احتضان القتلة و كيف يستغل المتصارعون شعارات السلام لتبرير العنف
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
في مشهد يعكس تناقضات الحرب والسياسة في السودان، أثار احتضان الجيش السوداني لأحد قادة قوات الدعم السريع الميدانيين، المدعو كيكيل، ضجة واسعة بين الأوساط المدنية والعسكرية. بينما يُروج البعض لهذا القرار باعتباره خطوة نحو السلام، يرى آخرون أنه محاولات مفضوحة لتدليس الشعار النبيل "لا للحرب"، الذي يمثل رفضًا صريحًا للعنف والتشكيلات العسكرية.
من منظور القوى المدنية، يُعد احتضان المنشقين عن قوات الدعم السريع، التي لطالما ارتبطت بجرائم القتل والتشريد والنهب، محاولة غير مقبولة لتبرير العفو عن مجرمين ارتكبوا فظائع بحق المواطنين السودانيين. ورغم ما يروجه قادة الجيش عن مفهوم السلام واستيعاب المنشقين كخطوة إيجابية، تظل الأسئلة العالقة: متى سيُحاسب كيكيل؟ ومتى سيُحاكم على الجرائم التي ارتكبها؟
رفض العنف والمليشيات لا للحرب الشاملة
إن شعار "لا للحرب" الذي تتبناه القوى المدنية لا يتعلق فقط برفض المعارك العسكرية، بل هو نداء شامل لإنهاء العنف بجميع أشكاله، وحل كافة التشكيلات العسكرية، بما فيها قوات الدعم السريع. ودعوة لا للحرب ليست مجرد شعار سطحي، بل هي مطالبة صارمة بوقف إطلاق النار فوراً، وإدخال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، والجلوس على طاولة المفاوضات مع قوى الثورة من أجل الوصول إلى التحول الديمقراطي.
إن الدعوة إلى وقف الحرب فوراً ترتكز على مبدأ أن الحرب لا تُخلف إلا الدمار والمزيد من الانقسامات في نسيج الوطن. لذلك، يجب على جميع الأطراف، سواء كانوا داخل الحكومة أو الجيش، أن يتبنوا مسارًا شاملًا للسلام يبدأ من وقف العمليات العسكرية والجلوس مع قوى الثورة من أجل محاسبة مرتكبي الجرائم، وخصوصًا قادة المليشيات الذين شاركوا في القتل والتشريد والاغتصاب.
المساعدات الإنسانية سلاح بيد المليشيات
لم تتوقف قوى الثورة عند شعارات "لا للحرب" فقط، بل عملت على حماية أهل السودان وتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق الصراع، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها. في ظل غياب تام للدولة في بعض المناطق، تمثل التكايا التي تقدم الطعام وتساعد الجرحى والأطفال بإمكانات بسيطة، الأمل الوحيد لكثيرين. ومع ذلك، تجد هذه الجهود الإنسانية نفسها في مواجهة مع القوى المسلحة، التي تستغل المساعدات كسلاح ضد المدنيين وتزيد من معاناة الشعب.
موقف قوى الثورةثبات حتى النهاية
في وجه كل هذه التحديات، تظل القوى المدنية راسخة في موقفها: نحن دعاة سلمية حتى اللحظة الأخيرة. لم نفارق الوطن، بل نعمل بكل ما أوتينا من قوة لحماية أهلنا، وتقديم المساعدات الإنسانية. هذا هو نضالنا، وهذا هو موقفنا الثابت. ومن المحزن أن يُتهم دُعاة السلمية بأنهم غير منتمين للوطن، في حين أن من يحمل السلاح ويقتل الأبرياء هو من يحاول تمزيق هذا الوطن.
المحاسبة لا بد منها
في خضم ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة، نكرر رسالتنا لن نتوقف عن المطالبة بالسلام والعدالة. يجب أن تتوقف الحرب فورًا، وأن يُحاسب كل من تلطخت أيديهم بدماء السودانيين، سواء كانوا قادة قوات الدعم السريع أو أي تشكيل عسكري آخر.
كما يجب أن يتم إلغاء كل المليشيات المسلحة، وأن يتم بناء جيش واحد موحد يحمي الوطن وشعبه، بدلاً من أن يكون أداة في أيدي من يريدون تقسيم البلاد.
لن نسمح للثورة أن تُخمد أو أن تُحتوى. فالسلام الذي ننادي به ليس مجرد اتفاقية سياسية، بل هو سلام حقيقي قائم على العدالة والمحاسبة. وعلينا أن نتحد جميعاً، كشعب سوداني، لنعبر نحو مستقبل أفضل يكون فيه السودان للجميع، بلا حرب وبلا قتلة.
في النزاعات التي تمر بها الدول، بما في ذلك السودان، غالباً ما تُرتكب انتهاكات من مختلف الأطراف المتصارعة. في حالة السودان، ورغم أن الجيش يعتبر المؤسسة الوطنية النظامية، إلا أن التقارير المختلفة، سواء من منظمات حقوق الإنسان أو وسائل الإعلام المحلية والدولية، تشير إلى أن هناك انتهاكات متورط فيها الجيش، المليشيات الإسلامية المتحالفة معه، وكذلك الحركات المسلحة الأخرى.
لماذا تذكر الانتهاكات لجميع الأطراف؟
لابد من التوثيق المتوازن في أي نزاع، من الضروري توثيق الانتهاكات من جميع الأطراف لإظهار الصورة الكاملة للصراع. هذا لا يعني بالضرورة أن جهة ما أسوأ من الأخرى، بل أن كل الجهات المتورطة يجب أن تخضع للمساءلة , وهذا نعمل عليه الان .
الدفع نحو العدالة المطالبة بالعدالة تتطلب محاسبة الجميع وليس التركيز على طرف واحد. إذا كانت هناك انتهاكات من الجيش أو المليشيات الإسلامية أو الحركات المسلحة الأخرى، فيجب توثيقها جميعها لضمان أن العدالة تشمل كل من ارتكب جرائم، بغض النظر عن انتمائه.
عدم تكرار الجرائم تاريخياً، إذا لم تتم محاسبة كل من تورط في النزاعات، فإن الفظائع تستمر أو تتكرر في الصراعات المستقبلية. لذلك، يجب أن يكون هناك وضوح حول مسؤولية كل طرف عن الجرائم والانتهاكات.
التجنب من التلاعب بالعدالة: النظام السياسي في السودان يمر بتحديات كبيرة، ومن بينها محاولات التلاعب بعملية العدالة. حين يتم تسليط الضوء فقط على طرف واحد وترك الآخرين، فإن هذا يؤدي إلى تصفية حسابات سياسية على حساب الحقيقة والمصالحة.
استناد إلى الوقائع تقارير حقوق الإنسان، مثل تلك التي أصدرتها منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، تؤكد أن الانتهاكات المرتكبة لم تقتصر فقط على مليشيات بعينها، بل تشمل أطرافاً متعددة. مثلاً، في دارفور، وردت تقارير عن تورط الجيش في عمليات القتل العشوائي والتشريد جنباً إلى جنب مع المليشيات.
المستقبل المحاسبة للجميع
من المهم الإشارة إلى أن الشعب السوداني يطالب بالعدالة والمحاسبة للجميع، وهذا ما تم ذكره في خطاب القوى المدنية بأن "العقاب قادم". وهذا لا يعني فقط محاسبة قوات الدعم السريع أو المليشيات الإسلامية المتحالفة، بل كل من تورط في القتل والسرقة والاغتصاب وتشريد الشعب السوداني.
لذلك، دعوة "العقاب قادم" يجب أن تكون موجهة لكل الأطراف المتورطة في الجرائم والانتهاكات، وذلك لضمان عدم الإفلات من العقاب والمضي قدماً في بناء دولة القانون والعدالة في السودان وهذا الخط الذي يجمع عليه كل أهل السودان .
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة قوات الدعم السریع القوى المدنیة لا للحرب یجب أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لغزة
أفاد متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن "القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي".
اقرأ ايضاًمجزرة الفجر.. بيروت تستفيق على انفجارات ضخمة (فيديو وصور)وأشار دوجاريك في مؤتمر صحفي يومي عقده، مساء أمس الجمعة، إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة يحتاج إلى ظروف إيواء مناسبة، لحمايته من المطر والبرد مع اقتراب فصل الشتاء.
وأوضح أن الأمم المتحدة وشركاؤها يحاولون إيصال الخيام بسرعة إلى القطاع.
ولفت دوجاريك، "إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين، وسرعة تزايد احتياجاتهم، مع العجز عن تلبيتها بسهولة، لا سيما بسبب الحصار الإسرائيلي في شمال غزة".
اقرأ ايضاًعشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على غزةVia SyndiGate.info
� 2022 Palestine News and Information Agency (WAFA). All rights reserved.
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لغزة عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على غزة مجزرة الفجر.. بيروت تستفيق على انفجارات ضخمة (فيديو وصور) شهداء وجرحى بغارات إسرائيلية عنيفة على وسط بيروت الموت يفجع مي عز الدين بأقرب الناس اليها Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًرغم قرار منعها..سارة الزكريا تغني في ملهى ليلي بالأردناشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter