الثورة نت:
2025-03-03@17:33:53 GMT

يحيى السنوار.. أيقونة المقاومة الفلسطينية

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

 

 

قدّم هذا المقاوم الفلسطيني سيرة حياة مثاليّة ليكون أيقونة نادرة في تجسيد البطولة والفروسيّة والشجاعة من جهة، والوضوح في الرؤية والبصيرة لفهم جوهر الصراع مع الكيان الذي فهمه كما لم يفهمه قادته من جهة أخرى، وجمع إلى ذلك قدرة قيادية استثنائية سواء في كسب ثقة المقاومين وحبهم، أو في تخطيط وتنظيم وإدارة العمليّات وتوظيف قدرات المقاومة البشريّة والماديّة لصناعة نقاط تحوّل مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية.


سيكتب التاريخ أن هذا المقاوم كان مهندس الحدث الذي أعطاه عنوان طوفان الأقصى، فتحوّل لأهم حدث عربي وعالمي لعام كامل وأكثر، وقلب المعادلات وغيّر اتجاهات السياسة، من مناخ كان عنوانه النجاح في تهميش القضية الفلسطينية وفتح مسار التطبيع مع الكيان وشرعنة الاحتلال، إلى عكس الاتجاه وإعادة وضع القضية الفلسطينية على رأس جدول الأعمال الدولي والعربي وإثبات أن أي ترتيبات للمنطقة لا تأخذ بالاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني ليست إلا سراباً لا يقبل الحياة.
نجح السنوار بإثبات قدرة المقاومة على كسر المهابة التي صنعت لجيش الاحتلال ووصفه بالجيش الذي لا يُقهَر، فمرّغ أنفه ووجهه في وحل لن يُمسح عنه صورته مدى الحياة، عبر الطوفان الذي منحه سنوات عمره بعد تحريره من الأسر إعداداً وتخطيطاً وتحضيراً وتنفيذاً، ثم منحه حياته شهيداً بعد عام من المقاومة، وفتح عبر الطوفان الباب لنقاش لن ينتهي في الكيان حول المأزق الوجوديّ، فمَن يضمن الأمن للكيان ومَن يضمن له البقاء، ما دام بمستطاع الفلسطينيين أن يُعيدوا فعل ما فعلوه في يوم الطوفان، ومنح الفلسطينيين بالمقابل الأمل باستعادة بلدهم وحقوقهم طالما أنه قدّم لهم المثل بما يستطيعون فعله وما يترتّب على هذا الفعل.
فتح السنوار الطريق واسعاً أمام وعي شعوب العالم لحقيقة القضية الفلسطينية عبر هذا الحدث الدراميّ الضخم الذي هزّ العالم، وما ترتب عليه من انكشاف العمق الإجراميّ المتوحش لكيان نجح عقوداً طويلة بتقديم نفسه بصورة المظلوميّة والمدنيّة والحضارة، وها هو ينكشف بأكثر صورة تعبر عن حقيقته العنصرية الدموية القاتلة للحياة، وها هي شعوب العالم وشبابه خصوصاً يتعرّفون على أحقية الشعب الفلسطيني ومظلوميّته ويقبلون سرديّته التاريخية للحق والاحتلال والعنصرية وحرب الإبادة، لتولد على يدي حرب السنوار معادلات ثقافيّة جديدة تحملها الأجيال الشابة لم يعُد ممكناً تجاوزها.
حرم السنوار عدوّه من ادعاء التفوق الاستخباريّ واكتشاف مكانه والذهاب إلى قتله، فقد استُشهد بقذائف الاحتلال ورصاصه وهو يحمل بندقيته ويقاتل كمقاوم، ولم يتعرّف عليه جيش الاحتلال ومخابراته إلا بعد استشهاده، فاتحاً الباب للصورة الموازية وهي صورة القائد المقاتل الذي لا يحتمي، كما قال الاحتلال بالأسرى، ويجلس داخل نفق محصّن متخذاً من هؤلاء الأسرى دروعاً بشرية تحميه.
كما قدّم السنوار في الأسر صورة القدوة المناضلة والصابرة والقياديّة، فكان عنصر توحيد بين أسرى المقاومة الفلسطينية والعربية، وكان شغله الشاغل تعلّم المزيد عن الكيان خلال الأسر وكيفية تحويل الأسر من تحدّ إلى فرصة، فأتقن لغته وعرف عنه الكثير وكتب الكثير وأعدّ خطته لقلب الطاولة، ونجح بعد تحريره من إعادة صياغة معادلات حركة حماس والقسام لحساب أولوية هذه الخطة، فحرّر حماس من عقدة الذنب التي مثّلها الموقف الخاطئ من الحرب على سورية، وقاد حماس نحو موقعها الطبيعي في قلب محور المقاومة، وصولاً إلى ساعة صفر الطوفان، فكان له من محور المقاومة هذا الإسناد حتى الاستشهاد الذي جسّده بأبهى صوره القائد الكبير السيد حسن نصرالله، بينما توّج قائد حماس الشهيد إسماعيل هنية الذي كان رفيق دربه وشريكه في مسيرته والمؤتمن على قيادة الحركة حتى سلّمه الأمانة ومن بعدها الشهادة.
بعد السنوار مقاومة مستمرّة أثبتت أنّها لا تسقط القضية مهما كانت الكلفة، وشهادة القائد سوف تزيدها صلابة، وهي تثبت في الميدان استحالة أن ينجح الاحتلال ببسط سيطرته على قطاع غزة، وما يرتكبه الاحتلال من جرائم يوميّة يمنح المقاومة مزيداً من اليقين بأن قدر الفلسطينيين هو النصر أو الشهادة، بينما لن يكون سهلاً الوصول إلى صفقة تبادل تعيد أسرى الكيان بغير الشروط التي وقف عندها السنوار، علماً أنه وحده كان يملك القدرة على التفاوض على شروط أعلى أو أدنى، ومعه تفويض المقاومين، بينما لن يكون لمن يخلفه هذه القدرة وستكون أيّ عملية تفاوض أشدّ تعقيداً وصعوبة.
غزة كما لبنان بوابات حروب مفتوحة لا يستطيع الكيان أن يحلم بتحقيق إنجازات سياسية أو عسكرية فيها، ولن يستطيع إنهاء الحرب إلا بالتراجع، وكلما مرّ المزيد من الوقت زادت كلفة التراجع كما زادت كلفة الاستمرار بالحرب، وهذه لعنة اسمها لعنة السنوار وسوف تلاحق الكيان وقادته.

رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يطلق النار بكثافة على رفح الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال يوسف أبوكويك، مراسل "القاهرة الإخبارية" من رفح الفلسطينية، إن المدينة تتعرض بشكل شبه يومي لاعتداءات إسرائيلية من قبل جيش الاحتلال، الذي يتمركز على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وتحديدًا في محور صلاح الدين.

وأضاف أبوكويك، خلال تصريحاته عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن قوات الاحتلال أطلقت النار بكثافة صوب ما تبقى من منازل المواطنين، كما أطلقت الزوارق الحربية عدة قذائف صوب منطقة ساحل مدينة رفح في أقصى المنطقة الجنوبية الغربية من المدينة.

وأوضح مراسل "القاهرة الإخبارية" أن الآليات الإسرائيلية والجرافات تعمل على تدمير البنى التحتية والمنازل في المنطقة العازلة، كما قامت بتدمير منزل في تبة 86 الواقعة في أقصى الشمال الشرقي لمدينة خان يونس، وهي مناطق تشهد إطلاق نار من قبل الآليات الإسرائيلية المتواجدة على القطاع الشرقي.

مقالات مشابهة

  • مجلس التعاون يستنكر بشدة الكيان الإسرائيلي المحتل دخول المساعدات إلى قطاع غزة
  • شهيدان برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط مدينة رفح الفلسطينية
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  • متى شهدت جوائز الأوسكار دعم القضية الفلسطينية وانتقاد الاحتلال الإسرائيلي؟
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”
  •   صنعاء : انعقاد المؤتمر الدولي فلسطين: من النكبة للطوفان - أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير
  • كيف علقت الفصائل الفلسطينية على قرار وقف إدخال المساعدات إلى غزة
  • حماس: إرهاب الاحتلال في الضفة لن يكسر إرادة المقاومة لدى شعبنا
  • الاحتلال يطلق النار بكثافة على رفح الفلسطينية
  • جامعة إيطالية تمنع عقد ندوة حول كتاب يحيى السنوار الشوك والقرنفل