لجريدة عمان:
2025-03-17@14:43:54 GMT

(عذرا سينما)فيلم من بطولة ويأس غزة

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

(عذرا سينما)فيلم من بطولة ويأس غزة

تجلس في قاعة المسرح البلدي برام الله، على كرسي ناعم ودافئ لتشاهد برد غزة وجحيمها، قادمًا من بيتك وحارتك الهادئة، ومتناولًا وجبة مسخن فلسطيني دسمة، تتمتع برفاهية أن تخرج إلى مرحاض نظيف في الطابق الثاني من المسرح، لا يزاحمك فيه أحد، ولا يقف أمامه طابور هائل من الناس، ثم تهبط الدرج بهدوء دون خوف من قصف مفاجئ أو رصاص قناصين، عائدًا إلى نعومة مقعدك في المسرح لتتفرج على مدينة طالما أحببتها ورغبت في زيارتها، بلا بيوت ولا مراحيض ولا وجبات ولا هدوء، مدينة اسمها غزة.

تشاهد أفلامًا قصيرة من إخراج مخرجات ومخرجين شبان، من غزة، وهي فكرة رائعة من مخرج غزي عالمي وشهير، هو رشيد مشهراوي، الذي ابتكر ودعم المشروع وأطلق عليه اسم: أفلام المسافة صفر كمبادرة توثيقية سينمائية تضمّ 22 فيلماً قصيراً أنتج عام 2024، ومدة العرض 100 دقيقة، من توقيع السينمائيين والمخرجين والفنانين في قطاع غزة الذين يعيشون الأحداث عن قرب ليقدموا حكاياتهم السينمائية ويوثقونها خلال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة ما بعد 7 أكتوبر. 22 فيلمًا قصيرًا، صُوّرت في غزة، أبطالها شخصيات تعيش الجحيم، جوعى بلا بيوت، يعيشون في المدارس أو على شاطئ البحر، يركضون تحت مظلات المساعدات الدولية، ويتحدثون عما يحدث مرة بيأس وخوف ومرة باعتزاز وصمود ومرة بحيرة ولا يقين.

خطف انتباهي من هذه الأفلام فيلم (عذرًا سينما) للمخرج الشاب المعروف أحمد حسونة، صاحب الفيلم الشهير استروبيا الحاصل على العديد من الجوائز العالمية، أهمها مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، عام 2019. ويسلط الفيلم الضوء على تداعيات الهجرة من فلسطين مثل البطالة والفقر والسعي إلى معانقة الحرية وغيرها من الأسباب، وذلك من خلال سرد قصة أربعة شباب تدفعهم ظروف الحياة للهجرة من غزة عن طريق البحر في عام 2012، فيعيشون صراعات مختلفة يذهب ضحيتها مهاجرون أبرياء.

عذرًا سينما لأحمد حسونة، فيلم سريع وقصير، وتخيلت مخرجه وهو يصوره وكأن طائرة (كواد كابتر) احتلالية تطارده في كل الأماكن، لكنه ترك أثرًا عميقًا في قلبي لدرجة أنني بكيت من أجل مخرجه وهو يروي قصة الجحيم الذي ما زال يعيش فيه بعد 7 أكتوبر، مقارنًا هذا الجحيم بواقع أقل جحيمية كان قبل 7 أكتوبر. يقول المخرج الغزي رشيد مشهراوي صاحب فكرة مشروع أفلام المسافة صفر ردًا على سؤالنا حول سياق الفيلم: "كان المخرج الشاب أحمد حسونة على تواصل دائم معي قبل 7 أكتوبر، متحمسًا جدًا لصنع أفلام وتقديم رواية غزة الحصار، وبعد 7 أكتوبر، تواصلت معه طالبًا منه المشاركة في مشروع المسافة صفر فلم يتحمس، لانشغاله بلقمة الحياة له ولأسرته، لكني ذكّرته بحماسه القديم وقلت له: هذه فرصتك، اكتب سيرتك الفنية عبر فيلم واكتب يأسك وجوعك، فوافق فورًا وأخرج فيلمًا جميلًا مؤثرًا أحببته جدًا".

يسرد المخرج قصصه الشخصية مستعينًا بمقاطع سابقة من حياته كمخرج يتنقل هنا وهناك مع طاقم التصوير وهو يصور أفلامه السابقة، بلا سماء مجنونة وبعشاءات هانئة وضحك وليل آمن وأحلام متواصلة وقوية، رغم الحصار الذي كان مفروضًا على غزة ومنع الفنانين من السفر. وهذا الواقع، طبعًا، لا يقارن بما يحدث الآن من كابوس لا يصدق. يتداول الغزيون نكتة يروونها بحسرة: "كنا زمان نحكي يا رب تفرجها، وبعد 7 أكتوبر صرنا نقول: اكتشفنا أن الله مفرجها علينا من زمان".

يقول المخرج أحمد حسونة ردًا على سؤالنا عن دافعه وإحساسه مع فيلمه عذرًا سينما: "هذا فيلم يحكي قصتي ولم أتخيل يومًا أن أصنع فيلمًا عني، لكن بعد فكرة المسافة صفر لرشيد مشهراوي، وافقت دون حماسة لعمل فيلم عني، ومن دردشاتي الطويلة مع رشيد على وقع زنانة الاحتلال وقذائفه، عثرت على رؤية الفيلم، وهو من إفرازات المشاعر المشحونة والمختنقة. قبل 7 أكتوبر كنت صانع أفلام وثائقية ودرامية، ومشغولًا باستمرار، بكتابة سيناريوهات الأفلام، لكن بعد 7 أكتوبر انقلب كل شيء رأسًا على عقب، الفيلم عبارة عن تجميع المشاهد الوثائقية التي اشتغلتها قبل 7 أكتوبر بسنتين، مع بداية الحرب، صار الهم هو توفير لقمة العيش، هذا فيلم كتبته بمشاعر لا بكلماتي".

خرجت من المسرح البلدي بعد آخر لحظة من فيلم مشروع المسافة صفر، شاعرًا بأن المسافة بيني وبين الجنون مسافة صفر. هذه أفلام أحرجتني، وأخجلت قلبي، كابن رام الله المدللة الهادئة، عدت إلى البيت، وكنت أعرف أن مخرجي وأبطال هذه الأفلام، لم يعودوا بعد التصوير إلى بيوتهم، بل إلى مكان آخر اسمه الخيمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قبل 7 أکتوبر بعد 7 أکتوبر المسافة صفر ا سینما فیلم ا

إقرأ أيضاً:

تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في نير عوز: فشل ذريع بكل المقاييس

ما زالت المؤسسة العسكرية والأمنية لدى الاحتلال تصدر نتائج تحقيقاتها تباعاً بشأن إخفاقها في التصدي لعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وهذه المرة حول ما حصل في كيبوتس نير عوز في غلاف غزة، حين اقتحمه 500 مقاوم وأدخلوا جيش الاحتلال في الفوضى العارمة، ووصل أول الجنود بعد أربعين دقيقة فقط من مغادرة آخر مقاوم.

عيمانوئيل فابيان مراسل موقع زمن إسرائيل، كشف عن "أهم ما جاء في تحقيقات الجيش بشأن تفاصيل الهجوم على كيبوتس نير عوز"، وهو جزء من سلسلة تحقيقات مُفصّلة في أربعين معركة خاضها الجيش مع مقاتلي حماس خلال الهجوم.

سيناريو كابوس

وأضاف في تحقيق مطول ترجمته "عربي21" أن "نتائج التحقيقات شدّدت على فشل الجيش، الذي سمح لمئات المسلحين بالاستيلاء على الكيبوتس دون مواجهة جندي واحد على الأرض، وبالتالي فقد فشل بمهمته لحماية المستوطنين، ويعود ذلك أساسًا لعدم استعداده إطلاقًا لهذا السيناريو المتمثل بوقوع مستوطنة إسرائيلية في أيدي المقاومين، وفي الوقت نفسه هجوم واسع النطاق على العديد من المستوطنات والقواعد في جميع أنحاء الغلاف". 

وأوضح أنه "على عكس المستوطنات الأخرى التي تعرضت للهجوم في ذلك اليوم، فإن كيبوتس نير عوز الذي يبلغ عدد مستوطنيه 420 نسمة، كان منهم 386 موجودًا وقت الهجوم، لم يقاتل الجيش المسلحين على الإطلاق، وفي المجموع، قُتل 47 منهم، واختطفت حماس 76 آخرين، وحتى اليوم، لا يزال خمسة منهم على قيد الحياة، عقب نجاح المسلحين في اقتحام جميع منازل المستوطنة، متسبّبين بدمار هائل، وتخضع المستوطنة لعملية إعادة تأهيل طويلة".

وأشار أن "التحقيق فيما حدث في نير عوز، أجراه اللواء عيران نيف، الرئيس السابق لقسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الذي كرّس وفريقه مئات الساعات للتحقيق، وفحص جميع مصادر المعلومات الممكنة، بما فيها الوثائق التي صوّرها المسلحون بكاميرات مثبتة على أجسادهم، ورسائل واتساب من المستوطنين، وتسجيلات كاميرات المراقبة، ومقابلات مع ناجين ومختطفين سابقين ومقاتلين حاولوا حماية الكيبوتس، وأجروا زيارات ميدانية، وكل ذلك بهدف استخلاص استنتاجات عملياتية محددة للجيش". 

انهيار القيادة

وكشف التحقيق أن "عددًا غير عادي من المسلحين قاموا بغزو نير عوز، مقارنة بباقي المستوطنات، وقد تفاقم الوضع فيه بسبب الغياب التام للجيش، مما أعطى المسلحين شعورًا بحرية العمل، وأدى لوصول مئات الفلسطينيين من بلدة خزاعة إلى نير عوز، ومن بين أكثر من 500 مسلح تسلّلوا للمستوطنة، فلم يتمكن فريق التحقيق من العثور على جثة واحد منهم، ويبدو أن مقاتلي حماس جمعوا جثث رفاقهم خارج الكيبوتس، وعلى الطريق المؤدي لغزة، تم العثور على جثث 64 منهم، حيث قُتلوا بنيران مروحيات ودبابة".

وخلص فريق التحقيق أن "القوات لم تستعد، ولم تتدرب على سيناريوهات بحجم ما حدث في السابع من أكتوبر، ولم يتلقوا أي تحذير في ذلك الصباح، ومع بداية القتال، أصيب العديد من القادة على مختلف المستويات في القطاع، وانهارت سلسلة القيادة والسيطرة، ولم يكوّن الجيش صورة دقيقة لما يحدث في المنطقة بأكملها، وفي نير عوز تحديدًا، ولم يتمكن من إجراء تقييم منظم للوضع، كما لم يكن هناك نشاط قتالي في أي وقت أثناء الهجوم، ولم يجرِ أي اتصال بين الجيش والمستوطنين لفهم مسار المعركة هناك".

 وأشار أن "الجنود لم يحموا قاعدة البحث والتطوير قرب نير عوز، الذي كان بإمكان وحداته حماية الكيبوتس لو لم تقع في أيدي المسلحين، كما أن تقدم القوات المدرعة نحو حدود غزة أثناء الهجوم كان خطأً، بدلاً من البقاء أقرب للتجمعات الاستيطانية لحمايتها، أما الفصيل المتأهّب، فقد عانى من نقص في عدد قواته أمام هذا العدد الكبير من المقاومين القادمين من غزة".

ووفقًا للتحقيق، فإن "الهجوم الواسع والمنسق الذي شنته حماس على عشرات المواقع والقواعد العسكرية جعل من الصعب للغاية على الجيش، على جميع المستويات تكوين صورة دقيقة للأحداث، خاصةً لخطورة الوضع في كل موقع، أما قوات التعزيزات التي وصلت لحدود غزة من الشمال، فقد انحصرت بالقتال داخل سديروت، أما الآخرون الذين تمكنوا من التقدم جنوباً فقد وقعوا في معارك أخرى، أو تعرضوا لكمين من قبل المسلحين عند تقاطعات رئيسية". 

وأكد أن "القوات القادمة من الجنوب هوجمت أثناء طريقها، مما أدى لتأخير وصولها، فلم يصل الجنود الأوائل إلى نير عوز إلا بعد الساعة الواحدة ظهرًا، ولم تتلقَّ سوى قوات قليلة أوامر صريحة بالوصول إليه، أما القوات التي تلقّتها فقد علق أفرادها في القتال على طول الطريق، وعندما نجحت قوة خاصة باقتحام مفترق ماعون قرب الكيبوتس الساعة 11:45 فقد كان الأوان فات بالفعل".

فشل منهجي

 وكشف التحقيق عن "وجود معلومات آنية كان من الممكن لقادة الجيش استخدامها لفهم خطورة الوضع في نير عوز، إلا أنها لم تُستغل، ومنها لقطات من كاميرا مراقبة تابعة للجيش تُظهر عشرات المسلحين يدخلون ويخرجون من نير عوز، وهي لقطات بُثت مباشرةً إلى مركز قيادة الجيش، إضافة لمعلومات من مروحيات سلاح الجو المحلّقة فوق المنطقة، وهذه المعلومات أكدت وجود مسلحين ينشطون في نير عوز، لكنها جاءت من أماكن أخرى عديدة، ولم يكن ممكنا فهم أن نير عوز في وضع أصعب من غيرها من المستوطنات". 

وأكد التحقيق أن "مستوطني نير عوز استغاثوا مرارًا وتكرارًا، لكن اتصالاتهم ضاعت وسط فوضى آلاف الرسائل والتقارير، ونفّذ المسلحون خطتهم في الكيبوتس دون انقطاع، مما يجعل فشل الجيش بحماية نير عوز منهجياً، وليس تكتيكيًا أو أخلاقيًا، لأنه لم يُعطِ أولوية خاصة لإرسال قوات إليه على حساب أماكن أخرى، مما يتطلب إنشاء موقع عسكري جديد بين نير عوز وغزة، وتعزيز الأمن المحلي، وإنشاء آلية جديدة لتكوين صورة استخباراتية للوضع حتى في حالات انهيار سلسلة القيادة أثناء القتال، وتغييرات تكتيكية في الجيش". 

مقالات مشابهة

  • ضمن فعاليات وزارة الثقافة.. نادي سينما الأوبرا يعرض رسائل الشيخ دراز
  • ضبط سائق بشركة نقل ذكي لمضايقته سيدة أثناء توصيلها بمدينة 6 أكتوبر
  • بالفيديو .. قتل فارين من الدعم السريع في كمين بمحيط القصر الرئاسي.. تدمير من المسافة صفر
  • مشوار حياة عالم الأزهر.. نادى سينما الأوبرا يعرض رسائل الشيخ دراز
  • 48572 شهيدا و112032 مصابا ضحايا العدوان على غزة منذ 7 أكتوبر 2023
  • مصرع عامل إثر سقوطه من أعلى لودر في أكتوبر
  • 5 إبريل.. انطلاق مهرجان جمعية الفيلم بأفضل الأفلام
  • تحقيق: هكذا فشل الجيش الإسرائيلي في حماية نير عوز بـ7 أكتوبر
  • المداح يرد على استفزازات عسيري: لو أنت شايفه فشل فانا معنديش مشكلة
  • تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في نير عوز: فشل ذريع بكل المقاييس