خلّفت حرب الإبادة الجماعية، التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، تأثيرات سلبية مباشرة على الوضع الاقتصادى فى دولة الاحتلال، حيث انعكست هذه التأثيرات على حياة الإسرائيليين، وبرز هذا جلياً فى تصريحات وزير المالية الإسرائيلى، بتسلئيل سموتريتش، خلال عرضه الخطوط العامة لميزانية العام المقبل 2025، التى أثارت اعتراضات وصلت إلى صفوف الائتلاف الحاكم، لما تحمله من ضربات اقتصادية تستهدف الشرائح الفقيرة والضعيفة، وأيضاً الشرائح الوسطى الدنيا، برفع الضرائب عليها، وتجميد المخصصات الاجتماعية، وراتب الحد الأدنى، رغم ادعائه، بالعنوان العريض، أنه لن تكون ضرائب جديدة، وهذا منافٍ للواقع الذى أقره الكنيست سابقاً.

وحسب التقديرات الجديدة، فإن كلفة الحرب قد تصل إلى 250 مليار شيكل، أى حوالى 67 مليار دولار، بشقيها العسكرى والمدنى، وهذا عدا القرار المسبق برفع ميزانية الجيش بشكل ثابت حتى العام 2027، على الأقل، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة الاقتصادية الغارقة فيها إسرائيل، سترافقها سنوات عديدة لتكون أطول من أى أزمة اقتصادية سابقة.

وفى سياق الإعلان عن الخطوط العامة للميزانية، كشفت وزارة المالية عن معطيات جديدة لحال الاقتصاد، فالعجز فى الموازنة العامة بلغ حتى نهاية أغسطس الماضى، ما يعادل 8.3% من حجم الناتج العام، وهو ما يعادل 167 مليار شيكل، فى حين أن نسبة العجز المخططة لهذا العام 6.6%، ويستغرب محللون تقديرات وزارة المالية بأنه حتى نهاية العام الجارى 2024، سيهبط العجز إلى النسبة المقررة فى ميزانية هذا العام، إذ لم يتبق للعام سوى 4 أشهر، والحرب مستمرة مع تزايد كلفتها.

وعلى الجانب الاقتصادى، حدث انهيار وخسائر فادحة فى عدة قطاعات، مثل الزراعة والصناعة والبناء والعقارات والسياحة الداخلية، بالتزامن مع استمرار الارتفاع فى تكلفة الحرب على قطاع غزة، وتداعياتها على الموازنة العامة للاحتلال الإسرائيلى، التى تعانى عجزاً بقيمة 6.6% من الناتج المحلى، ما دفع حكومة الاحتلال الإسرائيلى إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل، ما يوازى 158 مليار دولار، بزيادة قدرها حوالى 14% مقارنة بحد الإنفاق الأصلى الذى تم تحديده فى العام الماضى كجزء من ميزانية السنتين 2023/ 2024، بحسب تقرير رسمى لبنك إسرائيل.

من جهتها، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمبانى والمنشآت التى تكبدتها مستوطنات «غلاف غزة» بلغت 1.5 مليار شيكل أى ما يعادل 405 ملايين دولار، حيث ورد فى التقرير ذاته أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين فى مستوطنات الغلاف والنقب الغربى وصلت 12 مليار شيكل ما يقارب من 3.35 مليار دولار، إذ شملت الخسائر والأضرار التى تكبدتها الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهى، والصناعات الصغيرة والمتوسطة.

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أشارت التقديرات إلى أن حجم الخسائر الأولية فى شمال إسرائيل جراء صواريخ حزب الله اللبنانى، قدرت بحوالى 540 مليون دولار، لا سيما بعد تضرر أكثر من 500 منشأة سكنية زراعية وصناعية وتجارية.

فى سياق متصل، شهدت إسرائيل خسائر بشرية فى صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلى، حيث كشف الجيش الإسرائيلى عن أرقام متعلقة بالخسائر البشرية التى لحقت به فى قطاع غزة، تضمنت أعداد القتلى والجرحى والمصابين بالصدمات النفسية، ووفق معطيات رسمية لوزارة الدفاع الإسرائيلية فإن قسم إعادة التأهيل فى الوزارة استقبل 10 آلاف و56 جندياً جريحاً منذ بدء الحرب فى 7 أكتوبر 2023، بمعدل أكثر من ألف جريح جديد شهرياً، إذ يعانى أكثر من 3700 من المصابين العسكريين فى جيش الاحتلال الإسرائيلى من إصابات فى الأطراف، بما فى ذلك 192 إصابة فى الرأس، و168 مصاباً بجروح فى العين، و690 مصاباً بجروح فى الحبل الشوكى، و50 مصاباً من مبتورى الأطراف يعالجون فى قسم إعادة التأهيل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل نتنياهو الاحتلال غزة لبنان الشرق الأوسط الولايات المتحدة فلسطين بيروت الاحتلال الإسرائیلى ملیار دولار ملیار شیکل

إقرأ أيضاً:

اقتربت الخسائر بينهما وبقيت غزة لأصحابها.. فمن المنهزم؟)

 

بعد ١٥ شهرًا من الغطرسة الإسرائيلية والصمود الفلسطينى أمام الآلة العسكرية تمت الهدنة بوساطة مصرية بعد ولادة متعسرة لاتفاق لوقف إطلاق النار بين رجال غزة وجبناء آل صهيون، وانطفأت النار بعد أن تخضبت الأرض الفلسطينية بدماء طاهرة أبت إلا أن تدافع عن أرضها، ولا تفرط فى شبر واحد منها- وهكذا حال الأوطان وأهلها- غير آبهة بأبناء صهيون «إسرائيل وأمريكا أقوى دولة فى العالم».. لقد فعلها رجال غزة رغم الضعف فى الإمكانيات.. لقد فعلها رجال غزة رغم إبادة أسر لهم عن بكرة أبيهم.. لقد فعلها رجال غزة رغم الدمار الذى آلت إليه بيوتهم، لقد فعلها رجال غزة رغم مرارة الفقدان الذى سيعيشونه طيلة حياتهم، لقد فعلها رجال غزة رغم الأطلال التى لن يتبقى منها شىء بفعل آلة الإعمار غدًا ومحو كل أثر طيب للبيت والبشر.. أقولها رغم رؤية البعض لها أنها لا تعنى شيئًا أمام الدمار الذى حل بالأرض والبشر، ولكنه تراب الوطن يا سادة كالعِرض.. أقولها بملء الفم، وبأعلى صوت.. أقولها وإن عارضتنى.. إنه انتصار الأرض والوطنيين وهزيمة المتصهينين المستوطنين لا غير، نعم هى الهزيمة بمعناها الحقيقى للعسكرية، هى الهزيمة الإنسانية.. هى الهزيمة الاقتصادية.. هى الهزيمة الجيو سياسية.. هى الهزيمة الديموغرافية.. هى الهزيمة الأمنية.. فالإجبار على الهدنة هو الهزيمة والخسارة.. نعم الخسارة.. فلم تكن ٤٢٥ يومًا تدور فيها آلة الحرب بالقليلة، ولكن انعكاسها سيصيب مفاصل دولة الاحتلال جميعًا.. فهذه خسارة فى العتاد العسكرى كما وصفها الخبراء العسكريون فهم إلى حاجة لتجديد مخزون الأسلحة والمعدات كما قال نتنياهو وصرحت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.
كما أن جميع الطائرات المقاتلة التابعة للقوة أصابتها الشيخوخة، وهذا ما سيجبر إسرائيل على المضى قدما فى شراء أسراب جديدة مع التركيز على طائرات إف-15 وإف-35»، وهذا سيضر بالاقتصاد ويزيد من تكلفة المعيشة على الفرد، وهؤلاء المستوطنين.
وهذه خسارة أيضًا ولكن فى الاقتصاد القومى لها وهو ليس بمنأى عن الحرب ولكن هو أول من تصابه لعنة الحروب، فقد تكبد الاقتصاد الإسرائيلى خسائر فادحة، حيث أظهرت معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية «هذا إن صدقوا» أن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر الماضى حتى نهاية مارس 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل «73 مليار دولار».
وخلال الأسبوع الجارى فى ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية «هذا إن صدقت» عن وصول العجز المالى إلى 6.9% من الناتج المحلى الإجمالى عام 2024، أى حوالى 136 مليار شيكل «36.1 مليار دولار».. ولكن صحيفة كالكاليست أكدت أن الحقيقة تبدو أكثر قتامة، إذ تُظهر التحليلات أن العجز الحقيقى يصل إلى 7.2% من الناتج المحلى الإجمالي، أى حوالى 142 مليار شيكل «37.7 مليار دولار».
كما تراجعت الاستثمارات فى الفترة من أكتوبر 2023 إلى سبتمبر 2024، إلى جانب انخفاض حاد بنسبة 30% فى عدد الاستثمارات الأجنبية والإسرائيلية.
كما كانت لغزة خسائر فى العقارات بالمليارات ، ففى قطاع البناء الإسرائيلى بلغت الخسائر الأسبوعية 644 مليون دولار وأن 50% من مواقع البناء أغلقت بسبب النقص فى الأيدى العاملة، جراء استدعائهم للتجنيد وتعطل البناء.
أما فى قطاع السياحة فقد أغلقت 60 ألف شركة سياحة فى 2024، بسبب تداعيات الحرب المستمرة على قطاع غزة، حسب ما نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، «هذا إن صدقت» بجانب انخفاض السياحة لـربع مليون بعد أن كانت ٣ ملايين سائح سنويًا.
أما الخسائر والهزيمة الديمغرافية فقد بلغ عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل منذ بدء الحرب الأخيرة ٨٠٠ ألف غير الهجرة الداخلية عن غلاف غزة، حسب سلطة الإسكان والهجرة فى وزارة الداخلية الإسرائيلية «هذا إن صدقت»، وقد نشر معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى «هذا إن صدق» حصاد الحرب حتى 7 أكتوبر 2024، بأن عدد قتلى الجيش الإسرائيلى خلال سنة من الحرب بلغ 1697 جنديًا وضابطًا، وأصيب نحو 5 آلاف، بينهم 695 جراحهم خطيرة، و٢٨٠ أسير لدى حماس، وبلغ عدد المصابين المدنيين الإسرائيليين 19 ألفًا، علمًا أيضًا بأن تعداد إسرائيل ٩ ملايين نسمة فقط فى ٢٠٢٥.. علمًا بأنها في حربها مع دولة نظامية كمصر فى ١٩٧٣ فقدت ٢٨٢٣ جنديًا وجرح ٨٨٠٠، و٥٠٠ أسير ومفقود وكان تعدادهم يومها ٣ ملايين والنصف. 
كما أن كل هذه الخسائر مجموعة أدت إلى زيادة معدلات الفقر، حتى أن ربع الإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر، فى حين تضرر 65% من الإسرائيليين ماليًا، وهو تغير في التركيبة الديموغرافية.
أما عملية طوفان الأقصى فأثبتت إمكانية خرق جدار الأمن والردع الذى كان الاحتلال يضفى عليه هالة أسطورية، خصوصًا من جانب تكنولوجيا التنصت، ما جعل المواطن لا يشعر بالأمان فى دولتهوهي الهزيمة الأمنية.
إن مناظر خروج أطفال ونساء غزة من تحت الأنقاض والركام التى بسببها رفعت أعلام دول ضد عدم إنسانية الإسرائيليين لن تمّحِى من أذهان شباب الغرب، وإصابات هؤلاء الأطفال وانتشارهم فى جميع المستشفيات، عرى شعاراتهم الجوفاء وإنسانيتهم الزيفاء، بهذا انهزمت ديمقراطيتهم وإنسانيتهم أمام العالم كله، وتبعتها هزيمة سياسية بعد توتر علاقتها بكثير من الدول العربية والغربية.
وأخيرًا وليس آخرًا، فقد سقطت القوة الاستخبارية والأمنية لهؤلاء المتغطرسة بطوفان الأقصى، كما سقطت قوتهم أمام فصيل كان هدف حرب بالقضاء عليه وعزله عن سلاحه وقطاعه، كما سقطوا فى عودة أسراهم فى بقعة لا تتجاوز مئات الكيلومترات.. وسقطوا وهو الأهم فى الاستيلاء على الأرض وتهجير من عليها.. وأولًا وأخيرًا سقطوا أمام شعوبهم.. وما دامت الخسائر لدى الطرفين أرواحًا وأموالًا، وبقت الأرض لأهلها، إذن فمن المنهزم؟
اللهم احفظ مصر وأهلها وجيشها وارفع قدرها.

مقالات مشابهة

  • حرب غزة ترفع عبء دين الاحتلال إلى 69% من ناتجها المحلي
  • أرقام.. خسائر العراق السنوية نتيجة الحرائق تقدر بـ30 مليار دينار
  • أرقام.. خسائر العراق السنوية نتيجة الحرائق تقدر بـ30 مليار دينار - عاجل
  • حرب غزة ترفع عبء دين إسرائيل إلى 69% من ناتجها المحلي
  • اقتربت الخسائر بينهما وبقيت غزة لأصحابها.. فمن المنهزم؟)
  • الكونجرس الأمريكي: إعانات الضرائب على الطاقة النظيفة ستكلف 825 مليار دولار
  • 15.3 مليار دولار قيمة العلامة التجارية لـ «إي آند»
  • الأمم المتحدة: 40 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار غزة (إنفوغراف)
  • الأمم المتحدة: 40 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار غزة (إنفوغرف)
  • موقع عبري: كلفة الحرب الإسرائيلية على غزة تتجاوز 41 مليار دولار