يعني ذلك أن ما يتطلع إليه رئيس البلاد الملقاة على منكبيه العريضين كل هذه المسؤولية سيتحقق بين ليلة وضحاها. فما ، يتعرّض له هذا البلد الصغير المحيطة به مشاكل ومخاطر أكبر من قدراته الذاتية سيكون لها حتمًا تأثيرات مباشرة على وحدته، أرضًا وشعبًا.
وهنا يحضرني قول الموفد الرئاسي الفرنسي جان أيف لودريان، الذي أعرب عن مخاوفه في إحدى زيارته للبنان، وقبل التوصّل إلى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية، على مستقبل لبنان السياسي. فكلام لودريان، وهو السياسي المخضرم والمحنّك، لم يفهمه كثيرون من اللبنانيين على حقيقته، ولكنهم بدأوا يكتشفون بعضًا من خيوط هذه اللعبة بعدما بدأ تجميع "البازيل" الإقليمي، وبعدما تبيّن أن هذه اللعبة هي أكبر من لبنان، وبعدما اتضح أيضًا أن بعض اللبنانيين متورطون في شكل أو في آخر بهذه اللعبة، التي تمتد من طهران إلى فلسطين المحتلة بجزئيها المنفصلين عن بعضهما البعض جغرافيًا بعد إنهاك القطاع وبدء مخطط تقطيع أوصال الضفة الغربية، مرورًا بالعراق وسوريا فلبنان.
فالتحديات التي تواجه لبنان في شكل أساسي قد تتخطّى الإطار الداخلي عندما تهيأ للبعض، عن قصد أو عن غير قصد، بأن السلطة اللبنانية الجديدة قادرة على نقل هذا "اللبنان" من حال إلى أخرى من دون أن يكون لهذا الانتقال أثمان عليها أن تدفعها هذه السلطة، عاجلًا أم آجلًا، خصوصًا أن امتلاكها لقرار السلم والحرب لم يصبح مضمونًا بعد. فالخروقات الإسرائيلية المتزايدة والمتصاعدة يومًا بعد يوم، وبالأخص استهدافها بعض المناطق اللبنانية الواقعة شمال الليطاني، والتي تدّعي تل أبيب بأنها مخازن أسلحة لـ "حزب الله" قد يعيد الحرب من حيث لا أحد يدري إلى بداياتها، مع الإشارة إلى أن القيادة السياسية في "الحزب"، سواء عبر الاطلالات المتكررة لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم أو لعدد من قيادييه، مصرة على التأكيد أن "المقاومة الإسلامية" لا تزال قوية. وهذا التأكيد معطوف على ما أدلى به مؤخرًا المرشد الروحي للجمهورية الإسلامية الامام علي خامنئي بالنسبة إلى قوة المقاومة في لبنان، وهذا ما يؤشرّ إلى أن قرار الحرب والسلم لا يزال خارج متناول السلطة اللبنانية، التي تمّثلها حكومة لغير هذا الزمن.
وكان حري بأن يكون التوجه لقيام سلطة سياسية متكاملة المواصفات، التي كان من المفترض أن تواكب ما يتعرّض له لبنان من مشاكل وما يواجهه من تحدّيات خارجية وداخلية تمامًا كالسلطة التي تشكّلت من الأقطاب السياسيين في المراحل المفصلية في تاريخ لبنان. فانتخاب الرئيس عون لم يكن قرارًا لبنانيًا صرفًا، وإن بدا أن لنواب الأمة، من يمينهم إلى يسارهم، حرية الاختيار، كان يُفترض أن تواكبه حكومة سياسية بمعناها الحصري، أي بمعنى إمكانية امتلاكها حرية الحركة في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة مباشرة بما يحيط لبنان من أزمات خارجية كبيرة تفرض انتقالًا طبيعيًا لقرار الحرب والسلم من يد "حزب الله" إلى سلطة سياسية ممثلة بالقوى السياسية القادرة على اتخاذ القرارات المناسبة لتحصين لبنان واللبنانيين من أي خطر خارجي، أقّله من خلال معادلات جديدة سبق أن حدّدها رئيس الجمهورية في خطاب القسم وفي كلمته في القمة العربية الطارئة في القاهرة.
فهذا المستوى من الخطاب السياسي العالي السقف من حيث تحديد الخيارات اللبنانية الخارجية لا تتطابق مواصفاته مع ما نشهده من تجاذبات سياسية لا تزال تذكّر اللبنانيين بحقبة من الحياة السياسية، التي كان فيها الخلاف في الرأي بين المسؤولين هو سيد الـ "موقف" وسيد الـ "قرار"، وبالأخص في ما يتعلق باعتماد سياسة محايدة بالنسبة إلى الصراعات الإقليمية، التي لم يجنِ منها لبنان سوى الويلات والدمار والخراب وانقسام اللبنانيين بين يمين وشمال.
المصدر: لبنان24 مواضيع ذات صلة جعجع: لاستعادة قرار الحرب والسلم Lebanon 24 جعجع: لاستعادة قرار الحرب والسلم