المآزِقُ الصهيونية المتنامية والتحوُّلاتُ العسكرية الكبرى للمقاومة اللبنانية
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
عبدالجبار الغراب
تتسارع الأحداث الدائرة حَـاليًّا في المنطقة عُمُـومًا وفي فلسطين ولبنان على وجه الخصوص في إظهارها لمدى المآزق الكبير الذي يعيشه كيان الاحتلال بفعل استمرار حربه الهمجية، والتي دخلت عامها الثاني، لم يحقّق فيها الأهداف، رغم امتلاكه لكل أنواع العتاد العسكري المتطور، والدعم الأمريكي والغربي المتواصل عسكريًّا وسياسيًّا وماليًّا واستخباراتيًّا، مرتكباً للإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة جاعلًا منها الوسيلة الوحيدة وأمام مرأى ومسمع العالم كله كأُسلُـوب يحقّق هدفه الكبير لتهجير لسكان القطاع، متماديًا في إجرامه وموسعًا في إشعاله لدائرة الصراع في منطقة الشرق الأوسط بفعل اعتداءاته المتكرّرة على سيادة البلدان واغتيالهم لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، وهو ضيف في إيران ليفتح على نفسه النيران، ويتلقى أكبر ضربة صاروخية إيرانية حدثت له في تاريخه، متخبطًا حَـاليًّا لا يقوى في اتِّخاذ حماقات جديدة لاستهداف إيران؛ لأَنَّه يعلم نتائج وعواقب هذا الإقدام.
اتسعت دائرة الانهيار الداخلي للكيان الإسرائيلي اقتصاديًّا، وَغير المسبوقة في تاريخه المشؤوم جراء محاصرته بحريًّا من قبل الجيش اليمني، فضاقت عليه كُـلّ الخيارات وانعدمت معها مختلف الأوراق التي قد تساعده على الخروج من ورطته الكبيرة في وحل ومستنقع غزة، ليخاطر بالذهاب ويقع مجدّدًا في تخبطات فعلية وغير محسوبة العواقب ولا النتائج بإشعاله للمنطقة بفتحه لجبهة حرب جديدة مع حزب الله اللبناني، متجاوزًا لكل قواعد الاشتباك السابقة بتنفيذه لعمليات اغتيالات كبيرة بحق قادة المقاومة اللبنانية وارتكابه للجرائم الفظيعة بتفجيره لوسائل الاتصالات البيجر، في سابقة تاريخية إجرامية إرهابية لم يسبق لها مثيل، ظل ولسنوات يخطط لها حتى تحين الفرصة لاستخدامها قد تكون له من وجهة نظره تحقّق ما صعب على إنجازه طيلة مراحل الصراعات العديدة مع المقاومة اللبنانية، والتي كانت كلها خاسرة، جاعلًا من خلالها إلحاقه للضربة القاضية للمقاومة في لبنان قد تعجل له بالنصر السريع؛ ما انعكس عليه رأساً على عقب بفعل القوة والثبات والتنظيم والتحولات الكبرى لحزب الله بعدم تأثره باستشهاد قادته الكبار وأنه ولاد للقادة ومستعص على الأعداء.
حقائق متوالية ومتغيرات طارئة حاصلة أظهرتها مختلف الأحداث الظاهرة بفعل مشاكل وأزمات واسعة النطاق أشعلها كيان الاحتلال، والتي قد تنفجر معها كامل الأوضاع في عموم وأرجاء المنطقة وبدون استثناء، واضعًا بذلك كيان الاحتلال نفسه في مصاعب كبيرة ومآزق متعددة وورطات واسعة وغرق تام في وحل ومستنقع حروبه العبثية في كُـلّ الجبهات، وتيهان وتخبط واضح وإخفاق وعجز دائم عن تحقيق لأهدافه المعلنة وحتى المخفية طيلة عام كامل، واندثار واستنفاد لكل الأوراق والخيارات، وانكشاف متوال لكل حقائق الصهيونية العالمية للإسراع في تنفيذها للمخطّطات الإجرامية بالتطهير العرقي وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وتدمير كُـلّ ما يتصل للإنسان من حياة في كامل قطاع غزة، وإظهار لأمانيهم وأحلامهم التوسعية في الامتداد والانتشار على حساب الأراضي العربية لتكوين ما أسموها “إسرائيل الكبرى” ابتداءً من لبنان لإشعال حرب على المقاومة اللبنانية، لإفساح المجال أمامهم لتغيير المنطقة برمتها.
بلغ المأزق الصهيوني منتهاه في فقدانه السريع لنشوة الانتصار والذي صوره بالمنجز الكبير باغتيالاته لقادة المقاومة وقيامه بعمليات إرهابية بتفجيرات البيجر في لبنان، لتندثر سريعاً بفعل عظمة التحولات الكبرى التي أحدثتها المقاومة؛ بامتلاكها لقاعدة القيادة والسيطرة المتكاملة وإظهارها للقوة والإمْكَانيات، وإحداثها لتحولات كبرى وسريعة في تسديدها للضربات العسكرية الكبيرة داخل عمق الكيان ولأكبر معسكراته البعيدة والسرية ما بعد حيفا واستهدافه بطائرة مسيّرة أصابت هدفها ملحقة عشرات القتلى والجرحى، وبتعاظم القدرات على إطلاق الصواريخ وإلى كُـلّ مكان يتم تحديده، وبصلابة دفاعهم بعدم تمكّن العدوّ بريًّا من تخطى أمتار داخل الحدود ليصاب الكيان بالتيهان والشرود قد يكون لحساباته مراجعات لعدم الغرق في مستنقع لبنان العميق.
أدخل الكيان الصهيوني نفسه في ورطات ومآزق متعددة باعتدائه الجبان على لبنان، مستنداً في ذلك على حسابات مغلوطة وتوقعات فاشلة بأن تسديده للضربات السريعة والتي كانت مملوكة في جعبته كأهداف لها سنوات، وُصُـولًا إلى اغتياله للقادة ستعجل بانهيار حزب الله، لتنقلب معكوسة على الكيان لجهله الكبير لما تمتلكه المقاومة من قاعدة ثابتة البناء بتنظيم راسخ لا يتأثر بالهزات مهما كان حجمها ولهم قدرات عالية على تجاوز مختلف الصعاب والتحديات، وهو ما ظهر وبان سريعًا لتعطي مختلف المشاهد المنقولة وبكاميرات المستوطنين لحجم الدمار وللاستهدافات الصاروخية والتي طالت عموم الأراضي المحتلّة، معلنة في ذلك توسعة دائرة رقعتها الجغرافية بحسب ما يكون للوقائع المفروضة والطارئة حساباتها المختلفة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
خطة «الكيان».. ضم الضفة الغربية!!
تأتى العملية التى حدثت فى الضفة الغربية نتيجة الظروف الموضوعية الموجودة فيها، فهناك احتلال واستيطان للكيان الصهيونى فى الضفة الغربية، ومقاومة الاحتلال تأتى كجزء من المواجهة المفتوحة على مدار السنوات الماضية خاصة أن الكيان رفض خلالها إنهاء احتلال الضفة الغربية بالطرق السلمية من خلال المفاوضات أو التزامه بقرارات الأمم المتحدة بما فيها قرار محكمة العدل الدولية الأخير الذى رأى أن الكيان هو من يمنع حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، لذلك زرع الكيان هذا المنهج بمواجهته نتيجة احتلال الأرض والعمليات العسكرية التى يقوم بها فى القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، ويتفاخر استيطان الكيان بذلك من خلال تصريح وزير الزراعة بأن هناك أكثر من 150 بؤرة استيطانية زراعية.
ويرتكب الكيان المجازر فى حق الفلسطينيين بأطنان من المتفجرات ويعتقل الفلسطينيين ويحتل الضفة الغربية ويمارس سلطاته على الفلسطينيين فيها، ثم يستهجن بعد ذلك كله العمليات التى تحدث، ويرى أن حماس هى السبب فى ذلك كله وأنها هى التى تعكر صفو الاستقرار النسبى الموجود فى الضفة الغربية خلال السنوات الماضية من وجهة نظره، وأن حماس هى التى تريد إفشال أى محاولة للسلطة الفلسطينية الحالية لسيطرتها مما اضطرها إلى أن تعمل على تكثيف أعمالها العسكرية فى الأسابيع الماضية فى شمال الضفة الغربية، لمحاولة الوقيعة بين حماس والسلطة الفلسطينية والتلويح بفقدان بفقدان السلطة السيطرة على الضفة الغربية.
أما من الناحية السياسية فحكومة الكيان اليمينية المتطرفة تريد الاستيلاء الكامل على الضفة الغربية كجزء من حلم الكيان، وتستنكر العمليات التى تحدث وتعتبرها إرهابية وتخريبية ضد مواطنى الكيان وتتطلب رداً سريعا عسكرياً للحفاظ على أمن مواطنيه، مع العودة لنغمة عدم وجود استقرار ووجود إرادة حقيقية للوصول لتسوية سلمية مع الفلسطينيين الذين لا يريدون إتمام هذه التسوية السلمية، وعدم تحميل الكيان أى مسئولية عما يحدث.
ويبدو فى رأى الكثير أن حماس حتى الآن لم تتعلم من طوفان الأقصى وما أحدثه للفلسطينيين من دمار كبير فى غزة وقتل وإبادة جماعية للشعب الفلسطينى، والحديث عن نتائج ميدانية عندما تم ضرب الكيان الصهيونى بطريقة أو بأخرى، وأسباب ذلك أن عدم وجود أمل لدى الفلسطينيين يؤدى إلى وجود هذه الحالة وإلى المقاومة المسلحة ومقاومة احتلال الكيان بأساليب مسلحة أيضا، وفقد الأمل لدى الفلسطينيين وخيبة الأمل الواسعة من المجتمع الدولى ووجود إحباط عام لديهم وظروفهم المعيشية فى الضفة الغربية سيئة للغاية، وأنه منذ سنوات الظروف مهيئة للانفجار منذ أن قطع نتنياهو المفاوضات التى كانت تجرى فى الأردن عام 2014 برعاية جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت، وأيضا الدول الراعية للمفاوضات الفلسطينية مع الكيان الصهيونى، لذلك تكون على مدار هذه السنوات الكثير من الاحباطات مع وجود حكومة يمينية متطرفة للكيان تريد إنهاء الوجود الفلسطينى نهائيا.
مع التسارع الكبير فى عمليات الاستيطان فى الضفة الغربية والدعوة لذلك من وزراء فى حكومة الكيان، مع وجود وزراء يعيشون فى مستوطنات فى الضفة الغربية، مثل سموتريتش وبن غفير ، وهى أراضى فلسطينية وفقاً للقرارات الدولية والاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والكيان الصهيونى، لذلك المواجهة قادمة دون شك، ولكن مع اختلاف شكلها وطبيعتها.
وشكل المقاومة لا بد أن تكون شعبية واسعة، تشبه ما جرى فى الانتفاضة الأولى عام 1987 لمواجهة الاحتلال والمستوطنين لوجود مظهرين رئيسيين مهمين جدا.
أولا، الاستيطان والمستوطنين الذين يقومون بمهاجمة المواطنين الفلسطينيين فى شمال الضفة الغربية وفى القرى القريبة من المستوطنات..
ثانيا، جنود الاحتلال الصهيونى الذين يسيطرون ويهيمنون على حياة الفلسطينيين، فلا أحد يستطيع أن يمر فى الضفة الغربية من مدينة إلى أخرى أو من قرية إلى أخرى دون أن يصل إلى جنود الاحتلال وهم يسمحون أو يمنعون ذلك ويقطعون الطريق، لذلك فكل حياة الفلسطينيين اليوم فى جحيم، وإن لم يتدارك الكيان الصهيونى ما يتعلق بحياة الفلسطينيين، ربما تنفجر الأمور إلى أقصى ما يمكن.
كما أن هناك أمرا آخر مهم جدا وهو أن المنطقة التى جرت بها العملية يسيطر عليها جيش الاحتلال وهى المنطقة ج، وبالتالى فإن جيش الاحتلال لا يعمل لمصلحة المستوطنين ولا دولة الكيان، لذلك لا يتحمل الفلسطينيين المسئولية بقدر ما يتحمل الاحتلال وحكومة الكيان مسئولية هذه العملية وغيرها، لأنهم هم من يقومون بتويتر الأجواء فى الضفة الغربية للوصول لمرحلة الانفجار، وهو ما تريده حكومة نتنياهو بالنظر إلى تصريحات سموتريتش الذى يريد أن يجعل شمال الضفة الغربية كما هى فى جباليا من دمار هائل.
[email protected]