التفاصيل الكاملة لحفل ختام مهرجان الموسيقى العربية
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
يختتم مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، الذى تنظمه دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتورة لمياء زايد، ويديره الدكتور خالد داغر، فعاليات دورته الـ٣٢ في الثامنة والنصف مساء اليوم، الخميس على مسرح النافورة، يقام حفل للفنانة مي فاروق، بمصاحبة الأوركسترا قيادة المايسترو تامر فيظي، تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو.
وتتغنى مي فاروق، خلال الحفل بمختارات من أهم أعمال الطرب التي قدمها كبار الفنانين خاصة كوكب الشرق أم كلثوم، قبلها يقدم كل من الصوليستات "الفنان مصطفي داغر (الكمان)، الفنان إسلام القصبجى(العود)، الفنان السعودى على خفاجى (البيانو) والفنان يحيى مهدي (تشيللو) "وصلة فنية موسيقية لعزف أشهر الألحان التي شكلت الوجدان الفني للجمهور المصري والعربي.
يسبقه عرض على المسرح الخارجي لطلاب مركز تنمية المواهب تحت إشراف الدكتور سامح صابر يضم عددًا من أعمال الموسيقى العربية الشهيرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية ختام مهرجان الموسيقى العربية مهرجان الموسيقى العربية مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الدكتورة لمياء زايد الدكتور خالد داغر مي فاروق مسرح النافورة وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو الموسیقى العربیة
إقرأ أيضاً:
عبد السلام فاروق يكتب: مصر.. العبقرية التاريخية واستحقاقات الجغرافيا
ليست كل الدول سواسية في تأثيرها أو حضورها؛ فبعضها يكتب التاريخ بحروف من نور، وينحت الجغرافيا بإزميل من ذهب. مصر، بتفردها، ليست مجرد شعب وأرض وسيادة، بل هي حكاية إنسانية ممتدة، وحضارة تتنفس عبر آلاف السنين، هنا، حيث يتشابك النيل مع الصحراء، وتتعانق أفريقيا مع آسيا، تقف مصر كحارس أمين للتوازنات الإقليمية، وكحاضنة للتحولات الكبرى.
لم تكن عبقرية مصر وليدة الصدفة، بل نتاج تفاعل خلاق بين تاريخ عريق وجغرافيا فريدة، فمنذ فجر الحضارة، أدركت مصر أن موقعها ليس نقطة على الخريطة، بل جسر بين الشرق والغرب، وشاهد على حوار الحضارات.
حين قدمت فكرة التوحيد قبل آلاف السنين، لم تكن تبني دولة فحسب، بل كانت ترسم ملامح فلسفة في الحكم تقوم على الوحدة في التنوع. هذه الروح نفسها تجلت في نموذج السلام المصري مع إسرائيل، الذي حول مسار الصراع من حروب دموية إلى مسار دبلوماسي، رغم ثقل التحديات وضغوط اللحظة التاريخية.
لم يكن السلام مجرد اتفاقية، بل رؤية استباقية أعادت تشكيل معادلات الأمن الإقليمي، وأثبتت أن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على تحويل العداء إلى فرص للاستقرار.
سر التفرد المصري لا يكمن في الماضي وحده، بل في التوازن النادر بين عمق الجذور وحيوية الحاضر. فمصر، برغم التحديات الاقتصادية أو السياسية العابرة، ظلت تحتفظ بقدرتها على الحركة الواعية بين دوائرها العربية والإفريقية والإسلامية والمتوسطية، دون انفصام أو تناقض. هذه القدرة على الجمع بين الهويات المتنوعة، وتحويلها إلى مصادر قوة، هي ما يجعل مصر حارسًا للأمن الإقليمي، وشريكًا لا غنى عنه في صناعة مستقبل المنطقة.
في العقد الأخير، واجهت مصر اختبارًا وجوديًا مع رياح التغيير العاتية التي اجتاحت المنطقة. بينما انهارت دول تحت وطأة الفوضى أو الاختراق الأيديولوجي، قدم النموذج المصري درسًا في "المرونة المؤسسية": الجيش كضامنٍ للدولة العميقة، والشعب كشريك في رفض تحويل الوطن إلى ساحة لصراعات بالوكالة. كان التصدي لصعود الإسلام السياسي تعبيرًا عن عقد اجتماعيٍ جديد، يعيد تأكيد أولوية الهوية الوطنية على المشاريع الأيديولوجية العابرة للحدود.
اليوم، وفي خضم التحولات الجيوسياسية العنيفة، تعيد مصر تعريف أدوات تأثيرها. فقناة السويس، التي كانت رمزًا للسيادة الوطنية، تتحول إلى محورٍ لـ"دبلوماسية الممرات المائية"، تربط بين أمن الطاقة العالمي واستقرار الشرق الأوسط. وفي ملفاتٍ شائكةٍ مثل ليبيا والسودان، تتبنى القاهرة منهجيةً تقوم على "احتواء الأزمات" بدلًا من استيراد الحلول الجاهزة، مستفيدةً من عمقها الأفريقي كجسرٍ للتواصل مع الفواعل الإقليمية والدولية.
على الصعيد الداخلي، يشهد النموذج المصري تحولًا جذريًا في التعامل مع إرث الماضي ورهانات المستقبل. مشروعات المدن الذكية في الصحراء ليست مجرد طفرة عمرانية، بل جزء من رؤية لتحقيق "التوازن الاستراتيجي" بين التمدد الحضري والأمن القومي. وفي مواجهة تحديات المياه، تتحول أزمة سد النهضة إلى فرصة لصياغة نظامٍ أفريقيٍ لإدارة الموارد، يعيد مصر إلى دورها التقليدي كحاضنةٍ للتكامل الإقليمي.
الدرس المصري الأعمق يكمن في فهمها أن القوة لا تقاس بحجم الجيوش أو الموارد وحده، بل بقدرة الدولة على تحويل التحديات الجغرافية إلى أصول استراتيجية. فالصحراء التي كانت يومًا حاجزًا طبيعيًا، أصبحت ساحةً لاقتصاد المستقبل في الطاقة المتجددة.
والموقع الجغرافي الذي جعلها هدفًا للغزاة، صار ممرًا إجباريًا للتجارة العالمية، تُترجم فيه القوة الناعمة إلى نفوذ سياسي.
في المستقبل القريب، ستواجه مصر معضلة وجودية: كيف تحافظ على دورها كـ"دولة مركز" في نظام إقليميٍ يتجه نحو التعددية القطبية؟ الإجابة تكمن في قدرتها على تطوير "دبلوماسية المعرفة"، حيث يصبح العمق الحضاري والدراسات الاستشرافية أدوات لقيادة الحوارات الدولية. كما أن تحولها إلى مركزٍ إقليميٍ للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي قد يعيد رسم خريطة النفوذ في أفريقيا والشرق الأوسط.
وفي مواجهة التحديات الاقتصادية، تقدم مصر درسًا في «المرونة الاستراتيجية». فبدلًا من الانكفاء على الذات، أو الاستسلام لشروط المساعدات الخارجية، اختارت أن تعيد تعريف أولوياتها. التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، والسعي لتحقيق الأمن المائي عبر مشروعات إدارة الموارد، وتعزيز التعاون الأفريقي في إطار سد النهضة، كلها خطوات تعكس رؤية ترى في الأزمة فرصة لإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية.
العبقرية المصرية لا تكمن في قدرتها على الصمود فقط، بل في مهارتها في تحويل الصمود إلى مسيرة. فحين انهارت دول أمام إغراءات «الربيع العربي»، أو انزوت في زوايا الصراعات الطائفية، ظلت مصر تقاوم انزياح الهوية، وتصر على أن تكون «دولة مركز» بكل ما تحمله الكلمة من معنى: مركز للإشعاع الثقافي، وللتوازنات السياسية، وللابتكار الاجتماعي.
اليوم، وفي عصر تتسارع فيه التحولات الرقمية، وتتصاعد فيه النزعات الانعزالية، تطرح مصر سؤالًا مصيريًا: كيف يمكن للتاريخ أن يكون رافعة للمستقبل، لا سجنًا للماضي؟ الإجابة تبدو واضحة في مشهدها الحضاري: ببناء جيل جديد يعي أن عمقه التاريخي ليس عبئًا، بل وقودًا للإبداع. التعليم، الإعلام، الفنون، كلها أدوات تعيد مصر من خلالها صياغة وعي يجمع بين الفخر بالانتماء والانفتاح على العالم.
في الختام، مصر هي فضاء ثقافي وسياسي يثبت أن الجغرافيا قدر، لكن التعامل معها فن. وفنون مصر، من السلام إلى التنمية، ومن الدبلوماسية إلى المقاومة، تروي قصة شعب اختار أن يكون سيدًا على تقلبات الزمن، لا عبدًا لها. هنا، حيث يلتقي التاريخ بالجغرافيا، تكتب إحدى أعظم حكايات الإنسانية: حكاية وطن يعرف كيف يموج بالحياة، رغم كل العواصف.