سيمتد للعراق.. خبير يشرح تأثير استشهاد صفي الدين على حزب الله
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
بغداد اليوم- بغداد
علق الخبير في الشؤون الاستراتيجية مصطفى النعيمي، اليوم الأربعاء (23 تشرين الأول 2024)، على تأثير اعلان استشهاد رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين الذي كان مرشحاً لخلافة الأمين العام للحزب الراحل حسن نصر الله، معنويا وعسكريا وسياسياً على حزب الله وبيئته.
وقال النعيمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، انه "ما بعد مقتل قيادات الصف الأول في حزب الله بدءاً من حسن نصر الله وصولا الى اليوم ما بعد هشام صفي الدين، يدل على ان العمليات الإسرائيلية انتقلت من مستوى استهداف القادة وعمليات الاستنزاف الى مستوى استئصال الحزب بشكل كامل".
وأضاف، "بالتالي التأثيرات لن تقتصر فقط على الساحة اللبنانية وانما ستتبعها ساحات في سوريا بالدرجة الأولى ومن ثم المناطق التي سيتموضع فيها ما يتبقى من حزب الله وهنا ارجح الساحة الثانية وهي العراق نظرا لوجود عدد كبير من عوائل وذوي هؤلاء الذين قتلوا في الاشتباكات الحاصلة في الضاحية الجنوبية ونقل ذويهم الى سوريا والعراق".
وتابع، "انهم سيكونون هدفا مستقبليا للجانب الإسرائيلي وخاصة انه حتى هذه اللحظة لم ينخرطوا مع مؤسسات الفصائل فبالتالي بمجرد انخراطهم وتوجيههم ضربات باتجاه القواعد الامريكية اعتقد بانهم سيكونون هدفا قادما لواشنطن".
وبين النعيمي انه "فيما يتعلق بالتأثيرات فأنها تدريجيا ستزول في الجنوب اللبناني بالمرحلة الأولى ومن ثم باتجاه باقي الجبهات لكن هذا لا يعني بانها ستنتهي بشكل مباشر وانما تحتاج الى مراحل من اجل الانتهاء منها خاصة وان معتنقي فكر الحزب هم مقاتلون عقائديون وليسوا مقاتلين عاديين كالجيوش الكلاسيكية فبالتالي لن تستطيع العمليات العسكرية القضاء المطلق على الحزب وتحتاج الى عمليات موازية فكرية".
وقال، "لكن هذه العمليات ستطول وكهدف اول استراتيجي للجانب الإسرائيلي هي ابعاده عن جنوب الليطاني وانا وفق قراءتي اراه بانه قد تحقق الجزء الأكبر منه وما تبقى هو رتوش لرسم مرحلة قادمة للصراع القائم ما بين الفصائل الموالية لإيران وإسرائيل وقوة الفصائل مبنية على قدرة الجانب الإيراني في تقديم الدعم العسكري واللوجستي المقدم لهم في مواجهتهم الجانب الإسرائيلي".
وأضاف النعيمي ان "المؤشر الاولي وخاصة في الساحة السورية هنالك تحذيرات مباشرة الى النظام السوري بضرورة الانكفاء عن المحور الإيراني وعدم تقديمه أي دعم فبالتالي ان التزم النظام السوري وهنا لا أرجح لكن فيما لو حصل اعتقد بان الجبهة السورية سيكون التعامل معها عسكريا اقل صعوبة مما جرى في الجنوب اللبناني والسبب ان حزب الله كان قد تهيا وحفر الانفاق وجهز منصات إطلاق ثابتة ومتحركة للصواريخ والمسيرات وهذا ما يفتقره في داخل الجغرافيا السورية بشكل عام".
ولفت الخبير في الشؤون الاستراتيجية الى أنه "لو اعلن وقف اطلاق النار فأن حزب الله لن يقبل به محليا والسبب الرئيسي في ذلك بانه سيكون اضعف من الدولة اللبنانية واعتقد بان المنظومة الدولية ستدعم بناء الدولة وليس بناء الحزب فبالتالي سيتم تقوية الجيش اللبناني بشكل اوسع وبتكنولوجيا احدث وهنا اتحدث عن تكنولوجيا الاتصالات كي تساعده في استعادة عافيته وبسط نفوذه وسيطرته على كامل الجغرافيا اللبنانية وعلى المجال السياسي اعتقد بان حظوظ حزب الله ستضمحل تدريجيا في ظل الانكسارات المتتالية التي بدأت براس هرم السلطة".
ونعى حزب الله اللبناني رسمياً، اليوم الأربعاء، رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين الذي كان مرشحاً لخلافة الأمين العام للحزب الراحل حسن نصر الله.
وكانت إسرائيل قد استهدفت صفي الدين في غارة على المريجة بالضاحية الجنوبية لبيروت مطلع أكتوبر الجاري.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: صفی الدین حزب الله
إقرأ أيضاً:
الدعاء العنيف- جدلية الدين والسياسة بين التاريخ والحاضر السوداني
بالأمس، استمعت إلى الصحافي المصري إبراهيم عيسى، في برنامجه "مختلف عليه"، وهو يناقش مسألة الدعاء في الخطاب الإسلامي. أشار إلى أن تيمورلنك، الملقب بـ"الأعور"، كان أحد مؤسسي هذا الخطاب العنيف. أثار حديثه فضولي، فانطلقت أبحث في كتبي القديمة عن هذا الجانب التاريخي. وبعد جهد، بحمد الله، وجدت ما يشير إلى دور تيمورلنك في ترسيخ خطاب ديني يخلط بين الدعاء والدموية، وهو خطاب يمتد تأثيره إلى حاضرنا، في سياقات مختلفة، منها تجربة الإسلاميين في السودان وممارسات ميليشياتهم في الحرب الحالية.
الدعاء في الخطاب الإسلامي يعدّ من أبرز أدوات التعبير عن الارتباط بالله، لكنه في بعض الأحيان تحول إلى وسيلة تُستغل سياسيًا أو عسكريًا لتبرير العنف والدموية. من تيمورلنك في العصور الوسطى إلى الإسلاميين وميليشياتهم في السودان المعاصر، نرى كيف يمكن للدين أن يُستخدم كأداة لتبرير القتل والقمع. تيمورلنك، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، استخدم الدين كغطاء لشرعنة جرائمه. كان يصف أعداءه بالكفر ويدعو الله أن يمكنه من تدميرهم. لا تتوقف قصصه عند حدود النصر العسكري فقط، بل تضمنت مجازر دموية مُنظمة. كان يرفع يديه بالدعاء في ساحة المعركة، يدعو بالنصر، ويأمر جنوده بذبح الأسرى والمدنيين، زاعمًا أن هذا "جزء من إرادة الله".
على سبيل المثال، في حملته على أصفهان عام 1387، دعا تيمورلنك بأن يعينه الله على "تطهير الأرض من العصاة"، وقُتل أكثر من 200 ألف شخص. الأمر نفسه تكرر في بغداد ودلهي، حيث تحولت الدعوات إلى رخصة دموية للإبادة. في السودان المعاصر، خصوصًا في فترة هيمنة الإسلاميين، نجد امتدادًا لهذا النهج. استخدمت الجماعات المسلحة الدعاء كوسيلة للتجييش والتبرير. خطب الجمعة والدعوات العلنية في المساجد كانت تزخر بصيغ عنيفة، تدعو لـ"سحق الأعداء" و"تطهير الأرض من الكفار"، متخذة من الدين وسيلة لإضفاء شرعية على حروب أهلية وصراعات دموية.
الميليشيات الإسلامية التي برزت في السودان مثل "الجنجويد" و"كتائب البراء"، كانت تعتمد خطابًا دينيًا صارمًا. دعاياتهم العسكرية كانت تبدأ بتلاوة أدعية العنف، مثل: "اللهم عليك بالظالمين والمفسدين"، وهو ما يُترجم عمليًا إلى إبادة جماعات بعينها، بناءً على خلفيات عرقية أو دينية. الجرائم الموثقة في التاريخ تُظهر أوجه التشابه بين ممارسات تيمورلنك والإسلاميين في السودان. في حملة أصفهان وحدها، ذُبح مئات الآلاف، وفي دارفور ومناطق أخرى بالسودان، ارتكبت الميليشيات جرائم مماثلة بحق المدنيين.
الدعاء العنيف في الخطاب الإسلامي ليس مجرد كلمات، بل هو أداة لتشكيل العقول وإعداد الجنود للحرب. يُظهر التاريخ أن القادة الدينيين والعسكريين استخدموا الدين لتبرير العنف، متجاهلين قيم الإسلام التي تدعو للرحمة وحفظ النفس. هذه الممارسات تشوه جوهر الدين. الدعاء هو وسيلة للتقرب إلى الله، وليس أداة لإبادة الآخرين. الاستخدام السياسي للدين في السودان أدى إلى انهيار الدولة وتفكك المجتمع، وهو ما ينذر بخطر أكبر إذا استمر هذا النهج.
من تيمورلنك إلى ميليشيات الإسلاميين في السودان، يمتد خيط طويل من استغلال الدعاء في الخطاب الإسلامي لتبرير العنف. هذا التشويه للدين يتطلب مواجهة فكرية جادة، تعيد الخطاب الإسلامي إلى مساره الحقيقي، الذي يدعو للسلام والرحمة والعدالة.
zuhair.osman@aol.com