«هذه أرضنا ودارنا مش راح تخذها».. أرواح شهداء غزة تذكركم بعام الصمود والمقاومة
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
عام على مجزرة غزة.. عام على الصمود والمقاومة.. هل حقا عام فقط؟ لا بكل تأكيد فـغزة مثال واحد للصمود والاستشهاد في سبيل القضية الفلسطينية.. لكن فلسطين كلها واحة للصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي.. الصغير قبل الكبير، وهذا ما جاء في رسالة الطفل الفلسطيني أحمد، التي هزت مشاعر العالم كله، عندما قال بالعامية الفلسطينية: «أنت بدك تطلعنا من أرضنا هذه أرضنا، وعرضنا، دارنا مش راح تخذها مهما عملت، ورغم استشهاد الأطفال الصغار والشباب سنظل نقاوم وسنكسر خشمكم، الشهداء فداء أرضنا، فداء فلسطين».
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصد أرواح أطفال غزة الأبرياء بشكل يومي، حيث تستقبل المستشفيات الشهداء والجرحى أغلبيتهم من الأطفال دون سن العاشرة.
وأبرزت الحرب أبشع صورة للكيان الغاشم الذي لا يفرق في حربه بين مقاتل وطفل، ورضيع لم يبلغ أيام، حيث ينشر الجنود الإسرائيليون مقاطع فيديوهات توثق قتل الأطفال ويتفاخرون بذلك.
أرقام مخيفةوفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فوصل عدد الشهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، إلى 42792 شهيد من بينهم 17029 طفل أي ما يقرب من 40% من عدد الشهداء الكلي، بينهم 2100 طفل رضيع، كما يوجد 26 ألف طفل بدون ذويهم إثر استهدافهم في الحرب جراء القصف المتعمد والمتواصل للقضاء على كل ما هو حي داخل القطاع.
أطفال غزة المجازر الإسرائيلية ضد أبناء غزةوارتكبت قوات الاحتلال العديد من المجازر المروعة ضد الشعب الفلسطيني الذي راح على إثرها عدد كبير من الأطفال والنساء.
مجزرة المعمداني
ومن ضمن المجازر مجزرة مستشفى المعمداني، التي جرت وقائعها في 17 أكتوبر 2023، عندما شنت الطائرات الإسرائيلية غارات جوية مكثفة على ساحة المستشفى المكتظ بالنازحين والمرضى والجرحى، وهو ما أدى الى استشهاد نحو 500 فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، حيث تحولت ساحته إلى بركة من الدماء، وظهرت جثث الشهداء وهم ممزقين إلى أشلاء متفرقة ومحترقة، وتُعد تلك المجزرة من أبشع المجازر الإسرائيلية وكارثة حقيقية ضد الأبرياء في غزة.
شهداء مستشفى المعمدانيمجزرة جباليا
ومن ضمن المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد أبناء غزة، مجزرة مخيم جباليا، التي وقعت في 31 أكتوبر 2023، عندما قرر الاحتلال نسف مربع سكني بالكامل، من خلال قصفه بـ 6 قنابل تزن الواحدة طنًا من المتفجرات، مما أدى إلى ارتقاء 400 شهيدًا فلسطينيًا معظمهم من النساء والأطفال والرضع.
مجزرة المغازي
واقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة أخرى تُسجل ضمن المجازر الدامية في سجلها الإجرامي، وهي مجزرة المغازي، عندما دمر سلاح الجو الإسرائيلي مجموعة من المنازل في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، في 24 ديسمبر الماضي، حيث استهدف النازحين والمهاجرين أثناء الليل الكاحل، وهو ما أسفر عن استشهاد 70 فلسطينيًا، من بينهم عددًا كبيرًا من الأطفال.
الأسلحة المستخدمة لقتل أطفال غزةوتمتلك إسرائيل أحدث الأسلحة تطورًا في العالم التي تستخدمها لإبادة أبناء غزة وخاصة الأطفال منها، مثل قنابل MK 84، أمريكية الصنع، التي تسمى بالمطرقة، بسبب قدرتها الهائلة على إلحاق الضرر الشديد إثر انفجارها ووصولها إلى عمق تحت الأرض يقدر بـ 11 مترًا، وقادرة على قتل الكائنات الحية في نطاق يزيد عن 300 متر، حيث تزن 2000 رطل، إضافة إلى استحواذ قوات الاحتلال على قنابل من نوع GBU 39 جو أرض، وهي قنبلة صغيرة الحجم تتيح للطائرات الحربية حمل أكبر عدد منها لشن أكثر من غارة جوية في مناطق متفرقة بالقطاع.
أطفال غزةومن ضمن الأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال لقتل أطفال غزة رشاشات النقب 7، وهي رشاشات من عيار 7.62 ميلمترات قادرة على اختراق الجدران السميكة، وإصابة أي هدف داخل المباني المحصنة، مع استخدامها أحدث الطائرات المقاتلة وهي طائرة F35 الشبح حيث تتميز بتقنية التخفي وقوة النيران الكبيرة ونطاق العمليات الواسع والمدى الطويل.
واستخدمت إسرائيل في الحرب أحدث الأسلحة المدمرة مثل القنابل الفوسفورية المحرمة دوليًا والتي تشبه أسلحة الدمار الشامل، مع التوسع في استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بقتل كل شيء متحرك دون تفرقة بين رجل وطفل أو إنسان أو حيوان، لأنها مبرمجة على قتل الأشياء المتحركة.
أطفال غزة حرب التجويعولم يشبع الإجرام الإسرائيلي في استخدام الأسلحة المدمرة والمحرمة دوليًا في حصد أرواح المدنيين والأطفال وأبناء غزة، ولكنها لجأت إلى سلاح جديد وهو سلاح التجويع لقتل كل الأطفال والنساء والشيوخ والرجال والشباب وهو سلاح إبادة جماعية لجأت إليه لأن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وقفت عاجزة أمام هذا الإجرام ولا تستطيع عقاب إسرائيل على استخدامه أو التوقف عنه.
حرب التجويع ضد أبناء غزةويطبق الاحتلال حرب التجويع ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل من خلال تدمير كافة مصادر إنتاج الغذاء في القطاع مع فرض حصار خانق يمنع ويعرقل دخول أي مساعدات غذائية لأبناء غزة، وتدمير مصادر مياه الشرب من محطات مياه وآبار، كما منعت دخول هذه المياه إلى داخل القطاع في حصار هو الأبشع من نوعه في التاريخ.
وهو ما جعل الجوع سلاحًا للإبادة الجماعية لجميع أبناء غزة وعلى رأسهم أطفالها الذي يصل عددهم وفقًا لإحصائية الأمم المتحدة إلى 600 ألف طفل معرضين بالقتل بالقنابل أو الجوع أو المرض أو سوء التغذية وهو ما عرض أطفال غزة إلى مجاعة حقيقية تفتك بالعشرات منهم يوميًا تحت وطأة الجوع.
حرب التجويع ضد أبناء غزةوبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن كل 4 من أصل 5 أطفال في غزة يمضون يومًا كاملًا دون طعام ولا يتناولون وجبة غذائية إلا كل 3 أيام، وأن 90% من الأطفال يعانون من سوء التغذية، حيث يوجد نحو 3500 طفل معرضون للموت بسبب ندرة الطعام والشراب.
وقال المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، إن الاحتلال يمنع وصول أي مساعدات غذائية أو بضائع منذ أسابيع لأكثر من 400 ألف فلسطيني في غزة، وهو ما يهدد بموتهم جوعًا أو عطشًا، مضيفًا أن نحو 200 ألف فلسطيني في شمال غزة وتحديدًا في «بيت حانون - جباليا - بيت لاهيا» لم يصلهم أي مواد غذائية أو ماء شراب، نتيجة الحصار الخانق والعمليات العسكرية داخل القطاع.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق التزاحم الشديد من أبناء القطاع على أحد موزعي الغذاء للحصول على أقل القليل من الطعام حتى يبقوا على قيد الحياة.
لماذا تستهدف إسرائيل أطفال غزة؟ويستمر جيش الاحتلال في استهداف أطفال غزة على مدار الساعة وكأنه يسابق الزمن في حصد رؤوس أكبر عددًا منهم، حيث يرتكب الجنود جرائم إبادة جماعية ضد الإنسانية لم يشهد لها مثيل، مع عدم الالتفات إلى أي من الأعراف والقوانين الدولية التي تمنع استهداف الأطفال في الحروب.
وينظر الاحتلال إلى أطفال غزة على أنهم رجال المقاومة الفلسطينية في المستقبل، وسيسيرون على نهج آبائهم للدفاع عن الأرض والحق الفلسطيني، لذلك يواصلون سفك دماء الأطفال والنساء خوفًا من الجيل القادم، وذلك من خلال استهداف المنازل وخيام النازحين المكتظة بالسكان دون أي قواعد أخلاقية أو قيم إنسانية، حيث يمتلك جنوده أحدث الأسلحة المتطورة التي يستخدمها للإبادة والتطهير العرقي.
أطفال غزةويريد الاحتلال الإسرائيلي أن يكون تعداده السكاني أكثر من الفلسطينيين، لأن العامل الديمغرافي مؤثر في الوجود على الأراضي الفلسطينية، حيث يعتقد صناع القرار في الدولة اليهودية أن أكبر الأخطار التي تهدد دولتهم هو تزايد عدد الفلسطينيين في فلسطين المحتلة وهو ما يطلقون عليه خطر القنبلة البشرية الفلسطينية.
ووضعت دولة الاحتلال خططا متعددة لإيقاف تزايد أعداد الفلسطينيين ولكن خطة الإبادة الجماعية في غزة هي ذروة الإجرام الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وهو ما يفسر تلك المعلومات التي تقول إن إسرائيل تتعمد تدمير البنيات التي تكتشف أنها مكتظة بالسكان للقضاء على أكبر عدد من الفلسطينيين ولا تلجأ لمواجهة قوات المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر لأن الجندي الإسرائيلي يخاف من المواجهة والموت.
أطفال غزة موقف المنظمات الدولية من استهداف الأطفال في غزةوقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة، «اليونيسيف»، جيمس إلدر، إن الدمار الذي يلحق بالمباني السكنية وقتل الأطفال وذويهم لن يجلبا السلام إلى المنطقة والأطفال، مشيرًا إلى أن الحرب على الفتيات والصبيان في غزة تؤكد أن الحرب في غزة هي حرب على الأطفال.
وحث جيمس إلدر العالم على التحرك لإنهاء تلك المأساة الإنسانية التي يتعرض لها أطفال غزة الأبرياء، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد لإنقاذ حياتهم وتوفير الرعاية الصحية لهم.
ودعا الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر إلى وقف فوري لإطلاق النار لمنع تفاقم استهداف الأطفال والرضع الخدج في قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون اعتراض إسرائيل لوصولها لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يواجهون أزمة جوع حقيقية.
صمود أطفال غزة صمود أطفال غزةوفي رسالة صمود لقيت الكثير من التفاعل بين أبناء الشعب العربي أطفالًا وكبارًا هزت كلمات الطفل الفلسطيني أحمد مشاعرهم عندما قال بالعامية الفلسطينية: «أنت بدك تطلعنا من أرضنا هذه أرضنا، وعرضنا، دارنا مش راح تخذها مهما عملت، ورغم استشهاد الأطفال الصغار والشباب سنظل نقاوم وسنكسر خشمكم، الشهداء فداء أرضنا، فداء فلسطين».
وكانت كلمات أحمد كالمطر الذي يسقط قنابل في وجه الاحتلال، إنهم أطفال فلسطين الذي يخافهم نتنياهو وأتباعه ويقصفهم بأحدث الطائرات الأمريكية الأكثر فتكًا ودمارًا، ولكنه حتما سيخرج لهم من تحت الأنقاض في كل وقت 100 ألف أحمد يصرخون في وجههم، لن نترك أرضنًا وسنبقى صامدون.
اقرأ أيضاًالصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 42718 شهيدا و100282 مصابا
استشهاد 15 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في بيت لاهيا شمال غزة
قوات الاحتلال الإسرائيلي تحرق مدرسة جديدة في جباليا شمال قطاع غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: غزة أطفال غزة استشهاد أطفال غزة حصيلة أطفال غزة الشهداء استهداف أطفال غزة أطفال غزة الشهداء حرب التجويع حرب التجويع ضد أطفال غزة الاحتلال الإسرائیلی الأطفال والنساء قوات الاحتلال ضد أبناء غزة حرب التجویع من المجازر من الأطفال فلسطینی ا أطفال غزة قطاع غزة وهو ما فی غزة
إقرأ أيضاً:
أطفال الضفة الغربية يُقتلون بمعدل غير مسبوق برصاص الاحتلال.. شهيد كل يومين
أدى تصاعد العدوان الإسرائيلي على الصفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى استشهاد 171 طفلا فلسطينيا، وهو ما يعادل قتل طفل كل يومين تقريبا، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وذلك إضافة إلى إصابة أكثر من 1000 آخرين.
وجاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" أن محمد كان يبلغ من العمر 12 عاما، وهو مراهق مولع بكرة القدم، قضى أيامه يحلم بمسيرة في الملعب وقضى دقائقه الأخيرة في التدرب على مهارات الكرة.
في حين كان غسان يبلغ من العمر 14 عاما، وهو مراهق هادئ وكريم كان يقوم بخدمة الأقارب المسنين، مع شقيق محب يبلغ من العمر ست سنوات كان يلتصق به مثل الظل.
وأضاف التقرير أن الصبيين استشهدا برصاص جنود إسرائيليين هذا الصيف، وسط ارتفاع غير مسبوق في الهجمات على الأطفال في الضفة الغربية المحتلة وشرق مدينة القدس.
وأوضح أن "الضحية الأصغر كانت فتاة تبلغ من العمر أربع سنوات، قُتلت بالرصاص عندما كانت هي ووالدتها جالستين في سيارة أجرة بالقرب من نقطة تفتيش في كانون الثاني/ يناير".
وذكر أنه رسميا لا توجد حرب في الضفة الغربية المحتلة، وقد طغى عدد الشهداء في غزة على الخسائر هناك، لكن الأطفال يقتلون بأعداد أكبر من أي وقت مضى منذ استولى جيش الاحتلال على المنطقة عام 1967.
وأكد المتحدث باسم اليونيسف في فلسطين، جوناثان كريكس، أنه "خلال العام الماضي، كان هناك زيادة مقلقة للغاية في عدد الأطفال الذين قتلوا في أعمال عنف مرتبطة بالصراع في الضفة الغربية، ونحن نرى بالفعل أن هذا الاتجاه مستمر.. تريد اليونيسف دق ناقوس الخطر، بأن الأطفال يُقتلون ويُصابون بجروح خطيرة بشكل منتظم، ومعظمهم بالذخيرة الحية".
ويذكر أن الأمم المتحدة لا تحصي سوى الضحايا الأطفال الذين تم التحقق من أسمائهم وأعمارهم وسبب وفاتهم، بينما لم يتم توجيه اتهامات لأي جندي بشأن أي من عمليات إطلاق النار، ولم يتطرق جيش الاحتلال بشكل مباشر إلى زيادة عدد الضحايا من الأطفال عندما تم الاتصال به للتعليق من قبل الصحيفة البريطانية.
وزعم جيش الاحتلال في بيان أن الأطفال في الضفة الغربية المحتلة "غالبا ما يشاركون في أعمال شغب حيث يتم إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف والمتفجرات، وحتى في الأنشطة الإرهابية ضد قوات الأمن والمواطنين الإسرائيليين".
وأضاف أنه عندما يستشهد فلسطيني، لا يفتح الجيش تحقيقا جنائيا إذا لم يكن هناك اشتباه واضح في ارتكاب الجنود لـ"مخالفات"، أو عندما كان الهدف يشارك في "نشاط له طبيعة قتالية واضحة".
وحولت حنين حوشية (37 عاما)، غرفة معيشتها الصغيرة إلى نوع من المزار المؤقت لابنها، محمد مراد أحمد حوشية، الذي خرج لممارسة كرة القدم قبل أسبوع من عيد ميلاده الثالث عشر في أواخر حزيران/ يونيو ولم يعد إلى المنزل أبدا.
وتوجد أحذية كرة القدم أسفل صورة مؤطرة ومكعب روبيك ونموذج طائرة فاز بها بأعلى الدرجات في الصف الثالث، ولم يسافر قط في طائرة حقيقية.
بجانبها، قفازات حارس المرمى متقاطعة بشكل أنيق فوق قميص ريال مدريد الثمين، ويظهر ذلك في مقاطع فيديو روتين اللياقة البدنية على حسابه على منصة "تيك توك" حيث تتلاشى أحلامه المبهجة بالمجد على أرض الملعب في مرحلة ما بعد المراهقة.
وأُطلق النار على محمد بعد ظهر يوم 14 حزيران/ يونيو، على بعد حوالي 50 مترا من منزله على حافة مخيم للاجئين في جنوب شرق رام الله.
كان في ملعب في الحي عندما اجتاح جنود إسرائيليون المنطقة، يطاردون رجلا صدم سيارة مسروقة بنقطة تفتيش وأصاب جنديا.
كانت حنين قد أخبرت ابنها بالعودة مباشرة إلى المنزل إذا رأى جنودا في الشارع، ويبدو أن محمد أصيب برصاصة أثناء محاولته العودة إلى والدته.
ويظهر مقطع فيديو يلتقط لحظات قبل وبعد الهجوم المميت وهو يندفع في شارع فارغ، والجنود في أحد طرفيه. تتحرك الكاميرا بعيدا قبل أن يصاب، ثم تتأرجح للخلف لتُظهره ملقى على الرصيف، ويكافح لفترة وجيزة للوقوف، ثم ينهار.
يظهر مقطع لاحق الطفل البالغ من العمر 12 عاما ينزف في منتصف الشارع الخالي. وقال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية منعت المسعفين من الاقتراب لمدة 20 دقيقة.
يقول المستجيبون والناشطون إن رجال الإنقاذ يُمنعون بانتظام من الوصول إلى الأطفال الذين تطلق عليهم القوات الإسرائيلية النار لفترات طويلة من الزمن.
وزعم جيش الاحتلال أنه لم يمنع المسعفين من الوصول إلى الفلسطينيين المصابين لكنه حد من تحركاتهم أثناء العمليات العسكرية، "لضمان سلامة فرق الإنقاذ"، قائلا إن محمد البالغ من العمر 12 عاما شارك في "أعمال شغب عنيفة"، وفتح الجنود النار لتفريق الحشد، على الرغم من عدم ظهور أي شخص في مقطع الفيديو لإطلاق النار عليه.
وأضاف الجيش عن ذلك أن "ظروف القضية قيد التحقيق".
واستشهد محمد في المستشفى بعد ثمانية أيام من إطلاق النار، متأثرا بإصابات ناجمة عن جرح طلق ناري واحد في بطنه.
وقالت حنين: "لقد أمضينا 12 عاما في تربية طفلنا. كان قد بدأ للتو في النمو وأنهوا حياته".
وكانت الهجمات الإسرائيلية على الأطفال الفلسطينيين الذين نشأوا في الضفة الغربية المحتلة قد بلغت ذروتها في عام 2002، خلال الانتفاضة الثانية، عندما استشهد 85 طفلا، وفقا لبيانات منظمة حقوق الإنسان "بتسيلم".
وكانت وتيرة القتل في العام منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ضعف هذا المستوى، وأصيب الأغلبية بالذخيرة الحية، وغالبا برصاصة واحدة في الرأس أو الجذع، بينما قتل آخرون بمسيّرات وغارات جوية.
وقالت الأمم المتحدة إن طفلين إسرائيليين قُتلا في أعمال عنف مرتبطة بالصراع في المنطقة خلال تلك الفترة.
يريد والد محمد، مراد حوشية، محاكمة الجندي الذي أطلق النار على ابنه، لكنه لا يستطيع حتى المرور عبر نقاط التفتيش إلى "إسرائيل" لتقديم قضية.
قال: "ابني بريء. هذا قمع مطلق. تخيل لو كان الأمر على العكس. إذا سمعوا للتو أن شخصا ما يريد إيذاء أحد أطفالهم، فماذا سيفعلون؟".
ويعكس شعور مراد بأن القوات الإسرائيلية يمكنها قتل أطفال مثل ابنه في الضفة الغربية المحتلة مع الإفلات من العقاب تقريبا واقعا حيث تكون فيه التحقيقات غير عادية، والملاحقات القضائية استثنائية، وفقا لمنظمة الدفاع عن الأطفال الدولية – فلسطين (DCIP)، المنظمة الفلسطينية الوحيدة لحقوق الإنسان التي تركز بشكل خاص على حقوق الطفل.
قال عايد أبو قطيش، مدير المساءلة في منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية - فلسطين: "القضية الأكثر أهمية هي الافتقار إلى المساءلة. في جميع الحالات تقريبا، لا تفتح إسرائيل تحقيقا، إلا عندما تكون هناك تغطية إعلامية".
وأضاف أبو قطيش "لكن حتى تلك التحقيقات لا تؤدي إلى شيء. فعلى مدى 10 سنوات، كانت هناك حالة واحدة فقط حيث حاسبت السلطات الإسرائيلية جنديا على قتل طفل".
وفي عام 2018، أُدين بن ديري بقتل الشاب نديم نوارة البالغ من العمر 17 عاما أثناء احتجاج عند حاجز بيتونيا. ووجدت المحكمة أنه لم يشكل أي تهديد للجنود في ذلك الوقت. وحُكم على ديري بالسجن تسعة أشهر ولكن أُطلق سراحه قبل شهرين من الموعد المحدد.
لقد أمضى وقتا أقل لقتل طفل فلسطيني من الوقت الذي يقضيه العديد من الأطفال الفلسطينيين لإلقاء الحجارة على جنود إسرائيليين.
وأكد التقرير أن "السعي لتحقيق العدالة في النظام الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين الذين يقتلهم الإسرائيليون أمر صعب للغاية لدرجة أن DCIP تركز الآن على العمل الكئيب المتمثل في توثيق الضحايا من الأطفال بدلا من ذلك".
وقال أبو قطيش: "تم إنشاء المنظمة للدفاع عن الأطفال داخل النظام القانوني الإسرائيلي وفي مرحلة ما توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه من المستحيل تحقيق العدالة من خلال نظام العدالة العسكرية، لذلك بدأنا في جمع الأدلة".
ويعد موقعهم على الإنترنت كتالوجا للحياة التي انتهت مبكرا، مع حالات منشورة مدعومة بأدلة بما في ذلك السجلات الطبية وتقارير الشهود وشهادات الوفاة.
ويمكن لسلام زهران الوقوف بجانب نباتات الياسمين على شرفتها والتطلع إلى المدرسة التي درس فيها ابنها غسان، وخلفها إلى الطريق الذي وقف عليه الجنود الإسرائيليون عندما أطلقوا النار على الصبي البالغ من العمر 14 عاما، وفي المسافة البعيدة إلى أبراج تل أبيب المتلألئة في الشمس على حافة البحر الأبيض المتوسط.
وفي مكان ما بين تلك الأبراج يقع مقر جيش الاحتلال، الذي يراه الفلسطينيون هنا ولكنه بعيد وغير قابل للمساءلة مثل السراب.
لم تحاول سلام حتى تقديم تقرير للشرطة عن الرجال الذين أطلقوا النار على ثلاثة صبية يلعبون بين أشجار التين واللوز على مشارف القرية في التاسع من تموز/ يوليو.
وقالت: "من المستحيل تقديم شكاوى ضد هذا النوع من النظام. لن يكون هناك أي عدالة لنا. لم يسمح الجنود حتى لأحد بالمجيء لإنقاذه".
ورأى أحد سكان القرية الجنود يطلقون النار على الصبية الثلاثة وهرع لمساعدتهم. تم احتجازه لمدة 10 دقائق.
وقال الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه: "في كل مرة حاولت فيها الاقتراب من الصبي، كان الجيش يطلق النار في الهواء. في كل خطوة نخطوها، كانوا يطلقون النار. لا أعتقد أنهم أرادوا إطلاق النار علينا، ولكن من المؤكد أنهم لم يريدوا منا إنقاذ الصبي".
وكان المراهق على قيد الحياة عندما وصل إليه الرجل في النهاية لكنه فقد وعيه بعد ذلك بوقت قصير.
واعترف جيش الاحتلال بإطلاق النار على الفتى البالغ من العمر 14 عاما، والذي وصفه المتحدث باسمه بأنه "إرهابي ملثم (قام) بإلقاء الحجارة على المركبات الإسرائيلية". وقال الرجل الذي قدم الإسعافات الأولية لغسان إنه لم ير قناعا.
وقال الجيش في بيان: "رد جندي موجود في مكان الحادث بإطلاق النار على الإرهابيين، مما أدى إلى إصابة أحدهم. إن الادعاء بأن الإرهابي توفي متأثرا بجراحه معترف به".
في صباحه الأخير، استيقظ غسان مبكرا، وأعد القهوة لأمه وساعدها في الغسيل قبل أن تتوجه إلى العمل في رام الله.
وأصبحت الحياة أكثر صعوبة في قريتهم دير أبو مشعل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كما هي الحال في معظم أنحاء الضفة الغربية، حيث تم إغلاق الطريق الرئيسي من قبل القوات الإسرائيلية، لذا فإن الدخول أو الخروج يتطلب 20 دقيقة من القيادة على مسار ترابي عبر بساتين الزيتون.
وكانت سلام تفكر في الانتقال إلى مكان أقرب إلى عملها لتقصير التنقل اليومي، لكنها اعتقدت أن المشكلة الرئيسية للعائلة كانت اللوجستيات، وليس الأمن، حيث لا تقع القرية النائمة بالقرب من مستوطنة إسرائيلية ولم تكن قط نقطة اشتعال للاشتباكات.
وقالت سلام: "اعتقدت أننا في أمان. حاولت إبعاد أطفالي عن كل العنف والمعاناة، لكن الأمر وصل إلينا".