ستون عاما مضت علي اكتوبر الاخضر … اين نحن الآن ؟! وماذا حققنا غير دمار الوطن الحبيب ؟!
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
في العام ١٩٦٤ قبيل ٢١ اكتوبر يوم انطلقت شرارة اشرس ثورة سودانية ضد العسكر هذه الانتفاضة التي شبهت بالثورة الفرنسية وقد تشابهت الثورتان في تحطيم الباستيل في أرض السين واقتحام كوبر في أرض النيلين ... قبيل هذا اليوم الذي سيظل عالقاً في أذهان الشعب السوداني لحقب وازمان قادمة كان اللواء محمد طلعت فريد يحمل حقيبة المعارف أعلنت الحكومة مجانية التعليم وكانت لفتة طيبة من أولي الأمر في ذاك الزمان تلقاها أولياء أمور الطلاب بترحاب وتقدير لا تحده حدود .
كان اللواء طلعت فريد إنسان بمعني الكلمة رفيع الاخلاق ومتواضع ورياضي ورب أسرة نبغ أبناؤها في كرة التنس خاصة وهو نفسه كان لاعب كرة قدم لايشق له غبار وقد ضمه فريق الهلال بين صفوفه فصال وجال في دار الرياضة بأم درمان وغيرها وكم شد الرحال وهو وزير لحنتوب لزيارة صديقه الناظر هاشم ضيف الله ليلعبا التنس في دار الناظر الرحبة التي تليق بعمالقة التربية والتعليم في ذاك الزمان فرسان في الميدان وفي الفصول ...
يؤخذ علي اللواء طلعت فريد أدائه الضعيف في مفاوضات السد العالي ولن نحاول أن نجد له عذرا في هذه المصيبة التي حلت باهلنا الحلفاويين وضياع قطعة عزيزة من الوطن الغالي بكل مافيها من كنوز أثرية لا تقدر بثمن ولكن لن نشك لحظة في وطنية هذا الرجل المقدام فقد كان من الضباط الأكفاء الأتقياء الانقياء ومازالت الي اليوم سيرته عطرة ويذكر دائما بالخير كل الخير ( رحمة الله سبحانه وتعالى تغشاه وان تكون الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى متقلبه ومثواه ) .
يتميز عسكر ١٧ نوفمبر بالحكمة ولم يكونوا شبابا متهورا أو مندفعا بل كانوا عقلاء كرسوا فترة حكمهم في البناء والتعمير والتنمية وانجزوا الكثير من المشاريع الناجحة وعلي رأسها التعليم الذي ازدهر بالداخل والابتعاث الي الخارج وكانت للفريق عبود الذي عرف بانضباطه وأخلاقه العالية ونظافة يده ولسانه زيارات ناجحة خارجية بهر بها جون كينيدي والملكة اليزابيث وقد زار السودان في عهده رؤساء أشهرهم تيتو الذي استقبلته الأبيض وعلي شرفه جري له سباق هجن غير مسبوق وتمت تسمية الميدان الذي شهد السباق علي اسم الزائر الكبير ( تيتو ) ووصل السودان ( عندما كانت شوارع الخرطوم تغسل بالماء والصابون وكان يشقها الترام وكانت الخطوط الجوية السودانية تصل إلي روما ولندن ونيوىورك ) برزنيف كبير السوفيت ...
تقريبا السودان كان في قمة عافيته ولياقته ( كفر ووتر ) ودخل التلفاز وسمعت هنا ام درمان في ما وراء البحار وكان المذياع يصدح بأغاني حسن عطية ويقدم حقيبة الفن والنشرات الإخبارية وينقل الفعاليات بحناجر قوية ... ابوعاقلة يوسف وعلي شمو وغيرهم وكل منهم ينافس أخاه في تقديم السهل الممتنع ... والمطبوعات تعج بالادب والفن والشعر وجيد الأفكار ووراء كل هذا الابداع صحفيون خلدهم التاريخ ومنهم العتباني ومحمد الخليفة طه الريفي ومحمد امين حسين والسلمابي وعبد الله رجب ...
المهم أن نظام العسكر كان كالعادة شمولي وقابل للاستقطاب والانجرار وراء المحاور والتبعية... وطبعا هذه هي الحقيقة ولم تكن حكومة عبود في حاجة أن تستعمل بعض البطش ضد معارضيها ولم يكن معارضوها في حاجة الي المناكفة واستعراض العضلات فالبلد كانت تتمتع باقتصاد قوي وعملة هي الاقوي في العالم وأراضي شاسعة خصبة ليس لها مثيل ونيل عذب فرات وسواعد قوية وخدمة مدنية ولم يكن هنالك فساد يذكر لا من الحاكم أو المحكومين ووصل خط السكة الحديد الي واو وكان وزير الخارجية احمد خير وتقريبا كل الوزراء كانوا من التكنوقراط الاخيار ...
وبعد دا كلو قامت ثورة أكتوبر وحل عبود المجلس العسكري وقدم استقالته ولزم بيته معززا مكرما الي أن انتقل الي الرفيق الأعلى ومن أبناءه عمر ابراهيم عبود ذلك النطاسي البارع الإنسان الاختصاصي في أمراض الكلى وزراعتها ...
نقول شنو عن بلادنا الحبيبة هل هي مسحورة إصابتها عين عنية كافرة تتأرجح مابين عسكر ومدنيين ( لا ديل نافعين ولا ديك نافعين ، نقبل نمشي وين ... افيدونا ياجماعة الخير ) !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا رسول الله ﷺ أمرنا بالصدق، وسأله أحد الصحابة : أيزني المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيسرق المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيكذب المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «لا». قد يشتهي الإنسان، فتدفعه شهوته للوقوع في المعصية، أو يحتاج، فيعتدي بنسيان أو جهل. أما الكذب، فهو أمر مستبعد ومستهجن.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه عندما التزم الناس بهذه النصيحة، وهذا الحكم النبوي الشريف، عرفوا أنهم لا يقعون في الزنا ولا في السرقة. سبحان الله! لأن الإنسان إذا واجهته أسباب المعصية، وكان صادقًا مع نفسه، مع ربه، ومع الناس، فإنه يستحي أن يرتكب المعصية.
وجاء رجلٌ يُسْلِمُ على يدي رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أريد أن أدخل الإسلام، ولكني لا أقدر على ترك الفواحش والزنا. فقال له النبي ﷺ: «عاهدني ألا تكذب».
فدخل الإسلام بهذا الشرط، رغم كونه شرطًا فاسدًا في الأصل. وقد وضع الفقهاء بابًا في كتبهم بعنوان: الإسلام مع الشرط الفاسد.
دخل الرجل الإسلام، وتغاضى النبي ﷺ عن معصيته، لكنه طالبه بعدم الكذب. ثم عاد الرجل إلى النبي ﷺ بعد أن تعافى من هذا الذنب، وقال: والله، يا رسول الله، كلما هممت أن أفعل تلك الفاحشة، تذكرت أنك ستسألني: هل فعلت؟ فأتركها استحياءً من أن أصرح بذلك، فالصدق كان سبب نجاته.
الصدق الذي نستهين به، هو أمر عظيم؛ الصدق يمنعنا من شهادة الزور، ومن كتمان الشهادة. وهو الذي ينجينا من المهالك. وقد ورد في الزهد : »الصدق منجاة؛ ولو ظننت فيه هلاكك، والكذب مهلكة؛ ولو ظننت فيه نجاتك».
وفي إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، رضي الله عنه: كان خطيبٌ يخطب في الناس عن الصدق بخطبة بليغة. ثم عاد في الجمعة التالية، وألقى نفس الخطبة عن الصدق، وكررها في كل جمعة، حتى ملَّ الناس، وقالوا له: ألا تحفظ غير هذه الخطبة؟ فقال لهم: وهل تركتم الكذب والدعوة إليه، حتى أترك أنا الدعوة إلى الصدق؟! نعم، الصدق موضوع قديم، ولكنه موضوع يَهُزُّ الإنسان، يغير حياته، ويدخله في البرنامج النبوي المستقيم. به يعيش الإنسان مع الله.
الصدق الذي نسيناه، هو ما قال فيه النبي ﷺ : »كفى بالمرء كذبًا أن يُحَدِّث بكل ما سمع ».
ونحن اليوم نحدث بكل ما نسمع، نزيد على الكلام، ونكمل من أذهاننا بدون بينة.
ماذا سنقول أمام الله يوم القيامة؟
اغتبنا هذا، وافتَرَينا على ذاك، من غير قصدٍ، ولا التفات. لأننا سمعنا، فتكلمنا، وزدنا.
قال النبي ﷺ: «إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
وأخذ بلسانه وقال: «عليك بهذا».
فسأله الصحابي: وهل نؤاخذ بما نقول؟ فقال النبي ﷺ : وهل يَكُبُّ الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ لقد استهنا بعظيمٍ علمنا إياه النبي ﷺ. يجب علينا أن نعود إلى الله قبل فوات الأوان.
علق قلبك بالله، ولا تنشغل بالدنيا الفانية، واذكر قول النبي ﷺ: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل».
راجع نفسك، ليس لأمرٍ من أمور الدنيا، ولكن لموقف عظيم ستقف فيه بين يدي رب العالمين. فلنعد إلى الله، ولا نعصي أبا القاسم ﷺ.