مع تركيز العالم أنظاره على الهجوم الأوكراني المضاد في الجنوب، بدأت روسيا بهدوء هجوماً في منطقة لوغانسك بالشرق، يقول الخبراء إن الهدف منه تقويض العملية الأوكرانية.

روسيا حققت مكاسب لكنها لم تستولِ على مدن رئيسية

وكتب براد بريس في مجلة "ذا هيل" الأمريكية أنه بينما يبدو الهجوم أصغر حجماً ومدى، من الهجوم الذي شنته موسكو في الشتاء، فإن روسيا تحقق بعض التقدم، ويبدو أنها تضيق الخناق على مدينة كوبيانسك، حيث أمرت أوكرانيا بإخلائها هذا الأسبوع.

ويمكن أن يشكل التقدم الروسي عامل ضغط على أوكرانيا وسط الهجوم المضاد ويرغمها على تشتيت تركيزها، وأي نجاح يمكن أن يرسم مقارنة سياسية مع بطء الهجوم الأوكراني في منطقة زابوريجيا بالجنوب الشرقي. 

While the operation is much smaller in size and scope than Moscow’s winter offensive, Russia is making some progress and appears to be narrowing in on the city of Kupyansk, where Ukraine ordered an evacuation this week. https://t.co/4RtnI83Q5n

— The Hill (@thehill) August 14, 2023

ويشكك المستشار البارز لدى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية مارك كانسيان، في إمكان إحراز روسيا تقدماً.. لكنها إذا ما فعلت ذلك، فإن من شأن ذلك أن يشكل ضربة قوية لـ أوكرانيا في لحظة حرجة.

وقال كانسيان إن "هذا شيء يتعين إمعان النظر فيه، إذا تمكن الروس من تحقيق بعض التقدم هنا، فإن الأمر سيكون بمثابة مشكلة كبيرة.. كما أنه سيكون مدمراً للسردية الأوكرانية حول الهجوم المضاد في حال تمكن الروس من السيطرة على لوغانسك، والتي أشك في أنهم قادرون على ذلك.. لكن في حال تمكنوا من فعل ذلك في الوقت الذي يعلق الهجوم المضاد في المنطقة الدفاعية، فإن ذلك سيكون فشلاً هائلاً وأعتقد أنه سيكون محبطاً للداعمين الغربيين".

وتوجت موسكو هجوم الشتاء في نهاية مارس (آذار)، ومذاك ركزت القوات الروسية على مواجهة الهجوم الأوكراني المضاد، لكن روسيا لم توقف عملياتها الهجومية مطلقاً، وواصلت شن هجمات محدودة على طول جبهة ممتدة على 600 ميل في الشرق الأوكراني.

وبدأ هجوم لوغانسك يتسارع منذ منتصف يوليو (تموز)، مع اندلاع معظم القتال في حقول ريفية مفتوحة، مشابهة لتلك التي في زابوريجيا بالجنوب، لكن في مناطق أقل كثافة سكانية.

وحققت روسيا مكاسب هذا الأسبوع في اتجاه كوبيانسك، وهي مدينة تقع في منطقة خاركيف خلف منطقة لوغانسك، وفي حال سقطت المدينة فإن السيطرة الروسية ستتعزز في المنطقة، وكانت موسكو سيطرت على المدينة في الأيام الأولى من الحرب، قبل أن تعاود القوات الأوكرانية استعادتها في تقدم سريع الخريف الماضي. 

While the operation is much smaller in size and scope than Moscow’s winter offensive, Russia is making some progress and appears to be narrowing in on the city of Kupyansk, where Ukraine ordered an evacuation this week. https://t.co/piZo4jSrXn

— The Hill (@thehill) August 13, 2023

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تقدمت روسيا بحيث باتت المدينة في مدى مدفعيتها، وأمرت السلطات الأوكرانية بإخلاء عشرات القرى قرب كوبيانسك بعدما باتت القوات الروسية على مسافة أميال من المدينة.. يبدو أن والقتال بعيد عن الانتهاء لأن القوات الروسية تواجه مزيداً من الدفاعات، ويتعين عليها عبور نهر أوكسيل من أجل السيطرة التامة على كوبيانسك.

وغطى المدونون العسكريون الروس ووسائل الإعلام التابعة للدولة الأنباء على مدار الساعة الأسبوع الماضي، محاولين رسم صورة قاتمة بالنسبة لأوكرانيا، التي أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها فقدت عشرات الجنود في الأيام الأخيرة.

 تفاؤل حذر

وقال المدون العسكري الروسي ألكسندر كوتس الذي يتمتع بشعبية واسعة على تلغرام، إن أوكرانيا تنشر جنودها وتسارع إلى صد التقدم، وأضاف: "أنظر إلى خريطة التقدم في هذا الاتجاه وأشعر بتفاؤل حذر.. القوات المسلحة الأوكرانية هي في موقع لا تملك فيه أفضلية كبيرة".

وأكد مسؤولون أوكرانيون أن الهجمات تتكثف قرب كوبيانسك وبأنهم يتحركون للدفاع عن المدينة، ووصفت نائبة وزير الدفاع هانا ماليار الهجمات بأنها "مكثفة" لكنها قالت إن الدفاعات صامدة.

كما تتحرك روسيا من كريمينا في لوغانسك نحو مدينة ليمان في منطقة دونيتسك.. وتعتبر ليمان، الواقعة جنوب كوبيانسك، هدفاً رئيسياً آخر لجهود موسكو من أجل ترسيخ وجود قواتها في الشرق.

وقال المراسل الدولي لوكالة آر تي الروسية التي تديرها الدولة إيغور جدانوف، إن "المقاتلين الروس نجحوا في اختراق دفاعات العدو"، في معركة داخل غابة ومحمية طبيعية قرب ليمان.. وكتب على تلغرام إن "خطاً دفاعياً خطيراً قد سقط، بعدما أعاق لأشهر عدة عملياتنا في هذا القطاع من الجبهة".

وعلى الرغم من هذه التقارير، فإن المحللين العسكريين الغربيين يشككون في امتلاك روسيا القدرات من أجل تحقيق تقدم مهم، بعد إرهاقها على صعيد القوة البشرية والذخائر والمصادر، في حرب استنزاف مكلفة من أجل السيطرة على مدينة باخموت في الربيع.

وبحسب مدير المعلومات في مؤسسة نيو لاينز للأبحاث آرام شبابيان، فإن روسيا حققت مكاسب، لكنها "لم تستول على مدنٍ رئيسية أو تتغلب على المواقع الأوكرانية.. إنهم يحاولون إرغام الأوكرانيين على سحب قواتهم إلى ميدان مختلف، في الوقت الذي يبحثون فيه عن نقاط الضعف.. لكنهم لا يحرزون تقدماً كبيرة في الوقت الحاضر".

وشدد شبابيان أيضاً على أن روسيا قد أهدرت معظم مصادرها، وأنها من غير المحتمل أن تكون قادرة على تنظيم عملية هجومية مهمة حتى العام المقبل، وهذا تقويم يتشارك فيه معظم المحللين الغربيين.

وتسيطر روسيا فعلاً على معظم لوغانسك، ولذلك فإن الاستيلاء على ما تبقى من المنطقة سيكون بمثابة نصر سياسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما أن من شأنه جعل قواته في وضعية أفضل للسيطرة على بقية إقليم دونباس، الذي يضم لوغانسك ودونيتسك.

زابوريجيا أهم من لوغانسك

وعلى الرغم من ذلك، فإن لوغانسك ليست مهمة من الناحية الإستراتيجية مثلما هو الحال مع زابوريجيا في الجنوب التي تصل البر الروسي بشبه جزيرة القرم، كما أنها تقع على مناطق بحرية مهمة مثل بحر آزوف.

البروفسور برانيسلاف سلانتشيف الذي يدرس الحرب في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو، قال إن نجاحاً روسياً في لوغانسك لن يغير الحرب دراماتيكياً، ورأى أن الاندفاع نحو كوبيانسك "من الواضح أنه مصمم من أجل كسر الهجوم الأوكراني المضاد.. وسحب القوات من الجنوب الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية.. وهذا ما يهتم به الروس، إنهم يهمتون بحماية القرم، ويهتمون بحماية الطرق البرية، ويهتمون بالوصول إلى البحر الأسود".

وأعرب رئيس مركز الحوار عبر الأطلسي مكسيم سكريبتشينكو، الذي يقدم الاستشارات للحكومة الأوكرانية، عن الخوف من ثمن سياسي مثل الانتصار في لوغانسك، على الرغم من ثقته بقوة الدفاعات الأوكرانية هناك.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الهجوم الأوکرانی المضاد فی فی منطقة من أجل

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الياباني الجديد: سنواصل الضغط على روسيا ودعم أوكرانيا



صرح رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا بأن طوكيو ستواصل ضغوط العقوبات على موسكو وستواصل دعم كييف.

جاء ذلك وفقا لما صرح به إيشيبا في أول خطاب له أمام البرلمان، حيث تابع أن الحكومة اليابانية ملتزمة "بمواصلة فرض ضغوط العقوبات على روسيا ودعم أوكرانيا"، إلا أنه، وفي الوقت نفسه، قال إن حكومته ملتزمة "بحل المشكلة الإقليمية وإبرام معاهدة سلام مع روسيا، برغم الصعوبات الراهنة في العلاقات اليابانية الروسية".

وتجري موسكو وطوكيو مفاوضات لتطوير اتفاق سلام بعد الحرب العالمية الثانية منذ منتصف القرن الماضي، حيث تظل العقبة الرئيسية أمام تلك الخلافات هي حقوق ضم الجزء الجنوبي من جزر الكوريل. وقد تم ضم الأرخبيل بأكمله إلى الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الحرب، إلا أن اليابان تتنازع على ملكية إيتوروب وكوناشير وشيكوتان ومجموعة من الجزر الصغيرة غير المأهولة. وقد أكدت وزارة الخارجية الروسية مرارا وتكرارا أن السيادة الروسية على هذه الأراضي، التي تتمتع بالإطار القانوني الدولي المناسب، لا شك فيها.

وبعد أن فرضت طوكيو عقوبات مناهضة لروسيا فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا، أوقفت روسيا المشاورات مع اليابان بشأن قضية معاهدة السلام. كما انسحبت موسكو من المفاوضات مع طوكيو بشأن إقامة أنشطة اقتصادية مشتركة في جزر الكوريل الجنوبية، وعرقلت تمديد وضع اليابان كشريك لمنظمة التعاون الاقتصادي في منطقة البحر الأسود للحوار القطاعي

مقالات مشابهة

  • روسيا تهاجم أوكرانيا بـ 19 طائرة مسيرة وتتهم كييف بالتصعيد قرب محطة كورسك النووية
  • استهدفت بنى تحتية .. روسيا تهاجم أوكرانيا بـ19 طائرة مسيرة
  • أوكرانيا: روسيا هاجمت بنى تحتية حيوية بـ19 طائرة مسيرة         
  • رئيس الوزراء الياباني الجديد: سنواصل الضغط على روسيا ودعم أوكرانيا
  • روسيا تعلن تحقيق تقدم ميداني جديد في أوكرانيا
  • روسيا تشن هجوما كبيرا بطائرات مسيرة على أوكرانيا
  • الشرق الاوسط.. على شفا حرب شاملة
  • أستاذ علوم سياسية: الهجوم والهجوم المضاد بين إيران وإسرائيل كابوس لأمريكا
  • روسيا تعلن السيطرة على بلدة جديدة في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا
  • إدانات ودعوات للتهدئة.. ردود فعل دولية بعد هجوم إيران على إسرائيل