أجمع سياسيون ومفكرون عرب، مشاركون في منتدى أصيلة، على صعوبة إزاحة التيارات الإسلامية عن الحياة السياسية، فالحديث بالنسبة إليهم هنا هو عن قوى لا يمكن تجاهلها، محذرين من محاولة شطبها، لكن لفرملة توسع هذه التيارات، لا بد أن تتجاوز الأنظمة العربية أزماتها المتراكمة، والإسراع بحل أزمة فلسطين.

بالنسبة لهؤلاء المفكرين والباحثين، الإسلام السياسي مستمر في التواجد، لكن شريطة التفكير في صيغ للتفاوض معه وقبوله أيضا للاشتغال تحت كنف الدولة، والتزامه بتوجه الاعتدال، وإيمانه بمبدأ القبول بالآخر.

وفق التحليل الذي ذهب إليه المفكر رضوان السيد، عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، تجربة الدول العربية مع الإسلام السياسي هي تجربة تجاذبية صراعية، ماعدا في المغرب، ولذلك لا يصح في نظره استخدام المغرب مقياسا، وهنا يكشف الباحث عدم القدرة على وضع توقعات لمستقبل هذه التيارات الدينية في الحقل السياسي، على اعتبار يضيف السيد، فلا الإسلاميين أنفسهم مهيئين، ولا الظروف السياسية والأزمات الهائلة التي تعج بها الدول العربية في المشرق، تسمح بتوقعات محسومة.

هذا التيار الإسلامي بالنسبة للسيد صاحب كتاب « الإسلام المعاصر »، بات ينمو في الأزمات ويهدد النظام.

لكن السيد يعود ليقر بأن التيار الإسلامي السياسي لن يغيب، لكن أفضل شيء للحد من صعوده اللافت، أن تنجح الأنظمة السياسية في تجاوز أزماتها، وتعمل على إحداث الاستقرار والتنمية، وعلى رأس ذلك إسراعها بحل المشكلة الفلسطينية.

وهو العامل القوي والكبير الذي لن يستطيع الإسلاميون أنفسهم تجاوزه، بما فيهم إسلاميو المغرب، الذين لم تنجح حكومتهم في أن تحقق اقتصادا عظيما وتنمية، فأزالها الناخبون.

يشدد رضوان السيد الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في مجال الدراسات الإسلامية عام 2017، على أنه كلما زادت تجربة التنمية نجاحا كلما قل خطر الإسلام السياسي المتطرف على الدول، ولكن إذا استمرت الأزمات الداخلية في الدول العربية والإسلامية ومعها مشكلة فلسطين من غير حل، على اعتبار أنها مشكلة مثيرة للجمهور في المشرق والمغرب، فإن الإسلام السياسي سيظل في اعتقاده مكمنا للأزمات، ولا يمكن ضبطه أو انضباطه.

وأكد السيد أن الإسلاميين سيظلون في قلب الانفصام الثقافي بين الشرق والغرب والتقدم والتخلف، وبين الدين والعلمانية.

وخلص المتحدث إلى استمرار الإسلام السياسي في التواجد، لكن بفضل التأزمات الكبرى الناجمة عن غياب التوازن الذي تستطيع صنعه نجاحات الأنظمة العربية عبر تكريس الاستقرار الداخلي، وحل الأزمة الفلسطينية.

من جانبه، سمير فهيم الحباشنة، وزير الداخلية والثقافة الأسبق في الأدرن، قال إن التحدي الكبير أن نخرج من حالة المد والجزر والسلبية والتشدد، التي تعيشها الكثير من الأقطار العربية إلى حالة الإيجابية والاتزان، ونبحث عن السبيل الذي نصل به إلى توافق بين أطراف المعادلة الوطنية وتحديدا بين الإسلاميين، والأنظمة العربية، خصوصا بعد خفوت المشروع القومي واليساري.

بالنسبة للحباشنة، فالحديث عن تيارات الإسلام السياسي، هو حديث عن قوة ومرتكز لا يمكن تجاهله، متوقعا أن الإسلام السياسي سوف يبقى حاضرا في الحياة العربية، على اعتبار أن الإسلام قيمة كبيرة، وهو أمر عقدي، لأنه عندما يحس الإنسان العريي بضياع أو إحباط مباشرة، يقول إن الإسلام هو الحل، ويريد الرجوع إلى عهد الخلافة.
لكن حسب التحليل الذي خلص إليه عضو اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني بالأردن، فإن حل إدماج التيارات الإسلامية في الحقل السياسي لا بد فيه من القبول المتبادل بين الدولة من جهة، والحركات الإسلامية، من جهة أخرى.

وقال الحباشنة، في عرض تقدم به ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الـ45، الذي يناقش موضوع حركات الإسلام السياسي، إن النموذجين الأردني والمغربي لإدماج الإسلاميين في الحياة السياسية، هما قابلان للتطوير في الاتجاه الإيجابي.

لكن التحدي القائم في الدول العربية، هو كيف السبيل لتنظيم العلاقة بين مكونات الإسلام السياسي، من جهة، ومكونات الدولة، من جهة أخرى، مع تكريس حالة من القبول المتبادل، يقبل الإسلاميون أيضا بنتائج الصندوق.

وحذر وزير الداخلية الأسبق، من محاولة شطب الإسلاميين، داعيا إلى التفكير في صيغة تقبل بهم، ولكن في إطار الدولة والاعتدال والقبول بالآخر.

كلمات دلالية الأنظمة العربية الاسلام السياسي القضية الفلسطينية منتدى أصيلة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأنظمة العربية الاسلام السياسي القضية الفلسطينية منتدى أصيلة الإسلام السیاسی الأنظمة العربیة الدول العربیة لا یمکن من جهة

إقرأ أيضاً:

باحث: مجموعة الدول الثماني النامية يمكن أن تكون قوة عالمية

قالت الدكتورة هدى رؤوف، الخبيرة في المركز المصري للفكر، إن مجموعة الثماني تأسست عام 1997، ولكن انعقاد القمة اليوم وفي هذا التوقيت له مغزى كبير ودلالات عديدة، خاصة أنها عقدت في القاهرة في وقت تشهد فيه العديد من الدول الإسلامية والعربية تحديات اقتصادية وسياسية، فضلًا عن الصراعات والحروب، ما يجعل دور القمة مختلفًا عما كان عليه في السابق، ويمنحها دفعة قوية في الفترة المقبلة، تماشيًا مع هذه التحديات.

وأضافت خلال مداخلة ببرنامج «ملف اليوم»، الذي يقدمه الإعلامي كمال ماضي على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أن مجموعة الثماني يمكن أن تمثل قوة عالمية، لا سيما وأن الدول المكونة لها تتمتع بعدد سكان ضخم، وهي قوى إسلامية مهمة.

حياة خطاب: استضافة قمة مجموعة الدول الثماني تعكس دور مصر القيادي مصر تتسلم رئاسة النسخة الـ11 لقمة مجموعة الثماني النامية (فيديو)

ونوهت إلى أن اقتصادات دول القمة تمثل ما يقرب من 16% من حركة التجارة العالمية، وبذلك قد تشكل أيضًا قوة اقتصادية كبيرة جدًا يمكنها التأثير على القرار العالمي سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو القانوني.

وأوضحت الخبيرة في «المركز المصري للفكر»، أنه إذا وحدت دول القمة الموارد والمقومات البشرية أو الاقتصادية والميزات النسبية لكل دولة، سيكون من السهل مواجهة التحديات التي تواجه هذه الدول.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • العربية اتعجنت.. عبد الواحد السيد يتعرض لـ حادث سير مروع
  • المشروع الصهيوني وتحديات الأمة العربية.. رؤية السيد الحوثي للخلاص
  • ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟
  • كيف دعمت الدراما السورية فلسطين وسخرت من الأنظمة العربية قبل التكويع؟
  • معهد أمريكي: ما الذي يمكن أن يخلفه سقوط الأسد من تأثير مباشر على اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • باحث: مجموعة الدول الثماني النامية يمكن أن تكون قوة عالمية
  • السيد القائد: المشروع الصهيوني يسعى إلى تدمير البلدان العربية وتفكيكها إلى كيانات صغيرة تحت عناوين طائفية وقومية ومناطقية
  • مندوب فلسطين بجامعة الدول العربية: نتعرض لحرب إبادة جماعية من قوات الاحتلال
  • ما بعد أوميكرون.. متحور XEC يفرض تحديات جديدة على أنظمة الصحة العالمية (تفاصيل)