عبدالجبار الغراب

تتسارع الأحداث الدائرة حَـاليًّا في المنطقة عُمُـومًا وفي فلسطين ولبنان على وجه الخصوص في إظهارها لمدى المآزق الكبير الذي يعيشه كيان الاحتلال بفعل استمرار حربه الهمجية، والتي دخلت عامها الثاني، لم يحقّق فيها الأهداف، رغم امتلاكه لكل أنواع العتاد العسكري المتطور، والدعم الأمريكي والغربي المتواصل عسكريًّا وسياسيًّا وماليًّا واستخباراتيًّا، مرتكباً للإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة جاعلًا منها الوسيلة الوحيدة وأمام مرأى ومسمع العالم كله كأُسلُـوب يحقّق هدفه الكبير لتهجير لسكان القطاع، متماديًا في إجرامه وموسعًا في إشعاله لدائرة الصراع في منطقة الشرق الأوسط بفعل اعتداءاته المتكرّرة على سيادة البلدان واغتيالهم لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، وهو ضيف في إيران ليفتح على نفسه النيران، ويتلقى أكبر ضربة صاروخية إيرانية حدثت له في تاريخه، متخبطًا حَـاليًّا لا يقوى في اتِّخاذ حماقات جديدة لاستهداف إيران؛ لأَنَّه يعلم نتائج وعواقب هذا الإقدام.

اتسعت دائرة الانهيار الداخلي للكيان الإسرائيلي اقتصاديًّا، وَغير المسبوقة في تاريخه المشؤوم جراء محاصرته بحريًّا من قبل الجيش اليمني، فضاقت عليه كُـلّ الخيارات وانعدمت معها مختلف الأوراق التي قد تساعده على الخروج من ورطته الكبيرة في وحل ومستنقع غزة، ليخاطر بالذهاب ويقع مجدّدًا في تخبطات فعلية وغير محسوبة العواقب ولا النتائج بإشعاله للمنطقة بفتحه لجبهة حرب جديدة مع حزب الله اللبناني، متجاوزًا لكل قواعد الاشتباك السابقة بتنفيذه لعمليات اغتيالات كبيرة بحق قادة المقاومة اللبنانية وارتكابه للجرائم الفظيعة بتفجيره لوسائل الاتصالات البيجر، في سابقة تاريخية إجرامية إرهابية لم يسبق لها مثيل، ظل ولسنوات يخطط لها حتى تحين الفرصة لاستخدامها قد تكون له من وجهة نظره تحقّق ما صعب على إنجازه طيلة مراحل الصراعات العديدة مع المقاومة اللبنانية، والتي كانت كلها خاسرة، جاعلًا من خلالها إلحاقه للضربة القاضية للمقاومة في لبنان قد تعجل له بالنصر السريع؛ ما انعكس عليه رأساً على عقب بفعل القوة والثبات والتنظيم والتحولات الكبرى لحزب الله بعدم تأثره باستشهاد قادته الكبار وأنه ولاد للقادة ومستعص على الأعداء.

حقائق متوالية ومتغيرات طارئة حاصلة أظهرتها مختلف الأحداث الظاهرة بفعل مشاكل وأزمات واسعة النطاق أشعلها كيان الاحتلال، والتي قد تنفجر معها كامل الأوضاع في عموم وأرجاء المنطقة وبدون استثناء، واضعًا بذلك كيان الاحتلال نفسه في مصاعب كبيرة ومآزق متعددة وورطات واسعة وغرق تام في وحل ومستنقع حروبه العبثية في كُـلّ الجبهات، وتيهان وتخبط واضح وإخفاق وعجز دائم عن تحقيق لأهدافه المعلنة وحتى المخفية طيلة عام كامل، واندثار واستنفاد لكل الأوراق والخيارات، وانكشاف متوال لكل حقائق الصهيونية العالمية للإسراع في تنفيذها للمخطّطات الإجرامية بالتطهير العرقي وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وتدمير كُـلّ ما يتصل للإنسان من حياة في كامل قطاع غزة، وإظهار لأمانيهم وأحلامهم التوسعية في الامتداد والانتشار على حساب الأراضي العربية لتكوين ما أسموها “إسرائيل الكبرى” ابتداءً من لبنان لإشعال حرب على المقاومة اللبنانية، لإفساح المجال أمامهم لتغيير المنطقة برمتها.

بلغ المأزق الصهيوني منتهاه في فقدانه السريع لنشوة الانتصار والذي صوره بالمنجز الكبير باغتيالاته لقادة المقاومة وقيامه بعمليات إرهابية بتفجيرات البيجر في لبنان، لتندثر سريعاً بفعل عظمة التحولات الكبرى التي أحدثتها المقاومة؛ بامتلاكها لقاعدة القيادة والسيطرة المتكاملة وإظهارها للقوة والإمْكَانيات، وإحداثها لتحولات كبرى وسريعة في تسديدها للضربات العسكرية الكبيرة داخل عمق الكيان ولأكبر معسكراته البعيدة والسرية ما بعد حيفا واستهدافه بطائرة مسيّرة أصابت هدفها ملحقة عشرات القتلى والجرحى، وبتعاظم القدرات على إطلاق الصواريخ وإلى كُـلّ مكان يتم تحديده، وبصلابة دفاعهم بعدم تمكّن العدوّ بريًّا من تخطى أمتار داخل الحدود ليصاب الكيان بالتيهان والشرود قد يكون لحساباته مراجعات لعدم الغرق في مستنقع لبنان العميق.

أدخل الكيان الصهيوني نفسه في ورطات ومآزق متعددة باعتدائه الجبان على لبنان، مستنداً في ذلك على حسابات مغلوطة وتوقعات فاشلة بأن تسديده للضربات السريعة والتي كانت مملوكة في جعبته كأهداف لها سنوات، وُصُـولًا إلى اغتياله للقادة ستعجل بانهيار حزب الله، لتنقلب معكوسة على الكيان لجهله الكبير لما تمتلكه المقاومة من قاعدة ثابتة البناء بتنظيم راسخ لا يتأثر بالهزات مهما كان حجمها ولهم قدرات عالية على تجاوز مختلف الصعاب والتحديات، وهو ما ظهر وبان سريعًا لتعطي مختلف المشاهد المنقولة وبكاميرات المستوطنين لحجم الدمار وللاستهدافات الصاروخية والتي طالت عموم الأراضي المحتلّة، معلنة في ذلك توسعة دائرة رقعتها الجغرافية بحسب ما يكون للوقائع المفروضة والطارئة حساباتها المختلفة.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

الحكومة اللبنانية تُسقط بند «المقاومة» من بيانها الوزاري

أسقطت الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، من مسودة بيانها الوزاري البند المتعلق بـ«المقاومة»، خلافاً لما درجت عليه مضامينُ البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 2000

فبعد 25 سنة من تحكم بند «المقاومة» بقرار الحرب والسلم في لبنان استناداً إلى ما يتضمنه البيان الوزاري للحكومات المتعاقبة، تتجه حكومة نواف سلام، وحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى، إلى إسقاط هذا البند من البيان الوزاري الذي يتجه مجلس الوزراء إلى إقراره مساء الاثنين، تمهيداً لنيل الحكومة الثقة في البرلمان على أساسه

مقالات مشابهة

  • الجيش اللبناني: الاحتلال لم يلتزم بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة وينتهك القرار الأممي 1701
  • تحرير البلدات الحدودية اللبنانية وبطولات المُقاومين
  • الرئيس اللبناني: لابد من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لباقي الأراضي اللبنانية
  • فرنسا تطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية
  • بقاء الاحتلال في الجنوب يعني المقاومة و التوسّع؟!
  • وزير الخارجية الإيراني: الكيان الصهـ يوني أُجبر على الاستسلام وقبول وقف إطلاق النار
  • الجهاد الإسلامي تدين اغتيال القيادي محمد شاهين
  • الحكومة اللبنانية تُسقط بند «المقاومة» من بيانها الوزاري
  • عون: لن أقبل أن يبقى جندي إسرائيلي واحد على الأراضي اللبنانية
  • هكذا تعاطت البيانات الوزارية اللبنانية مع بند المقاومة