الاتفاق الإطاري: لو أوقفوا الحفر
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
(1-2)
عبد الله علي إبراهيم
كان خطاب محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات "الدعم السريع" الذي أذاعه في التاسع من أكتوبر الجاري مما ملأ السودان وشغل الناس في الأسبوع الماضي. وكان توقيت الخطاب بعد خسارة "الدعم السريع" لعدد من المواقع لمصلحة القوات المسلحة وهجوم حميدتي العاصف الذي لم يترك أحداً، مما أوحى لبعضهم بأنه كمَن رأى نذر الهزيمة فأقلقت مضجعه، وهذا إبعاد في النجعة مع ذلك.
وحظي حديث حميدتي عن الاتفاق، الذي وقعه الجيش و"الدعم السريع" و"قوى الحرية والتغيير" في ديسمبر 2022، بأكثر التعليق. فذكر فيه بروز بعض قادة "الكيزان" على الساحة السياسية خلال الأيام الماضية ليستنكر ذلك من المجتمع الدولي وأميركا بالذات. فقال إن هذا المجتمع لو أراد أصلاً العودة بـ"الكيزان" لمسرح السياسة كما نرى، فلماذا جاء بالاتفاق الإطاري الذي دمر بلدنا؟ فـ"الإطاري"، على حد قوله، هو سبب الحرب. وزاد أنه لم يرفض الاتفاق في يومه وقبله كمرحلة انتقالية ولكنه كان يعرف أن فيه "حاجات" حدث بها المجتمع الدولي، وما اعتبروها. فحدّث ممثلي هذا المجتمع بأن ذلك الاتفاق لن يتحقق. وسأل لماذا أنشأتموه؟ هل لتدمروا السودان؟ أليس كذلك؟، حسناً. ثم عاد للهجوم على الإطاري في نهايات خطابه. فحمّل المجتمع الدولي مسؤولية خراب السودان، وكان سبق أن قال لهم إن "الإطاري سيدخل البلد في مشكلات حرب" على رؤوس الأشهاد.
الطرف الثالث
كان وقع الهجوم على "الإطاري" ثقيلاً على تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية "تقدم" التي كانت هي الطرف الثالث في التوقيع على ذلك الاتفاق، وظلت تزكيه كالبلسم الشافي المنتظر لأزمة السودان بعد انقلاب العسكريين على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2021 لولا أن الكيزان كانوا قد بيتوا النية على تخريبه حرباً ليعودوا إلى الحكم بعد إجلائهم منه بعد ثورة ديسمبر 2018. ولا ريب أن تحرجت "تقدم" من هذا التوزير بالحرب يأتيها من مأمن. وأمسك أحمد طه، الإعلامي بشبكة "الجزيرة" بزمام هذه الحرج حين قال لبكري الجاك، المتحدث الرسمي لـ"تقدم" على برنامجه، باجتماع طرفي الحرب على تحميل "الإطاري" وزر الحرب. فكان ذلك رأي الإسلاميين فيه وها هو "حميدتي" يتفق معهم.
صرف بعض أهل "تقدم" نكير "حميدتي" على "الإطاري" بالإتيان بأحاديث سبقت له لم يرَ فيها بـ"الإطاري" ما رآه الآن. فجاؤوا بفيديو له قبل التوقيع على "الإطاري" اتفق فيه معه جملة وتفصيلاً. وقال إنه هو المخرج من الأزمة السياسية التي تأخذ بخناق البلد وتكاد تعصف به بددا. وقال إن من وراء "الإطاري" جماعة قليلة كتبته في قالب جاهز في ورقة كتلك (وعرض ورقة على المستمعين) فيها ثمان أو تسع فقرات. وقال إنه سألهم إن كان كلامكم ذلك "بيبقى" أي يصير. فأكدوا له أنه صائر. فسألهم إن كانوا سينطون منه فقالوا لا. وسألهم إن كانوا سيرجعون عنه فقالوا لا. فقال لهم بسم الله الرحمن الرحيم ومن هنا ولقدام. وقال للمستمعين إن ذلك الاتفاق مخرج البلد فتمسكوا به، لا رجعة منه والمجتمع الدولي كله واقف معه.
وإذا كان ثمة درس من المبارزة بنصوص "حميدتي" هذه فهو أنها ربما صح تجاهلها كبينة على رأيه في "الإطاري" إيجاباً وسلباً. وإن كان غريباً أن يبدو "حميدتي" حتى في النص الذي جاء به أهل "تقدم" كبينة على موافقته على "الإطاري" متشككاً في سداده، أو أنه سيقطع بنا المسافة إلى بر السلامة من الأزمة السياسية. فكرر قوله لقوى الحرية والتغيير (قحت) إن كان الإطاري "حيبقى"، أي سيجد طريقه للتنفيذ، وأنهم على قلب راجل واحد خلفه. وربما صدق هنا في قوله في خطابه الأخير من أنه حذر من الاتفاق الإطاري حتى وجد من طمأنه على أنه اتفاق سديد وسينزل برداً وسلاماً على السودان. وسيتعين علينا أن نعرف ما هي تلك "الحاجات" التي ذكر في حديثه الأخير والتي قال إنه كان يقولها لـ "قحت" وممثلي المجتمع الدولي وتغاضوا عنها. فواضح من النص القديم الذي جاء به أهل "تقدم" لإفحامه أنه كان قابلاً بالاتفاق باكراً فما دهاه، أنه كان في نفس "حميدتي" "شيء من حتى" الإطاري.
ونواصل.
الاتفاق الإطاري: لو أوقفوا الحفر (2-2)
كان خطاب محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، الذي أذاعه في يوم 9 أكتوبر الجاري مما ملأ السودان وشغل الناس في الأسبوع الماضي.
كان وقع هجوم حميدتي على الاتفاق الإطاري (ديسمبر 2022)، الذي سعت به قوي الحرية والتغيير والمجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية بعد انقلاب أكتوبر 2021، ثقيلاً على تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية "تقدم" التي كانت هي الطرف الثالث في التوقيع على الإطاري بجانب القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. وظلت تزكيه كالبلسم الشافي المنتظر لأزمة السودان بعد انقلاب العسكريين على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2012 لولا أن الكيزان كانوا قد بيتوا النية على تخريبه حرباً ليعودوا للحكم بعد إجلائهم منه بعد ثورة ديسمبر 2018. ولا ريب أن تحرجت "تقدم" من هذا التوزير بالحرب يأتيها من مأمن. وأمسك أحمد طه، الإعلامي بشبكة الجزيرة، بزمام هذه الحرج حين قال لبكري الجاك، الناطق الرسمي ل"تقدم" على برنامجه باجتماع طرفي الحرب على تحميل الإطاري وزر بالحرب. فكان ذلك رأي الإسلاميين فيه وها هو حميدتي يتفق معهم.
صرف به بعض أهل "تقدم" نكير حميدتي على الإطاري واتهامه له بإثارة الحرب بصور مختلفة.
فاتفق كل من بكري الجاك ورشا عوض، الناطق الرسمي السابق ب"تقدم"، بأن تذنيب "تقدم" بإشعال الحرب على ضوء هجوم حميدتي الأخير عليه، قول مرسل. فاستنكرت رشا أن كيف لجهة مثل "تقدم" أن تشعل حرباً وهي بلا جيش في حين أن للكيزان جيش. وتساءلت عن أي سلطان لقوى مدنية مثلها على الدعم السريع حتى تأمرها بالحرب فتطيع وتشعلها. وسار بكري الجاك على نفس منوال رشا في تبرئة الاتفاق الإطاري و"تقدم" من جريرة شن الحرب. فقال إن حقيقة الأمر أن الإطاري ليس جهة تعطي الأوامر بالحرب. ولكن هناك من أعطى الأوامر بالحرب. وهناك من يجيش الجيوش. وهناك من يريد للحرب أن تستمر ويقوم بالتشوين والتسليح. فأين الإطاري هنا؟ وسمى من يتهمون الإطاري أو "تقدم" بإشعال الحرب بالسذج الذين يبسطون الأمور.
ويرى كل من بكري ورشا أن الحرب لا يشنها إلا من امتلك جيشاً. وزاد بكري بقوله إن الاتفاق ليس "شخص" و"لا جيوش" حتى يتهم بإشعال الحرب. والحرب أولها كلام في قول سائر. والوثائق مثل الإطاري "كلام" إن خرج عن الفطانة جر إلى الحرب التي هي السياسة بطريق آخر. فلم تبدأ الحرب الأهلية الأمريكية بتجييش الجيوش. فكانت انفجرت حول "قانون العبيد الآبقين" (1850) الذي عدل نسخته الباكرة (1793) تعديلاً أغضب الولايات الشمالية لأنه تشدد في استرجاع العبيد لأسيادهم بما فاق ما جاء في الصورة الأولى منه. وخلص بكري إلى أن هجوم حميدتي الأخير على الإطاري شهادة براءة ل"تقدم" مما توصف بأنها الذراع السياسي للدعم السريع حسب نظريته عن استحالة أن تركب تهمة تسبيب الحرب بمن خلا من جيش. فها هو الدعم السريع على خلاف معهم حول صمامة الإطاري. فحميدتي يراه سبباً من وراء الحرب بينما لا يرون هم رأيه. فلو كانوا تُبعاً له لما اختلفا.
بدا لي أنه لا رشا ولا بكري من أدرك أن اتفاقاً كالإطاري مباءة خطر كبير إن تنزل فطيراً على وضع هما من شدد على خطره. فقال بكري إنهم خرجوا بالاتفاق في قحت لأنهاء الأزمة التي نشأت بعد انقلاب العسكريين في أكتوبر 2021. فكان الانقلاب قد وصل إلى طريق مسدود لعام ونصف لم يتمكن خلالها من تشكيل أي حكومة. واستنكر أن يوصفوا بأنهم من أشعل الحرب وهم جماعة جاءت لتفكك تلك الأزمة. وكأن حساب من جاء إلى حل معضلة كالتي عطلت الدولة لعام ونصف مما يتم على فرط نبله لا حسن تدبيره. واستغربت لبكري يصف الإطاري بأنه "مجرد تصور مفاهيمي" لإنهاء الانقلاب العسكري في وضع سياسي ملتهب وصفه ب"تعدد الجيوش وتعدد مراكز القيادة" وغيرها من المشاكل بإصلاح المنظومة الأمنية العسكرية. وهو الإصلاح الذي تقرر به دمج الدعم السريع في القوات المسلحة على مراحل متفق عليها. وهو نفس الإصلاح، في قول رشا، الذي جرد القوات المسلحة والدعم السريع من السيطرة على 80 في المائة من إيرادات النشاط الاقتصادي. ولا أعرف كيف تسمى هذه السياسات التي تعيد تشكيل الجيوش المتعددة وتحرمها من موارد استأثرت بها طويلاً دون الدولة "مجرد تصور مفاهيمي" كأننا في حلقة دراسة أكاديمية لا بصدد سياسات ستتنزل على تراكيب ومصالح قوى عسكرية متحامرة.
ليس الاتفاق الإطاري شخصاً وليس لديه جيوش كما قال بكري. ونشهد لقحت أنها جاءت إليه بإملاء من نبل أرادت به فض الأزمة التي اشتهرت بأنها وضعت السودان على "شفا حفرة". ولكن النبل ليس استراتيجية. فظل حميدتي مثلاً يحدثهم عن "حاجات" في الاتفاق بدا أنها لم تتفق له. كما دأب على سؤالهم إن كان اتفاقهم هذا "سيبقى". ولم يطرأ لقحت أن تقف منه على ما كدر خاطره تجاه الاتفاق الذي كان سيمحو الدعم السريع من الساحة العسكرية والسياسية ولكن "على مراحل" اشتجر حلولها الخلاف من يومها الأول.
نعم كان السودان في براثن حفرة. وللحفر قانون يقول إذا وجدت نفسك في واحدة منها فتوقف عن الحفر. إلا إن قحت باتفاقها الإطاري واصلت الحفر. وانفجرت الحرب. ويقال لمثلها إذا كسرت شيئاً صرت مالكاً له بغض النظر عن حسن نواياك.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الاتفاق الإطاری القوات المسلحة المجتمع الدولی الدعم السریع على الإطاری بعد انقلاب بکری الجاک إن کان
إقرأ أيضاً:
سودان واحد بين حكومتين .. مخاوف من تشظي البلاد وتطور الحرب لأهلية قد تستمر أعواماً
(الشرق الأوسط) كمبالا: أحمد يونس/أحدث الإعلان عن اقتراب موعد تشكيل حكومة مدعومة من «قوات الدعم السريع» و«موازية» للحكومة التي يترأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، «هزة عنيفة» اجتاحت الأوساط السياسية والاجتماعية، بل و«العسكرية»، وأول ارتداداتها كان تقسيم تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» إلى تيارين، ما زاد من حدة المخاوف من اتساع الهوة بين أطراف البلاد، والتمهيد لإنشاء «دول متعددة» في الدولة الواحدة، مما ينذر باحتمال تقسيم السودان.
وحدد التيار الذي انقسم عن تحالف «تقدم» يوم الاثنين المقبل 17 فبراير (شباط) الجاري موعداً لإعلان «الحكومة الموازية»، وتوقيع ما سماه «الميثاق السياسي»، يعقبه إعلان تشكيل الحكومة المزمعة بمشاركة عدد من القوى السياسية من «تقدم» ومن خارجها والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية».
مهام الحكومة الجديدة
وقال الناطق الرسمي باسم تحالف القوى المدنية المتحدة «قمم»، عثمان عبد الرحمن سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، وهو تحالف من خارج «تقدم» ومقرب من «قوات الدعم السريع»، وأحد أعمدة الحكومة المرتقبة؛ إن اللجان الفنية فرغت من التفاصيل المتعلقة بصياغة وإعداد الدستور المؤقت للحكومة والميثاق السياسي وبرنامج الحكومة، وأصبحت جاهزة للتوقيع.
ووفقاً لسليمان، فإن مهام الحكومة المزمعة ستتضمن حماية المدنيين، وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك الأوراق الثبوتية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتواصل مع الأسرة الدولية، وتحييد سلاح الطيران.
وسارعت المجموعة الرافضة للحكومة الموازية، داخل تنسيقية «تقدم» بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، إلى إعلان فك ارتباطها بالمجموعة المنادية بالحكومة الموازية، وأعلنت استناداً إلى «اتفاق جنتلمان» بفض التحالف بـ«إحسان»، تأسيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة، المسمى اختصاراً بـ«صمود»، فيما لم تختر مجموعة الحكومة الموازية بعد اسماً لتحالفها.
وقالت المجموعة الجديدة «صمود»، إن تباين الرؤى داخل تحالف «تقدم» على «نزع شرعية» حكومة بورتسودان، أنتج «موقفين» استعصي الجمع بينهما، وإن الطرفين اتفقا على «فك الارتباط السياسي والتنظيمي» بين المجموعتين.
وتتمسك «صمود» بنهج «تقدم»، الذي يتمثل في العمل المدني الديمقراطي دون تشكيل حكومة، بينما ترى المجموعة الأخرى تشكيل حكومة بصفتها أداة من أدوات «نزع الشرعية» من سلطة بورتسودان.
مخاوف تمزق البلاد
ويخشى على نطاق واسع من أن يؤدي تشكيل حكومة - بالضرورة ستتشكل في مناطق سيطرة «الدعم السريع» - إلى تمزيق البلاد وتنازعها بين حكومتين إن لم تكن ستصير إلى دولتين على أسس جهوية وإثنية، ومن تطور الحرب من حرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» إلى «حرب أهلية» تعزز الانقسام الإثني والجهوي والسياسي، وقد تستمر عقوداً من الزمان.
وأدت هذه الخطوة غير المسبوقة إلى هذه الهزة وسط القوى المدنية المناهضة للحرب، لكنها أحدثت هزة عنيفة أخرى داخل طرفي الحرب وداعميهما.
ونشطت المنصات الموالية للجيش، وعلى رأسها تلك المنتمية للمعسكر «الإخواني» على وجه الخصوص، في شن حملات إعلامية ضخمة ليس ضد الحكومة التي أعلنت المشاركة في تشكيل الحكومة، بل ضد تحالف «صمود» الجديد بقيادة حمدوك، حيث ترفض تلك المنصات قيام حكومة موازية، وتجاهلت حربها ضد «الدعم السريع» والحكومة المزمعة.
وفسر مقرب من أنصار النظام السابق، طلب عدم ذكر اسمه، الحملة على التحالف الذي يترأسه حمدوك، بأن أنصار النظام يرون أنه «العدو الأساسي» للحركة الإسلامية، وهي القوى المدنية التي أسقطت حكمهم بالعمل المدني.
لا شرعية لحكومة بورتسودان
ولا يعترف القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل، إبراهيم الميرغني، وهو أحد مؤسسي مشروع الحكومة المزمعة بتسمية «حكومة موازية»، حسب إفادته لـ«الشرق الأوسط»، لأنهم لا يعترفون بوجود حكومة أخرى، ولا يسعون لـ«نزع شرعية من جهة ليست موجودة أصلاً».
وقال الميرغني إنهم يسعون لتأسيس «شرعية جديدة» مستمدة من الشعب السوداني، وتشكيل حكومة «تأسيسية» بديلة عن التي انهارت بعد الحرب، ولا ينتظرون اعترافاً خارجياً، وأضاف: «السودانيون أضاعوا وقتاً طويلاً في النظر للخارج، وهو لا يكترث لما يحدث في السودان».
وحدد الميرغني مهمة الحكومة المزمعة، في وقف الحرب، وتقديم الخدمات الأساسية، وإعادة الحقوق الدستورية «التي حرم الشعب السوداني منها»، وحفظ الأمن والسلامة، وحماية المواطنين من الانتهاكات، و«مواجهة المشروع المتطرف العنصري»، وفقاً لإفادته.
الميرغني، قال إن الحكومة المرتقبة ستسعى لإقامة علاقات دولية متوازنة مع كل دول العالم، ولا سيما دول الجوار والدول الأفريقية والعربية «إلا من أبى»، لحفظ مصالح السودان، وأضاف: «مصالح الشعب فوق كل اعتبار، ونقيم علاقتنا مع كل الدول التي تشاركنا قيم الحرية والديمقراطية والعدالة على أساسها، ولن يتحقق ذلك إلا بتأسيس دولة مكان تلك التي انهارت».
وأوضح أن وقف الحرب من أولويات الحكومة، لإنهاء قدرة الطرف الآخر على الاستمرار في الحرب، تحت ذرائع تمثيله لشرعية الدولة، وأضاف: «هم يزعمون أنهم يمثلون الدولة، ويخططون لاستغلال اسمها، وتصنيف الآخرين بأنهم متمردون وخونة»، وتابع: «حين نؤسس شرعية الدولة الحقيقية سيفقدون كارت ابتزاز العالم باسم الدولة».
وتوقع أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعات السودانية، دكتور عبد الناصر الفكي، أن تنجح الحكومة الجديدة في وقف الحرب، بتنبيه العالم لغياب حكومة في مناطق واسعة من البلاد، وأن «ترمي حجراً» في بركة التجاهل الدولي لهذا الغياب.
وقال الفكي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحرص على وحدة البلاد يتطلب اعترافاً متبادلاً، وتقاسماً عادلاً للسلطة والثروة، وإقامة حكم لا مركزي ناجح وجيد»، وتابع: «إذا سد فراغ غياب الوجود الحكومي وتقديم الخدمات وضبط الانفلات الأمني وحفظ الأنفس والأموال، فستكون أمام الحكومة فرصة نجاح جيدة، لأن حكومة بورتسودان غير موجودة هناك، ما يجعل من وجود حكومة حاجة أساسية».
اعتراف محلي أولاً
ورهن حصول الحكومة على اعتراف دولي بحصولها على «اعتراف محلي»، بقوله: «إذا امتلكت قدرة عالية على إعادة تنظيم وترتيب المجتمع وإشباع حاجاته، فسيعترف بها المجتمع الدولي».
واستبعد الفكي «فكرة تهديد تشكيل الحكومة لوحدة البلاد»، وقال: «أنا أنظر للمسألة من منظور تقديم الخدمات للناس، فالحكومة التي في بورتسودان تعتبر مناطق سيطرة (الدعم السريع) حواضن اجتماعية تجب معاقبتها، وهذا تعبير عن غياب أي فكر استراتيجي لإنهاء الصراع».
لكن الفكي أبدى تخوفه من تصاعد حدة النزاع وتزايد هجمات من قبل الجيش، واستخدام الطيران بكثافة في استهداف رموز الحكومة الجديدة، وقال: «سيستهدفون مناطق الحكومة الجديدة بصورة أكبر، وهذا خرق للمواثيق والأخلاق».
المتحدث السابق باسم «تقدم» جعفر حسن، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن نزع الشريعة له أدوات كثيرة ومتعددة، وإنهم يرون في قيام حكومة موازية «شرعنة» للحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة، لذلك لا يؤيدون الفكرة، وفي الوقت ذاته يحترمون خيار دعاتها.
وزير «العدل» في حكومة حمدوك: حرب السودان ربما تستمر لسنوات
واعتبر تشكيل حكومة إخلالاً بموقف «تقدم» الأصيل والرئيسي الممثل في عدم الانحياز لأي من طرفي الحرب، وقال: «لذلك فإن وجود حكومة في مناطق سيطرة (الدعم السريع) انحياز لأحد طرفي الحرب، وإن تنسيقية (تقدم) إذا اختارت أحدهما ستكون قد خرجت على تفويضها الرئيس، الممثل بالوقوف على مسافة واحدة من طرفي الحرب، والعمل على إيقافها».
وحذر حسن من أن يقود تشكيل حكومة لتقسيم البلاد، وأضاف: «وجود جيوش وسلطة في أراضٍ يعد تمهيداً لقيام دول متعددة في السودان»، بيد أنه حمّل سلطة بورتسودان المسؤولية عن التمهيد لقيام دول متعددة، بقوله: «هذا المسلك سلكته سلطة بورتسودان أولاً، حيث قصرت بموجبه حقوقاً سيادية على أماكن محدودة في السودان، مثل تغيير العملة وامتحانات الشهادة السودانية وغيرهما»، وقطع: «هذا الطريق يدفع الطرفين بسرعة لتقسيم السودان».