الحرب وأثرها في التغيير والتنمية ،السودان نموذجا
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
د/عادل عبد العزيز حامد
Skyseven51@yahoo.com
الحروب لها تأثيرات عميقة على الشؤون الاجتماعيه والاقتصاديه في السودان وقطعا تكون لها آثار سالبة على المواطنين وعلى البلاد عموما والحرب السودانيه هذه تختلف عن كل الحروب السابقة في السودان وكذلك في العالم فقد كانت مع الحروبات ممارسات لم تحدث في كل الحروب السابقة من النهب والسلب والاغتصاب والسلب والسكن في بيوت الناس وفي الأعيان المدنية والدوائر الحكومية والمستشفيات واستعمال البنايات كثكنات عسكرية وتشتت المواطنين من منازلهم الى المدن الاخرى في أقاليم السودان المختلفة او البعض الاخر الى خارج البلاد وقد أثرت اقتصاديا في فقدان الممتلكات والعربات، أثرت على البنية الأساسية من طرق وكباري ومدارس وجامعات ومستشفيات ما يؤثر سلبا على التنمية وقد ادى هذا الصراع الى الاعتماد على المساعدات الإنسانية الخارجية مما تؤثر على تنمية الموارد المحلية ولعله من بعد من النواحي الإيجابية في هذه الحرب عدم توقف الزراعة المحلية والتي يعتمد عليها الغذاء في كل السودان في منطقة القضارف وفى مدن الولايات الشمالية وبعض المناطق التي لم يشملها الحرب وتدهورت الحالة الاقتصادية حيث فقدت العديد من الصناعات قدرتها على العمل وذلك ادى الى زيادة البطالة وبالتالي زيادة معدلات الفقر.
الآثار الايجابية:
بما ان البعد الاجتماعي والروابط الاجتماعيه والاسريه الممتدة هي من السمات الأساسية في المجتمع السوداني بما لها من فوائد عظيمة في الترابط الاسري وان الاهل يشاركون ذويهم وعلى المستوى الاسره الممتده وليس الاسره الصغيره فقد ظهر هذا التكامل الاجتماعي الكبير في كل المغتربين العاملين خارج السودان سوى في المنطقة العربية أو على مستوى العالم فقد قاموا بدور كبير في مساعدة أسرهم بالتحويلات المالية وأيضا باستيعاب بعض أفراد الأسرة منهم ولا سيما العاملين في البلاد العربية في الخليج وفي مصر وفي بعض الدول الافريقية الاخرى ولعل تحويلات بنك الخرطوم لعبت دورا مباشرا في تخفيف آثار الحرب على الذين لم يستطيعوا الانتقال الى خارج السودان ولذلك كانت المسأله واضحة للذين انتقلوا في العاصمة الى اقاليم السودان المختلفة سوى لأصلهم او يؤجروا في مناطق أخرى خارج العاصمة ليسكنوا بها وقد أكدت إحصاءات بنك الخرطوم ان جملة المعاملات البنكية المتعلقة بالتحويلات خلال فترة الحرب بلغت 50 مليون عملية عبر خدمة التطبيق الاشهر بنكك(المصدر: الزاوية(10/4/2024)
الامر الاخر والملاحظ في كل الحروب التي نشاهدها في العالم ان النازحين في هذه الحرب تجاوزوا الـ 10 مليون من العاصمة والى الاقليم والى البلاد المجاورة للسودان ولكن لم تكن هناك معسكرات للنازحين واللاجئين إلا في الدول المجاورة سوى في تشاد او اثيوبيا ولكن الغالبية العظمى ذهبت لاهلها في الأقاليم المختلفة وقد كان هذا قمه من التكامل الاجتماعي فيجب أن نعلى من هذه القيمة الاجتماعية العظيمة
تخلق الحرب شعورا عميقا بالترويع والخوف وفقدان الأمل مما يؤدي الى ضغوط نفسية طويلة الأمد على الأفراد وعلى المجتمعات ولكن التكامل الاجتماع الكبير ومراكز الغذاء (التكايا) والتي كانت تساعد الناس في مسألة الأكل والشرب وهذا مما ساعد في التخفيف من الضغوطات النفسية على الافراد كما ان المعاناة المشتركة أثناء هذه الحرب تؤدي الى تعزيز الروابط بين السودانيين مما يعزز بالروح التضامن والشعور بالهوية المشتركة.
الدروس المستفادة من الحرب:
نحاول أن ننظر إلى الجوانب الايجابية من الحرب والدروس التي يمكن أن نستفيد منها في هذه الحرب ومن هذه الدروس أن نحمد الله على نعمه الامن والامان التي كانت لدينا والذي لم نكن نشعر بها إلى أن جاءت هذه الحرب بكل ما فيها من ماسيء، فنحن علينا بعد هذه التجربة ان نسعىاى إلى تحقيق السلام والاستقرار ونتجنب كل الأشياء التي تؤدي إلى الفرقة والتنافر والاستبداد و نبعد أنفسنا عن حب النفس والأطماع الشخصية وأن نبتعد عن الفساد والمحسوبية والتمييز وأن نبتعد عن التعالي والنظرة العنصرية للاخرين والاستعلاء العرقي..... و نبعد أنفسنا عن أمراض الجاهلية "كلكم لآدم وآدم من تراب" "ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه" صحيح مسلم
ويقول النووي في شرح الحديث: من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال،
فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويجب على كتاب الراي ورواد الإعلام الابتعاد عن الحديث العنصري والتفاخر بالألقاب والأنساب ويجب على رواد التواصل الاجتماعي عدم نقل الأحاديث السالبة والعنصرية حتى لا يساعدوا في انتشار الأشياء السالبة التى توغر الصدور وتزيد من البغضاء والمشاحنات ولا تؤدي الى الوحدة الوطنية . نحن نحتاج الى وحدة وطنية ونحتاج الى دولة المواطنة دولة القانون الكل فيها سواسية كأسنان المشط
وهكذا يمكن أن نبدأ مشوار التضامن ومشوار التنمية والرخاء. الحروب دائما ما تزيد الوعي السياسي للأفراد وتلفت النظر للكثير من الأشياء التي تكون غائبة عن وعي المواطنين وقد تشجعهم على المطالبة بمزيد من حقوقهم المدنية والسياسية.
كما أن تجارب الحروب يمكن ان تؤدي لتغييرات ايجابية في أنظمة التعليم وفلسفة التعليم نفسها ويجب التركيز اعلاء قيم السلام والعدالة والتسامح ويجب ان ننظر الى المناهج التعليمية بعد هذه الحرب وننظر الى الخلل فيها على كل المستويات ونعمل على إصلاحه ولا سيما فيما يلي التربية الوطنية والعمل على زيادة المناهج التعليمية التي تنادي بحب الاوطان واعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والابتعاد عن امثالنا القديمة والتي هي ضد وعكس مفهوم الدولة دولة المواطنة والتي كانت قديما ضد المستعمر القديم والتي كانت ترمز له بالميري" او ما يعني الاميري وهو الدوله مثل هذا المثل ورغم أن المثل اصوله من مصر المحروسة الى انه منتشر وسط الاجيال القديمه من السودانيين والتي تنظر الى أهمية الوظائف الحكوميه والعسكريه ويجب الاستفادة منها بأقصى ما يمكن.
ويجب علينا بعد هذه الحرب ان نغير من أنماط سلوكنا القديمه ونسعى الى تغيير العادات والمفاهيم باعلاء قيمة العمل والاجتهاد والتحصيل وعدم الاعتماد على الاسره الممتده وان نشجع الأطفال منذ الصغر على العمل والسعي والاجتهاد والعمل خلال الإجازات والتدريب وهكذا . ارجو ان تكون هذه الحرب قد اعطت الناس فرصه للتفكير والندم والنظر من زاوية جديدة وتفكير مختلف عن التفكير القديم وان تكون هذه المحنة الكبيرة منحه ربانيه يستفيد منها جميعنا نحو السودان مختلف سودان العزة والمنعة والتضامن وان يكون السودان اولا والتحيه لمبادرة السودان اولا وننطلق نحو غد مشرق سعيد نستفيد من كل هذه الموارد التي يسعى لها الآخرين اقليميا ودوليا وتحتاج الى رؤى جديده لشباب هذه الأمة للهضه والاستقرار والتنمية المستدامة والاستفادة القصوى من الموارد البشريه للسودانيين المنتشرين في كل اصقاع المعمورة واحسب انهم قادرون على بناء سودان العزة والرفاهية والتعليم.
وبالله التوفيق…..
د/عادل عبد العزيز حامد
Skyseven51@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب التی کانت
إقرأ أيضاً:
جامعة الخرطوم تستأنف مسيرة العطاء
الدكتور الخضر هارون
يثلج الصدر أن كثيرا من مؤسسات التعليم العالي في بلادنا قد حرصت علي ألا يفضي العدوان الغاشم علي بلادنا المتمثل في هذه الحرب الضروس التي اندلعت في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ إلى تكليف البلاد ضياع أجيال من بنات السودان وأبنائه وذلك بأن تكيف أوضاعها وفقاً للضرورات بالحفاظ علي الحد الأدني مما يمكنها من الاستمرار عند توقف الحرب. وقد تسارعت الخطى هذه الأيام بعد أن لاحت بشائر النصر، نحو عودة الاستقرار بإنفاذ الخطط الموضوعة لفترة ما بعد الحرب. وفي هذا السياق نقول إنه قد بذلت إدارة جامعة الخرطوم الحالية جهدا كبيرا كبيراً في سبيل بث الحياة في الجامعة إثر الصدمة التي صُدٍمتها البلاد بنشوب الحرب فقد كانت الجامعة من أوائل المؤسسات التي حرصت على دفع المرتبات لمنسوبيها (في غضون شهرين من وقوع الحرب) وخفف ذلك من معاناة الناس شيئاً ما. كما سارعت إلى اعتماد الوسائل الاكترونية لاستئناف التدريس عن بعد وكانت ثمرة ذلك أن تخرجت دفعات من الطلاب متلمسةً طريقها نحو المستقبل وعلى هدى الجامعة سارت بقية الجامعات، حيث افتتحت لها مكتباً في سواكن بشرقيّ السودان واعتمدت نظاماً إلكترونياً مخدوماً مكّن خريجيها ومنسوبيها من الحصول على شهاداتهم التي فقدوها إثر الظروف المعلومة وهكذا صار بمقدور خريجي الجامعة استعادة شهاداتهم و مؤهلاتهم استئنافاً لحياتهم ومضياً في بناء مستقبلهم. كما إنها اعتمدت عدداً من المراكز لامتحان طلبتها داخل السودان وخارجه سابقة نظيراتها التي سلكت هذا الطريق بعد حين. ونسقت مع مؤسسات نظيرة لنقل مكتب خدمات الترجمة إلى بورتسودان فلاقى من النجاح النصيب الوافر خدمةً للبلاد وأهلها وانتظاماً في خدمة المجتمع المستمدة من رسالة الجامعة ومنهاجها .
واستناداً إلى هذا الجهد وانطلاقاً منه فإن وحدة الترجمة تسعى إلى ارتياد آفاقٍ أرحب وساحات أعلى بما يليق بماضيها التليد ويتسق ومستقبلها الزاهر والبلاد تتزيّا بزيّ العافية وتتزيّن بثياب السلام والاستقرار والأمان ماشيةً في درب النهضة وساعيةً في طريق العزً وماضيةً في سبيل النماء والازدهار والمنعة.
ولما كنت ذا صلة بوحدة الترجمة في كلية الآداب إذ استضافتني الوحدة في مشاركات ثقافية ومعرفية كان أهمها مشاركتي في تدشين ترجمة طروحة العالم الجليل الأستاذ الدكتور عبدالله الطيب لنيل درجة الدكتوراة من جامعة لندن في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قبل سنوات خلت. وقد ترجم الطروحة التي تحمل العنوان (أبو العلاء المعري شاعرا) الترجمان الفذ ابن القسم، الأستاذ عبد المنعم الشاذلي ترجمة لو أن شيئا يبلغ حد الكمال لحازت ذاك المرتقي الرفيع. نقول ذلك بمطالعة فاحصة مقارنين فيها بين أصل الرسالة في متنها باللغة الانقليزية وترجمتها إلي العربية. وكنت قد أفردت لذلك مقالة عقيب ذلك التدشين الذي نظمه الأديب الصديق الدكتور الصديق عمر الصديق رئيس مركز عبدالله الطيب والذي أمه لفيف من علماء السودان وأساطين البيان من أبنائه وتناول بالتعليق فيه علي ترجمة الطروحة الأساتذة البروفسور الحبر يوسف نور الدايم والبروفسير التجاني الجزولي المتعافي مدير معهد الخرطوم للترجمة رحمهما الله والبروفسور عبد الله محمد أحمد وجمع غفير من محبي الأدب ضاقت بهم القاعة علي سعتها وشرفته بالحضور الفضلى جوهرة الطيب حرم بروفسور عبدالله الطيب. كما أني قد قدمتُ لاحقاً في مقر الوحدة محاضرة لدارسين للترجمة من القضاة في القسم عن طرائف الترجمات والمترجمين. وصلتي بالترجمة سابقة لذلك كله فقد عملت مترجماً لخمس من السنين ووجدت في رحابها متعة لا توصف وهي مبتدأ للنهضة وسبيل إلى تحقيقها كيف لا وقد فتحت دار الحكمة التي أسسها الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد في بغداد التي كانت عاصمة الدنيا وزينة المدائن فانخرطت في الترجمة فنشأ علم الكلام وحوار الأديان وعلم الأديان المقارن في العصور الحديثة. وقد سرني أن الأستاذ عبدالمنعم الشاذلي قد أنجز مؤخرا مع صديقيه الدكتور مكي بشير مصطفى، كبير المراجعين بقسم الترجمة بمنظمة الأمم المتحدة وعضو هيئة التدريس السابق بجامعة الخرطوم، وخريج وحدة الترجمة والتعريب بجامعة الخرطوم، والدكتور البشير الصادق، الأديب والمترجم بدولة قطر، ترجمة لكتاب مهم للغاية هو قيد الطبع الآن عنوانه (Unstoppable) أو (عزائم لا تقهر) للكاتبة الأمريكية سينثيا كيرسي (Cynthia Kersey) • ومثلما كانت جامعة الخرطوم بادرة للمعارف التطبيقية يوم أن أسسها الغازي المستعمر هيربرت كتشنر حاكم عام السودان وسردار الجيش المصري تخليدا لذكري مواطنه شارلس غردون حاكم عام السودان السابق والمعيّن من قبل خديوي مصر الذي قتله ثوار المهدية عندما تحرر السودان بأسيافهم، باسم (كلية غردون التذكارية) كمدرسة لتخريج العمال المهرة وصغار الكتبة لكنها تطورت عبر الزمن فتبرع رجل البر والإحسان أحمد محمد هاشم بغدادي بتأسيس مدرسة الطب ثم سُمح بتدريس الانسانيات عشرينيات القرن العشرين وهكذا حتي غدت كلية الخرطوم الجامعية ثم جامعة الخرطوم بعد الاستقلال وأسهم خريجوها مع غيرهم من قطاعات الشعب في تحرير البلاد من قيود الاستعمار وتزويد السودان المستقل بالكفاءات في شتي المجالات. وحفاظا علي ميراث هذه المؤسسة الوطنية العريقة في ابتدار المبادرات الخيرة، تبادر اليوم وحدة الترجمة والتعريب وهي تستشرف انتصار البلاد وتحررها من قبضة المؤامرة الاقليمية والدولية التي تضطلع مليشيا الدعم السريع المتمردة والأجيرة بتنفيذها منذ أكثر من عام والخلوص إلى حقبة جديدة من التحرير، بمسعى علمي يفتح الطريق لاستئناف رسالته في ترميم ما خربته الحرب علي السودان وكانت جامعة الخرطوم من أول ضحاياه مبانيَ ومعداتٕ ومكتبات وأجهزة، ومعان تمثلت في وقف الدراسة في ربوعها. فكم سرني أن تفكر وحدة الترجمة والتعريب بهذا المستوى من التفكير الراشد بهذا المسعى الأكاديمي الخدمي مساهمة منها في إعادة إعمار هذه الجامعة، إذ سيذهب الريع المادي كله لهذا البرنامج (دورة الترجمة الفورية) للجامعة دون أن ينال منه أساتذة الوحدة شيئاً. وهي لعمري لفتة وطنية بارعة ما أحوج بلادنا إلى مثلها في هذه الظروف القاسية، وما أجدر أن تنحو هذا المنحى كل الإدارات والأقسام والوزارات في كل الدولة، لينهض كل قادر على دور إيجابي بأدائه. وهذه السطور بعض إعجاب بهذه اللفتة، وبهذا النهج في التفكير والشعور.
سدد الله الخطى وبلغ المقاصد.
abuasim.khidir@gmail.com