لجريدة عمان:
2025-03-15@11:24:58 GMT

أزمنة سائلة!

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

هل يمكن القول إن الهوية الاتصالية للعالم، كما بدت منذ تسعينيات القرن الماضي عبر ثورة الاتصال والمعلوماتية، هي مؤشر لدخول مجتمعات البشر في أزمنة سائلة؟ أي من حيث كونها أزمنة يوازي فيها إيقاع الحياة سرعةً وسيولة هي على النقيض من الحركة النسبية لعالم القرن العشرين؟ (ذلك القرن الذي نعته المؤرخ الإنجليزي إريك هابزباوم بـ«عصر التطرفات» وأرَّخ له حقبة أقصر من الحقب المعهودة للقرون (100عام).

حين حدد هابزباوم نهاية القرن العشرين بالعام 1991 فيما حدد بدايته بالعام 1914م!

وفيما بدت له حقبة التسعينيات كما لو أنها عشرية متقدمة للقرن21. واستشرافًا لطبيعة الزمن القادم / الزمن السائل؛ صدَّر هابزباوم (الذي رحل عن عالمنا في 2012 عن 95 عامًا) أحد فصول الكتاب بهذا الاقتباس: «نحن في بداية عصر جديد يتميز بقدر كبير من انعدام الأمن وبالأزمات الدائمة، وغياب أي شكل من أشكال الوضع الراهن، ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أننا نواجه الآن واحدة من أزمات التاريخ العالمي».

وسيبدو واضحًا أن إحدى سمات السيولة في هذه الأزمنة الجديدة تكمن في الهوية اللامركزية للكثير من أنظمتها، بخلاف الهوية الصلبة للأنظمة التي طالما كانت تحكم مجتمعات البشر في عالم القرن العشرين وما قبله.

ذلك أن تعدد وسائط الإعلام وانتشارها وسيولتها، كالسوشيال ميديا، وسهولة خلق عالم خاص وموازٍ في تعزيز العزلة الشخصية للفرد، مع القدرة -في الوقت ذاته- على الاتصال الفوري بأي شخص في العالم.. كل هذه السمات تنحو إلى تشويش مفهوم الحدود الصارمة والأنظمة الصلبة في حياة المخضرمين الذين عاشوا طرفًا من أزمنة نهايات القرن العشرين، فيما هم يخوضون هذا الزمن الجديد(ككاتب هذه السطور) بعيون مفتوحة على الدهشة. فهذه الأزمنة السائلة اليوم، وهي بطبيعة الحال عالقة عبر خيط غير مرئي بالأزمنة التي سبقتها، تنحو باستمرار نحو تمييز سريع يقفز قفزًا بمتوالية تغيير هندسية نحو عالم أكثر سيولةً وغموضًا.

وحين يغترب الإنسان أكثر عن ذاته في هذه الأزمنة السائلة يسكنه خوف منها، ومن مستقبلها القريب الغامض، إنه خوف لا ينبع من الثقة بقدرة ما على التأقلم، وإنما ينبع من جهل الإنسان بالأسرار التي تخبئها له معجزات المعرفة ومفاجآت الذكاء الاصطناعي، وما ستطبعه التحولات على حياة الناس والأجيال المقبلة؟

في السياسة كما في التكنولوجيا والعوالم الأخرى، سيبدو تشابك حياة مجتمعات البشر في عالم العولمة هذا ومزيجه المعقد، أحد أهم دوافع التشكيك بالكثير من القناعات لاسيما قناعات أولئك الذين عاصروا في حياتهم طرفًا من أزمنة القرن العشرين وأجوائه. إن السيولة التي ضربت عالم السياسة منذ نهاية الحرب الباردة حطمت الكثير من القناعات الساذجة، وكشفت عن مواجهات عارية تعيَن على المجتمعات الساكنة (مجتمعات العالم الثالث) التعرض لضرباتها التحويلية وصدماتها الدموية الخطيرة، فهزت ثقة تلك المجتمعات بالكثير من قناعاتها الافتراضية؛ ليبدو البؤس الذي جلبته العولمة على حياة مجتمعات العالم الثالث هو أحد أهم معالم تلك الصدمات.

وكما ظهرت مفاهيم «ما بعد» : ما بعد الحداثة، ما بعد الدولة القومية، لتنتصب دالةً على الدخول إلى مراحل غامضة يجري التحول إليها دون إدراك واعٍ بهويتها، حلت كذلك مفاهيم جديدة في وصف الأفراد مثل «ناشط» و«مؤثر» لتغيب معها مفاهيم سابقة، كما أصبحت القدرة على خلق مساحة اتصالية «إعلامية» للفرد -ولو من غير معايير- من أهم المساحات التي تعزل الناس عن بعضهم عبر السوشيال ميديا.

هل يمكن القول -والحال هذه- إننا على عتبات أفول مفاهيم مثل: «الذوق العام» و«الوجدان المشترك» و«المشاركة الوجدانية» وغير ذلك من القيم التي كانت تسهر على صناعتها نظم إدراك موجهة لوعي الناس عبر أجهزة الدولة العامة؟

هناك الكثير من الأسئلة التي تطرحها تحديات الأزمنة السائلة هذه، لكن ماذا لو كانت هذه الأسئلة التي تهجس بالبال هي أسئلة أشخاص «مخضرمين» في الزمن الخطأ؟ بحيث تصدق عليهم حالة «مقلوبة» من حكمة الخليفة عمر بن الخطاب: «الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم».

مع ذلك ربما سيبدو جليًا؛ أن بدايات هذه الأزمنة السائلة غير كافية لامتلاك القدرة على تحديد هويتها، حتى بالنسبة للأجيال التي ولدت في: «إيقاعات الزمن الجامح».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القرن العشرین

إقرأ أيضاً:

“دير نوفوديفيتشي” للراهبات.. أجمل وأقدم دير في روسيا (صور)

روسيا – تأسس الدير عام 1524 في عهد الأمير فاسيلي الثالث بعد تحرير مدينة سمولينسك من السيطرة البولندية وإعادتها إلى الدولة الروسية. وهو مدرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
إن مساحة الدير كبيرة جدا، فبالإضافة لكونه ديرا عاملا فهو فرع للمتحف التاريخي. أغلق الدير في عام 1922 وحول إلى متحف “إنعتاق المرأة” ومنذ عام 1934 أصبح فرعا للمتحف التاريخي، افتتحت في الدير عام 1943 دورات للدراسات الدينية، أصبحت فيما بعد مدرسة دينية. بعد ذلك فتحت الكنائس والكاتدرائيات الموجودة في هذا الدير أبوابها للمصلين. كما أصبح مقرا للمطارنة. منذ عام 1994 عاد الدير لاستقبال الراهبات. وأعيدت ملكية الدير إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عام 2010.

يعتبر الدير أحد المعالم المعمارية الفريدة في موسكو، حيث تقع في وسطه كاتدرائية إيقونة عذراء سمولينسك ذات القباب الخمس التي تحتفظ بنقوش وزخارف من القرن الـ 16 وهذه الكاتدرائية مبنية على غرار كاتدرائية صعود العذراء في الكرملين. وبني برج الأجراس الذي ارتفاعه 72 مترا في نهاية القرن الـ 17 على طراز ناريشكين المعماري، وكان هذا البرج آنذاك أحد أعلى الأبراج في موسكو بعد برج إيفان الأكبر. أما أسوار الدير وأبراجه فقد بنيت في نهاية القرن الـ16 في عهد القيصر بوريس غودونوف شبيهة بسور الكرملين وأبراجه .

يتضمن الدير إضافة الى كاتدرائية سمولينسك المباني الآتية:

قاعة المائدة، بنيت خلال الفترة (1687-1685)، كنيسة صعود العذراء (1689-1685)، كنيسة التجلي فوق البوابة الشمالية (1689-1687)، كنيسة شفاعة العذراء فوق البوابة الجنوبية (1688-1683)، كنيسة القديسين بارالم ويواصف تحت برج الأجراس (1690-1689)، كنيسة القديس يوحنا (الدور الوسطي من برج الأجراس الشرقي (1752)، مصلى القديس نيقولاي في البرج الشمالي –غرفة الأميرة صوفيا، مصلى مقربة بروخوروف 1911، غرفة القيصرة إيرينا غودونوفا، شقيقة القيصر بوريس غودونوف، غرف الخزانة، وغيرها من المباني التاريخية الموجودة ضمن حدود الدير.

وبالإضافة الى ما ذكر أعلاه أرفقت بالدير في القرن الـ16 مقبرة كبيرة لدفن رجال الكنيسة.

وفي القرن الـ19 دفن فيها على سبيل المثال أبطال الحرب الوطنية 1812 من بينهم الشاعر دينيس دافيدوف، وبعض الثوار الديسبمريين مثل تروبيتسكوي ومورافيوف والفيلسوف سولوفيوف وغيرهم من عظماء روسيا، مثل الكاتب الكبير نيقولاي غوغول والكاتب الشهير أنطون تشيخوف وغيرهم من الكتاب والمثقفين الروس والجنرال توتشكوف بطل الحرب الوطنية عام 1812.

ودفن في العهد السوفيتي في هذه المقبرة العظماء والمشهورون من رجال العلم والسياسة والفن والثقافة، حيث كانت تأتي بالمرتبة الثانية بعد جدار الكرملين. وقد دفن فيها نيكيتا خروشوف وميكويان وبودغورني، وغيرهم وفي الفترة التي تلت تفكك الاتحاد السوفيتي دفن فيها بوريس يلتسين وفيكتور تشرينوميردين وغيرهم من رجال السياسة. تقام في كنائس الدير وكاتدرائياته القداديس يوميا صباحا ومساء. كما أصبحت معالم الدير وحدائقه مكانا للراحة والتنزه لسكان موسكو وضيوفها والسياح الذين يقصدونها من مختلف بقاع المعمورة.

المصدر: ru.wikipedia.org

Previous بعد الـ”هاتريك “.. رسالة “مستفزة” تشعل الصراع بين حمد الله والسومة Related Posts مصري يدخل موسوعة غينيس ويحطم رقما جديدا خلال صيامه منوعات 14 مارس، 2025 تايلاند تحتفل باليوم الوطني للفيل منوعات 14 مارس، 2025 أحدث المقالات “دير نوفوديفيتشي” للراهبات.. أجمل وأقدم دير في روسيا (صور) بعد الـ”هاتريك “.. رسالة “مستفزة” تشعل الصراع بين حمد الله والسومة مدافع ليفربول السابق يشيد بأداء محمد صلاح ويطالبه بالبقاء مع “الريدز” بعد غياب 6 أشهر.. كيليان مبابي يعود لقائمة منتخب فرنسا ما علاقة “الكلاب” بمهارة لامين جمال في المراوغة؟

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • مساعد وزير الخارجية: مصر كانت تُسابق الزمن لتنظيم كوب 27
  • “دير نوفوديفيتشي” للراهبات.. أجمل وأقدم دير في روسيا (صور)
  • بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
  • العم سام.. كيف أصبح رمزًا للولايات المتحدة؟
  • «دوري القفز» في ضيافة «الإمارات للفروسية»
  • بعد العشرين من آذار.. منخفض جوي يغير مشهد الطقس في العراق
  • عقد زواج من القرن التاسع الهجري
  • وثائق من نصوص التراث عقد زواج من القرن التاسع الهجري
  • أسماء واشتقاقات الشهور العربيَّة القمريَّة عند العرب
  • خطة القرن.. الأمم المتحدة تشرع بعملية لمواجهة قرار ترامب