الجزيرة:
2025-01-22@23:07:32 GMT

هذا هو الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل وأميركا

تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT

هذا هو الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل وأميركا

يُجرّم القانون كل شخص في إمكانه أن يُنقذ شخصًا في حالة خطر ولا يفعل. والذي يقع في غزة، جريمة إبادة الكل مسؤول عنها، بل هو خطر مَحْق شعب من الوجود، في أفق مشاريع أخذت تَرْشح فيما يسمى مخطط الجنرالات؛ لدفع الفلسطينيين إلى الرحيل عن غزة عبر التجويع، وفي الضفة عبر التضييق.

ولا أحد يحرك ساكنًا من الذين يستطيعون أن يغيروا مجرى الأمور، أولًا، الولايات المتحدة، وثانيًا القوى العظمى، باختلاف مستوياتها، ودرجة انخراطها.

لندعِ الأمم المتحدة التي تُذكّر بسابقتها عصبة الأمم، والتي كانت قد ماتت فعليًا بعد غزو اليابان لمنشوريا في الصين، وإيطاليا للحبشة، في ثلاثينيات القرن الماضي، وتولّد عن ذلك استقواء الاتجاهات الفاشية في العالم، مما أدى إلى الحرب العالمية الثانية. واليوم أبانت عن عجزها مجددًا في تحقيق الأمن والسلم في أرجاء عدة، ولأسباب متباينة، وتظل غزة أوضح الأمثلة على شلل الأمم المتحدة.

هذا لا يُقلل من جهود الأمين العام، والمؤسسات التابعة للمنظمة، لكنها لم تعد ذات ثقل معنوي لكي تردع كل معتدٍ أو متجاسر على الأمن والسلم في العالم.

لكن ما الشأن بالنسبة للولايات المتحدة؟ هل أعياها أن توقف الحرب في غزة والتي تستهدف الأطفال والنساء؟ فهل تستطيع الولايات المتحدة غدًا أن ترفع لواء "نظام عالم جديد"، أو تستفهم في سؤال استنكاري، لماذا يكرهوننا؟ أليست قوة الولايات المتحدة – كما قال الرئيس بوش الابن بعد ضربة البرجين في 11 سبتمبر/ أيلول 2001 – في قيمها، وإيمانها بالحرية والتعدد والحق في الاختلاف وحقوق الإنسان؟ فأين هي الولايات المتحدة من قيمها؟ وأين هي قيمها؟ وهل يمكن للولايات المتحدة أن تنتصب ضميرًا بعد اليوم؟

أما أوروبا، فهي كما سويسرا، كبيرة، أو نادي أغنياء. فرنسا التي تريد أن تحلم بدور في مسرح العلاقات الدولية، رُدت إلى تلميذ صغير يهزأ منه نتنياهو، وينهره.

أما الدول الأخرى في أوروبا – وبخاصة ألمانيا وبريطانيا، بسبب عقدة الذنب للأولى، والمسؤولية المعنوية للثانية، لأنها من وعد بوطن لليهود – فلا يمكن إلا أن تساير إسرائيل في تأثمها، بلا حرج، ولا تقية (كما تفعل الولايات المتحدة)، ولا تستر.

جميل أن يكون للعالم ضمير، تُعبر عنه قوى حية، وطلبة في الجامعات، ومثقفون، وموقّعو عرائض، ومحاكم دولية، لكننا في عالم لم يعد يأبه لصرخات الضمير، مهما تعالت، ولا بأحكام القضاء، مهما تواترت.. هل أوقفت مظاهرات الطلبة ماكينة الحرب الإسرائيلية؟ وهل ارتدع نتنياهو في حربه الهمجية أمام العرائض، أو المحكمة الجنائية الدولية؟

نعيش حقًا، ما أسماه المغني يوسف إسلام، عالمًا متوحشًا، أو – بتعبير أقل فجاجة – عالمًا أهوج. القوة تسمو على الحق، والغطرسة على العدل، والبهتان على الحقيقة، والتحايل على النزاهة.

هل العالم مستعد أن يدفع الفاتورة غدًا أمام هذا الانزياح الأخلاقي الذي أعاد البشرية إلى وضع هوبزي، أو شريعة الغاب؛ لأن الوضع الساري، لن يبقى بلا تبعات.

لقد اكتوت البشرية بما سُمي الحرب على الإرهاب، وتوزع العالم في شرخ حضاري، وكان رأس الحربة في الحرب على الإرهاب، الولايات المتحدة، لكن الخاسر – كما يقول بن رودس، مستشار سابق للرئيس أوباما – كان الولايات المتحدة؛ لأنها ضخّمت خطرًا أنشأته.

طبعًا ينبغي أن نذهب أبعد، فلم يكن الإرهاب بلا أب. كان نتيجةَ عمليات اغتصاب حدثت في أرجاء عدة، في العراق الذي جُوع، وبالقرن الأفريقي، في الصومال، الذي استهين به، وفي أفغانستان التي تُركت تتقاتل بعد نهاية الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، وفي وعد الوسيط النزيه – الولايات المتحدة – بحل القضية الفلسطينية، والذي لم يكن وسيطًا ولا نزيهًا.

لو قُدّر أن تعرف البشرية فصلًا جديدًا من صدام الحضارات – وكل شيء يدفع في هذا الاتجاه – فليس مؤكدًا أن يخرج العالم منه معافًى، وألا تتأثر سكينة المجتمعات وأمنها، في أي مكان في العالم.

لست بصدد النكاية، ولا التهديد، ولا الوعيد، ولا استحثاث الضمير الإنساني، لأن أثره محدود، ولكن النداء موجّه إلى الولايات المتحدة؛ لأنها الوحيدة التي تستطيع أن تضع أولًا حدًا لحرب الإبادة الجارية على قدم وساق في غزة، وتعطيل مشاريع ترحيل الفلسطينيين التي هي قيد الطبخ.

لا ينبغي للحملة الانتخابية الأميركية أن تُحوّل الأنظار عن المجزرة الرهيبة التي تقع كل يوم في غزة، والدمار الذي يحيق بلبنان، ومشروع الترانسفير الذي تعكف عليه إسرائيل.

من حق الولايات المتحدة أن يكون لها موقف من حماس، ومن حزب الله، ولكن ليس لها، وهي التي تتذرع أو تتبجح بالأحرى، بقيم الإنسانية، أن تضرب صفحًا عن ساكنة غزة، ومن تبقى منهم، وهم يواجهون الجوع والعطش والأمراض والبرد وانعدام الدواء، فضلًا عن كل الأدواء النفسية التي تتولد عن الحرب.

وليس من حق الولايات المتحدة أن ترى لبنان يُحرق، في الجنوب، أو بيروت وهي تتعرض للدمار.. أضحى لبنان تيتانيك تغرق، لتهوي إلى عمق القرار. البلد الذي علّم أبجديات الحداثة للعالم العربي، بنفض الغبار عن اللغة العربية، بالترجمة، وفي الصحافة، والطباعة، وفي جامعاته، وبمفكريه، هذه الواحة تحتضر، ويمس أثرها كل أرجاء العالم العربي.

على العالم العربي أن يتحرك، لا تضامنًا مع غزة وأهالي غزة، ولكن حفاظًا على مصالح بعض دوله، ذلك أن ما يسمى مخطط الجنرالات، أي إفراغ غزة من ساكنتها، ووضع اليد على الضفة، أو الترانسفير، هو خيار قائم، ستكون له انعكاسات ليس على دول الطوق وحدها، أو المحيط القريب، بل على المنطقة بأكملها.

لم يُخفِ نتنياهو قط مراميه منذ تبني قانون الهوية، من أنه يحقق "الاستقلال الثاني" لإسرائيل، ويرى في الحرب فرصة سانحة لتنزيلها، أي "التطهير" الديمغرافي والعرقي.

على الدبلوماسية أن تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو على تقليل الأضرار.. وإلا فسوف يتولد مسيخ عن هذا الاغتصاب لن يوفر أحدًا. ينبغي التحرك، لا لاعتبارات أخلاقية، أو لاصطفافٍ مع قيم العدل فقط، ولكن لاعتبارات براغماتية. الشر لن يُنجب إلا البشاعة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة التی ت فی غزة عالم ا

إقرأ أيضاً:

بعد انتظار طويل.. إسرائيل تودع الجندي أورون شاؤول الذي قتل في غزة عام 2014 بعد استعادة جثمانه

شارك المئات من الإسرائيليين في جنازة الجندي أورون شاؤول، الذي تم انتشال جثمانه من قطاع غزة يوم الأحد على يد الجيش الإسرائيلي. وتزامن ذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مما أسهم في تحقيق هدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بعد أكثر من 15 شهرًا من الحرب.

اعلان

قُتل شاؤول في قطاع غزة في 20 يوليو 2014، حيث احتجز مقاتلون جثمانه إلى جانب جثة الجندي هدار غولدين. ومنذ ذلك الحين، أطلقت عائلتاهما حملة عامة للمطالبة بإعادتهما.

تم العثور على رفاته قبل ساعات من إطلاق سراح ثلاثة أسرى إسرائيليات، في إطار بدء وقف إطلاق النار بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية.  

وفي هذا السياق، وصف منتدى عائلات الرهائن، الذي يمثل أقارب الأسرى، عائلة شاؤول بأنها "جزء لا يتجزأ" من المجموعة.

جنود إسرائيليون يحملون نعش الجندي كيريل برودسكي خلال جنازته في مقبرة كريات شاؤول في تل أبيب 25 تموز يوليو 2024Leo Correa/AP

في الوقت نفسه، لا يزال المقاتلون يحتجزون جثمان غولدين، بالإضافة إلى إسرائيليين اثنين عبرا إلى غزة في عامي 2014 و2015 بمفردهما.

Relatedسموتريتش: "على هاليفي أن يستقيل قبل أن يُقال" والأمم المتحدة تكشف: 90% من منازل غزة تضرّرت أو هدّمتدخول أولى شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة مع بدء سريان وقف إطلاق الناربالأرقام.. كم كلفت الحرب على غزة الخزينة الإسرائيلية ؟

ووفقًا لوسائل إعلام عبرية، نفذ الجيش الإسرائيلي والشاباك عملية سرية لاستعادة جثمان شاؤول من غزة، مشيرة إلى أن اسمه لم يُدرج في قائمة تبادل الأسرى الحالية.

المصادر الإضافية • أ ب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بالتهليل والتكبير.. فلسطينيون بالضفة يحتفلون بالإفراج عن 90 أسيرا في صفقة التبادل مع إسرائيل مشهد تحدّ من قلب مدينة غزة: القسام تسلّم الأسيرات الإسرائيليات الثلاث وسط هتاف المئات من الفلسطينيين بعد 15 شهراً من الحرب على غزة.. الحكومة الإسرائيلية تصدق على اتفاق وقف إطلاق النار قطاع غزةحركة حماسإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني جندي- جنودجنازاتاعلاناخترنا لكيعرض الآنNextمباشر. ترامب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة وجاي دي فانس نائبه يعرض الآنNext سموتريتش: "على هاليفي أن يستقيل قبل أن يُقال" والأمم المتحدة تكشف: 90% من منازل غزة تضرّرت أو هدّمت يعرض الآنNext ماذا تحمل عودة ترامب إلى البيت الأبيض لإيران وبرنامجها النووي؟ يعرض الآنNext بايدن يصدر عفواً استثنائياً لحماية شخصيات بارزة من "انتقام" ترامب.. والأخير يصف القرار بـ"المخزي" يعرض الآنNext رئيس الوزراء الفرنسي يحذر: على أوروبا الوقوف في وجه سياسات ترامب وإلاّ "ستُسحق" اعلانالاكثر قراءة بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الإسرائيليون يهرعون إلى الملاجئ مع دوي صفارات الإنذار جراء هجوم يمني يسبق وقف إطلاق النار في غزة الصين تستكمل الهيكل الرئيسي لأطول جسر في العالم رومانيا: إطعام القطط الضالة بإعادة تدوير عبوات بلاستيكية.. بوخارست فعلتها حادثة مروعة في ألمانيا: مجري يغامر بحياته على قطار سريع بسبب "سيجارة" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبإسرائيلحركة حماسقطاع غزةجو بايدنغزةحروبالصراع الإسرائيلي الفلسطيني محادثات - مفاوضاتحالة الطوارئ المناخيةتيك توكضحاياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • وزير الأمن الإيراني: الولايات المتحدة ستمارس ضغوطا علينا للتصالح مع إسرائيل
  • الصحة العالمية تدعو الولايات المتحدة إلى العدول عن قرار الانسحاب من المنظمة
  • حماس تؤكد أن غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • بعد انتظار طويل.. إسرائيل تودع الجندي أورون شاؤول الذي قتل في غزة عام 2014 بعد استعادة جثمانه
  • بعد تنصيبه رئيسا لأمريكا.. ترامب: الولايات المتحدة ستصبح أقوى.. وسننال احترام العالم
  • كيف تبخرت جثث 2800 شهيد في قطاع غزة؟ وما السلاح الذي استعملته إسرائيل؟
  • حماس : غزة ستنهض من جديد رغم الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية
  • ترامب يعلن إطلاق أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة
  • إحصاء بالضحايا وحجم الأضرار التي خلفتها 15 شهرًا من الحرب في غزة
  • واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة