أثبتت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، شخصية متعطشة للدماء، ويمتلك عقلية مثيرة للجدل، انعكست فى توسّعاته الاستيطانة واستمراره فى استهداف المدنيين من الأطفال والنساء فى القطاع الفلسطينى، وهذا ما أكده اللواء حابس الشروف، مدير معهد فلسطين للأمن القومى، الذى وصف نتنياهو بأنه أكثر تطرّفاً من وزير المالية فى حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، ولكنه تعداه فى البرجماتية، حيث إن «نتنياهو» يدرك جيداً أن إطالة أمد الحرب على قطاع غزة، وتوسّعه فى دائرة الصراع، قد يؤديان إلى إيجاد واقع جديد يساعده فى البقاء على رأس الحكومة الإسرائيلية، وتجنّب المحاكم والقضايا المرفوعة ضده، حيث يرفض تشكيل أى لجنة للتحقيق فى أحداث السابع من أكتوبر 2023، خوفاً من نتائج التحقيق، وأن يتحمّل مسئولية الفشل الذى جرى على جميع الأصعدة فى دولة الاحتلال، وفى هذا السياق يعمل نتنياهو على تعطيل تشكيل أى لجان تحقيق، ويحاول تحميل المستوى العسكرى مسئولية الإخفاق فى التعامل مع «طوفان الأقصى»، وما تبعه من أحداث.

وأكد اللواء «الشروف»، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن رئيس وزراء الاحتلال يحاول جر الولايات المتحدة الأمريكية إلى مواجهات مفتوحة، لاسيما مع إيران، ولديه القدرة فى التأثير على الداخل الأمريكى، وتحديداً عبر التقرّب من الجمهوريين، والرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، الذى يترشّح للانتخابات الأمريكية التى ستُجرى فى نوفمبر المقبل، مشيراً إلى وجود توتر حقيقى بين نتنياهو والرئيس الأمريكى، جو بايدن، والجميع يعلم أن هناك اختلافاً فى وجهات النظر بينهما. وتابع أن «نتنياهو شخصية متمرسة فى الكذب، إذ إنه وعد الرئيس بايدن بالكثير، لكنه لم يطبّق أى شىء من ذلك، ولم ينفذ أياً من هذه الوعود فى الواقع، لاسيما قبل حرب غزة، فى ما يتعلق بمسألة الإصلاح القضائى، أما بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، فلم يلتزم بكلمته فى عدة قضايا، منها اليوم التالى للحرب، واستراتيجية الخروج من القطاع الفلسطينى، وقضية المساعدات الإنسانية لغزة».

فى المقابل حاول الرئيس الأمريكى إحداث هزة داخل ائتلاف نتنياهو، بالتقرّب أكثر من بينى غانتس، لكن نتنياهو قام بإقصاء الأخير، ومن ثم التقرّب من وزير الدفاع فى حكومة الاحتلال، يوآف جالانت، والآن يحاول نتنياهو استبعاده من وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأوضح مدير معهد فلسطين للأمن القومى، فى هذا الصدد، أنه «مع كل هذا الخلاف بين نتنياهو وبايدن، علينا أن ننتبه إلى شكل وحجم وعمق العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأنها أيضاً علاقات متشابكة على المستوى الأمنى والعسكرى والاقتصادى، وبالتالى الخلاف الآن مع شخص نتنياهو وليس مع الاحتلال الإسرائيلى»، وأضاف أن بايدن لا يريد فى الوقت الحالى أى توتر مع نتنياهو، كالذى حدث بين رئيس وزراء الاحتلال والرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، وكان بايدن حينها يتولى منصب نائب الرئيس الأمريكى.

وعن المنافسة بين بنيامين نتنياهو وبينى غانتس، أوضح «الشروف» أن غانتس لم يُشكل أى تهديد حقيقى على نتنياهو، بل بالعكس نجح الأخير فى استخدامه هو وحزبه أمام الجمهور الإسرائيلى اليمينى لتصدير أنه رجل وحدوى ووطنى يهتم بمصالح إسرائيل، وعندما استطاع نتنياهو تنفيذ ذلك، ونجح فى ضم حزب «تكفا حدشاه»، أو «أمل جديد»، وزعيمه جدعون ساعر، الذى أعلن فى وقت سابق عن معارضته الشديدة للانسحاب الإسرائيلى من جانب واحد من قطاع غزة عام 2005، كما أنه يعارض فكرة إقامة دولة فلسطينية، مما دفعه لفك ارتباط الشراكة مع حزب غانتس، مع الأخذ بعين الاعتبار أن حزب غانتس، جزء من المعارضة الإسرائيلية، التى يمكن وصفها بـ«المفكّكة والضعيفة وصاحبة أكثر من رأس».

وعبّر اللواء «الشروف» عن رؤيته أن بنيامين نتنياهو يريد صفقة تحقّق له عودة الأسرى الإسرائيليين بأقل الأثمان المتاحة والممكنة، ولكن الملاحظة هنا تتمثّل فى تمسّك نتنياهو بشرط «دون إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، سواء بالعدد أو النوعية»، فشركاء الائتلاف الحكومى دائماً ما يُهدّدون بإسقاط الحكومة الإسرائيلية حال إبرام صفقة متعلقة بالأسرى، حيث إنها من وجهة نظرهم ما هى إلا خضوع لمطالب فصائل المقاومة فى قطاع غزة، لذلك يسعى اليمين الحاكم فى إسرائيل، والذى يمثله نتنياهو، لتخفيض القيمة الاستراتيجية الخاصة بورقة الأسرى عبر استهداف الخاطف والمخطوف.

وأكد مدير معهد فلسطين للأمن القومى أن تفكير «نتنياهو» استيطانى من الدرجة الأولى، لذلك هو مع ما يُسمى «دولة إسرائيل الكبرى»، وبالملاحظة للقوانين التى يتم إقرارها فى الكنيست الإسرائيلى خلال حكمه، مثل قانون منع إقامة دولة فلسطينية، الذى صوت عليه النواب بأغلبية ساحقة فى يوليو الماضى، حيث أيّد القرار أحزاب فى ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إلى جانب الأحزاب اليمينية من المعارضة، وحظى بدعم من حزب الوحدة الوطنية الوسطى بزعامة بينى غانتس، حيث ينص القرار على أن الكنيست يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية، معتبراً أن إقامة دولة فلسطينية فيما يسمى بـ«قلب أرض إسرائيل» -حسبما جاء فى نص القانون الإسرائيلى- سيُشكل خطراً وجودياً على دولة الاحتلال ومواطنيها. ومن القوانين الأخرى التى صادق عليها نواب الكنيست خلال ترؤس بنيامين نتنياهو حكومة الاحتلال الإسرائيلى «قانون القومية»، الذى يُلزم المحكمة العليا فى إسرائيل بتفضيل الهوية اليهودية للدولة على القيم الديمقراطية فى حال وقع تناقض بين الهوية والديمقراطية، فى بلد لطالما تغنّى بالديمقراطية، واتهم غيره بالعنصرية، ويأتى التأكيد على تفضيل «القومية اليهودية» على الديمقراطية بصيغة ملتبسة، إذ يقول: «يهدف القانون إلى حماية مكانة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى، من أجل إرساء قيم دولة إسرائيل فى قانون القومية كدولة يهودية وديمقراطية»، كما تم استبعاد اللغة العربية، التى كانت إلى جانب العبرية لغة شبه رسمية للدولة، إذ ستُصبح العبرية اللغة الرسمية فى إسرائيل، على أن يكون للعربية «مكانة خاصة» وفق ما ينص القانون.

واختتم اللواء حابس الشروف حديثه لـ«الوطن» بقوله: «نتنياهو يرفض فى الأساس كل ما يتعلق باتفاق أوسلو وما ترتب عليه من نتائج ويريد أن يشطب أى فرصة لإقامة دولة فلسطينية، مما جعله يتحالف مع اليمين الإسرائيلى المتطرّف ومنحه الموارد والمناصب الحكومية التى تُسهل وتُسرع وتيرة الاستيطان وسلب الأرض الفلسطينية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل نتنياهو الاحتلال غزة لبنان الشرق الأوسط الولايات المتحدة فلسطين بيروت إقامة دولة فلسطینیة بنیامین نتنیاهو حکومة الاحتلال قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الإسرائيلى يشكر ترامب لدعمه “الجريء” لإسرائيل

المناطق_متابعات

أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عن شكره وتقديره للرئيس الأمريكى دونالد ترامب لدعمه “الجريء” لإسرائيل فى حربها “ضد حركة حماس” التى وصفها بالـ”حرب العادلة”.

يذكرأن، وجه نتنياهو، الأحد الماضى، الشكر لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، بسبب توفيره ما وصفها بالأسلحة اللازمة لمواجهة محور إيران.

أخبار قد تهمك ترامب: “التوتر التجاري” مع كندا والمكسيك سيجعل مونديال 2026 مثيراً 8 مارس 2025 - 10:31 مساءً جنوب أفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحًا في غزة 6 مارس 2025 - 1:18 صباحًا

وشكر نتنياهو ترامب على توفيره أسلحة “إنهاء المهمة” ضد “محور إيران”.

وقال نتنياهو، في تصريح صحفى، إن إسرائيل تدعم بالكامل خطة الرئيس ترامب بشأن غزة، مشيدا بالدور الذي لعبه في توفير الأسلحة لمواجهة التهديدات الإقليمية.

وتابع نتنياهو: “أشكر الرئيس ترامب على توفير الأسلحة اللازمة لإنهاء المهمة ضد محور إيران”، مؤكدا أن ترامب كان أعظم صديق لإسرائيل.

وأشار نتنياهو إلى أن خطة ويتكوف (ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكى ترامب) تشمل إطلاق سراح نصف المختطفين على الفور وتمديد وقف إطلاق النار لمدة 50 يوما، مشددا على أن إسرائيل ستتخذ خطوات إضافية ضد حماس إذا لم تفرج عن الرهائن.

مقالات مشابهة

  • وفد إسرائيلي يصل الدوحة لمناقشة الهدنة بغزة .. لا يضم رئيس فريق التفاوض
  • وفد إسرائيلي يصل الدوحة لمناقشة الهدنة بغزة.. لا يضم رئيس فريق التفاوض
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • القاهرة الإخبارية: تحليق مكثف للطيران الإسرائيلى فى أجواء القنيطرة بسوريا
  • الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 13 فلسطينيا من رام الله والبيرة والخليل
  • قوات الاحتلال الإسرائيلى تقتحم مناطق شرقى قلقيلية فى الضفة الغربية
  • رئيس الوزراء الإسرائيلى يشكر ترامب لدعمه “الجريء” لإسرائيل
  • العربي للدراسات السياسية: إسرائيل تستخدم سلاح التجويع للضغط على المقاومة
  • حماس: حكومة نتنياهو ترتكب جريمة حرب بتجويع مليوني فلسطيني بغزة
  • خطة الجحيمفي غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو ؟