أظهرت المؤسسات الرسمية في عُمان، وخصوصا ضمن قطاع الترفيه، بعض الاحترام للنكبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني. لكنها وقد مر عام على الإبادة، تنحو مجددًا نحو استعادة الحياة الطبيعية، وإعادة مظاهر الفرح، والمهرجانات، والفعاليات الترفيهية. رغم أن الاحتلال اليوم يعمل أشرس من أي وقت مضى لتحقيق نواياه التطهيرية.
نشرت بلدية مسقط على حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي منشورًا هذا نصه: «شخصيات وارنر براذرز قادمة خلال ليالي مسقط! أنشطة وألعاب لكل العائلة، مع عروض حية. التقطوا أجمل اللحظات مع أحبائكم!». قابل العمانيون هذا الإعلان بموجة من الغضب، لكون وارنر براذرز معروفة بمساندتها للاحتلال (سأسرد الأدلة لاحقًا). ما يضاعف الغضب هو الميزانية التي أُسندت لتنظيم، وتصميم، والتجهيز للفعالية، والتي تجاوزت 4 ملايين ريال عماني، حسب صحيفة الأوبزيرفر. شركة وارنر براذرز Warner Bros هي استوديو أفلام وترفيه أمريكي، أصبحت شركة فرعية من شركة الإعلام والترفيه وارنر برذرز ديسكفري (WBD) بعد الاندماج أواخر2021 والذي أُتم في 2022. رئيس الشركة، والرئيس التنفيذي لوارنر برذرز ديسكفري يُدعى ديفيد زاسلاف David Zaslav. عائلة زاسلاف هم من يهود الشتات، وقد وُلد ديفيد في نيويورك، وهو اليوم واحد من أكثر أشخاص العالم تأثيرًا (في 2022 عدته التايمز ضمن أكثر مائة شخصية مؤثرة). بعد طوفان الأقصى أرسل ديفيد زاسلاف مذكرة إلى موظفيه، نعت فيها الطوفان بـ«الهجمات الإرهابية» وقال إنه فعل «لا يمكن تبريره». رأى زاسلاف -وهو على رأس مؤسسة إعلامية نافذة- أن من واجبهم «تسليط الضوء على الظلم في العالم»، ويعني بالمظلوم هنا الكيان المحتل. ولأن قناة CNN المنحازة للرواية الصهيونية، والتي تعمل جاهدة على تبرير إبادة الشعب الفلسطيني، تابعة لشركته، نراه يُثني على جهودها في نقل الأحداث والشهادات للعالم وللتاريخ. عندما نتحدث عن المعايير المزدوجة، عندما نتحدث عن تضليل الجمهور الغربي (مع أن هذا ليس عذرا)، عندما نتحدث عن التحيز السافر للقتلة، فإننا نعني هذه المؤسسات. يتزامن كل هذا مع نشر «سي أن أن» لتقريرها المخزي، الذي يستعطفنا لأن الجنود الإسرائيليين يعانون من صدمات نفسية جراء قتلهم للأطفال، ودهس دباباتهم لأجساد الغزّاويين حية (وميتة أيضًا). وأنا هنا لا أجرّد الفكرة. هذه تماما هي الطريقة التي شرح بها التقرير ما يتعرّض له الجيش الإسرائيلي؛ إذ ينقل عن أفراده معاناتهم النفسية لقتل طفلٍ بعمر الثمانية أشهر. أتخيل التشويش الذي يُمكن أن يُقرأ به خبر كهذا قبل الطوفان، أو بعد عشر سنوات. البروباغندا الصهيونية بلغت حدًا من العمى والتمركز حول الذات، تُدين فيه نفسها؛ لأن الآخر غائب تماما عن تصورهم، وإذا ما حضر فهو الإرهابي أو الطفل الذي سيكبر ليكون إرهابيًّا. يا لها من كلمة سحرية، تُعيد صياغة كل ما نعرفه عن الأخلاق، والإنسانية، والمنطق. أتساءل كيف لمؤسسة مثل بلدية مسقط أن تستثمر استثمارا هائلا كهذا، دون إعمال حساسيتها للظرف الراهن. لكن الآن، وقد وقع الفأس في الرأس، لا يُريد منها الناس أكثر من إلغاء الفعالية، وإنهاء التعاون مع مثل هذه الشركات المتواطئة في الإبادة. |
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأسبق: اتفاق غزة لن ينفذ بالكامل ونتنياهو يريد رفع الضغط
قال السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، أن لكل إدارة أمريكية، سواء جمهورية أو ديمقراطية، جوانب إيجابية وأخرى سلبية. وأوضح قائلاً:"الإدارات الديمقراطية تُعرف بادعائها للمواقف المبدئية، لكنها غالبًا لا تلتزم بها بعد ذلك. أما ترامب، فهو يؤمن أنه لا يوجد شيء ممنوع."
وفي إجابة على سؤال الإعلامية لميس الحديدي، خلال لقائه في برنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه على شاشة ON، حول مستقبل العلاقات مع مصر، خاصة مع احتمال إعادة طرح فكرة "التهجير القسري" للفلسطينيين، مثل طرح التهجير إلى إندونيسيا، قال: "الرئيس ترامب يعتمد في معالجته للقضايا على معيارين: التكلفة والعائد. هذه هي المعايير التي تحكم قراراته. فيما يتعلق بفكرة التهجير القسري، ستخضع لنفس هذا المنطق. ليس بالضرورة أن يُطرح ذلك بشكل مباشر على مصر أو يُفرض علينا، لكنه يبقى جزءًا من طريقة تفكير ترامب."
وأردف:"هذا النهج قد يُطرح في الإدارة الجديدة، إذا لم يكن قد طُرح بالفعل في وقت سابق."
وشدد على ضرورة أن يكون الموقف المصري واضحًا في هذا الصدد منذ البداية، قائلاً: "اهتمامات ترامب في أي قضية ستنصبّ على الطرف الفاعل، سواء من يضيف لها أو يعرقلها. أي طرف لا يضيف قيمة لن يكون له اهتمام في حساباته."
وأشار إلى أهمية الاستمرار في الدور المصري النشط في النزاع العربي الإسرائيلي، مضيفًا:"مصر تلعب دورًا فاعلًا في اتفاق إطلاق النار في غزة. هذا الدور يحمل إشارة جيدة على مستوى الإقليم ويجب الاستمرار فيه خلال الفترة القادمة ."
اتفاق غزة وعقبات التنفيذ: توقع فهمي أن اتفاق غزة لن يُنفذ بالكامل بشكل سلس، موضحًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد فقط رفع الضغط المجتمعي عنه. وأضاف:
"إسرائيل ليست جادة في تنفيذ الاتفاق. نتنياهو يريد تحقيق هدفين: رفع الضغط المجتمعي عليه وإعادة المختطفين لذويهم. في ذات الوقت، أعطى إشارة للرئيس ترامب بأنه جاد في الاتفاق."
وتوقع أن تتذرع إسرائيل بحجج مثل خرق بنود الاتفاق أو انتشار السيارات المدرعة للمقاومة. وأكد: "إسرائيل قد تمتنع عن الانسحاب من مناطق مثل معبر فلادلفيا أو المناطق العازلة، لأنها ترغب في الحفاظ على اليد العليا من الناحية الأمنية."