يقصده المريدون من أنحاء الجمهورية، بل من العالم العربي والإسلامي وبعض الدول الأوروبية، فصاحبه أحد الأولياء الصالحين وأحد أهم أقطاب الصوفية، وُلد في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ في القرن السابع الهجري، أنشأ مسجداً سُمى باسمه، يُعد الأكبر بالمدينة، إنه العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، الذي يتوافد عليه الآلاف كل عام للاحتفال بذكرى مولده التي توافق شهر أكتوبر من كل عام.

يحرص العديد من مريدي وأتباع الصوفية على زيارة ضريح العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي على مدار أيام العام، ولكن في ذكرى مولده تكون الزيارات على غير المعتاد، حيث يتوافد على المسجد الإبراهيمي آلاف الزائرين، الذين يملأون الساحات حوله ببركة البيع والشراء، إذ يأتيه أيضاً البائعون من مختلف المحافظات لترويج منتجاتهم إلى جانب أبناء المدينة، بما يلبي طلبات آلاف المترددين على الضريح.

انتعاش مبيعات الملابس الجاهزة: يا بركة آل البيت

رواج كبير شهدته محلات بيع الملابس الجاهزة المنتشرة في محيط مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، حيث استعد أصحاب المحلات للمولد بنصب خيام واستعراض الملابس داخلها، لتكون أمام زوار المولد القادمين من شتى أنحاء الجمهورية.

طارق الشورى، صاحب الـ40 عاماً، أحد أصحاب محلات بيع الملابس الجاهزة بدسوق، نصب خيمته أمام مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، قبل أيام قليلة من بدء الاحتفالات، مستعرضاً الملابس الشتوية، بالتزامن مع حلول فصل الخريف، باعتبار المولد موسم رزق أساسياً لأصحاب المحلات.

«أنا عندي محل كبير لبيع الملابس الجاهزة بدسوق، وأول مرة أفرش ملابس في مولد سيدي إبراهيم الدسوقي، بس الفكرة جات لي لما لقيت إن هيكون في إقبال كبير على المولد السنادي، لأننا بقالنا كام سنة مفيش احتفالات من وقت كورونا، وقبل المولد ما يبدأ اتفقت مع صاحب مخزن فراشة بنصب خيمة، علشان أعرض فيها شغلي»، كلمات قالها طارق، لـ«الوطن».

إقبال كبير من زوار مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي على شراء الملابس الجاهزة، بحسب «طارق»: «زوار كتير بتيجي تتفرج وتشوف، فيه ناس بتشترى سواء لنفسها أو لأولادها أو هدايا لحبايبهم، وحقيقي المولد بيكون موسم خير، وفي ربح كويس لنا في دسوق».

تتسابق المحال التجارية ومعارض الملابس والأزياء في تقديم أفضل العروض والموديلات المختلفة، المناسبة لمختلف المراحل السنية خلال احتفالات المولد، كما تُقدم خصومات كبيرة لجذب مزيد من الزوار، وفقاً لـ«طارق»: «لازم قبل ما المولد يبدأ نشتري أحسن بضاعة، ملابس رجالي وحريمي وأطفالي، ومعظم المحلات في دسوق بتعمل تخفيضات وعروض لجذب الزوار».

«يوسف» من المنيا إلى كفر الشيخ: «على الربابة بغنّي»

قبل أيام من بدء احتفالات مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، أعد يوسف شعبان، صاحب الـ18 عاماً، ابن محافظة المنيا، عدّته وجهز بضاعته وجاء إلى المولد، لبيع آلة الربابة، التي تُعد من أقدم الآلات الموسيقية، لزوار المولد.

رغم بدء العام الدراسي وانشغال «شعبان» في دراسته بالصف الثالث الثانوي الأزهري، فإنه قرر أن يشارك أهالي دسوق احتفالاتهم بمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، قاطعاً مسافة حوالى 460 كم إلى محافظة كفر الشيخ، رغبةً منه في كسب قوت يومه، ومساعدة نفسه وأسرته على المعيشة.

«بشتغل في بيع الربابة من حوالي 3 سنين، وهي مهنة والدي وجدودي، بلف على الموالد، أول ما مولد السيد البدوي في طنطا خلص، جيت من هناك على دسوق على طول، ومش أول مرة أشارك في احتفالات مولد إبراهيم الدسوقي، جيت السنة اللي فاتت، واهو الواحد بيجيب مصاريف دراسته»، كلمات قالها يوسف شعبان لـ«الوطن».

قبل المولد، توجه «شعبان» إلى المنيب بمحافظة الجيزة لجلب بضاعته، حيث تشتهر المنطقة بتجارة آلة الربابة: «رحت اشتريت الربابة من تجار الجملة، لأن بضاعتي خلصت في مولد السيد البدوي، وبشتري الربابة جملة، الكبيرة بـ20 جنيه، وببيعها بـ25 جنيه، والصغيرة بـ15 جنيه وأبيعها بـ20 جنيه، مكسبي في الواحدة 5 جنيه، والحمد لله الشغل ماشي كويس وببيع كميات حلوة، وكمان بعلم الأطفال العزف عليها».

يحرص «شعبان» على تقسيم وقته بين المذاكرة وبيع الربابة خلال أيام المولد: «بشتغل حوالى 12 ساعة في اليوم، وبيكون معايا كتبي وبقعد أذاكر شوية، وأول ما المولد يخلص هسافر المنيا علشان أشوف مصالحي، وأنا متعود ألف كل الموالد، علشان أساعد نفسي وأسرتي، وفخور بنفسي، وناوي أكمل وأدخل الجامعة لو ربنا أراد».

فسيخ ورنجة «هدية» للزوار: السُمعة سابقة

رائحة الفسيخ والأسماك المملحة تجذب رواد المولد، فتنتشر المحلات على أطرافه، ويأتيها الناس من كل جهة، حتى يتوسّطوا الميدان الإبراهيمي بدسوق، إذ يعتبر شراء الفسيخ من العادات الموروثة لمريدي المولد، ليُقدّموه كهدايا إلى ذويهم عند العودة إلى محافظاتهم أو قراهم.

استعد محمد السيسي، 66 سنة، أحد تجار الفسيخ بدسوق، مبكراً لمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، من خلال تمليح كميات كبيرة من الأسماك، لتكفي زوار المولد، وتغمره السعادة وهو يحكي عن تلك الاستعدادات: «بننتظر المولد من السنة للسنة، لأنه موسم خير وكله رزق، زيه زى الأعياد في البيع والشراء، لأنه بيكون فيه زوار كتير من شتى أنحاء الجمهورية، وكل زائر بيكون حابب يشتري فسيخ يهادي بيه حبايبه».

قبل أيام من بدء الاحتفال بمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، حرص «السيسي» على جلب كميات كبيرة من الأسماك وتمليحها لتُصبح فسيخاً بجانب السردين والرنجة: «بنستعد قبل المولد بفترة، لأنه بيكون موسم تقيل ومحتاج استعدادات وتركيز علشان كل حاجة تطلع حلوة، والناس تبقى مبسوطة، يعني بنوفر سمكة بوري بجودة عالية، وبيتم التمليح بمواصفات فنية معينة علشان نرضي الزبون، وأهم حاجة في التصنيع النظافة».

تشتهر مدينة دسوق بصناعة الفسيخ منذ عشرات السنين، وبها محلات تخطى عمرها الـ100 عام، حسب «السيسي»: «زوار المدينة مع افتتاحية مولد إبراهيم الدسوقي بيحرصوا على شراء الفسيخ، لأن دسوق سمعتها حلوة في صناعة الفسيخ».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: كفر الشيخ دسوق محافظة كفر الشيخ مولد إبراهيم الدسوقي إبراهيم الدسوقي مولد سيدي إبراهيم الدسوقي تجارة فسيخ الميدان الإبراهيمي الملابس الجاهزة کفر الشیخ

إقرأ أيضاً:

من هو العارف بالله وعلاماته؟.. عالم أزهري يحدد مواصفاته وأسراره

قال الدكتور السيد عبد الباري، العالم بالأزهر الشريف، إن العارف بالله سبحانه وتعالى يكون فى حالة استتار وليس تباهى بالبركات.

7 أعمال ترفع البلاء وتبارك في الأموال وذكر واحد يحفظ الرزق.. فهل تعرفها؟ ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم أسرار العارف بالله 

وأوضح “ عبد الباري” ، أن إيمان المقلد مقبول، ولكن يجب أن نتأمل في مفهوم إيمان العارف بالله عز وجل ، مشيرًا إلى أن أول درجات الولاية تتطلب أن يكون الإنسان عارفًا بالله، لأن العارف بالله يمتلك ميزات خاصة.

وأضاف أن العلاقة مع الله سبحانه وتعالى تتطلب خشية وتقوى، مستشهدًا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"، فمن يعرف هذه الحقيقة يكون على دراية بحقيقة الله سبحانه وتعالى.

وتابع: حتى وإن كان مقصرًا في بعض الشعائر أو دخل في بعض المنهيات، إلا أنه يظل يتقي الله ويخافه جل جلاله، منوهًا بأن المسلمين يعرفون أن الله يحب التوبة والمغفرة، وأن الله سبحانه وتعالى يحب العبد اللحوح في الدعاء.

على دراية بحقيقة الله 

وأشار إلى أن هذه المعرفة تأتي من الفهم الحقيقي لربهم، وهو ما يتجلى من خلال أسماء الله الحسنى، وتطرق إلى أهمية توعية الناس بما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الله سبحانه وتعالى.

وأكد أن هذه المعرفة تجعلهم يدخلون في طاعة الله في حالة من الانكسار والاستتار، مستدلاً بسيدنا إبراهيم النخعي رضي الله عنه وأرضاه، الذي كان يقرأ القرآن ويغطي نفسه إذا دخل عليه أحد، فهذا  الأمر بينه وبين ربه، دون الحاجة لإثارة ضجة حوله.

ونبه إلى أن الذكر من شعائر الإسلام ويجب أن يكون خفيًا بين العبد وربه، مستشهدًا بقوله تعالى: "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ"، مشددًا على أهمية هذا النوع من الذكر في حياة المسلم.

من هو العارف بالله

ورد أن العارف بالله لا يطالب و لا يخاصم ولا يعاتب ولا يرى له على أحد فضلاً ولا يرى له على أحد حقاً .
- العارف بالله من أَنِسَ بالله فأوحشه عن الخلق وافتقر إليه فأغناه عنهم وذل فأعزه فيهم وتواضع له فرفعه بينهم واستغنى بالله فأحوجهم إليه .قال صلى الله عليه وسلم :{أنا أعرفكم بالله وأشدكم خشية}
- العارف يتلون بألوان العبودية فهو من عبودية وإلى عبودية في حين أنه مقيم على معبود واحد لا ينتقل إلى غيره ولذلك فهو ابن وقته همه عمارة وقته بالطاعات لأنها كل حياته الباقية
- العارف بالله كالسحاب يظل كل شيء و كالمطر يسقي ما يحب وما لا يحب أي أن خيره واصل إلى الجميع
- العارف بالله لا يأسف على فائت ولا يفرح بما هو آت لأنه ينظر إلى الأشياء بالفناء والزوال لأنها في الحقيقة كالظلال و الخيال .
- العارف بالله لا يعصي الله حتى ولو كتب لذلك كتاب الأمان من النار حملته معرفته للقيام بحق العبودية والشكر وذلك لعظيم أمر الله عنده
- العارف بالله قلبه مرآه فإذا نظر فيه رؤى الإيمان بالله واليوم الأخر والجنة والنار....... وهذا لصفاء ونقاء سريرته وطهارتها .
- العارف بالله صابر محتسب راض بقضاء الله فبذلك "يحلو مذاق المر عنده " لما رضي بالقدر مع علمه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة وثقته بحسن التدبير قال تعالى:{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
- العارف بالله : تضيق عليه الدنيا بسعتها حيث أنه يضيق عليه كل مكان لا يجد فيه مطلبه ( هو ذكر الله ) وهذه في بداية المعرفة. اما من عرف الله اتسع عليه كل ضيق لأنه ليس في قلبه ساكن إلا الله ( أي هانت عليه الدنيا بما فيها وبمن فيها إلا فيما يرضي الله لأنه ليس في قلبه إلا الله ، بل حتى الابتلاء قد يجد فيه السعادة لأنه يقربه من الله ) وهذا في نهاية المعرفة ، ولا تنافي أو تناقض بين الحالتين .
معرفة الله تعالى على لها ثلاثة أركان وهى :-- الهيْبة، والحياء، والأُنس.

علامات العارف بالله

العلامة الأولى: تعظيم الله سبحانه وتعالى
العلامة الثانية: سكينة القلب
العلامة الثالثة: محو العلائق... ( عدم تعلق القلب بشيء )
العلامة الرابعة: التبرَّؤ والتفويض ( تفويض الامر لله سبحانه )
العلامة الخامسة: شدة الخوف
العلامة السادسة: ضيق الدنيــا بسعتها
العلامة السابعة: صفاء العيش وطيب الحيــــــاة
العلامة الثامنة: الحيـــــاء
العلامة التاسعة: تتبدى عليه أنوار الصفــات
العلامة العاشرة: جمع الشمل والهم
العلامة الحادية عشر: المبادرة للطـــاعـــات
العلامة الثانية عشر: لذة التعبُّد
العلامة الثالثة عشر: دوام الثنــاء والمحاسبة
العلامة الرابعة عشر: التخلُّص من حظ النفس
وأخيرًا: الأنس والوحشة
قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) . وقال تعالى ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ . وقال تعالى ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾

مقالات مشابهة

  • طقوس روحانية.. مريدو إبراهيم الدسوقي يتوافدون على مقامه احتفالا بمولده |شاهد
  • «صلى العصر بمسجد الدسوقي».. محافظ كفر الشيخ يتفقد تطوير الميدان الإبراهيمي
  • النشرة الدينية | 10 صدقات ينتفع بها الميت والصوفية يختتمون احتفالات مولد إبراهيم الدسوقي غدا
  • كفر الشيخ تنهي استعداداتها للاحتفال بالليلة الختامية لمولد إبراهيم الدسوقي
  • مولد إبراهيم الدسوقي 2024.. الصوفية يواصلون الاحتفال والليلة الختامية غدًا
  • موعد الاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي
  • من هو العارف بالله وعلاماته؟.. عالم أزهري يحدد مواصفاته وأسراره
  • مولد إبراهيم الدسوقي 2024.. خريطة احتفالات الصوفية والرفاعية تحتفي اليوم
  • ندوات دينية ومحاضرات احتفالا بمولد إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ