ما سرّ غياب بايدن عن مساندة هاريس؟

في المرحلة النهائية من السباق الرئاسي الأمريكي في 2024، يبدو أن شخصاً واحداً غائباً بشكل ملحوظ عن حملة نائب الرئيس كامالا هاريس، هو الرئيس جو بايدن.

وأشار تقرير لفلين نيكولز في "نيوزويك" إلى أن بايدن منذ إنهاء مساعيه لإعادة انتخابه في يوليو (تموز)، ابتعد إلى حد كبير عن مسار الحملة، تاركاً لهاريس مهمة شق طريقها، والتركيز على تمييز نفسها عن سجل الرئيس الحالي.

أسقطت هاريس جميع الإشارات إلى "اقتصاد بايدن" من خطابات حملتها الانتخابية، وهو المصطلح الذي استخدمته هي وإدارة بايدن للإشارة إلى أجندتها المتمثلة، في الاستثمار في التصنيع المحلي، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة.
وفي المقابل، تحولت هاريس إلى ما أسمته "اقتصاد الفرص"، وخطتها لتنمية الطبقة المتوسطة بالتخفيضات الضريبية، وخصم ضريبي بـ6 آلاف دولار على أطفال الآباء الجدد، ومساعدة لمشتري المنازل لأول مرة، والخصومات الضريبية للشركات الصغيرة الناشئة، من بين خطط أخرى.
ويشير خبراء سياسيون إلى أن هذه المسافة الاستراتيجية ضرورية. عبء 

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن كوستاس باناغوبولوس، لنيوزويك، إن وجود بايدن قد يطغى على هاريس، ويصبح عبئاً على حملتها، مضيفاً "بايدن يربط هاريس بالماضي، وهي التي بنت حملة حول التطلع إلى المستقبل، إن إبراز بايدن يجعل ذلك صعباً". 

Harris Focuses On Economy In 1-On-1 With NBC

"The American dream was something that previous generations could count on, not as much anymore." pic.twitter.com/8w4kcQZWwk

— The Epoch Times (@EpochTimes) October 23, 2024
استفادة من الرموز

ذكر باناغوبولوس أن هاريس نجحت في الاستفادة من رموز ديمقراطية أخرى مثل باراك وميشيل أوباما، وبيل كلينتون، في حين شغل بايدن نفسه بالعديد من الأزمات المحلية والدولية، بما في ذلك إعصاري هيلين، وميلتون، ما يجعلها "عملية موازنة دقيقة" لحملة هاريس.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جنوب كاليفورنيا كريستيان غروس، هذا الشعور، حين قال لنيوزويك، إن قلة شعبية بايدن لا تساعد هاريس.
ورغم  الارتفاع الطفيف في أرقام تأييد بايدن منذ يوليو (تموز)، قال غروس، إن بايدن "سلبي قليلاً" لحملة هاريس، ما يشير إلى أنه من الأفضل لها استخدام بدائل مثل كلينتون، وأوباما، اللذان يتمتعان بشعبية أكبر بين الناخبين.

ويعطي مجمع استطلاعات الرأي FiveThirtyEight حالياً بايدن متوسط تأييد صاف بلغ -13.9 نقطة، بعد أن بلغ متوسط تراجع شعبيته ذروته في يوليو (تموز) الماضي، عند -18.6.
ويوم الأحد، ذكرت شبكة "إن بي سي" أن العديد من المسؤولين غير المعروفين في حملة هاريس والبيت الأبيض، نفوا  أي خطط لظهور بايدن إلى جانب هاريس قبل يوم الانتخابات.
وبدل ذلك، فإنه سيستغل علاقاته السياسية بشكل خاص، خاصة بين زعماء العمال، وسيواصل أداء واجباته الرسمية في البيت الأبيض للحديث عن إنجازات إدارته. 

Who is favored to win the 2024 presidential election? @FiveThirtyEight uses polling, economic and demographic data to explore likely election outcomes.

Check out the latest updates: https://t.co/DwcsY10Pnr

— FiveThirtyEight (@FiveThirtyEight) October 21, 2024

وكان تقليص دور بايدن قراراً محسوباً بين فريقه وفريق هاريس، حيث قال أحد مسؤولي البيت الأبيض لشبكة إن بي سي، إن "الدور الأكثر أهمية لبايدن هو أداء عمله رئيساً"، مشيراً إلى أن "من الواضح أن الناخبين يريدون شيئاً جديداً".

بعيداً عن بايدن

ووفق التقرير، تعتبر حاجة هاريس إلى إبعاد نفسها عن بايدن بالغة الأهمية لأنها تهدف إلى أن تقدم نفسها "عاملاً للتغيير".
بذلت جهوداً متكررة لإثبات هذه النقطة، بما في ذلك قولها لشبكة فوكس نيوز في مقابلة معها أخيراً: "اسمحوا لي أن أكون واضحة جداً، رئاستي لن تكون استمراراً لرئاسة جو بايدن".
كان للتحول في الرسائل تأثير، ففي أغسطس (آب)، أظهر استطلاع رأي لصحيفة "فايننشال تايمز" وكلية روس لإدارة الأعمال بجامعة ميشيغان، أن 42% من الناخبين قالوا، إنهم يثقون في هاريس أكثر في التعامل مع الاقتصاد، مقارنةً مع  41% قالوا إنهم وضعوا ثقتهم في الرئيس السابق دونالد ترامب. 

President Biden in Pennsylvania: “Every president has to cut their own path. That’s what I did. I was loyal to Barack Obama, but I cut my own path as president. That’s what Kamala is going to do. She's been loyal so far, but she’s going to cut her own path.” pic.twitter.com/dQ08z0qFqY

— Heartland Signal (@HeartlandSignal) October 15, 2024

وفي حين ظلت أرقام ترامب دون تغيير مقارنةً مع استطلاع يوليو (تموز)، فإن مكانة هاريس شهدت تحسناً بـ 7 نقاط مئوية مقارنة مع أرقام بايدن في يوليو (تموز).
وفي الأسبوع الماضي، قال بايدن، إن هاريس "ستشق طريقها الخاص" رئيسةً خلال حدث انتخابي لهاريس في فيلادلفيا.
وأشار إلى أن هاريس عملت أيضاً نائباً مخلصاً للرئيس وتوقع أن تقدم منظوراً "جديداً وجديداً" للمنصب إذا هزمت ترامب، الذي قال إنه "غير أمين تماماً" ويدفع بمنظور "قديم وفاشل".
واتخذت هاريس خطوات لتمييز برنامجها عن برنامج بايدن باقتراح سياسات تتحدث مباشرة عن مخاوف الناخبين، خاصة في المجالات التي لم تتحرك فيها إدارة بايدن.

على سبيل المثال، اقترحت هاريس أن يغطي برنامج الرعاية الطبية، الرعاية المنزلية، وهي سياسة تستهدف الناخبين من جيل إكس، والذين يعتنون بالآباء المسنين.
وأشار غروس إلى أن هذه السياسة تبرز باعتبارها سياسة يمكن لهاريس أن تدعي أنها خاصة بها، ولا تشبه أي شيء اقترحته إدارة بايدن.

دعم بايدن

ومع ذلك، ورغم غياب بايدن عن الفعاليات الانتخابية البارزة، فإن تأثيره في الكواليس لا يزال قائماً. ويعمل الرئيس على دعم هاريس بالتواصل مع زعماء العمال في الولايات المتأرجحة الرئيسية، وتعبئة القاعدة الديمقراطية في أماكن مثل مسقط رأسه سكرانتون، في ولاية بنسلفانيا، والتي يرجح أن تكون الولاية المحورية في تحديد نتيجة الانتخابات.
كما أن غياب بايدن الجسدي عن الحملة أمر عملي أيضاً. وأشار غروس إلى أن "الحملات الانتخابية شاقة"، مضيفاً أنه نظراً لعمر بايدن ومتطلبات الحكم، فمن المنطقي أن يركز على واجباته بدل الحملة لصالح هاريس. 

NEW: Kamala Harris' voice gets oddly high after being cornered during an NBC interview about Biden's mental decline.

Harris started bumbling after being asked about her own judgment regarding her apparent failure to notice Biden's cognitive decline.

Question: Can you say that… pic.twitter.com/20zy1CJOoL

— Collin Rugg (@CollinRugg) October 23, 2024

إن الديناميكية بين كامالا هاريس وجو بايدن تحمل بعض التشابه مع الحملات الرئاسية السابقة، خاصةً تلك التي شارك فيها بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش، رغم أن المواقف تختلف في نواح رئيسية.
في 2000، كان بيل كلينتون  يتمتع بشعبية بين عامة الناس في الولايات المتحدة في القضايا السياسة، ولكنه كان شخصياً غارقاً في الفضائح، الأمر الذي دفع آل غور إلى النأي بنفسه عنه أثناء حملته الانتخابية.
وحظيت سياسات كلينتون بموافقة واسعة، واعتقد كثيرون أنه كان سيفوز بإعادة انتخابه لولا القيود على فترات الرئاسة.

هاريس الأقوى

ولكن استراتيجية غور في التقليل من أهمية دور كلينتون ربما ساهمت في خسارته بفارق ضئيل. وعلى النقيض من ذلك، شهدت حملة 2008 ابتعاد جون ماكين، عن جورج دبليو بوش، الذي هبطت شعبيته بشكل حاد بسبب حرب العراق، والأزمة المالية في 2008.

جعلت قلة شعبية بوش وجوده عبئاً، ما أجبر ماكين على موازن رسالته الخاصة حين يحاول جذب الناخبين الساعين إلى التغيير.
وقال غروس، إن هاريس أثبتت أنها أقوى في حملتها الانتخابية من بايدن. وأضاف "كان من المؤكد تقريباً أن بايدن سيخسر، في حين كانت هاريس، بغض النظر عما إذا كانت ستفوز في النهاية، أقوى في حملتها وجعلت السباق الرئاسي تنافسياً للغاية".


وتابع "إذا فازت هاريس، فإن أكبر إرث بايدن سيكون التراجع عن الترشح بسبب قلة شعبيته".

المصدر: موقع 24